كشف رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن الحكومة ستفتح باب التفاوض من جديد مع اتحاد الشغل بخصوص ملف المفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور في قطاع الوظيفة العمومية. مؤكدا أن تأسيس المجلس الوطني للحوار الاجتماعي يعتبر مكسبا في مجال الحوار الاجتماعي وهو ثمرة مجهودات كل الأطراف المتداخلة من حكومة ومنظمات مهنية، وخطوة في سبيل ضمان انتظام الحوار الاجتماعي الثلاثي وديمومته. وقال الشاهد أمس في افتتاح الجلسة التأسيسية للمجلس الوطني للحوار الإجتماعي، التي حضرها ممثلون عن المنظمات الوطنية ممثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، وممثلين عن منظمة العمل الدولية، إن المجلس مهم جدا من أجل تكريس الديمقراطية الإجتماعية. وقال: «اليوم أصبح لدينا إطار قانوني يمأسس الحوار الإجتماعي وتجلس من خلاله الحكومة والمنظمات الوطنية في إطار تشاركي للنظر في كل القضايا الإجتماعية والإقتصادية والخلافية لطرحها على النقاش». وأضاف «إن احداث المجلس يندرج في إطار مأسسة الحوار الاجتماعي الثلاثي على المستوى الوطني، كما يعتبر الإطار الأمثل لممارسة الديمقراطية الاجتماعية». منوها بما أبدته الأطراف الاجتماعية من حس وطني في المراحل الصعبة التي مرت بها بلادنا. وشدد الشاهد على أن الحكومة لن تتخلى عن دورها التعديلي في عملية إعادة توزيع الثروة لتحقيق ما يطمح إليه الجميع من عمل لائق وعدالة اجتماعية ورفاه اقتصادي، مذكّرا بحرص أطراف الإنتاج الثلاثة على دعم العمل اللائق حيث تم في شهر جويلية 2017 إمضاء «برنامج العمل اللائق لتونس للفترة 2017- 2022 « تحت عنوان « العقد الاجتماعي مثال مستجد لبرنامج العمل اللائق بتونس». حل النزاعات الإجتماعية بدوره قال وزير الشؤون الإجتماعية محمد الطرابلسي إن إرساء مجلس الحوار الاجتماعي يعتبر لبنة لتدعيم الحوار الإجتماعي في تونس وتحقيق أهدافه في ظل اعتماد مبدأ التشاركية في لجنة مأسسة المجلس وغيرها من المراحل بدعم من منظمة العمل الدولية. وذكر أن المجلس سيلقى مزيدا من الدعم من منظمة العمل الدولية وحكومة النرويج، معتبرا أن مأسسة المجلس تطوير لقدرات أطراف الإنتاج في مناخ دافع للاستثمار، كما سيدعم الاستشارة في كل القوانين الاجتماعية والاقتصادية والوقاية من النزاعات الاجتماعية وفي ضبط الميزانيات الاقتصادية. ويندرج إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي في إطار تنفيذ بنود العقد الاجتماعي الذي أبرم في 14 جانفي 2013. ويهدف الى تعزيز الحوار الثلاثي وديمومته والعمل على ارساء مناخ إجتماعي محفز ودافع للإستثمار وضامنا لشروط العمل اللائق. ويتركب من 35 عضوا ممثلين للحكومة و35 عضوا ممثلين لمنظمة العمال الأكثر تمثيلا و30 عضوا ممثلين لمنظمة أصحاب العمل الأكثر تمثيلا في القطاع غير الفلاحي و5 أعضاء ممثلين لمنظمة أصحاب العمل الأكثر تمثيلا في القطاع الفلاحي. منبر للوفاق والاستقرار ولاحظ رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، إن المنظمة احترمت في كافة مراحل تأسيس مجلس الحوار الاجتماعي مقتضيات اتفاقيات العمل الدولية، وخاصة الأساسية منها، والمتعلقة بالحق النقابي، والإيمان بمفهوم التعددية، في كنف احترام الحد الأدنى للتمثيل. وقال :»حرصنا كأصحاب عمل على ضمان تمثيلية واسعة للقطاعات الاقتصادية، ضمت مسؤولين منتخبين، يمثلون قطاعات الصناعات الغذائية والكهربائية والميكانيكية والكيمياوية، وصناعات الخشب والأثاث، ومواد البناء والورق والطباعة، وخدمات النقل واللوجستيك، والصحة والسياحة والبناء والأشغال العامة، وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات، وقطاعات التصدير وتجارة التوزيع والحرف والصناعات التقليدية». واعتبر ماجول أن المجلس يحظى بتغطية واسعة لجميع الأنشطة الاقتصادية، وأن ممثلي القطاع الخاص، عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، أو عن شركائه من قطاعات الفلاحة والصيد البحري، والنّزل السياحية، «يشكّلون فعلا المنظمات الأكثر تمثيلا، والأكثر إشعاعا، والأقدر على النهوض بالحوار الاجتماعي وانتظامه». وأضاف :»نريد ان نجعل من هذه المؤسسة، مرجعا أساسيا في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومنبرا للوفاق والاستقرار والسلم الاجتماعية، وقاطرة لدفع النمو والاستثمار والإنتاجية، وأرضية لضمان أسس العمل اللائق والعدالة الاجتماعية». الارتقاء بالعلاقات الشغليّة أما أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، فقد عبّر في كلمته عن أمله في «المضيّ قُدُما في اتجاه الارتقاء بالعلاقات الشغليّة في بلادنا نحو الأفضل وبما يتوافق أكثر مع ما تقتضيه معايير العمل الدولية والمواثيق العالمية حتى تلتقي أطراف انتاج ثلاثة للعمل سويّا من أجل تفعيل بنود العقد الاجتماعي». وشدد على أهمية ارساء مجلس الحوار الاجتماعي «كفضاء «مُمَأسَس» لاحتضان الحوار حول مختلف الأولويات المضمّنة في بنود العقد الاجتماعي بعلاقة بالنموّ الاقتصادي والتنمية الجهوية، والعلاقات الشغلية والعمل اللائق والتشغيل والتكوين المهني والحماية الاجتماعية.. وان يكون الإطار المناسب لتبادل المعلومات والدراسات والوثائق بكلّ شفافية وهو ما سيمكّن الأطراف الاجتماعية من الحصول على كلّ المؤشّرات الاقتصادية والاجتماعية المحيّنة والمدقّقة في إطار اجماع كافّة الأطراف وهو ما سيشكّل المادة الأوّلية لحوار اجتماعي فاعل.» ورحب الطبوبي بتكوين المجلس كمولود جديد لتكريس حوار جاد ومسؤول وسط تشعب الاشكالات الاقتصادية والاجتماعية، قائلا «مسؤولية الجميع اليوم الحوار حول قضايا من الحجم الثقيل». مشيرا إلى أن المجلس يمثّل مبادرة فريدة في المنطقة تؤكد نضج الحوار الاجتماعي في تونس ودعم إلتقاء أطراف الإنتاج الثلاثة. كما يدعم تفعيل بنود العقد الاجتماعي وبلورة منوال تنموي جديد وتشاركي يقطع مع الماضي وتبادل الدراسات بكل شفافية والحصول على المؤشرات الاقتصادية الحقيقية والشفافة وتعزيز الحوار الاجتماعي قطاعيا وجهويا ومركزيا وعلى مستوى المؤسسات. الزار يحتج وكان رئيس اتحاد الفلاحين عبد المجيد الزار قد عبّر عن استيائه من تمثيلية الفلاحين والبحارة في المجلس، معتبرا أن ال 5 مقاعد التي منحت لهم في تركيبته هي بمثابة الصدقة المهينة الفلاحين الذين وصفهم بالفئة الاكثر هشاشة. وقال: ‹›هنيئا ل 516 الف فلاح و60 ألف بحار بمائة ولي أمر لهم بالمجلس››. مضيفا :»رغم إسهامنا الكبير في إقتصاد البلاد إلا أنه لازال يُنظر لنا كأقزام، لكن هذا لن يأثر فينا وسنرفع شعار «أنا فلاح وأفتخر››. الطرابلسي رئيسا للمجلس لسنتين يذكر أنه تمّ الاتفاق خلال الجلسة العامة الأولى للمجلس الوطني للحوار الإجتماعي، على أن يكون وزير الشؤون الإجتماعية محمد الطرابلسي، رئيسا للمجلس لمدة سنتين، وكل من الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، نائبي رئيس المجلس. وتضم تركيبة مكتب المجلس كل من وزير الشؤون الإجتماعية محمد الطرابلسي وهدى بن عمر وزهير عطاء الله ممثلين عن الحكومة، وأنور بن قدور وحفيظ حفيظ ممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل، وخليل الغرياني وسامي السليني ممثلين عن الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. كما تمّ الاتفاق على أن يترأس الاتحاد العام التونسي للشغل الفترة النيابية الثانية والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية الفترة النيابية الثالثة.