عبرت حملة «ملفي اش صار فيه يا هيئة» عن رفضها لمقاييس احتساب التعويض لضحايا الاستبداد والانتهاكات الذين أودعوا ملفاتهم لدى هيئة الحقيقة والكرامة، وفقا للقرار الإطاري العام المتعلق بضبط معايير جبر الضرر ورد الاعتبار الذي أصدرته الهيئة يوم 23 نوفمبر الجاري. وتضم الحملة منتسبين ل10 جمعيات هي: "الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية" و"جمعية انجاز" و"جمعية تونسيات" و"جمعية الكرامة" و"رابطة قدماء الاتحاد العام التونسي للطلبة" و"جمعية إنصاف قدماء العسكريين" و"جمعية نساء تونسيات" و"جمعية صوت الإنسان" و"الجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين" وجمعية "مناضلات تحدين القضبان". وحمّل منسقو الحملة في بيان اصدروه أمس، تحصلت «الصباح» على نسخة منه، هيئة الحقيقة والكرامة مسؤولية النقائص التي وردت بالقرار الإطاري الذي وصفوه ب»الأعرج» والغامض ولا يرتقي لانتظارات الضحايا التي عبّرت عنها الاستشارة الوطنية لجبر الضرر ولا للالتزامات القانونية والمعايير الدولية (الفصل 11 من القانون الاساسي عدد53 لسنة 2013) معبرين عن استعدادهم «لمواصلة النضال من أجل إنجاح المسار بكل أبعاده». واتهم بيان الحملة هيئة الحقيقة والكرامة «باعتماد سياسة اتصالية غاب عنها الوضوح والشفافية بعد أن عمد نائب رئيس الهيئة إلى تسريب مضمون القرار للحد من صدمة الضحايا»، وفق ما جاء في البيان. كما اتهم رئيسة الهيئة سهام بن سدرين بالتهرب عن إجابة بعض ضحايا الانتهاكات أثناء حضورها يوم 10 نوفمبر 2018 ندوة للتحالف التونسي للكرامة ورد الاعتبار حين تم استفسارها عما تم تسريبه مما اضطر خمس نساء للدخول في اعتصام داخل هيئة الحقيقة والكرامة مطالبات بإجابات جدّية على ما تم نشره.. ملاحظات وقدمت حملة « ملفي.. آش صار فيه.. يا هيئة» ملاحظات بخصوص القرار الاطاري الذي نشرته هيئة الحقيقة والكرامة على غرار غياب تحديد للوحدة الحسابية، وغياب بعض الانتهاكات التي كانت في النسخة المصادق عليها سابقا، وغياب معايير واضحة لتحديد نسب التعويض، وعدم ملاءمة بعض الانتهاكات مثل العنف الجنسي مع نسبة التعويض (35%) مقارنة بالتعذيب (60%)، واعتبار مساواة انتهاك الحق في التعليم بانتهاك الحق في ممارسة المعتقد والعبادة وحرية اللباس غير عادل واعطاؤه نسبة 15% اجحافا في حق آلاف من التلامذة والطلبة الذين وقع اغتيال احلامهم في مسار العلم والمعرفة. كما طالب المحتجون بضرورة الترفيع في مقدار التعويض بالنسبة للمرأة، ولأشقاء الضحية كما للأبناء. وكانت حملة «ملفي آش صار فيه يا هيئة» قد قررت تعليق الاعتصام الذي نفذه ناشطون في عشر جمعيات بمقر هيئة الحقيقة والكرامة منذ 10 اكتوبر 2018 وتواصل إلى غاية 20 من نفس الشهر، بعد أن تعاطت هيئة الحقيقة والكرامة "إيجابيا" مع المعتصمين و"تفهّمت مطالب الضحايا" بتمكينهم من المقرر الفردي لجبر الضرر ونشر المقرر الشامل لجبر الضرر الذي صادقت عليه الهيئة وإعطاء مهلة للاعتراض وإصلاح الأخطاء" وفقا لما ورد في بيان صادر عن الحملة. يذكر أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين كشفت أن البرنامج الشامل لجبر الضرر لضحايا الاستبداد سيراعي إمكانيات الدولة التونسية. وقالت في حوار مع قناة "الجزيرة مباشر" في 13 نوفمبر 2018 إن هذا الأمر ليس خيارًا من الهيئة بل إلزامًا من قانون العدالة الانتقالية. واعتبرت أن جبر الضرر لا يرتقي إلى التعويض الكامل عن معاناة وما فقدته الضحية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة أنه يتكون أساسًا من اعتراف الدولة واعتذارها عن هذه الانتهاكات وتأهيل للضحايا مع جبر ضرر مادي للضحية يكفل لها العيش بكرامة. ثلاثة خيارات وكان نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة محمّد بن سالم صرح في نهاية الاسبوع الماضي ل»وات» أنه سيتمّ منح الضحايا ثلاثة خيارات حول طريقة التعويض سواء بتمتيعهم برأسمال حسب مقدار التعويض المستحق لهم أو منحهم جراية عمريّة أو توفير المساهمة اللازمة لإنجاز مشروع يتكفّل بها صندوق الكرامة طبق البرنامج الراجع بالنظر للوكالة الوطنية للتشغيل، خاصّة في ظلّ استعداد عدّة دول لتنفيذ هذه الفكرة في شكل هبات على غرار ألمانيا. وجاء في الفصل 20 من نص القرار الاطاري أن رئيس الجمهورية يقدم اعتذارا علنيا باسم الدولة لكل الضحايا على معنى الفصل 10 من القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية. ومن المنتظر أن تنظم هيئة الحقيقة والكرامة أشغال الندوة الدولية الختامية التي ستعقدها الهيئة أيام 14 و15 و16 ديسمبر المقبل لعرض نتائج أعمالها. قضية استعجالية وفي سياق متصل، كان الحزب الدستوري الحر قد تقدم يوم 23 نوفمبر الجاري، بقضية استعجالية أمام المحكمة الإبتدائية بتونس، ضد هيئة الحقيقة والكرامة «لتجميد كل الأرصدة والحسابات البنكية والبريدية والتبرعات والهبات التي تلقتها وتتصرف فيها الهيئة دون وجه حق»، وفق ما أكدته رئيسة الحزب عبير موسى خلال ندوة صحفية عقدتها اول الأسبوع الماضي بالعاصمة. وأفادت بأن الحزب تقدم اليوم بعريضة الى المحكمة الادارية لطلب ايقاف تنفيذ القرار الإطاري العام المتعلق بضبط معايير جبر الضرر ورد الاعتبار الى حين البت في القضية الأصل. وانتقدت موسي التمديد في فترة عمل الهيئة رغم أن مجلس نواب الشعب صوّت بعدم التمديد لها سنة إضافية، معتبرة أن الهيئة تنشط خارج الاطار القانوني وتتصرف في موارد الدولة دون وجه حق، واعتبرت ان القرار الاطاري الخاص بالتعويضات غير قانوني ولم يخضع لمقاييس موضوعية ومدروسة، ومن شأن التعويضات التي ستمنح للمتمتعين بقانون العدالة الانتقالية ان تثقل كاهل الدولة سواء من خلال الانتدابات بالوظيفة العمومية أو من حيث قيمة التعويضات المالية. جدير بالذكر أن القرار الإطاري لجبر الضرر يشتمل على 26 فصلا موزعة على 9 عناوين (أحكام عامة، طرق احتساب التعويض عن الضررين المادي والمعنوي، طرق صرف التعويضات والادماج وإعادة الادماج وإعادة التأهيل واسترداد الحقوق السياسية والمدنية، إجراءات مشتركة لجبر الضرر والاعتذار، الأحكام الخاصة). ويصنّف الفصل الرابع من القرار الإطاري الضررين المادي والمعنوي ضمن 4 أصناف وخصّ كل صنف بضوارب معينة يتم بموجبها احتساب نسب التعويض. ويهم الصنف الأول الانتهاكات التي تمس الحق في الحياة وتم تخصيص نسبة 100 في المائة للوحدة الحسابية لقيمة التعويض، أما الصنف الثاني فيخص الانتهاكات التي تمس من السلامة الجسدية والنفسية للأشخاص وقد تراوحت نسب الضوارب بين 70 إلى 25 في المائة. ويشمل الصنف الثالث من الأضرار المادية والمعنوية، الانتهاكات التي تمسّ من حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه وتشمل الاعتقال التعسفي والتجنيد القسري (40 في المائة كضارب وحدة حسابية). أما الصنف الرابع والأخير فيخص الانتهاكات المتعلقة بالحقوق المدنية والاجتماعية (15 في المائة ضارب الوحدة الحسابية). من جهة أخرى جاء في الفصل 20 من نص القرار الإطاري أن رئيس الجمهورية يقدم اعتذارا علنيا باسم الدولة لكل الضحايا على معنى الفصل 10 من القانون الاساسي عدد 53 لسنة 2013. ويعرف الفصل الضحية كالتالي: «هي كل من لحقه ضرر جراء تعرضه لانتهاك على معنى هذا القانون سواء كان فردا أو جماعة أو شخصا معنويا. ويعد ضحية أفراد الأسرة الذين لحقهم ضرر لقرابتهم بالضحية على معنى قواعد القانون العام وكل شخص حصل له ضرر أثناء تدخله لمساعدة الضحية أو لمنع تعرضه للانتهاك.ويشمل هذا التعريف كل منطقة تعرضت للتهميش أو الإقصاء الممنهج. ويقوم إعتذار رئيس الجمهورية على الإقرار والاعتراف بمسؤولية الدولة عن انتهاكات حقوق الإنسان والالتزام بضمان عدم تكرارها و تسليم شهادة اسمية من نص الاعتذار لكل ضحية.