بدأ العد التنازلي لانطلاق احتفالات تونس بابي الفنون وأحد أهم روافد الحركة الثقافية التونسية والعربية، حيث تجري هذه الايام الاستعدادات على قدم وساق من اجل حسن ادارة وتنظيم ايام قرطاج المسرحية التي تنطلق بعد غد السبت 8 ديسمبر الجاري وتتواصل الى غاية يوم 16 من هذا الشهر بوعود اهمها توفير الفرجة الجيدة لعشاق المسرح التونسي والمسارح العربية والافريقية والاجنبية والعمل الصادق على استنطاق الذاكرة المسرحية التونسية بعد مرور 35 سنة على تأسيسها. برمجت ادارة الايام لهذا الموعد الذي ينتظره مريدوه سنويا بعد ان كان مرة كل سنتين 11 عرضا للمسابقة الرسمية من بينها مسرحيتان تونسيتان وهي «جويف» ( يهودي ) نص وإخراج حمادي الوهايبي، أداء حسام الغريبي،فاتحة المهدوي، محمد السايح، فاتن بلحاج عمر، يسرى عيّاد، هيبة العيدي. وتتحدث المسرحية عن يهودي يحاول بعد 14 جانفي اقناع مجموعة من يهود تونس بضرورة المغادرة إلى «اسرائيل»، إذ أن الوضع صار غير آمن بالبلاد، إلا أن دليلة، الفتاة اليهودية الثائرة، ذات النزعة الوطنية، تعارضه وتتمسك بالبقاء رغم المضايقات التي يتعرضون لها أحيانا. فماذا يعني أن تكون يهوديا في وطن أغلبيته مسلمون؟ هل لك في هذا الوطن نصيب كما للبقية؟ هل قدرك أن تبقى في دائرة الريبة والتوتر أم لك أن تنطلق في رحاب التعايش والتسامح؟ اما المسرحية التونسية الثانية فهي «ذاكرة قصيرة» نص وإخراج وحيد العجمي وأداء كل من لبنى نعمان، رضا جاب الله، نهلة زيد، خالد الفرجاني وتروي رحلة عائلة ووطَن من أكتوبر 2008 إلى أكتوبر 2016. وتقدم مساءلة جدلية وثائقية للذاكرة المشتركة والشخصية.. كوميديا سوداء تعري النظام السياسي والبناء المجتمعي في مواجهة قيم تالفة وأفكار بالية ومنظومة سلوكية فاسدة. المسرحيات العربية.. كالعادة اقتباسات من نصوص عالمية ومن بين المسرحيات العربية التي ستعرض في اطار المسابقة الرسمية نذكر ايضا مسرحية «الساعة الأخيرة» من مصر وهي من اخراج ناصر عبد المنعم عن نص لعيسى جمال الدين وأداء لكل من محمود الزيات،محمد دياب، نائل علي،شريف صبحي، معتز الصويفي،سامية عاطف، محمد حسيب، نورهان أبو سريع وتدور أحداثها هذا العمل حول شخصية الكولونال بجيش الطيران الأمريكي توماس ويلسون فريبي. هذا الطيار الذي لعب دورا رئيسيا في الحرب العالمية الثانية، اذ كان المكلف بضرب المدينة اليابانية هيروشيما بأول قنبلة نووية في التاريخ وذلك في 6 أوت 1945. هي الساعة الأخيرة من حياة الكولونال الطيار، الذي تحاصره أشباح الماضي، بداية من طفولته وصولا إلى لحظة إلقائه القنبلة النووية وإدراكه حجم الدمار والخراب نتيجة ذلك. ومن العراق سيشاهد عشاق المسرح مسرحية «تقاسيم على الحياة» نص وإخراج جواد الاسدي وهي مستوحاة من قصة «العنبر رقم 06» لأنطون تشيخوف وهي من اداء كل من مناضل دواد- إياد الطائي- حيدر جمعة- أمير إحسان- جاسم محمد- بهاء مطشر- أمين مقداد- كاظم عباس- مرتضى فالح عيدان- أحمد راضي محسن- حسين أمير. وتحكي عن حياتنا في تلك الأقبية التحتانية ومنزلقاتها، حيث توجد حشود من الناس المكسورين، المهمشين والجوعى، الذين ينطحون الذل والمهانة والعبودية بأجساد حارة ساخطة، هؤلاء أبطال المسرحية الذين ينشدون ويحلمون بأمل هنا وطمأنينة هناك. ومن الكويت مسرحية «يوميات ادت الى الجنون» نص وإخراج يوسف الحشاش وهي مقتبسة عن «مذكرات مجنون» لنيكولا غوغول وأداء كل من يوسف الحشاش- زينب خان- عيسى الحمر- أيوب دشتي- محمد مرشد- محمد دشتي- علي الناصر- مصطفى محمود- أحمد الرفاعي- حسن كرم. وتجسد صراعات داخلية وخارجية متصاعدة لموظف بسيط يكتب يومياته التي يحاول بها التخفيف عن ضغوطات الحياة التي تواجهه يوميا وتقوده الى حالات من أحلام اليقظة التي تنتهي به إلى الجنون في قالب كوميدي غنائي. ومسرحية «المجنون» من الامارات العربية المتحدة وهي من اخراج محمد العامري عن نص لقاسم محمد عن رواية «المجنون» لجبران خليل جبران وأداء لكل من مروان عبد الله- حميد سمبيج- عبد الله مسعود- يوسف الكعبي- هيفاء العلي- عذاري- ناجي جمعة- خليفة الجاسم- عثمان عبيد- حميد محمد- محمد عادل- علي الحيالي ويطرح فيها مخرجها فكرة ان الجنون لا يشكل خطرا إلا في حدوده الضيقة المقرونة بالأذى العابر، وانتهاك ما تعارف عليه الناس واعتادوه وألفوه، ولكن ما إن يتعدى الجنون خطه وقالبه ومساره، وما إن يشيع القلق، ويبث القلائل في أوساط المتنفذين والمستفيدين من تشوهات المجتمع وغيبوبته، حتى يصبح الموصوف بالجنون متهما ومدانا ومشكوكا به، وقد يساق لمحاكم تفتيش فكرية وعقائدية، تنبش في ماضيه، وحاضره. مسرحية «تصحيح ألوان» من سوريا كتب نصها ويخرجها سامر محمد إسماعيل ويقوم بادوار البطولة فيها كل من يوسف المقبل- ميريانا معلولي مع حضور خاص لأيمن زيدان وينطلق المخرج والكاتب «سامر محمد إسماعيل» في «تصحيح ألوان» إلى سوريا الثمانينات وصولا إلى اللحظة الراهنة، عبر قصة تبدو عادية في البداية وتنتهي في شكل مواجهة بين جيلين. تتداعى الأحداث مفرجة عن بوح يقود إلى صراع ينبش في تاريخ الشخصيات. مستفزا العديد من المكاشفات القاسية والصعبة عن المعتقلين السياسيين في سوريا. وتشارك الاردن بمسرحية «هاملت بعد حين» وهي من اخراج زيد خليل مصطفى ونص ممدوح عدوان ومن آداء: منذر خليل مصطفى- بيسان كمال خليل- بشار نجم- نهى سمارة- ماري مدانات- زينة جعجع- باسم الحمصي- هيراغ مراديان و»هاملت بعد حين»عرض مسرحي ينطلق بفكرته الفلسفية من نص يعدّ تناصا ثالثا عن نصّين أولهما رائعة الكاتب الانقليزي ويليام شكسبير «هاملت» التي كتبت في منتصف القرن السادس عشر، ونص مسرحية «هاملت بعد حين» لممدوح عدوان الذي كتبه في عام 1976، ليعيد المخرج المسرحي الأردني زيد خليل مصطفى معالجتهما في 2018، في سياق جديد وقراءة تنسجم مع الواقع الذي يعيشه الفرد الآن: ثلاثة مستويات من الصراع: الأول مع السلطة حيث علاقته بعمّه كلوديوس، وثانيها مع العدو الذي لا يستطيع تحديده إلى أن يمتلك إرادته ويعرف هدفه، والثالث مع المسرح نفسه فهو يحاول أن يعيد للفن عموما والمسرح بشكل خاص أهميته التاريخية، وقدرته على تنوير المجتمعات وتوعيتها، وتحديد البوصلة، في زمن اختلطت فيه المفردات وتسطحت القيم وتعوّمت المفاهيم. المغرب.. غينيا.. الطوقو صراع من اجل السلطة صراع من اجل الكرامة مشاركة المغرب في مسابقة هذه السنة ستكون بمسرحية «عبث» وهي عن نص وإخراج لابراهيم ارويبعة ويؤديها كل من: محمد أوراغ- بوبكر أوملي وفيها لقاء مغلف بالغموض، بالمكر والخداع. تبدأ الأحداث بالعناق والحب الظاهر والاشتياق المزيف. لكن سرعان ما تظهر حقيقة اللقاء فتتنازع الأفكار وتتطاحن الإيديولوجيات، ويحتدم الصراع بين الشخصيتين(قتل، فوضى وعبث). صراع سياسي وإيديولوجي يتسم بأساليب مكيافيلية بعيدا عن الصدق في المعاملة ونبل العلاقات الإنسانية. لا يهم فيها سوى الوصول إلى السلطة كيفما كانت الطريقة. ومن المشاركات الافريقية نذكر مسرحية «في عزلة حقول القطن» وهي من غينيا ومن اخراج انطوان بايول عن نص لبرنارد ماري كولتاز وآداء امادو كامارا، فودي سيلا وتطرح سؤال كيف يمكن لنا ان نتحدث عن الرغبة في عصر يسوده حب التملك والتحكم؟ وتتجلى فيها الرغبة ككفاح مستمر متواصل، نضال من اجل استبيان الهوية في وحدة متقاسمة.وما بين الإغواء والإذلال، تتواجه شخصيتان على حلبة اللغة، سلاحهما الوحيد الكلمة والبلاغة. تاجر وحريف... شخصيتان متكاملتان، متلازمتان، لا غنى لأحدهما عن الآخر،حيث الرغبة الجارفة تتحول إلى صراع متدفق عارم. وكذلك مسرحية «اجساد تصرخ» من الطوقو ويطرح من خلالها مخرجها وكاتب نصها اديم ايو مودجرو معاناة المرأة التي عادة ما يكتم صوتها ولا تتمكن من التعبير عن معاناتها وآلامها بوضوح وبصوت عال في كل الطبقات الاجتماعية دون استثناء ويحلل كاتب النص بعد الاستعانة بشهادات حية وصادقة واقعا اجتماعيا وثقافيا غنيا بالقصص والحالات المتشابهة التي تكشف مدى عذابات المرأة وما تناله من سوء معاملة في مجتمعها. المسرحية من بطولة فوسانة بوان واستيلا فولي ومدة العرض 60 دقيقة.