عاجل/ تنبيه: اضطراب وانقطاع الماء بهذه المناطق..    للتوانسة: وداعاً لمُلصقات ال Vignette...شوف التفاصيل    عدد زوّار تونس يتجاوز 11 مليون سائح منذ بداية سنة 2025    ترامب يدعو مادورو للتنحي.. وكراكاس تتهم واشنطن ب"القرصنة والتصعيد"    عاجل/ مسلحون يختطفون 28 شخصية في هذه الدولة..ما القصة..؟!    تذاكر طيران ومكافأة مالية: تفاصيل البرنامج الأمريكي الجديد للمهاجرين غير الشرعيين    طرح مبادرة شاملة لإنهاء الحرب في السودان أمام مجلس الأمن    كأس أمم افريقيا: برنامج مباريات اليوم..    كأس إفريقيا: تونس ضد أوغندا... الموعد والقنوات الناقلة للبث المباشر    ماتش تونس ضدّ أوغندا: التوقيت والتشكيلة المُحتملة    عاجل : كان 2025...لاعبو منتخب أوغندا يقاطعون التدريبات و هذا علاش    بطولة ايطاليا: إلغاء قرار إقامة مباراة ميلان وكومو في أستراليا    عاجل-تونس: تراجع درجات الحرارة في آخر ديسمبر وبداية العام الجديد    كيفاش باش يكون الطقس من اليوم وحتى نهار الجمعة؟    أطباء يحذرون من إنفلونزا شديدة هذا الشتاء...شنية الحكاية و شنوا الأعراض ؟    فيروسات الشتاء تعود بقوة: الدكتورة عبد الملك تكشف طبيعتها وأعراضها    محمد صلاح يقود مصر للفوز 2-1 على زيمبابوي بكأس الأمم الإفريقية    اليوم: طقس بارد وأمطار    انتبه: قيادة الدراجة النارية دون رخصة تعرّضك للمخالفة    الأكبر في العالم.. ترامب يعلن بناء سفينة حربية تحمل اسمه    تازركة: تفاصيل إيقاف 13 مهاجرًا غير نظامي وحجز مخدرات وأسلحة بيضاء    ثغرة صامتة كفيلة بسرقتك..هكذا يتم التجسس على هواتفنا..    عاجل/ بداية من اليوم..انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة..وثلوج بهذه المناطق..    الولايات المتحدة تحظر المسيّرات المصنعة في الخارج    ترامب يتحدث عن ضغط مارسه على ماكرون وقصر الإليزيه ينفي    رقم مفرح: هذا عدد السياح الذين زارو تونس منذ بداية 2025..    بريطانيا.. محتجزون من "فلسطين أكشن" يواصلون إضرابهم عن الطعام وسط تحذيرات طبية من "موت وشيك"    كأس السوبر الإيطالي.. نابولي يهزم بولونيا ويتوج باللقب    في زيارة لميناء رادس.. وزير النقل يوصي بدعوة أصحاب الحاويات ذات المكوث المطوّل لرفعها في أقرب الآجال    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق رئيسة هذه الجمعية..    مسرحية «العين اللي ما تشوفكشي»: عندما يتحوّل المسرح إلى ضمير حيّ    سليمان...تمثّل تجربة ثقافية ناجحة.. أيام قرطاج السينمائية تعزّز حضور السينما بالجهات    تونس تتجاوز عتبة 11 مليون سائح    في دار الشباب مساكن...ملتقى شباب المواطنة 2025 تحت شعار: «أصوات مختلفة وحوار واحد»    سوسة .. في تظاهرة «سبيطار الحومة» أكثر من 2000 مواطن استفادوا من 1600 عيادة مجانية    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    بنزرت.. هيئة السّلامة الصحية للمنتجات الغذائية على خطّ المراقبة    كأس أمم إفريقيا المغرب 2025: .مالي تتعادل مع زامبيا    برنامج التأهيل الصناعي للمؤسسات: المصادقة على 484 ملف خلال سنة 2025    النفطي يدعو السفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الى دعم ترويج زيت الزيتون    أزمة "الكنام" والصيادلة..تطورات جديدة..#خبر_عاجل    وزارة الشؤون الدينية تحدد 30 ديسمبر كاخر أجل لاتمام اجراءات الحج    بسمة بوسيل تقاضي عرافة ...و السبب تامر حسني ؟    الديوانة تنتدب 250 عريفا    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    لجان التحكيم تعترض على غياب دورها خلال حفل اختتام أيام قرطاج السينمائية    العاصمة: 10 سنوات سجنًا لمسنّ تخصص في ترويج المخدرات    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    كنز غذائي على طبقك.. ماذا تفعل "السبانخ" بجسمك..؟    تحب تخلّص فاتورة الستاغ على أقساط؟ هاذم الشروط    من غرة 2026: خلّص ''الفينيات'' من دارك ...شوفوا التفاصيل    طقس اليوم: سحب كثيفة وأمطار رعدية منتظرة    وزارة الصحة تحث على التلقيح وتحذّر: النزلة الموسمية قد تشكّل خطرًا على الفئات الهشة    اليوم: أقصر نهار في العام    اليوم: التوانسة يعيشوا الإنقلاب الشتوي    مهرجان المنصف بالحاج يحي لفنون العرائس ومسرح الطفل من 21 إلى 28 ديسمبر 2025    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحادي الجانب، وفي اتجاه واحد، وفي غياب مصادر دقيقة: «وثائقي» غريب حول الإعلام على طريقة هيئة الحقيقة والكرامة
نشر في الصباح يوم 16 - 12 - 2018

بثت الوطنية الثانية في سهرة الجمعة جلسة علنية وصفت بالأخيرة لهيئة الحقيقة والكرامة خصصتها للإعلام زمن الديكتاتورية. وقد استضافت الهيئة شخصيات إعلامية تحدثت جميعها عما وصفته بالمظالم التي تعرضت لها زمن حكم زين العابدين بن علي بالخصوص وعددوا مظاهر الظلم من ملاحقات وتحقيقات بوليسية وذكّروا بالتضييقات التي كانت تمارس ضد الصحفيين الأحرار وضد أصحاب المؤسسات الإعلامية الصادرة عن المعارضة والتي تتمثل في الحرمان من الإشهار العمومي (الذي كانت تشرف عليه وكالة الاتصال الخارجي) وتصل حتى إلى حجب الصحيفة وملاحقة أصحابها وطرد العاملين بها...
كما شهّرت الهيئة بمن أسمتهم المستفيدين من الوضع من الداخل والخارج وقدمت أرقاما حول التمويلات التي استفاد منها أصحابها من وكالة الاتصال الخارجي وعددت الصحف والمجلات التي كانت تنتفع لوحدها بالإشهار العمومي على حساب الصحف والمجلات المحسوبة على المعارضة..
كل هذا معقول ومعروف حتى وإن كان يحتاج إلى مزيد من التدقيق، فقد كان النظام السابق يمارس فعلا رقابة مشددة على الإعلام بشهادة ممارسي هذه المهنة والمشتغلين بها وكان يستعمل الترغيب والترهيب لذلك، وهذا أمر لا يمكن التشكيك فيه، لكن نعتقد أن هيئة الحقيقة والكرامة لم تلتزم بالموضوعية الكاملة وهي تقدم فيلمها الوثائقي حول الإعلام قبل الثورة. فالوضع لم يكن إما أبيض أو أسود على غرار ما تحاول أن تقنعنا به هذه الهيئة. ولم تكن الساحة مقسمة بين أبطال وبين آخرين باعوا ذممهم.
فكم كبير من الإعلاميين كانوا يمارسون مهنتهم بحرفية كبيرة بدون تحزّب أو انتماء لا للنظام ولا للمعارضة ولا إلى جهات أجنبية كانت تنفذ أجنداتها في تونس. ولم يكن بالضرورة عليك أن تسب النظام السابق حتى تصنف ضمن الصحفيين الأحرار فهناك من اختار الانشغال بالصحافة الثقافية أو الاقتصادية والاجتماعية. وهناك من كان على قدرة كبيرة على تمرير أفكاره السياسية بدون أن يحتاج إلى أن يعلن المواجهة المباشرة مع النظام .
ونشدد كذلك على أن كما كبيرا من الإعلاميين ممن يعيشون من المهنة، اي أبناء المهنة الأصليون وليسوا مثلا زعامات حزبية يوظفون الصحافة من أجل تمرير أفكارهم، كانوا يمارسون عملهم كما يمليه عليه ضميرهم وعملوا بنجاعة أفضل حتى مما نراه اليوم بعد اقتحام الدخلاء للقطاع بقوة. فتكفي قراءة موضوعية للوضع قبل الثورة بدون تجن وبدون أحكام مسبقة وبدون حسابات ضيقة، لتأكيد ذلك.
وإن كانت الشهادات الحية لا تلزم إلا أصحابها مع ضرورة الإشارة في هذا الباب إلى أننا لا نشكك في معاناة الإعلاميين الذين اختاروا المواجهة مع النظام السابق، ولا ننفي عنهم حقهم في صفتهم كمناضلين من أجل حرية التعبير، فإننا نستغرب الجانب الأحادي والاتجاه الواحد للبرنامج والذي سعت من خلاله الهيئة ليلتها إلى الإقناع بأن الوضع على مستوى الإعلام في عهد بن علي كان تماما كما وصفته هيئة الحقيقة والكرامة.
شهادات مبتورة وأخرجت عن سياقها
فقد كنا كما قلنا، إزاء فيلم وثائقي أحادي الجانب وفي اتجاه واحد يعتمد على معلومات تسوّق على أنها الحقيقة الكاملة والحقيقة أن هناك الكثير من المعلومات التي تم بثها تحتاج إلى تدقيق أو إلى تصويب وإلى مصادر للمعلومات. أما الشهادات التي تم بثها فقد كانت مبتورة وخارجة عن السياق لأننا نعتبر أن الوضع بعد الثورة مباشرة مختلف على ما هو عليه اليوم اي بعد مضي ما يقرب من ثماني سنوات على حدث 14 جانفي 2011. وكان الأمر يحتاج إلى تحيين. ثم إن استغلال بعض التصريحات التي وردت في سياق معيّن وفي ظرف مختلف عما هو عليه اليوم يصب آليا من منظورنا في خانة التلاعب بالمعلومات.
فقد حدثت بعد الثورة فظاعات كثيرة ومحاولات عديدة لإعادة الصحافة والإعلام إلى بيت الطاعة كما أن عددا من الإعلاميين يعتبرون أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة بدورها قد هضمت حقهم عندما كانوا يشتغلون في إذاعة كلمة التي كانت على ملكها قبل أن تفوت فيها لأحد رجال الأعمال الذين يمكن القول أنه تنطبق عليه المواصفات التي تم ذكرها في البرنامج الوثائقي ومن بينها عدم الكشف عن مصادر تمويله.
إن ما نعرفه هو أن «الوثائقي» عمل يستند على الوثائق ولا يمكن أن يستقيم بدون مصادر وهو لا يمكن أن يكون موضوعيا ومقنعا إلا إذا تم فيه مقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة. وودنا لو عرفنا مثلا فيما يخص صحيفة الصباح التي تم ذكرها عديد المرات في البرنامج وقيل أن ورثتها تم إجبارهم على التفويت في أسهمهم بالمؤسسة، لو تمت إفادتنا كيف أجبر ورثة الحبيب شيخ روحه مؤسس «دار الصباح» على التفويت في أسهم المؤسسة لفائدة صهر الرئيس السابق صخر الماطري، وإن كان الأمر كذلك لماذا أجبر البعض على التفويت في أسهمهم في حين لم يجبر الآخرون؟
فالروايات في هذا الباب متعددة وما هو مرجح هو أن العملية كانت تجارية بحتة غير أنه كان من الممكن، وورثة الحبيب شيخ روحه كلهم أحياء أن يقع الاستنجاد بشهاداتهم في هذا الباب حتى تتضح الأمور بشكل أفضل.
إننا وإذ نقر مثلنا مثل بقية التونسيين بأن حرية التعبير مكسب مهم جدا تسنى بفضل الثورة وأننا إنما نعتز بهذا المكسب، ونحن مستفيدون منه بقوة، ونعتبر أن العودة عنه من قبيل المستحيل، إلا أن الموضوعية تدعونا إلى الإشارة إلى أن المسألة ليست بالبساطة التي حاول الوثائقي الذي قدمته هيئة الحقيقة والكرامة أن يقنعنا بها. ويحتاج الأمر إلى الكثير من الموضوعية لتقديم صورة عنه قريبة من الواقع وقريبة من الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.