كاس العرب (قطر 2025): الاردن تفوز على الكويت 3-1 وتتاهل الى ربع النهائي    سامي الطرابلسي: "المباراة أمام قطر تعد الفرصة الأخيرة لنا"    بطولة العالم للتايكواندو لأقل من 21 سنة: وفاء المسغوني تتوج بالميدالية الذهبية    المهدية: وفاة تلميذين وإصابة اثنين آخرين في حادث مرور ببومرداس    كارثة بالمهدية: انفجار قارورة غاز يشعل تاكسي وإصابة طفليْن!    الفلفل الحار يحرق الدهون ويزيد في صحتك! شوف كيفاش    المنستير: تنصيب المجلس الجهوي الجديد    عاجل: السفارة الأمريكية في تونس تعلن استئناف العمل الطبيعي    يقضي بالتخلي عن خطايا الديون غير الجبائية.. نواب الغرفة الثانية يسقطون الفصل 78    العثور على جثة فتاة في قنال بنزرت    الجمعة القادم: سفارة ليبيا بتونس تنظم احتفالية بمناسبة افتتاح المتحف الوطني بطرابلس    وزير النقل: الموانئ الذكية أصبحت ضرورة في ظل التنافسية الإقليمية والتطور التكنولوجي    "المؤسسة والنّظام الاقتصادي الجديد" محور أشغال الدّورة 39 لأيام المؤسسة من 11 إلى 13 ديسمبر 2025    قابس: انطلاق توزيع المساعدات الاجتماعية لمجابهة موجة البرد    انقطاع الكهرباء بمناطق مختلفة من هذه الولاية غدا الأحد..#خبر_عاجل    الدورة الثالثة من ملتقى تونس للرواية العربية من 11 الى 13 ديسمبر 2025 بمدينة الثقافة    وزير الفلاحة: تونس تصدّر زيت الزيتون لأكثر من 60 دولة    الاعلان عن انضمام مدينة سوسة رسميا الى عضوية الشبكة العالمية لمدن التعلم التابعة لليونسكو    فيلم "سماء بلا أرض" لأريج السحيري يفوز بجائزتين في بروكسال    اليوم وغدا: توقّف كلّي لجولان الخط الحديدي تونس -حلق الوادي-المرسى    غدوة الدخول مجاناً لكل المتاحف والمواقع التاريخية في تونس!    مناظرة خارجية لانتداب 280 عريفاً بسلك الحماية المدنية..#خبر_عاجل    حادث مرور قاتل بهذه الجهة..#خبر_عاجل    آخر فرصة في كأس العرب 2025 : وقتاش ماتش النسور؟ و كيفاش ينجموا يتأهلوا للربع النهائي ؟    كأس التحدي العربي للكرة الطائرة: خالد بن سليمان يتوّج بجائزة أفضل لاعب وأحسن موزع    العلا: آس أو آس تنظم يوما توعويا " عيش بأمان عيش فرحان"    عاجل/ غارات وقصف مدفعي مُكثّف على غزة..    سوسة: ندوة علمية حول الكتابة للأطفال واليافعين    عاجل/ اطلاق نار في فندق بهذه المنطقة..    مونديال 2026 – المنتخب التونسي يستهل مشاركته بملاقاة المتأهل من الملحق الاوروبي الثاني في هذا التاريخ..    مصادر: الإعلان عن هيئة دولية لإدارة غزة في هذا الموعد    شركة تكافئ موظفيها بسيارات ورحلات : شكون باش يربح العام هذا؟    عاجل: مع اقتراب رأس العام، حجز أطنان من المواد الغذائية الفاسدة بعدة ولايات    مفزع/ ارتفاع حالات ومحاولات الانتحار في تونس..    كأس العرب قطر 2025: شوف برنامج مقابلات اليوم السبت    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أستراليا تفرض عقوبات على أفغانستان بسبب حقوق المرأة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. ودمشق ترحب    اللجنة المنظمة لكأس العرب 2025 تصدر بيانا بشأن فيديو أغاني لصدام حسين    مشروع قانون المالية 2026 : مجلس الجهات والاقاليم يصادق على الفصول المعروضة على الجلسة العامة    الداخلية.. تفكيك شبكة دولية لترويج المخدرات وحجز كميات كبيرة من الكوكايين و"الزطلة" والحبوب المخدرة    استراحة الويكاند    مع الشروق : حقّ المواطن في الدواء .. أولوية    عاجل/ حجز قرابة ألف قطعة مرطبات وأطنان من المنتجات الغذائية غير صالحة للاستهلاك    فتح باب الترشح لتظاهرة "رمضانيات القصر السعيد" لسنة 2026    ترافل اند تور وورلد" تصنف تونس ضمن أفضل الوجهات لقضاء" عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة    بعد منعه لأكثر من عام: فيلم "المُلحد" في قاعات السينما..    Titre    عاجل/ السفارة الأمريكية بتونس تعلن عن هذا القرار..    وزارة الشؤون الدينية الجزائرية: الأضرحة والزوايا جزء من هويتنا    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    تحسّن العجز الجاري إلى 1،6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في 2024    حلا شيحة: "القرآن هو السبيل الوحيد للنجاة"    المنسنتير: المؤتمر الدولي الثاني للتغذية الدقيقة في هذا الموعد    بشرى سارة للحوامل المصابات بالسكري.. تقنية جديدة تعيد الأمل..    رحيل ساحر "مورتال كومبات"    خليفة "أبو شباب": سترى حماس الوجوه الحقيقية التي كان يجب أن تراها منذ وقت طويل    خطبة الجمعة .. التاجر الصدوق تحت ظل العرش يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحادي الجانب، وفي اتجاه واحد، وفي غياب مصادر دقيقة: «وثائقي» غريب حول الإعلام على طريقة هيئة الحقيقة والكرامة
نشر في الصباح يوم 16 - 12 - 2018

بثت الوطنية الثانية في سهرة الجمعة جلسة علنية وصفت بالأخيرة لهيئة الحقيقة والكرامة خصصتها للإعلام زمن الديكتاتورية. وقد استضافت الهيئة شخصيات إعلامية تحدثت جميعها عما وصفته بالمظالم التي تعرضت لها زمن حكم زين العابدين بن علي بالخصوص وعددوا مظاهر الظلم من ملاحقات وتحقيقات بوليسية وذكّروا بالتضييقات التي كانت تمارس ضد الصحفيين الأحرار وضد أصحاب المؤسسات الإعلامية الصادرة عن المعارضة والتي تتمثل في الحرمان من الإشهار العمومي (الذي كانت تشرف عليه وكالة الاتصال الخارجي) وتصل حتى إلى حجب الصحيفة وملاحقة أصحابها وطرد العاملين بها...
كما شهّرت الهيئة بمن أسمتهم المستفيدين من الوضع من الداخل والخارج وقدمت أرقاما حول التمويلات التي استفاد منها أصحابها من وكالة الاتصال الخارجي وعددت الصحف والمجلات التي كانت تنتفع لوحدها بالإشهار العمومي على حساب الصحف والمجلات المحسوبة على المعارضة..
كل هذا معقول ومعروف حتى وإن كان يحتاج إلى مزيد من التدقيق، فقد كان النظام السابق يمارس فعلا رقابة مشددة على الإعلام بشهادة ممارسي هذه المهنة والمشتغلين بها وكان يستعمل الترغيب والترهيب لذلك، وهذا أمر لا يمكن التشكيك فيه، لكن نعتقد أن هيئة الحقيقة والكرامة لم تلتزم بالموضوعية الكاملة وهي تقدم فيلمها الوثائقي حول الإعلام قبل الثورة. فالوضع لم يكن إما أبيض أو أسود على غرار ما تحاول أن تقنعنا به هذه الهيئة. ولم تكن الساحة مقسمة بين أبطال وبين آخرين باعوا ذممهم.
فكم كبير من الإعلاميين كانوا يمارسون مهنتهم بحرفية كبيرة بدون تحزّب أو انتماء لا للنظام ولا للمعارضة ولا إلى جهات أجنبية كانت تنفذ أجنداتها في تونس. ولم يكن بالضرورة عليك أن تسب النظام السابق حتى تصنف ضمن الصحفيين الأحرار فهناك من اختار الانشغال بالصحافة الثقافية أو الاقتصادية والاجتماعية. وهناك من كان على قدرة كبيرة على تمرير أفكاره السياسية بدون أن يحتاج إلى أن يعلن المواجهة المباشرة مع النظام .
ونشدد كذلك على أن كما كبيرا من الإعلاميين ممن يعيشون من المهنة، اي أبناء المهنة الأصليون وليسوا مثلا زعامات حزبية يوظفون الصحافة من أجل تمرير أفكارهم، كانوا يمارسون عملهم كما يمليه عليه ضميرهم وعملوا بنجاعة أفضل حتى مما نراه اليوم بعد اقتحام الدخلاء للقطاع بقوة. فتكفي قراءة موضوعية للوضع قبل الثورة بدون تجن وبدون أحكام مسبقة وبدون حسابات ضيقة، لتأكيد ذلك.
وإن كانت الشهادات الحية لا تلزم إلا أصحابها مع ضرورة الإشارة في هذا الباب إلى أننا لا نشكك في معاناة الإعلاميين الذين اختاروا المواجهة مع النظام السابق، ولا ننفي عنهم حقهم في صفتهم كمناضلين من أجل حرية التعبير، فإننا نستغرب الجانب الأحادي والاتجاه الواحد للبرنامج والذي سعت من خلاله الهيئة ليلتها إلى الإقناع بأن الوضع على مستوى الإعلام في عهد بن علي كان تماما كما وصفته هيئة الحقيقة والكرامة.
شهادات مبتورة وأخرجت عن سياقها
فقد كنا كما قلنا، إزاء فيلم وثائقي أحادي الجانب وفي اتجاه واحد يعتمد على معلومات تسوّق على أنها الحقيقة الكاملة والحقيقة أن هناك الكثير من المعلومات التي تم بثها تحتاج إلى تدقيق أو إلى تصويب وإلى مصادر للمعلومات. أما الشهادات التي تم بثها فقد كانت مبتورة وخارجة عن السياق لأننا نعتبر أن الوضع بعد الثورة مباشرة مختلف على ما هو عليه اليوم اي بعد مضي ما يقرب من ثماني سنوات على حدث 14 جانفي 2011. وكان الأمر يحتاج إلى تحيين. ثم إن استغلال بعض التصريحات التي وردت في سياق معيّن وفي ظرف مختلف عما هو عليه اليوم يصب آليا من منظورنا في خانة التلاعب بالمعلومات.
فقد حدثت بعد الثورة فظاعات كثيرة ومحاولات عديدة لإعادة الصحافة والإعلام إلى بيت الطاعة كما أن عددا من الإعلاميين يعتبرون أن رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة بدورها قد هضمت حقهم عندما كانوا يشتغلون في إذاعة كلمة التي كانت على ملكها قبل أن تفوت فيها لأحد رجال الأعمال الذين يمكن القول أنه تنطبق عليه المواصفات التي تم ذكرها في البرنامج الوثائقي ومن بينها عدم الكشف عن مصادر تمويله.
إن ما نعرفه هو أن «الوثائقي» عمل يستند على الوثائق ولا يمكن أن يستقيم بدون مصادر وهو لا يمكن أن يكون موضوعيا ومقنعا إلا إذا تم فيه مقارعة الرأي بالرأي والحجة بالحجة. وودنا لو عرفنا مثلا فيما يخص صحيفة الصباح التي تم ذكرها عديد المرات في البرنامج وقيل أن ورثتها تم إجبارهم على التفويت في أسهمهم بالمؤسسة، لو تمت إفادتنا كيف أجبر ورثة الحبيب شيخ روحه مؤسس «دار الصباح» على التفويت في أسهم المؤسسة لفائدة صهر الرئيس السابق صخر الماطري، وإن كان الأمر كذلك لماذا أجبر البعض على التفويت في أسهمهم في حين لم يجبر الآخرون؟
فالروايات في هذا الباب متعددة وما هو مرجح هو أن العملية كانت تجارية بحتة غير أنه كان من الممكن، وورثة الحبيب شيخ روحه كلهم أحياء أن يقع الاستنجاد بشهاداتهم في هذا الباب حتى تتضح الأمور بشكل أفضل.
إننا وإذ نقر مثلنا مثل بقية التونسيين بأن حرية التعبير مكسب مهم جدا تسنى بفضل الثورة وأننا إنما نعتز بهذا المكسب، ونحن مستفيدون منه بقوة، ونعتبر أن العودة عنه من قبيل المستحيل، إلا أن الموضوعية تدعونا إلى الإشارة إلى أن المسألة ليست بالبساطة التي حاول الوثائقي الذي قدمته هيئة الحقيقة والكرامة أن يقنعنا بها. ويحتاج الأمر إلى الكثير من الموضوعية لتقديم صورة عنه قريبة من الواقع وقريبة من الحقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.