عاجل/ وزارة العدل تشطب هؤلاء بسبب ارتكابهم أخطاء مهنية وخرق القانون..    عاجل/ تونس تسجل ارتفاعا في الطلب على الغاز الطبيعي والمواد البترولية    شملت معلول .. كابوس في «السي. آس.آس» بسبب الاصابات    المهرجان الصيفي بالناظور في دورته ال 24 برمجة ثرية وفرجوية    تاريخ الخيانات السياسية (51) فتنة الحلاّج    مع الشروق : يحدث في هذا الزمن العربي الرديء!    المهرجان الدولي للولي الصالح سيدي علي بن عون .. جنجون في الافتتاح وعبد اللطيف الغزي في الاختتام    رئيس الجمهورية خلال لقائه برئيس المجلس الرئاسي الليبي.. أمن تونس واستقرارها من أمن ليبيا    عاجل: جامعة السباحة توضح حيثيات ملف تأشيرات منتخب الأواسط لبطولة العالم برومانيا    الهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس تدعو إلى تحرك جهوي وإلى إنجاح تحرّك الخميس القادم    وفاة شخص ونفوق قطيع من الإبل في حادث مرور بقفصة    فُقدت منذ 3 أيام: العثور على مُسنّة سبعينية حيّة داخل بئر بهذه الجهة.. #خبر_عاجل    قريبا.. إقتناء 418 حافلة جديدة ستخصّص أغلبها للجهات.. #خبر_عاجل    أكثر من 1100 حالة وفاة في اسبانيا إثر موجة حر استمرت 16 يوما.. #خبر_عاجل    عاجل/ هذا ما تقرّر ضد قاتل والده في القصرين    بطولة إفريقيا لرفع الأثقال: التونسية آية حسني تظفر بثلاث ذهبيات    عمران العافي اول انتداب اولمبيك سيدي بوزيد للموسم الرياضي الجديد    وزارتا التشغيل والصحة تؤكّدان أن التكوين في الاختصاصات شبه الطبية يشترط فيه وجوبا التنظير    تونس وردت قرابة 10 بالمائة من حاجياتها من الكهرباء مباشرة من الجزائر مع موفي جوان 2025    حرائق الغابات تجتاح مصر وتعطل الخدمات الحيوية    عاجل : تفكيك أكبر مصنع للكبتاغون في الشرق الأوسط بلبنان    أرانب ''زومبي'' بقرون سوداء تثير رعب السكان    كرة اليد: جناح جندوبة الرياضية يمضي للملعب التونسي    عاجل : رحيل الفنانة السورية إيمان الغوري    إيداع شاب السجن بعد تهشيم بلور حافلة في سيدي حسين    خمس روايات تونسية ضمن القائمة القصيرة لجائزة كتارا للرواية العربية 2025    نيويورك.. عشرات الضحايا بمرض خطير والسبب'' الكليماتيزور''    Ooredoo Music Fest by OPPO يعود في نسخته الثالثة مع عرض رڤوج وتجربة غامرة فريدة من نوعها    عاجل: موعد ترسيم أطفال التحضيري    دليلك القانوني في فرنسا: كيف تحمي نفسك من الترحيل والاحتجاز؟    فتح مناظرة بالملفات للتسجيل في اختصاص ثان للحصول على الشهادة الوطنية للإجازة من أحد المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية    قرطاج الدولي يفتح أبواب السينما للأطفال: عرض مجاني لفيلم La Princesse et la Grenouille    حجز 542 كلغ من المواد الغذائية غير صالحة للاستهلاك بولاية تونس    الرابطة الأولى: تعيينات منافسات الجولة الرابعة ذهابا    عاجل : النجم الساحلي يتعاقد مع اللاعب الدولي الليبي نور الدين القليب    خزندار: إيقاف عنصر إجرامي محل مناشير تفتيش لفائدة عدة محاكم    عاجل : أمريكا تلغي أكثر من 6000 تأشيرة دراسية    العودة المدرسية: كل التلاميذ عندهم نفس الكراسات وبنفس العدد    المولد النبوي : شوف كفاش تختار بين الزقوقو التونسي و المستورد؟    تونس: إيقاف مسافر حاول الاعتداء على سائق مترو    دخول قسم الطب الباطني الجديد بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة حيّز الاستغلال    تفاصيل الاتفاق المحتمل بين المقاومة وإسرائيل    فاجعة: وفاة طفل بسبب أكلة..!    المشروبات شديدة السخونة.. "خطر خفي" يهدد صحتك    أمام 7 آلاف متفرج: الفنان اللبناني آدم يعتلي ركح قرطاج للمرة الأولى في مسيرته    رئيسة الحكومة تحل باليابان للمشاركة في قمّة "تيكاد9"..    يهم التونسيين : هكذا سيكون طقس اليوم الثلاثاء 19 أوت    صدمة علمية: مشروباتنا اليومية مليئة بالبلاستيك...تفاصيل!    النجم الساحلي يضم لاعب الوسط الليبي نور الدين القليب    ماكرون.. مكان لقاء بوتين مع زيلينسكي سيحدد خلال ساعات    تاريخ الخيانات السياسية (50).. حبس الخليفة المستكفي حتى وفاته    عاجل/ القبض على مسافر تهجّم على سائق مترو    الميزان التجاري الغذائي يسجل فائضا خلال الأشهر السبعة الأولى من 2025    أسعار البيض تتراجع: 4 بيضات لا تتجاوز 1200 مليم    مهرجان قرطاج يكرّم فاضل الجزيري بعرض فيلم "ثلاثون"    تاريخ الخيانات السياسية (49)...توزون يفقأ عيني الخليفة المتّقي    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة و السياسة و النفاق الاجتماعي
نشر في الشروق يوم 06 - 02 - 2012

بعد خمسين سنة من النضال اختزل الصحافيون التونسيون معركتهم في أربعة أو خمسة اعتداءات طالت «زملاءهم» على خلفية تناقضات فكرية مع مجموعات دينية يتبرأ منها الإئتلاف الحاكم في تونس فيما يعتقد «الضحايا» أنها الذراع الطولى لحركة النهضة.
والسؤال هل تفرغ المطالب المشروعة لعموم الصحافيين التونسيين من مضامينها المادية والمعنوية من خلال شخصنة تلك المعركة...؟
في السنوات الأولى لحكم بن علي إصطدم النظام الجديد ببعض الوجوه الإعلامية التي قررت منذ البداية التموقع داخل دائرة المعارضة مستغلة بذلك صفتها المهنية للتعبير عن أرائها السياسية وزاغ هكذا قطاع الإعلام رويدا رويدا عن أداء دوره والمتمثل أساس في الخبر أولا تم الإدلاء بالرأي فيه ثانيا .
وكان من تداعيات تلك المرحلة أن قرر نظام بن علي ضرب قطاع الإعلام برمته واحتوائه بشكل كلي ليتهلهل المشهد الإعلامي بعد أن تم إغراق المهنة بعشرات الجرائد والمجلات شكلت فيما بعد ما يسمى بالصحافة التونسية وهي نفس الصحافة التي ورثتها الثورة التونسية وما صاحب ذلك من احترازات وتشكيك في قدرة تلك الصحافة على تحقيق أهداف الثورة.
نفس المشهد يتكرر اليوم ليفرز إعلاما اختار التموقع داخل دائرة المعارضة بأدوات سياسية أدت في غالب الأحيان إلى مواجهات أنتجت بدورها رموزا صاروا يمثلون اليوم «الإعلام الحر».
لكن أين عموم الصحافيين التونسيين من هذه المعركة التي وفرت لضحاياها مكانا تحت الضوء فيما أحالت البقية على التهميش.
الثابت أن الإعلام في تونس لم يتخط بعد الهنات العديدة التي يتخبط فيها منذ نشثأته ولعل طبيعة تلك النشأة هي التي أدت به إلى ماهو عليه اليوم إذ ولدت أولى الجرائد التونسية لتعبر عن أراء سياسية وليست ليتناول الخبر وعلى مرّ تاريخ تونس الحديث مرورا بمعركة التحرير إلى دولة الإستقلال تجذرت العلاقة برمته إلى خادم أمين ووفي للحاكم على أساس أن صانع المادة الإعلامية ليس مهنيا محترفا متلقيا لتكوين علمي يمكنه من فهم وإتقان عمله والإنحياز إلى الخبر ولا شيء غير الخبر بل أن نظامي بورقيبة وبن علي سعيا إلى إغراق المهنة بغير الصحافيين من خريجي معهد الصحافة لتأمين الولاء التام لقطاع الإعلام لنظاميهما ومشاريعهما السياسية، وكان من الطبيعي أن يستعمل معارضوا النظام نفس السلاح لينتدبوا لصحفهم كتابا من غير الصحافيين المهنيين والنتيجة أنه لا صحافة النظام ولا صحافة المعارضة انخرطت في الوظيفة الأولى للإعلام وهي الخبر في قدسية كأساس متين ووحيد للصحافة بمختلف تفرعاتها.
والمؤسف أن أولئك الذين تكونوا فعليا لهذا الغرض من خريجي معهد الصحافة تم تهميشهم بل ويتم تكليفهم في أغلب الأحيان بمهام فنية وتقنية ليبقى تأثيرهم في صناعة المادة الإعلامية ضعيف جدا.
وفي المحصلة فإن قلة قليلة من الصحافيين المهنيين تمكنت من التسلل إلى فضاءات التحرير وصياغة الخبر بشكل علمي في محاولة لانتشال الصحافة من المأزق السياسي والعبور بها إلى شاطئ النجاة لتؤدي وظيفتها الرئيسية المتمثلة في البحث على الخبر ثم صياغته ومن ثمة إيصاله إلى المتلقي في كنف الحيادية والموضوعية.
هذا المعطى وعلى أهميته تفتقده للأسف الشديد غالبية وسائل الإعلام في تونس التي انخرطت في التحليل على حساب وظيفتها الأولى وهي الإخبار.
وفي ضل التهميش للخبر ولصناعة تحولت قنواتنا التلفزية وجرائدنا ومحطاتنا الإذاعية إلى فضاءات رحبة يتسع صدرها إلى «المحللين السياسيين» على حساب الصحافيين.
من ثمة اختلط في الذهن العام المحلل السياسي بالصحافي والمؤسف أن الصحافيين أنفسهم صاروا يعتقدون أن أولئك المحللين السياسيين هم صحافيون وعليهم الدفاع عنهم متى تعرضوا لاعتداءات وإن كانت مسألة الدفاع هذه من أنبل المهام الموكولة لأي فرد حر فإن ذلك لا يعني أنها مهمة موكولة حصريا للصحافيين وفي تغليبهم لها على حساب مطالبهم المشروعة المادية والمعنوية هو من النفاق الاجتماعي الذي من شأنه تعميق الهوة بينهم وبين المتلقي الذي لا يحتكم على أدوات تحليل لتلمس وتحسس القضايا والمشاغل الحقيقية للصحافي.
على أن الأمر الخطير هو ذلك الإنسياق الأعمى للهياكل الممثلة لعموم الصحافيين التونسيين وانخراطها في معارك قد تضرّ أكثر مما تنفع باعتبار تفويتها لفرصة تاريخية لإعادة الصحافة والمهنة عموما إلى محيطها الطبيعي بما يقتضي ذلك من تحديد لصفة الصحافي وتوحيد المداخل للمهنة ووضع الإطار القانوني لممارستها ورفع الطابع الزجري المترتب عن أدائها وحماية المهنيين وتحسين ظروف عملهم ورفع أجورهم وإعادة هيكلة معهد الصحافة وإعطاء الأولوية لخريجيه في العمل ووضع حدّ لسياسة الإغراق المعتمدة من الدولة سواء في إسناد رخص بعث المؤسسات الإعلامية أو في تمكين من هب ودب من ممارسة المهنة وتأمين التكوين المستمر للصحافيين وإنشاء مجلس أعلى للصحافة منتخب وحل الهيئة العليا لإصلاح الإعلام واعتماد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين كممثل وحيد وشرعي لعموم الصحافيين التونسيين في المفاوضات الإجتماعية ورفع صفة المحترف في البطاقة المسندة للصحافيين واعتماد بطاقة وحيدة معترف بها لدى كل أجهزة الدولة واعتبار كل بطاقة أخرى مسندة من أي جهة كانت فعلا مجرما من قبيل انتحال الصفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.