مشروع قانون المالية 2025: المصادقة على تسوية وضعيات إطارات عاملة بالبلديات والهيئات المستقلة    كاس العرب 2025- فوز الاردن على الامارات 2-1    خلال ديسمبر 2025: تونس من أبرز الوجهات السياحية العالمية    فيفا يحدد موعد انضمام اللاعبين الدوليين لمنتخباتهم استعدادا لبطولة كأس الأمم الإفريقية 2025    لا ليغا الاسبانية.. ريال مدريد يهزم بيلباو ويشدد الملاحقة على برشلونة    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    شمس ديسمبر    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    المسروق يباع في الجزائر...مُهرّبون وراء عصابات سرقة السيارات    مع الشروق : انتصار جديد للشعب الفلسطيني    البرلمان يصادق على تسيير وضعية الأشخاص المعنيين بهذه الديوان..#خبر_عاجل    الجولة السادسة عشر لبطولة النخبة لكرة اليد: النجم يتعثر امام قصور الساف    وزارة المالية تفتح مناظرة خارجية لانتداب 250 عريفا بالديوانة التونسية    كأس العرب قطر 2025: المنتخب القطري يسعى لتصحيح المسار في مواجهة نظيره السوري غدا الخميس    مدنين: اعادة فتح مكتب بريد المحبوبين بجربة ميدون بعد استكمال اشغال تهيئته وتعصيره    سيدي بوزيد: تنظيم يوم تكويني بالمعهد العالي للدراسات التكنولوجية تحت شعار "من الذكاء البشري الى الذكاء الاصطناعي التوليدي"    عاجل/ إمرأة تضرم النار في جسدها بمقر هذه المعتمدية..    رئيس كولومبيا لترامب : ''لا توقظ النمر.. مهاجمتنا تعني إعلان الحرب''    صادرات الزيت التونسي توصل 280 ألف طن!    مباراة تونس وفلسطين في كأس العرب 2025....وقتاش ووين تنجم تتفرج ؟    كأس العرب: تشكيلة المنتخب الوطني في مواجهة نظيره الفلسطيني    قانون المالية 2026/ المصادقة على الفصل الإضافي عدد 109المتعلّق بنظام الراحة البيولوجية في قطاع الصيد البحري    الإعلان عن تاريخ انطلاق برنامج الدمج المدرسي لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة    تونس تحتضن المؤتمر ال49 لقادة الشرطة والأمن العرب لتعزيز التعاون الأمني العربي    عاجل/ طالبان تكشف: مرتكب هجوم واشنطن درّبه الامريكان أنفسهم    نقابة أصحاب الصيدليات الخاصة تقرر تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع لمنظوري "الكنام" بداية من 8 ديسمبر الجاري    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعتزم التقليل من التجارب على القردة    احذروا هذا القاتل الصامت..#خبر_عاجل    أول تصريح لمدرب المنتخب التونسي قبل مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    تطاوين: تواصل موسم جني الزيتون بإنتاج واعد وارتفاع ملحوظ في الغراسات المروية    عاجل/ قرار إسرائيلي جديد بشأن معبر رفح..    البرلمان يصادق على فصل يسهّل على المصدّرين إثبات رجوع المحاصيل    تونس: 3 مؤسسات عمومية تنتفع بالطاقة الشمسية    وجبة خفيفة يوميا/ تؤدي إلى قوة الذاكرة..تعرف عليها..    عروض فنية متنوعة وورشات ومعارض ومسابقات في الدورة الثانية للأيام الثقافية بجامعة منوبة    ليبيا.. وزير الداخلية بحكومة الوحدة يحذر من مشروع توطين صامت    محرز الغنوشي: بداية من الليلة القادمة...وصول التقلّبات الجوية الى تونس    البرلمان يواصل مناقشة المقترحات الاضافية لمشروع قانون المالية 2026    إدارة ترامب تصدر قرارا بشأن الهجرة وتفصل قضاة مكلفين بها    أرقام صادمة.. مقتل 45 ألف طفل سوداني واغتصاب 45 قاصراً بالفاشر    وزير الفلاحة: قانون الاستثمار التونسي يوفّر امتيازات هامة للمشاريع التي تعتمد التكنولوجيا الحديثة تصل إلى 50 بالمائة من قيمة الاستثمار    عاجل/ السجن لأجنبي وزوجته بتهمة ترويج المخدرات..وهذه التفاصيل..    مداهمات أمنية في الزهروني تطيح بعدة شبكات وعصابات إجرامية    ابنة نور الدين بن عياد توضّح: "المنجي العوني أوّل من قدّم لي التعازي"    "ضاع شقا العمر".. فضيحة على متن طائرة أثيوبية قادمة من السعودية    الشيخوخة تبدأ من "البنكرياس".. فحاول الابتعاد عن 3 عادات شائعة..    تقدّم أشغال بناء عدد من المستشفيات، أبرز محاور لقاء رئيس الجمهوريّة بوزير الصحة    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق    انتخاب المديرة العامة للخطوط التونسيّة نائبة أولى لرئيس اتحاد شركات الطيران الإفريقي    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصحافة و السياسة و النفاق الاجتماعي
نشر في الشروق يوم 06 - 02 - 2012

بعد خمسين سنة من النضال اختزل الصحافيون التونسيون معركتهم في أربعة أو خمسة اعتداءات طالت «زملاءهم» على خلفية تناقضات فكرية مع مجموعات دينية يتبرأ منها الإئتلاف الحاكم في تونس فيما يعتقد «الضحايا» أنها الذراع الطولى لحركة النهضة.
والسؤال هل تفرغ المطالب المشروعة لعموم الصحافيين التونسيين من مضامينها المادية والمعنوية من خلال شخصنة تلك المعركة...؟
في السنوات الأولى لحكم بن علي إصطدم النظام الجديد ببعض الوجوه الإعلامية التي قررت منذ البداية التموقع داخل دائرة المعارضة مستغلة بذلك صفتها المهنية للتعبير عن أرائها السياسية وزاغ هكذا قطاع الإعلام رويدا رويدا عن أداء دوره والمتمثل أساس في الخبر أولا تم الإدلاء بالرأي فيه ثانيا .
وكان من تداعيات تلك المرحلة أن قرر نظام بن علي ضرب قطاع الإعلام برمته واحتوائه بشكل كلي ليتهلهل المشهد الإعلامي بعد أن تم إغراق المهنة بعشرات الجرائد والمجلات شكلت فيما بعد ما يسمى بالصحافة التونسية وهي نفس الصحافة التي ورثتها الثورة التونسية وما صاحب ذلك من احترازات وتشكيك في قدرة تلك الصحافة على تحقيق أهداف الثورة.
نفس المشهد يتكرر اليوم ليفرز إعلاما اختار التموقع داخل دائرة المعارضة بأدوات سياسية أدت في غالب الأحيان إلى مواجهات أنتجت بدورها رموزا صاروا يمثلون اليوم «الإعلام الحر».
لكن أين عموم الصحافيين التونسيين من هذه المعركة التي وفرت لضحاياها مكانا تحت الضوء فيما أحالت البقية على التهميش.
الثابت أن الإعلام في تونس لم يتخط بعد الهنات العديدة التي يتخبط فيها منذ نشثأته ولعل طبيعة تلك النشأة هي التي أدت به إلى ماهو عليه اليوم إذ ولدت أولى الجرائد التونسية لتعبر عن أراء سياسية وليست ليتناول الخبر وعلى مرّ تاريخ تونس الحديث مرورا بمعركة التحرير إلى دولة الإستقلال تجذرت العلاقة برمته إلى خادم أمين ووفي للحاكم على أساس أن صانع المادة الإعلامية ليس مهنيا محترفا متلقيا لتكوين علمي يمكنه من فهم وإتقان عمله والإنحياز إلى الخبر ولا شيء غير الخبر بل أن نظامي بورقيبة وبن علي سعيا إلى إغراق المهنة بغير الصحافيين من خريجي معهد الصحافة لتأمين الولاء التام لقطاع الإعلام لنظاميهما ومشاريعهما السياسية، وكان من الطبيعي أن يستعمل معارضوا النظام نفس السلاح لينتدبوا لصحفهم كتابا من غير الصحافيين المهنيين والنتيجة أنه لا صحافة النظام ولا صحافة المعارضة انخرطت في الوظيفة الأولى للإعلام وهي الخبر في قدسية كأساس متين ووحيد للصحافة بمختلف تفرعاتها.
والمؤسف أن أولئك الذين تكونوا فعليا لهذا الغرض من خريجي معهد الصحافة تم تهميشهم بل ويتم تكليفهم في أغلب الأحيان بمهام فنية وتقنية ليبقى تأثيرهم في صناعة المادة الإعلامية ضعيف جدا.
وفي المحصلة فإن قلة قليلة من الصحافيين المهنيين تمكنت من التسلل إلى فضاءات التحرير وصياغة الخبر بشكل علمي في محاولة لانتشال الصحافة من المأزق السياسي والعبور بها إلى شاطئ النجاة لتؤدي وظيفتها الرئيسية المتمثلة في البحث على الخبر ثم صياغته ومن ثمة إيصاله إلى المتلقي في كنف الحيادية والموضوعية.
هذا المعطى وعلى أهميته تفتقده للأسف الشديد غالبية وسائل الإعلام في تونس التي انخرطت في التحليل على حساب وظيفتها الأولى وهي الإخبار.
وفي ضل التهميش للخبر ولصناعة تحولت قنواتنا التلفزية وجرائدنا ومحطاتنا الإذاعية إلى فضاءات رحبة يتسع صدرها إلى «المحللين السياسيين» على حساب الصحافيين.
من ثمة اختلط في الذهن العام المحلل السياسي بالصحافي والمؤسف أن الصحافيين أنفسهم صاروا يعتقدون أن أولئك المحللين السياسيين هم صحافيون وعليهم الدفاع عنهم متى تعرضوا لاعتداءات وإن كانت مسألة الدفاع هذه من أنبل المهام الموكولة لأي فرد حر فإن ذلك لا يعني أنها مهمة موكولة حصريا للصحافيين وفي تغليبهم لها على حساب مطالبهم المشروعة المادية والمعنوية هو من النفاق الاجتماعي الذي من شأنه تعميق الهوة بينهم وبين المتلقي الذي لا يحتكم على أدوات تحليل لتلمس وتحسس القضايا والمشاغل الحقيقية للصحافي.
على أن الأمر الخطير هو ذلك الإنسياق الأعمى للهياكل الممثلة لعموم الصحافيين التونسيين وانخراطها في معارك قد تضرّ أكثر مما تنفع باعتبار تفويتها لفرصة تاريخية لإعادة الصحافة والمهنة عموما إلى محيطها الطبيعي بما يقتضي ذلك من تحديد لصفة الصحافي وتوحيد المداخل للمهنة ووضع الإطار القانوني لممارستها ورفع الطابع الزجري المترتب عن أدائها وحماية المهنيين وتحسين ظروف عملهم ورفع أجورهم وإعادة هيكلة معهد الصحافة وإعطاء الأولوية لخريجيه في العمل ووضع حدّ لسياسة الإغراق المعتمدة من الدولة سواء في إسناد رخص بعث المؤسسات الإعلامية أو في تمكين من هب ودب من ممارسة المهنة وتأمين التكوين المستمر للصحافيين وإنشاء مجلس أعلى للصحافة منتخب وحل الهيئة العليا لإصلاح الإعلام واعتماد النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين كممثل وحيد وشرعي لعموم الصحافيين التونسيين في المفاوضات الإجتماعية ورفع صفة المحترف في البطاقة المسندة للصحافيين واعتماد بطاقة وحيدة معترف بها لدى كل أجهزة الدولة واعتبار كل بطاقة أخرى مسندة من أي جهة كانت فعلا مجرما من قبيل انتحال الصفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.