ليس من الواضح ما إذا كانت دعوة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى تأجيل القمة الاقتصادية الرابعة التي يستعد لبنان لاحتضانها خلال أسبوعين مجرد مناورة ومحاولة للضغط لدفع الفرقاء اللبنانيين الى تجاوز عقدة الحكومة اللبنانية أو ما إذا كانت الدعوة حتمية فرضتها تعقيدات المرحلة وغياب الدخان الأبيض ومؤشرات الانفراج بشأن المخاض العسير الذي يرافق ولادة الحكومة اللبنانية منذ أكثر من سبع أشهر.. بل يبدو أن العاصفة الثلجية التي ضربت لبنان هذه الأيام وفاقمت المعاناة لا سيما في مخيمات اللاجئين السوريين التي تسجل موت المزيد من الأطفال بسبب موجة البرد وانعدام الإمكانيات والمساعدات لتجاوز المحنة، قد تكون سببا إضافيا لتأجيل قمة يعول عليها لبنان للفوز بنصيب من الاستثمارات الخليجية وتجاوز الأزمة الاقتصادية الحاصلة.. ومع بدء العد التنازلي لموعد القمة الاقتصادية يقف لبنان في موضع لا يحسد عليه بين مشهد وزير الخارجية باسم الفليحان الذي بدأ يتنقل موزعا الدعوات للقادة والحكام العرب للمشاركة في القمة وبين مؤشرات واحتمالات تأجيل القمة.. والواقع أن المشهد اللبناني ليس حكرا على لبنان ولكنه يكاد يكون عنوانا لمشهد عربي مشترك حتى وإن اختلفت الأزمات والرهانات وتعددت الانقسامات والصراعات الطائفية والحزبية والعرقية وكأن القاسم المشترك للأحزاب السياسية في الخارطة العربية إسلامية وعلمانية هو التنافس على التشتت ومزيد الانقسامات .. الرئيس نبيه بري وفي معرض تصريحاته أمس حول تشكيل الحكومة اعتبر أن الأمر في خبر كان وهو بالتالي فعل ماض ناقص، في محاولة منه ربما للتلويح بأن صورة لبنان ومصداقيتها اليوم في الميزان اذا تقرر تأجيل القمة بسبب لعنة الانقسامات والخلافات الطائفية.. ولكن يبقى من المهم الإشارة الى ان الفشل في تشكيل الحكومة بسبب المحاصصة الحزبية والخلافات بين ميشال عون رئيس الجمهورية ونبيه بري رئيس البرلمان وسعد الحريري رئيس الحكومة حول نصيب كل طائفة من الطوائف بما في ذلك حزب الله ليس الخلاف الوحيد والأرجح أن الخلاف بشأن مشاركة سوريا من عدمه في القمة احد الخلافات المستمرة. فليس سرا أن الرئيس نبيه بري يدعو علنا الى مشاركة دمشق وإنهاء القطيعة الحاصلة بين سورياولبنان وبين سوريا والعالم العربي مقابل رفض سعد الحريري المدعوم من الرياض لهذا التوجه.. وفي انتظار ما يمكن أنتحمله الساعات القادمة وما سيكون عليه مال الدعوات التي وزعها لبنان على القادة العرب، يبدو أن قدر لبنان في كل المراحل أن يتحمل تداعيات كل الصراعات التي تهز منطقة الشرق الأوسط وأن يدفع ثمن الحروب والنزاعات التي يجد نفسه مكرها طرفا فيها ولكن قدر لبنان أيضا أن يتحمل ارث اتفاق الطائف وأن يجد له في الخارطة اللبنانية التي تحكمها الطائفية ورهانات القوى الإقليمية والدولية في المنطقة أن يبحث له عن مخرج من أزمة أرهقت اللبنانيين وأنهكت قدرتهم على مزيد الاحتمال..