مسار عدالة انتقالية معطل.. ومحكمة دستورية في وقف التنفيذ تونس الصباح اعتبر التقرير السنوي لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الصادر اول امس ان تونس قد توقفت سنة 2018 عن إصلاح القوانين القمعية وإنشاء المؤسسات الرئيسية لحماية حقوق الإنسان. فبسبب عدم قيام البرلمان بانتخاب حصته من أعضاء "المحكمة الدستورية"، لم تتمكن هذه المحكمة من الاضطلاع بوظائفها المنصوص عليها في الدستور والمتمثلة في التدقيق في القوانين غير المتلائمة مع معايير حقوق الإنسان وإسقاطها. كما لم تر بعد هيئات دستورية أخرى النور، ومنها "الهيئة العليا لحقوق الإنسان" و"الهيئة العليا للحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد". واعتبر التقرير ان السلطات التونسية بصدد مواصلة محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية بالاعتماد على فصول "مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية" التي تحظر التشهير بالجيش (قضت محكمة عسكرية بسجن النائب بالبرلمان ياسين العياري 3 أشهر بسبب تعليق على "فيسبوك" انتقد فيه الجيش) وتستمر في نفس الوقت في استخدام فصول "المجلة الجزائية" وغيرها من القوانين التي تجرم حرية التعبير، رغم اعتماد "المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة" (سجن المدونة أمينة منصور شهرين مع وقف التنفيذ بسبب تعليق على فيسبوك قالت فيه إن الحرب على الفساد التي أعلنها رئيس الحكومة مزيفة). ويقول التقرير السنوي لهيومن رايتس ووتش ان الشرطة التونسية أثناء محاولاتها إخماد الاحتجاجات الاجتماعية التي اجتاحت أغلب المناطق في جانفي 2018، قامت بالاعتداء على الموقوفين بالضرب وحرمتهم من حقهم في الاتصال بمحام بموجب القانون التونسي. كما اعتقلت الشرطة بعض الأشخاص واحتجزتهم لفترات بلغت يومين بسبب تدوينات أو توزيع مناشير فيها انتقادات سلمية لسياسات الحكومة وتدعو لتحقيق العدالة الاجتماعية. وتسبب البرلمان حسب نفس التقرير، في تقويض مسار العدالة الانتقالية بالتصويت على عدم السماح لهيئة الحقيقة والكرامة بتمديد مهامها لمدة سنة، وهو إحدى صلاحياتها. ونبه التقرير الى انه ورغم ان ظروف الاقامة الجبرية شهدت تخفيفا في 2018، السلطات التونسية مازلت تعتمد لمرسوم حالة الطوارئ لوضع مئات الأشخاص رهن الإقامة الجبرية، فضلا عن اخضاع العديد منهم لإجراء منع سفرالمعروف ب"S17". ونقطة الضوء التي ميزت 2018 حسب تقرير هيومن رايتس ووتش كان صدور تقرير لجنة الحريات والخطوات التي سجلت في مسار القضاء على التمييز ضد المرأة في مسألة الميراث. اما التوصية المتعلقة بالقضاء على اختبارات الفحص الشرجي الفاقدة للمصداقية التي تطلبها الشرطة "لإثبات" السلوك الجنسي المثلي أثناء الاستعراض الدوري الشامل لتونس في "مجلس حقوق الإنسان"، لم تتخذ الحكومة أي خطوات لتنفيذ ما تعهدت به.و استمرت السلطات في محاكمة وسجن مثليين مفترضين بموجب الفصل 230 من المجلة الجزائية الذي ينص على عقوبة تصل إلى 3 سنوات سجنا لتهمة "اللواط". وذكر التقرير بزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين والمعتقد الى تونس في شهر افريل 2018، ووقوفه على وجود بعض القيود الواضحة على حرية الدين أو المعتقد، وتعرض بعض الجماعات – مثل جماعة البهائيين الصغيرة في تونس – إلى قيود غير مباشرة، لا سيما عدم تسجيل جمعيات تمنحهم الوضع القانوني الذي يحتاجون إليه للقيام بالعديد من الوظائف المؤسسية أو إشهار عقيدتهم.