تونس - قالت "هيومن رايتس ووتش" إن الحكم الذي صدر إثر محاكمة الرئيس السابق بن علي سيبقى دون معنى ما لم يرجع بن علي إلى تونس لمواجهة التهم الموجهة إليه. وأوضحت "هيومن رايتس ووتش " أنّه على النظام القضائي في تونس أن يتّخذ خطوات من أجل محاسبة بن علي ومسؤولي النظام السابق بشكل شامل وعادل على ارتكابهم انتهاكات ضدّ حقوق الإنسان. كما أكّدت "هيومن رايتس ووتش " على وجود ثغرات قانونية شابت المحاكمة جعلت المحكمة غير مؤهلة بشكل كامل لتحديد هويات مرتكبي عمليات القتل وتحديد المسؤولية الجزائية لكبار المسؤولين المتّهمين . وأشارت "هيومن رايتس ووتش" في التقرير الذي خصصته لتلخيص محاكمات رموز النظام السابق، إلى ضرورة أن عرض مثل هذه القضايا في المستقبل على محاكم مدنية وليس محاكم عسكرية، مؤكّدة على ضرورة التقليص من صلاحيات المحاكم العسكرية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان التي من الممكن أن ترتكب قواتها العسكرية مثل هذه الانتهاكات. كما قامت "هيومن رايتس ووتش " بسرد إجراءات وشهادات وأدلّة القضية وذلك عند تقييمها لمحضر الحكم المؤلف من 1066 صفحة ،وشرحت "هيومن رايتس ووتش" المنطق الذي اتبعته المحكمة لإدانة بعض المتهمين وتبرئة البعض الآخر. كماخلُصت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن المحكمة العسكرية واجهت عديد التحديات أثناء هذه القضية بحيث توصل قاضي التحقيق العسكري إلى تحديد أعوان الأمن المتورطين في ثلاث عمليات قتل فقط من أصل 23 عملية في القصرين وتالة، وفشلت في الحصول على أدلة ملموسة على قيام رؤساء العمل بإسداء تعليمات إلى مرؤوسيهم باستعمال القوة القاتلة لقمع الاحتجاجات. من ناحية أخرى قالت "هيومن رايتس ووتش" إنّ المجلة الجزائية التونسية تفتقر إلى قوانين تنصّ على مفهوم مسؤولية القيادة الذي يُحمّل القادة وكبار المسؤولين المدنيين مسؤولية الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم، إذا كانوا على علم بوقوعها، ويحاسبوا المسؤولين على ارتكابها. وأضافت "هيومن رايتس ووتش "أنّه يتعين على الادعاء العام التونسي إثبات أن الشخص القيادي كان على علم بالجريمة وأصدر تعليمات لارتكابها حتى يتم الإقرار بمشاركته فيها، وبذلك يتعين على تونس إدماج مفهوم مسؤولية القيادة في تشريعاتها الداخلية. وأكّدت "هيومن رايتس" في تقريرها أنّ استمرار ترأس وزير الدفاع المجلس الأعلى للقضاة العسكريين الذي يُشرف على تعيين وترقية وتأديب وفصل القضاة العسكريين، وهو ما يثير شكوك حول استقلالية المحاكم العسكرية. وقد نظرت المحكمة في عمليات قتل المتظاهرين التي ارتكبتها قوّات الأمن في كلّ من ولايات الكاف، وجندوبة، وباجة، وسليانة، والقصرين، والقيروان في الفترة الممتدة بين ديسمبر 2010 إلى 14 جانفي 2011، وقد أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة في الكاف في هذه القضية حُكمًا بالسجن المؤبد في حق بن علي بسبب مشاركته في القتل العمد.