بقرار الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد العام التونسي للشغل الإضراب العام مجددا في القطاع العمومي والوظيفة العمومية لمدة يومين في شهر فيفري القادم، تكون المنظمة الشغيلة قد مرت إلى التصعيد لإرغام الحكومة على الرضوخ لمطالبها. هذا التصعيد الذي يأتي بعد الإضراب العام الذي نفذه الاتحاد العام التونسي للشغل الخميس الماضي والذي مسّ على حد السواء قطاعي الوظيفة العمومية والقطاع العام.. وان لم يشل البلاد كليا بفضل النسبة الهامة التي يمثلها القطاع الخاص ضمن نشاط البلاد، من شأنه أن يشددّ الخناق على يوسف الشاهد وحكومته خاصة أن الاتحاد صعدّ خلال إضراب 17 جانفي من لهجته وحول خطابه ومطالبه من النقابي إلى السياسي، حيث لم تقتصر الشعارات التي رفعت بساحة محمّد علي على مطالب نقابية وفرض الزيادات في الأجور بل تحولت إلى شعارات سياسية معادية للحكومة ولداعميها السياسيين - وخاصة حركة النهضة- وذهبت حد المطالبة بإسقاط النظام. التصعيد في موقف اتحاد الشغل يمكن اعتباره حلقة جديدة تذهب بالاتحاد رسميا وعلنيا إلى دائرة خصوم الشاهد وحكومته وتعمق أكثر من الأزمة بين المنظمة النقابية والحكومة.. أزمة لم يخفيها الطبوبي في كلمته أمام عشرات الآلاف من منظوري الاتحاد وأبناء هذا الشعب والتي تضمنت إشارات ذهبت إلى حد مطالبة القواعد بالتصعيد ضد حكومة «تتاجر بقوت الشغالين... حكومة تفرّط في السيادة والقرار الوطني ...» حسب قوله... بل ذهب حد التلميح بان الاتحاد سيقود ثورة جديدة بقوله «المد الثوري مستمر وأنّ المعركة مستمرة ومتواصلة إلى غاية تحقيق مطالب الموظفين وأن شارع الحبيب بورقيبة مفتوح أمامكم عبّروا عمّا تريدون، سنقلم أظافرهم قبل أن يقلموا أظافرنا»... وهي أقوى عبارات يمكن أن تفسر ما وصل إليه الأمر بين الاتحاد وحكومة الشاهد. وان كان يوسف الشاهد في كلمته التي سبقت إضراب 17 جانفي دافع عن نفسه بتأكيده أن وضع المالية العمومية لا يسمح بزيادة في الأجور... فان الرد على تبريره يكون بأنه أكثر من يتحمل هذا الوضع أمام ضعف سياساته وفشل خياراته وعدم تركيزه على الإصلاحات العميقة مما أدى بالبلاد إلى شبه إفلاس في غياب كل مقومات التنمية وارتفاع التضخم والمديونية.. هذا دون الحديث عن خياراته السياسية وطموحاته التي لم تعد تخفى على أحد والتي سخر لها وسائل الدولة المادية والبشرية.. لقد خسر الشاهد تقريبا كل حزامه السياسي ودخل في معارك أخطرها مع رئاسة الجمهورية وآخرها مع المنظمة النقابية وقبلها مع أحزاب المعارضة وجل الأطراف الاجتماعية حتى أن أغلبهم تمسك خلال مفاوضات قصر قرطاج الأخيرة بوجوب تغيير الحكومة برمّتها بما في ذلك رئيسها.. ولم يجد المساندة إلا من قبل حركة النهضة لأسباب باتت معلومة تصب في مصلحتها أولا وأخيرا... فشل الشاهد في إيجاد حل مع اتحاد الشغل، من شانه أن يزيد من التوتر والاحتقان في البلاد ليزيد في تأزم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وهو ما لم تعد تحتمله الدولة التي أصبحت أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى توافق حقيقي والى سياسيين ومسؤولين قادرين على تحمل المسؤولية وإيجاد الحلول للخروج بالدولة مما تردت فيه.