لا يختلف كثيرا الوضع الرّاهن لبعض المؤسسات الجامعية عن واقع المؤسسات التربوية الذي يعيش هو الاخر على وقع الاضرابات وارتهان الامتحانات. فحتى وإن تم تعليق اضراب الاساتذة الجامعيين الى حين تفعيل سلطة الاشراف ما تم الاتفاق عليه، فان الوضع يبقى قابلا للتصعيد في أي لحظة في صورة عدم التزام وزارة التعليم العالي ببنود الاتفاق فضلا عن أن بعض المؤسسات الجامعية تعيش منذ اكثر من شهرين على وقع إضراب «إجابة» الذي من المرجح ان يتخذ في غضون أسبوعين أشكالا تصعيدية أخرى.. تم إذن تعليق اعتصام الجامعيين المتواصل منذ يوم 11 جانفي الجاري بمقر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، على اثر التوصل الى اتفاق في جلسة تفاوضية بين الطرفين الوزاري والنقابي تواصلت الى ساعة متأخرة من مساء الاربعاء الماضي.. وأعلنت الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي في بيان صدر عنها الجمعة الماضي ان الجلسة التفاوضية أسفرت عن محضر اتفاق، تقرر على أساسه تعليق الاعتصام على قاعدة عودة الوزارة الى التشاركية وإلى حين تفعيل النقاط الواردة فيه.. ولم تستبعد الجامعة العامة للتعليم العالي - وفقا لما تناقلته مصادر اعلامية - امكانية تراجع الوزارة مجددا عن هذا الاتفاق وعودتها الى سياسة اللاتشاركية، مؤكدة رفضها لرفع الاعتصام والاقتصار على تعليقه الى حين تفعيل ما هو متفق عليه. وينص الاتفاق بالخصوص على تكوين لجنة وزارية نقابية مشتركة حول النظام الأساسي تنطلق أعمالها يوم 21 جانفي الجاري، وإقرار ربط مشروع النظام الأساسي الجديد بانعكاسات مالية بالنسبة لجميع الرتب الجديدة عند الارتقاء، إضافة إلى تحديد جلسة عمل يوم 25 جانفي 2019 مع الوزير للانتهاء من تحديد المقاييس لكيفية صرف منحة التحفيز. وبالنسبة للترقيات والانتدابات اتفق الطرفان، وفق محضر الاتفاق، على فتح خطط الترقيات طبقا للعدد المقترح من قبل الهيئات البيداغوجية وعلى فتح باب الانتدابات بصفة استثنائية بالمؤسسات الجامعية. وفي حال عدم الالتزام ببنود الاتفاق سالفة الذكر، فان التصعيد سيكون مجددا سيد الموقف بما سينعكس سلبا على سير الدروس الجامعية . على أنه تجدر الاشارة أيضا الى انه حتى في حال تفعيل سلطة الاشراف لبنود الاتفاق مع الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي فإن هذه المسألة من شأنها ان تؤجج الوضع وتعمق الاشكال أكثر بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي واتحاد الاساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين «إجابة» بالنظر الى أن المطالب المرفوعة من قبل الجامعة العامة للتعليم العالي تتناقض في جوهرها مع جملة المطالب التي تطالب بها نقابة «اجابة» باعتبار أن الأُولى تنادي بتوحيد الأسلاك الجامعية وهو ما يرفضه بشدة اتحاد «إجابة». وفي تشخيصه للوضع الرّاهن في بعض المؤسسات الجامعية لاسيما مدى تفاعل سلطة الاشراف مع الاضراب الذي تنفذه نقابة «إجابة» منذ 7 نوفمبر 2018، أورد المنسق العام الوطني لاتحاد الأساتذة الجامعين الباحثين التونسيين نجم الدين جويدة في تصريح ل «الصباح» ان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومن خلال السياسة التي تنتهجها تريد تكرار نفس سيناريو السنة الماضية، مُشيرا الى ان الاضراب يشمل حاليا 70 مؤسسة جامعية، كما ان هناك بعض المؤسسات الجامعية لم تنجز اختبارات السداسي الأول. وأضاف جويدة أن مجلس الانابات سينعقد في غضون الاسبوعين القادمين للتّباحث في كافة الاشكال التصعيدية المرتقبة بما يؤشر الى أنه، في حال استمرار «حوار الطرشان» بين سلطة الاشراف ونقابة «اجابة»، فإن امتحانات السداسي الثاني لن تنجز ايضا في بعض المؤسسات الجامعية وسيتكرر سيناريو السنة الماضية بحذافره في ظل انسداد قنوات الحوار والتواصل بين الطرفين، علما أن وزير التعليم العالي سليم خلبوس قد اعتبر في حوار له مؤخرا مع صحيفة «المغرب» - ردا على سؤال حول مدى تأثير الاضراب الذي تنفذه «إجابة» على مستوى حجب أعداد فروض المراقبة والأشغال التطبيقية - انه لا تأثير يذكر في الوقت الحاضر، مشيرا الى وجود بعض الاضطرابات في بعض المؤسسات ومؤكدا ان الوزارة تتابع يوميا الوضع بالتنسيق مع رؤساء الجامعات والعمداء والمديرين. وشدد في الوقت ذاته على أنه من الافضل إيقاف هذه التحرّكات في اقرب وقت والعودة الى الحوار والعمل التشاركي من أجل مصلحة الطلبة. هكذا إذن حال التعليم العالي الذي يعيش على وقع اضراب متواصل منذ اكثر من شهرين واعتصام تم تعليقه دون أن يعني ذلك إلغاءه. وحتى في حال التزام سلطة الاشراف بتطبيق كامل بنود الاتفاق مع الجامعة العامة للتعليم العالي، فإن التصعيد سيكون سيد الموقف وبأكثر حدة في قادم الايام من قبل نقابة «إجابة» للاسباب التي تم ذكرها سابقا... ليبقى الطالب وحده يدفع ثمن اختلافات لا ناقة له فيها ولا جمل...