في جزء من الحديث الذي أدلى به رئيس الدولة الباجي قائد السبسي الى صحيفة العرب اشار الى أن سوريا والمصالحة العربية العربية من اولويات القمة العربية التي تعقد في تونس خلال اسابيع.. الا أن ما صدر عن رئيس الدولة لا يمكن اعتباره جوابا قاطعا باتجاه عودة دمشق التي تظل والكلام له مرتبطة بالاجماع العربي والقرار الذي ستتخذه الجامعة العربية «بما يجعل الامر مفتوحا على كل التأويلات بالنظر الى الانقسام الحاصل بين الدول العربية بشأن هذه العودة التي لا تزال تثير الكثير من الجدل.. ولا يبدو ان قرار دولة الامارات اعادة فتح سفارتها في دمشق يمكن أن يعكس موقفا موحدا لدول مجلس التعاون التي تعيش أزمة معقدة منذ حصار قطر بسبب التقارب مع ايران... والمثير أن سوريا التي باتت قبلة بعض الزعماء العرب حيث نزل عليها الرئيس السوداني عمر البشير في اول زيارة رسمية الى هذا البلد لرئيس عربي بات يواجه بدوره تحركات الشارع السوداني المطالب بالكرامة والعدالة ورفع الظلم والفساد, ظلت صامتة ولم تعلن عن موقف ازاء هذه العودة المحتملة التي تدفع اليها روسيا بوضوح.. وفي انتظار زيارات مرتقبة للرئيس الموريتاني الى دمشق خلال الايام القادمة وربما للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لا يبدو أن بوصلة جامعة الدول العربية تتجه الى خيار محدد... الا أن بعض الاشارات باتت تدفع الى الاعتقاد أن استعادة سوريا مقعدها الخالي في الجامعة العربية قد يكون اقترب وحتى ان حدث فقد لا يكون حضور الرئيس الحالي بشار الاسد بالامر الحاصل وربما يكون الحضور مرتبطا بوزير الخارجية وليد المعلم.. ومن بين هذه الاشارات اقدام الاردن على توجيد دعوة رسمية الى سوريا لحضور اشغال اتحاد البرلمانات العربية الذي كان رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة أعلنه الاحد الماضي بتوجيه دعوة الى رئيس مجلس الشعب السوري حمودة صباغ الذي سيعقد في العاصمة الاردنيةعمان في مارس المقبل قبل انعقاد قمة تونس. وجاءت الدعوة بعد اعلان الاردن التي اعادت نهاية العام الماضي فتح حدودها البرية مع دمشق تعيين قائم بالأعمال جديد برتبة مستشار في سفارة المملكة لدى سوريا. وهو ما يعني ضمنيا أن الاردن قد تلقت الضوء الاخضر من الرياض لتخطو مثل هذه الخطوة تمهيدا لعودة سوريا المرجحة الى الجامعة علما وان المملكة الى جانب الجزائر من الدول العربية القليلة التي ابقت على خط التواصل مع سوريا بعد اندلاع الصراع في هذا البلد في 2011.. ليس سرا أن قرار تجميد عضوية سوريا خرج من تونس بعد لقاء جمع في حينه ما عرف باصدقاء سوريا بحضور هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية.. وكانت كل التوقعات تشير في حينه الى أن نظام الاسد سيسقط خلال شهرين على اكثر تقدير وهو ما توقعه الرئيس الامريكي السابق اوباما وأكده الرئيس الفرنسي السابق هولاند في اكثر من مناسبة وغيرهما قبل دخول موسكو على خط الازمة السورية الى جانب ايران وحزب الله مع ظهور وانتشار تنظيم»داعش» الارهابي وتتحول سوريا لاحقا الى ارض مفتوحة لعديد القوى الاقليمية والدولية فضلا عن الحركات الارهابية والجماعات المسلحة وفيما ينحصر خطر هذه الجماعات ويزول خطر التهديد الارهابي يبدو أن الجيش السوري يحقق تقدما ميدانيا مهما ويعيد سيطرته على جزء مهم من التراب السوري المستباح من قوات الاحتلال الاسرائيلي وغيرها من القوى والشبكات الارهابية.. ومع بدء العد التنازلي لقمة تونس نهاية شهر مارس القادم والتي سيتعين على بلادنا تفادي تكرار السيناريو الذي رافق قمة بيروت الاقتصادية يبقى السؤال الاهم لا ما اذا ستسجل قمة تونس عودة دمشق الى الجامعة العربية فهذه مسألة محسومة حتى وان تأجلت وسوريا لا يمكن الا ان تكون جزءا من الخارطة العربية الملتهبة التي تحتاج الى اطفاء كل النيران التي تاكلها ولكن الاهم من كل ذلك هل يمكن أن نأمل في صحوة للضمائر المجمدة والعقول التي أكلها الصدأ لوقف النزيف الحاصل للاوطان والاجيال التي لم تعرف غير الدماء والحروب والصراعات والضياع...