تحيي تونس، اليوم 6 فيفري 2019، الذكرى السادسة لاغتيال شكري بلعيد، في عملية هي الأولى من نوعها في التاريخ الحديث لتونس، بعد اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد عام 1952 على أيدي «اليد الحمراء»، والتي شكلت تحولا كبيرا في المشهد السياسي في البلاد ومثلت الطلقات التي اخترقت جسد الشهيد نواقيس الخطر التي انتبه إليها الأغلبية لوقف تمدد التطرف الإرهابي في البلاد والذي وجد ما بعد الثورة كل التسهيلات ليتغلغل في البلاد ويجد لنفسه مكانة في العلن. اغتيال بلعيد، حرك الشارع والنخب السياسية والمجتمع المدني ضد حكم الإسلاميين، مما أدى إلى استقالة رئيس الحكومة وقتها حمادي الجبالي لتتحول القيادة ورئاسة الحكومة إلى علي العريض الذي كان يشغل خطة وزير الداخلية زمن الاغتيال. واليوم وبعد 6 سنوات على هذه الجريمة، ما زال الملف بين أيدي العدالة دون تحقيق نتيجة تذكر رغم أن عديد الملفات ذات العلاقة تكشف في كل مرة حقائق يمكن أن تكون أدلة أو بداية حجة على تورط جهات بعينها في هذه العملية الدنيئة التي ذهب ضحيتها أحد أبرز السياسيين وأشرسهم دفاعا عن الوطن وعن مدنية الدولة التي اعتبرها وقتها مهددة في ظل تحالف حكومي بقيادة حركة النهضة. ملف اغتيال شكري بلعيد ومن بعده اغتيال محمد البراهمي، يبقى إلى حد اليوم من بين أكبر الملفات التي يطالب الشعب التونسي بكشف الستار عنها وكشف حقيقتها خاصة بعد تعهد الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي بكشف حقيقة الاغتيالات وكشف الجناة وكشف من قتل ومن موّل ومن خطط ومن أعطى الأوامر.. تعهد الرئيس، لم يتحقق والحقائق لم تظهر والملف تحول إلى ورقة سياسية يستغلها البعض ضد البعض، وورقة ضغط يلوح بها من يملك الحقيقة، تقابلها ورقات مضادة تستعمل لكي لا تظهر الحقيقة.. ليبقى الشعب وطيلة السنوات الست الماضية وربما لسنوات أخرى قد تطول، في انتظار هذه الحقيقة التي ارتبطت بملفات أخرى لا تقل خطورة يطالب الشعب بتوضيحها وتفعيل دور العدالة فيها على غرار ما سمي بملف «الجهاز السرّي لحركة النهضة» الذي تحدّثت عنه هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، وكذلك ما عرف ب»الغرفة السوداء» في وزارة الداخلية وملف مصطفى خضر، وهي كلها ملفات متشابكة وترتبط ببعضها البعض وتصب كلها في ملف الاغتيالات الذي ضاع أو أريد له أن يبقى في رفوف مكاتب حكام التحقيق دون فائدة بسبب تداخل السياسي بالقضائي بشكل واضح وفاضح. السنوات تمر لكن الشعب التونسي لم ولن ينسى بلعيد والبراهمي وسيبقى في انتظار الكشف الرسمي القضائي والسياسي عن خيوط الجريمتين.. وكشف الحقيقة التي نعرفها جميعا.. لكن البعض يرغب في حجبها، والأكيد أن هذا الحجب لن يطول أكثر.