"ليس الرقص فن للتسلية فقط كما هو شائع من منظور عام، وليس الرقص هواية أو ممارسة اجتماعية فحسب، وإنما الرقص هو مهنة". بهذه الكلمات أعلنت مديرة الدورة الثانية لأيام قرطاج الكوريغرافية مريم قلوز، مساء الجمعة بمسرح الأبرا بمدينة الثقافة، عن انطلاق فعاليات الأيام، وذلك بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين وعدد كبير من ممارسي فن الرقص. وشدّدت مديرة الأيام، في كلمتها، على أن التصوّر الفني لهذا المهرجان قائم على التأكيد على أن الرقص هو مهنة. ووصفت إحداث مهرجان يُعنى بالكوريغرافيا بتمويل من الدولة بالخطوة التاريخية في تونس وفي العالم العربي، واعتراف من الدولة بالرقص كمهنة وفن كغيره من الفنون. وتحدّثت مريم قلوز عن تميّز هذه الدورة بحضور عربي مهم، إذ سجّلت مشاركات من تونس وفلسطين والجزائر والمغرب ومصر وسوريا ولبنان، معتبرة أن أيام قرطاج الكوريغرافية باتت تمثّل شبكة للتواصل بين الفنانين العرب وتثمين للإبداع الكوريغرافي العربي. وعن شعار هذه الدورة الثانية للأيام التي تحمل عنوان "لا رقص دون كرامة الجسد"، بيّنت مريم قلوز أن "الجسد بما هو أداة للرقص يقتضي منا احترام الفنان الراقص وتوفير الإمكانيات الضرورية له لمساعدته على الإبداع والتعبير الفني الحر". وختمت كلمتها بالحديث عن الصعوبات التي تعترض الفنان الراقص في العالمين العربي والإفريقي في ممارسة مهنته، ذكرت منها محدودية الإمكانيات المالية للسفر و"الإهانات التي يتعرّض إليها والتي تنتهك كرامته الجسدية"، وفق تعبيرها. وذكّرت الهيئة المديرة للأيام ببرمجة 37 عرضا كوريغرافيا منها 15 عرضا تونسيا و22 عرضا أجنبيا. وستتوزع العروض على فضاءات مدينة الثقافة ومسرح الحمراء وقاعة الفن الرابع ومسرح الريو. وتابع الحاضرون خلال الافتتاح الرسمي للدورة الثانية لأيام قرطاج الكوريغرافية، عرضا بعنوان "ملكة الدم"، وهو عمل من إخراج الكوريغراف الفرنسي "عصمان سي"، وفيه يستكشف الطاقات والحركات النسائيّة لراقصات "برادوكس سال" اللاتي أطلقن براعتهن الفنيّة في هذا العرض الذي بناه المخرج من رحم مسيرتهن وتجربتهن الشخصيّة. وكان الافتتاح الرسمي مسبوقا بعرضين: حمل الأول عنوان "قوة آبل" للراقصة التونسية أميمة المناعي. وتم تقديمه بقاعة الفن الرابع. وتطرّقت صاحبة هذا العمل إلى تأثير التكنولوجيا على مستخدميها، حيث أضحى الافتراضي أكثر أهميّة من الواقعي، وتحوّل إلى هاجس يسافر بالفنّ من خلال هذه التساؤلات حول الواقع و"الفنتازماغوريا" داخل الحلم والخيال، في حين تجعل التكنولوجيا المستخدم يهرب من الواقع وتقلل من مساحة خياله وقدراته الإبداعية. أما العرض الثاني، فتم تقديمه بمسرح المبدعين الشبان بمدينة الثقافة، وهو عرض بعنوان "دون خسائر" للكوريغراف المصري محمد فؤاد، أثار فيه جملة من التناقضات المتعلقة بفن الأداء وتحوّل دور الفنان من الأداء كفعل جوهري فردي إلى سلعة يستهلكها الجمهور. تجدر الإشارة إلى أن الدورة الثانية لأيام قرطاج الكوريغرافية تقام من 14 إلى 20 جوان، تحت شعار "لا رقص دون كرامة الجسد".