دخلت «الجبهة الشعبية» في تونس مرحلة الموت السريري، حيث تواصلت معركة التمثيل القانوني بين حزبي العمال والوطد، في ظل الحديث عن إمكانية مشاركة مكونات الجبهة في الانتخابات البرلمانية، معتمدين على أحزابهم «الصغيرة» التي لا تحظى بشعبية كبيرة، مع تأكيد حزب الوطد إمكانية التحالف مع أطراف أخرى (غير يسارية)على غرار الشخصيات الشابة والمستقلة وبعض قيادات المجتمع المدني. وأصدر حزب العمال بياناً جدد فيه «التمسك بالجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة، إطاراً سياسياً وتنظيمياً مناضلاً ومنحازاً للشعب ومعادياً للتحالف الطبقي والسياسي الرجعي الحاكم بفرعيه، الحداثوي والظلامي»، مديناً «مساعي الإجهاز على الجبهة من قِبل التوجّه الأقلي المهادن (حزب الوطد وشركائه) الذي فكّك كتلة الجبهة في البرلمان ويسعى الآن إلى الاستيلاء على تمثيلها القانوني بما لا يخدم خطّها المستقل باعتبارها رافعة للمشروع الوطني الديمقراطي الشعبي». كما دعا «مناضلات الحزب ومناضليه إلى التجنّد للاستحقاق الانتخابي بمعيّة رفيقاتهم ورفاقهم من مكوّنات الجبهة الشعبية الأخرى، واتّخاذ كلّ الإجراءات ووضع كلّ إمكانيات الحزب ومنظماته البشرية والمادية على ذمّة قائمات الجبهة ومرشحاتها ومرشحيها، والاستعداد لهذا الاستحقاق دفاعاً عن الخط الثوري والبديل الاجتماعي الشعبي ضدّ المافيات والعصابات المحلية والأجنبية التي تنهب تونس وتريد مواصلة التحكم فيها». فيما قال القيادي في حزب الوطد (الوطنيين الديمقراطيين) ونائب رئيس الكتلة البرلمانية الجديدة للجبهة الشعبية، أيمن العلوي، إن من الوارد دخول الانتخابات القادمة باسم آخر غير الجبهة الشعبية، مشيراً إلى أن «مكونات الجبهة الشعبية في حال انعقاد دائم، وفي الوقت المناسب سيتم الإعلان عن تحديثها لأرضيتها السياسية وسيتم الإعلان عن الرزنامة السياسية بكل التفاصيل». وأشار إلى إمكانية توسيع الجبهة الشعبية لتشكل شخصيات غير يسارية، على غرار القيادات الشابة والمستقلة والفاعلون في المجتمع المدني. فيما اتهم أحمد الصديق، رئيس حزب الطليعة، حمّة الهمّامي، الناطق باسم الجبهة الشعبية، مسؤولية تفكيك الجبهة «لاتخاذه توجّهاً إقصائياً وتدميرياً»، مشيراً إلى أن الهمامي «تعامل مع مكونات الجبهة بتجاهل وإقصاء وهو يتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية في تفكك الجبهة الشعبية. اليوم لم يعد هناك جبهة شعبية، بل هناك تكتّل بين حزبين هما حزب العمال والتيار الشعبي، وثمة برشة خور لا يطاق». وكان حزب الطليعة أعلن في بيان سابق «انتهاء مرحلة مهمة من النضال السياسي التقدمي المشترك برغم كل النقائص والسلبيات التي عرفتها، وذلك بانتهاء الجبهة الشعبية بالصيغة التي تأسست بها والتوازنات التي قامت عليها والآفاق التي رسمت لها وحتى بالمعاني التي انطوت عليها أرضيتها السياسية». وتسبب الصراع المتواصل بين حزبي العمال والوطنيين الديمقراطيين الموحّد (الوطد)، حول كرسي الرئاسة، باستقالة 9 نواب من كتلة الجبهة الشعبية، وهو ما أدى لاحقاً إلى حل هذه الكتلة وفقدان الجبهة لتمثيلها النيابي، قبل أن يقوم حزب الوطد بتشكيل كتلة برلمانة جديدة تحمل اسم «الجبهة الشعبية» يرأسها النائب هيكل بلقاسم، وتضم نواب الوطد وحلفاءهم داخل الجبهة. وكان منجي الرحوي، النائب والقيادي في حزب الوطد، أكد أن حزبه سيقاضي حمة الهمّامي بتهمة «الاستيلاء على شعار الجبهة»، مضيفاً: «نحن جاهزون لخوض كل المعارك القانونية (…) المعركة سياسية ولا نريدها في هذا المستوى، لكنهم قاموا بجرنا لها. ونحن لها». فيما أكد زهير حمدي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، أن القضاء التونسي أنصف بقية مكونات الجبهة (حزبي العمال والتيار الشعبي وحلفاءهما) ومكنهما من تقديم قائمات انتخابية باسم الجبهة الشعبية في الانتخابات البرلمانية المُقبلة، مشيراً إلى وجود حكم قضاء صادر عن المحكمة الإدارية في ولاية بنزرت (شمال) «سيغلق الجدال القانوني والقضائي والسياسي القائم بين ما بقي في الجبهة الشعبية ومن خرج منها».