* هل للطبيعة دور في تغيير مزاج التونسيين ليثوروا على واقعهم في جانفي بالذات؟ * كلمة بورقيبة السحرية "نرجعو كيف ما كنا قبل الزيادات" أبرزت تسامح التونسيين حتى مع جلاديهم تونس – الصباح نظم نادي مصطفى الفارسي للإبداع بالاشتراك مع المكتبة الجهوية متعددة الوسائط بأريانة "عشوية ثقافية " قدم خلالها الكاتب المنصف بالحولة معرضا وثائقيا ومجموعة من الصور ومحاضرة حول احداث 26 جانفي 1978 من خلال كتابه " الحقائق المخفية في التاريخ المعاصر للاتحاد العام التونسي للشغل"، وذلك يوم 24 جانفي 2020 ويتفق هذا التاريخ مع اعدام قائد المقاومة لزهر الشرايطي سنة 1963 الذي حظي بجزء من اهتمام المحاضر ومن حضروا الجلسة. وقد أكد المنصف بالحولة خلال محاضرته على ان شهر جانفي له طابع خاص سجلت خلاله احداث هامة ساهمت في تغيير الأوضاع في البلاد التونسية وقد تساءل في بداية حديثه عما اذا كان للطبيعة دور في تغيير مزاج التونسيين ليثوروا على واقعهم . ثم بدا باستعراض اهم الاحداث التي شهدها شهر جانفي منذ يوم 24 جانفي 1846 عندما حرر المشير احمد باي العبيد ومنع الرق في تونس مرورا بيوم 18 جانفي 1952 تاريخ اندلاع الثورة التونسية ضد الاستعمار التونسي بعد اعتقال بورقيبة وتولي فرحات حشاد قيادة الحزب والاتحاد . وبيوم 24 جانفي 1963 تاريخ اعدام قائد المقاومة لزهر الشرايطي ورفاقه بتهمة محاولة الانقلاب على الرئيس بورقيبة ومضايقة كل من لم يكن في نفس خط بورقيبة الذي نسب كل النضال لنفسه وجحد تضحيات لكل المقاومين . لا أحد يعرف العدد الحقيقي لشهداء 26 جانفي 1978 ثم تحدث بالحولة عن 12 جانفي 1974 تاريخ الوحدة مع ليبيا والتي اجهضها الهادي نويرة ورفاقه من الفرنكفونيين ومن بينهم الباجي قائد السبسي. وعن احداث 26 جانفي 1978 التي سماها النظام ب"الخميس الأسود " قال انها جاءت على اثر الاضراب العام الذي اقره الاتحاد العام التونسي للشغل وسقط فيه ما يزيد عن 300 شهيد ولكن الحكومة آنذاك لم تعترف الا ب45 شهيدا و375 جريحا - وهنا وضّح بالحولة انه يوجد من يقول ان عدد الشهداء بلغ او تجاوز 700 شهيد وانه لا احد يعرف حقيقة العدد الى يومنا هذا - ثم جاءت احداث قفصة المسلحة سنة 1980 وفي هذه الاحداث سبق للمنصف بالحولة ان الف كتابا بعنوان " شهادة للتاريخ عن احداث قفصة المسلحة سنة 1980 " صدر سنة 2014 شرح فيه الحقائق والملابسات والعلاقات الجيوسياسي بين تونس وليبيا وتونس والجزائر وثورة المقامين التونسيين عن طريق الجبهة القومية التقدمية لتحرير تونس المقيمة بليبيا. ثم ذكر احداث الخبز 4 جانفي 1984 والتي انطلقت من مدينة قبلي في أواخر ديسمبر 1983 ثم لحقتها قفصة في 30 ديسمبر 1983 لتعم كامل البلاد التونسية في 4 جانفي 1984 وقال في تصريح خص به الصباح :" كانت حكمة الرئيس بورقيبة في الخطاب الذي وجهه للشعب التونسي وفي عبارة " نرجعو كيف ما كنا قبل الزيادات" هذه الجملة ساهمت في تهدئة الخواطر واصبح المواطنون الذين نادوا بأسقاطه ينادون بحياته وهذا ما يبرز تسامح التونسيين حتى امام جلاديهم. " تاريخ احداث ثورة الكرامة والحرية يوم 14 جانفي 2011 التي سقطت بعدها منظومة الفساد يؤكد كلام المنصف بالحولة بان هذا الشهر طبع الشعب التونسي مما يحتم على المختصين في علم النفس والاجتماع البحث لإجابة عن تأثيراته على الشعب التونسي . اطنب بالحولة خلال الجلسة في الحديث عن الملابسات والأسباب التي أدت الى احداث 26 جانفي 1978 بتفاصيلها ونتائجها من وجهة نظره معتمدا على ما كتبه في كتابه الثاني " الحقائق المخفية في التاريخ المعاصر للاتحاد العام التونسي للشغل " الذي صدر في الذكرى السبعين لتأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل 20 جانفي سنة 2016 على حسابه الخاص رغبة منه في انارة للراي العام بالحقائق ومساهمة منه في إعادة كتابة التاريخ بالاعتماد على شهادات حية باعتبار انه عايش اغلبية المحطات التاريخية التي مر بها الاتحاد العام التونسي للشغل من مقاومة الاستعمار الى جائزة نوبل للسلام مبرزا الدور الذي لعبه الاتحاد ورجالاته في المقاومة وفي بناء دولة الاستقلال ومعركة البناء والتشييد الذي قابله بعض صقور الحزب الاشتراكي الدستوري بالجفاء وخلقوا أزمات للاتحاد في كل عشرية في الخمسينات والستينات ( سجن الحبيب عاشور بتهمة كيدية بافتعال حريق في اللود الرابط بين صفاقس و قرقنة ومات فيها سائح اجنبي ) والسبعينات والثمانينات حيث تم الاستيلاء على الاتحاد العام التونسي للشغل لفائدة من سماهم مزالي " الشرفاء " وهم ليسوا كذلك لانهم حسب راي صرّح به المنصف بالحولة " للصباح " : "ارتكبوا جرما لا يغتفر بالتفريط في ارشيفات الاتحاد العام التونسي للشغل ببيعها الى اكشاك الفواكه الجافة وهو ما دفعني لتأليف كتابي الثاني " الحقائق المخفية في التاريخ المعاصر للاتحاد العام التونسي للشغل "ليبقى للراي العام وللمختصين في كتابة التاريخ والطلبة وشباب المستقبل ليعرفوا دور الاتحاد الإيجابي وكذلك القيادات التي قادته ايجابيا وسلبيا ؟" " تنمية أسرع وتوزيع أعدل" برنامج حزب وليس برنامج نقابة وبعد ان استعرض الاحداث كما وقعت منذ 1977 – من وجهة نظره - بين الاتحاد والحزب الحاكم عرّج بالحولة على بداية الازمة بين الحبيب عاشور والهادي نويرة وصقور الحزب ومن بينهم محمد الصياح وقال انها عرفت اوجها بعد ان صادق الاتحاد العام التونسي للشغل في مؤتمره 14 على فصل المسؤولية النقابية على المسؤولية الحزبية وصدور الوثيقة بعنوان " تنمية اسرع وتوزيع اعدل" والتي اعتبرها الحزب برنامج حزب وليست برنامج نقابة لان الاتحاد ابدى فيها رايه في كل المسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية بالبلاد في 21 فصلا ووصف الكاتب المنصف بالحولة الوثيقة " بالفأس الى وقعت على الراس " وادت الى خلق الازمات للاتحاد والى الاعتداء على النقابيين وسجنهم ووضح "للصباح" ان الحزب الحاكم والنظام اختارا وقتها المكابرة لعدم الوصول الى حل توافقي رغم الوساطات التي قادها الزعيم ياسر عرفات والأمين العام للكنفيدرالية العالمية للنقابات اوتو كريستن وارتكبت الجريمة يوم 26 جانفي 1978 وتم سجن القيادة النقابية ليتم اطلاق سراحهم بعد احداث قفصة 1980 كما برّأت المحكمة الإدارية في التسعينات الاتحاد العام التونسي للشغل من المسؤولية ما جرى سنة 1978 . ما سبق من كلام ومواقف المحاضر وشهاداته صادق واثنى عليه اغلبية الحضور ولكنه اثار أيضا حفيظة بعض من ارادوا توضيح بعض المسائل التي بقيت عالقة في الاذهان ورغبت " الصباح " في معرفة القول الفصل فيها لان رواية المناضل علي بن سالم تختلف عن رواية المنصف بالحولة في خصوص بعض تفاصيل اعدام لزهر الشرايطي فأفادنا المنصف بالحولة بانه سجن مع الشيخ العربي العكرمي الذي كان محكوما ب20 سنة اشغالا شاقة سنة 1963 وقال بالحولة : " روى لي الشيخ العربي العكرمي ادق تفاصيل الحكاية وقد عاشها حقيقة على خلاف المناضل علي بن سالم الذي كان وقتها مسجونا ولا علم له ببعض التفاصيل على خلاف الشيح العكرمي . إضافة الى ان الكتابات تؤكد ما ذهبت اليه ." وفي خصوص العلاقة التي كانت متوترة بين الحبيب عاشور والهادي نويرة بيّن المنصف بالحولة ان الصراع بينهما لم يكن صراع الطبقات الضعيفة مع الغنية وبين المحاضر بان الاحداث التي وقعت والتي ذكر بعضها انه صراع من اجل حقوق العمال واستقلالية القرار والعمل النقابي وليس صراعا شخصيا وهو موجود فقط في اذهان من يرغبون تغطية الحقائق التي ذكرها في كتابه الصادر سنة 2016 . وفي ختام الجلسة أكد الكاتب المنصف بالحولة على ان الاتحاد سيبقى خيمة لكل التونسيين وصمام امان لحماية تونس والتونسيين ومستقبلهم. علياء بن نحيلة