التّصعيد .. والتلويح بتنفيذ اضرابات ووقفات احتجاجية مع الدخول فعليا في اضراب جوع في بعض القطاعات.. هكذا يتلخص المشهد او المناخ الاجتماعي اليوم الذي يبدو كأنه على صفيح ساخن في ظل تواصل لغة التهديد والوعيد. وضعيّة دفعت بالكثير من المتابعين للشان العام الى التاكيد بان حالة «العطالة» التي ترزح على وقعها البلاد منذ الاعلان عن تشكل حكومة الحبيب الجملي الى غاية سقوطها وتكليف الياس الفخفاخ بتشكيل حكومة جديدة قد القى بظلاله على عديد القطاعات مما جعل التصعيد هو سيد الموقف بالنظر الى ان سلطة القرار غائبة على اعتبار ان الانظار مسلطة على الحكومة القادمة التي ستتولى تسوية جميع الملفات العالقة. من هذا المنطلق قاطع امس7 آلاف استاذ نائب الدروس كخطوة تصعيدية يطالبون من خلالها وزير التربية بتسوية وضعية الاساتذة النواب لاسيما بعد تصريحاته الاخيرة والقاضية بانتداب 60 بالمائة من الاساتذة النواب و40 بالمائة من المعطلين عن العمل. تصريحات جٌوبهت بالرفض على اعتبار ان ملف الاساتذة النواب هو ملف مستقل بذاته. واورد في هذا الاطار المنسق لوطني للاساتذة النواب رمزي رحال في تصريح ل «الصباح» ان الاساتذة النواب يطالبون باتفاقية تصدر في الرائد الرسمي خلال شهر مارس القادم تقضي بانتداب كل النواب على دفعات من 2008 الى 2018 وعدا ذلك فان الأساتذة النواب سيتوخون اشكالا تصعيدية اخرى على غرار حجب الاعداد. وبالتّوازي مع ذلك فقد خاض امس عدد من أساتذة «النخبة» من حاملي الاجازة التطبيقية للتربية والتعليم معركة «الامعاء الخاوية» بعد ان اعلنت كلا من الاستاذتين سناء وسلاتي وخلود الطالبي الدخول في اضراب جوع مفتوح داخل مقر المندوبية الجهوة للتربة بالكاف –استنادا الى ما ورد في الصفحة الاجتماعية الرسمية للتنسيقية الوطنية لخريجي الاجازة التطبيقية في التربية والتعليم- هذا علاوة على مواصلتهم لقرارهم القاضي بمقاطعة الدراسة والذي يعود الى 6 جانفي الماضي الى جانب الاعتصامات التي تنفذ في مختلف المندوبيات الجهوية للتربية. وتعود حيثيات هذا التصعيد الى جملة من المطالب تنحصر اساسا في تفعيل بنود الفصل 22 والقاضي بانتداب الاساتذة من خريجي هذه الشعبة في الشغورات المراد سدها بما انهم يعتبرون من بين النخبة الذين نجحوا في بكالوريا 2016 بمعدلات مرتفعة. هذا دون التغافل عن ما يحدث في معهد ابن شرف حث مازال التصعيد سيد الموقف مما اسفر عن حرمان آلاف الطلبة من اجتياز امتحانات السداسي الاول علما ان موقع «نسمة» قد اورد أن المجلس العلمي للمعهد العالي للعلوم الانسانية بتونس ‹›إبن شرف›› المنعقد الاربعاء 29 جانفي 2020 قد عبّر عن استعداده لتحديد موعد ثالث لتنظيم امتحانات السداسي الأول لأكثر من 3000 طالب وطالبة ثم استئناف دروس السداسي الثاني. وذلك إذا توفرت ضمانات إخلاء المعهد باعتباره مركز امتحانات من كل الغرباء والمطرودين المعتصمين داخله وفك الاعتصام بالاضافة إلى تعهد جميع الأطراف عبر بيانات بعدم تعطيل الامتحانات مرة أخرى بما يعني ان الضبابية والغموض هما سيدا المشهد. وبعيدا عن الشّأن التربوي والجامعي فقد قرر الاتحاد الجهوي للشغل بتطاوين تأجيل الإضراب المزمع تنفيذه امس واليوم الثلاثاء 11 فيفري الجاري في حقلي نوارة والواجهة التابعين لشركة OMV البترولية النمساوية وذلك إلى يومي 17 و18 فيفري الجاري، وجاء هذا القرار بعد تلقي الاتحاد الجهوي دعوة من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية الى عقد جلسة صلحية جديدة يوم الخميس 13فيفري الجاري بمقرها لمحاولة ايجاد الحلول المجزية لكل الاطراف ولاسيما المطالب التي تقدمت بها النقابة الاساسية لاعوان شركة OMV واطاراتها في حقلي نوارة والواحة حسب ما جاء في بلاغ تاجيل الاضراب الذي تلقى مراسل وات نسخة منه وفقا لما نقلته وات امس. من جانب اخر فقد قرّر الاتحاد التونسي للتاكسي الفردي تنفيذ إضراب عن العمل في ال24 من شهر فيفري الجاري. وقال الأمين العام للاتحاد فوزي الخبوشي مؤخرا في تصريح لاذعة «موزاييك اف ام» إنّ هذا الإضراب يأتي للمطالبة بالحد من التطبيقات والشركات المتدخّلة في قطاع النقل هذا الى جانب تفعيل الاتفاقيات القديمة ولعلّ أهمها مراجعة التعريفة ومنظومة التأمين. هكذا يلوٌح المناخ الاجتماعي في قادم الايام، مناخا متوترا ومتأزما وقابلا للتصعيد اكثر، بما يؤشر الى القول بان الوضعية تحتاج واكثر من اي وقت مضى الى «اذابة الجليد» والى الانكباب جديا على معالجة وتسوية جميع الملفات والاتفاقيات العالقة وعدا ذلك فان بقاء دار لقمان على حالها من شانه ان يُؤزّم الوضع اكثر وان يدفع باتجاه التصعيد الذي قد لا يحمد عقباه. منال حرزي