وزارة التعليم العالى تطلق مكتبة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي    الديبلوماسية التونسية تحتفل بيومها الوطني : التاريخ .. المبادئ .. الأهداف    عاجل/ الجيش الاسرائيلي يعلن إنتشاره في جنوب سوريا    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    سوسة: القبض على شخص مصنف خطير وحجز مواد مخدرة    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    استعدادا لعيد الإضحى المبارك وزارة الفلاحة توصي بتلقيح الحيوانات وتأمين أضاحي سليمة    دراسة جديدة: الشباب يفتقر للسعادة ويفضلون الاتصال بالواقع الافتراضي    البطولة العربية للرماية بالقوس والسهم - تونس تنهي مشاركتها في المركز الخامس برصيد 9 ميداليات    عاجل/ البحر يلفظ جثثا في صفاقس    شبهات فساد: قرار قضائي في حق وديع الجريء ومسؤولين آخرين.. #خبر_عاجل    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    عاجل/ ضحايا المجاعة في ارتفاع: استشهاد طفلة جوعا في غزة    الحكومة الإيرانية: نخوض المفاوضات مع واشنطن لأننا لا نرغب في نزاع جديد بالمنطقة    المأساة متواصلة: ولادة طفلة "بلا دماغ" في غزة!!    سيدي بوزيد: انقطاع الكهرباء في هذه المناطق    وفاة وليد مصطفى زوج كارول سماحة    بطولة الكويت : الدولي التونسي طه ياسين الخنيسي هداف مع فريقه الكويت    جندوبة: استعدادات لانجاح الموسم السياحي    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    التلفزيون الجزائري يهاجم الإمارات ويتوعدها ب"ردّ الصاع صاعين"    الولايات المتحدة توافق على بيع صواريخ بقيمة 3.5 مليار دولار للسعودية    السلطات الجزائرية توقف بث قناة تلفزيونية لمدة عشرة أيام    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    افتتاح مهرجان ربيع الفنون الدّولي بالقيروان    سعيّد يُسدي تعليماته بإيجاد حلول عاجلة للمنشآت المُهمّشة    الهند تحظر واردات كافة السلع من باكستان    التوقعات الجوية لليوم السبت    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    تحسّن وضعية السدود    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    البنك المركزي التونسي: معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية يستقر في حدود 7،50 بالمائة في أفريل 2025    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إجماع المنظمات الوطنية والحقوقية على رفضه: مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح ينسف مكاسب الثورة
نشر في الصباح يوم 12 - 03 - 2020

- سمير الشفي: نرفض المساس بالحقوق والحريات العامة والفردية
- ابراهيم بودربالة: مشروع القانون يتعارض مع الدستور
- ناجي البغوري: المشروع يعد انقلابا على المسار الديمقراطي
- أنس الحمادي:لا يوجد مثيل لما جاء في مشروع القانون حتى في أعتى الدكتاتوريات
عقدت لجنة التشريع العام طيلة أمس بقصر باردو جلسات استماع إلى ممثلين عن منظمات وجمعيات المجتمع المدني حول مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح، وكان هناك إجماع على رفض تلك الصيغة المقدمة من قبل الحكومة سنة 2015 وهي الصيغة المحالة على البرلمان والتي طلبت الحكومة، حكومة الشاهد، استعجال النظر فيها. وخلال النقاش أبدى النواب اعتراضا على مضامين هذا المشروع وشددوا على ضرورة إدخال تعديلات جوهرية عليه لأنه ينسف الحقوق والحريات ولأنه خطير على الجميع بمن فيهم الأمنيين أنفسهم، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك واقترح تكوين لجنة مشتركة بين البرلمان ووزارة الداخلية والنقابات الأمنية والاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين وجميع الجمعيات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان على أن تتولى هذه اللجنة صياغة مشروع قانون بديل يحترم التوازن بين الحقوق والحريات الفردية والعامة وبين حماية القوات الحاملة للسلاح وذويهم، ويحترم مبدأ التناسب بين الفعل المجرم وبين العقوبة وفسر النواب أن مشروع القانون ملغم وأن المطلوب من اللجنة إزالة كل الألغام الموجودة بين أسطره.
لا للمساس بالحقوق والحريات
وقد بين سمير الشفي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل أن الاتحاد مثل بقية مكونات المجتمع المدني معني بمشاريع القوانين المتعلقة بالشأن العام خاصة إذا كان يمس بسلامة وبحماية قطاع مهم في تونس وهو القطاع الأمني، وعبر عن استعداد الاتحاد للتفاعل ايجابيا مع اللجنة رغبة منه في سن قانون تراعى فيه حماية القوات الأمنية في فترة تتميز ببروز خلايا إرهابية وبؤر في تونس خاصة وأن المؤسستين الأمنية والعسكرية قدمتا عددا كبيرا من الشهداء. وأضاف أن الأمنيين المتقدمين في الخطوط الأمامية لمقاومة كل أشكال الاعتداءات والإرهاب المسلط على المؤسسات والأفراد والنشطاء والأحزاب لا بد من حمايتهم. وذكر أن القوانين الموجودة لا تحمي الأمنيين ولا تؤمن لأسرهم وأبنائهم مقومات الحياة الكريمة في صورة تعرضهم إلى مضرة، وهو ما يتطلب حسب الشفي تعديل مشروع القانون في اتجاه إيجاد أحكام تحمي الأمنيين وأسرهم، ولم يخف الأمين العام المساعد للمنظمة الشغيلة قلق المنظمة من أن يتحول هذا المشروع كما ورد في صيغته الحالية إلى وسيلة للمساس بالحقوق والحريات الفردية، وهو ما يتعارض مع الاتفاقيات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور.
وأفاد الشفي أنه سبق للإتحاد منذ سنتين أن نظم ندوات شاركت فيها جمعيات حقوقية ونقابات أمنية وذلك اقتناعا منه بأن تونس في حاجة إلى قوانين توفق بين الحاجيات والحقوق القطاعية ومنها القطاع الأمني من جهة، وبين الثوابت التي تبنى عليها الدولة المدنية الديمقراطية بما لا يؤدي إلى المساس بالحريات العامة والفردية من جهة أخرى. وأشار الأمين العام المساعد للإتحاد العام التونسي للشغل إلى أن مشروع القانون تسبب في جدل كبير سنة 2016 وتحول هذا الجدل إلى تشنج عديد القطاعات.. وفسر أن هناك قطاعات واسعة من صحفيين وحقوقيين ونقابيين وقوى ديمقراطية عبرت عن مخاوفها من أن يكون مشروع القانون مدخلا لسحب كل الحقوق والحريات التي تحققت في البلاد بعد الثروة من حرية تظاهر وحرية إعلام وتعبير وحق نفاذ إلى المعلومة وغيرها. وذكر الشفي أن الحوار الجاد الذي تم حول المشروع ومسار ترسيخ الديمقراطية والأمن الجمهوري أدى إلى الحد من ذلك التشنج الذي اتسمت به فترة تقديم المشروع، وبين أن المقارنات النقدية للمشروع كانت بهدف تحقيق السلامة للأمنيين وضمان حقوقهم وذلك دون المساس بالحريات العامة والفردية.
وفي نفس السياق قدم عبد السلام النصيري المستشار القانوني للاتحاد والنقابي بكلية الحقوق دراسة مفصلة لمشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح، واستعرض مآخذ الاتحاد عليه.. ولئن أكد ممثل الاتحاد على حق الأمني في التمتع بالحماية اللازمة لحياته وسلامته البدنية والمعنوية والحد من الأخطار التي تلحقه في شخصه أو تلحق ذويه فقد شدد على وجوب ألا تمس أحكام المشروع بجميع الحقوق والحريات الفردية والعامة المكفولة بالدستور وبالاتفاقيات الدولية وخاصة حرية التعبير وإبداء الرأي وحق النفاذ للمعلومة والحصول عليها ونشرها للعموم، وفسر أن الحماية المطلوبة يجب ألا تكون ذريعة للتضييق على الجمعيات والمنظمات وعلى الاحتجاج السلمي.. ولاحظ أن المشروع في نسخته الأصلية قاصر على تحقيق التوازن الضروري لحماية الأمنيين وضمان الحقوق والحريات، إذ نص على عقوبات تصل الى خمس سنوات سجنا اضافة الى الغرامة المالية تسلط على من يفشون أسرار الأمن الوطني، وهو ما يتعارض مع التزام تونس الدولي بحماية حق التعبير والوصول للمعلومة وفسر انه من حق السلطات تقييم كيفية تداول المعطيات الأمنية لكن التعريف الفضفاض الوارد في المشروع يسمح للسلطات بتوجيه الاتهام لكل من يقدم معلومة تتعلق بالحكومة. وعبر المستشار القانوني للاتحاد عن تحفظه على مصطلح التحقير لأنه يتعارض مع ضمانات حرية التعبير وإضافة إلى ذلك فهذه العبارة غامضة ولا تتفق مع شرعية العقوبات مثلها مثل مصطلح الإضرار بالأمن الوطني فهو بدوره فضفاضا.. وأشار إلى أن كل هذه الأحكام تتعارض مع العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، مثلما تتعارض مع الدستور خاصة ما جاء في الفصل 32 والفصل 49. ولاحظ أن الفصل 18 نص من مشروع القانون نص على زجر الاعتداءات على المنازل والعربات ومن شأن هذا الفصل أن يسمح لقوات الأمن وبترخيص من القانون بالرد بالقوة المميتة على المعتدين على الممتلكات في حين لا يتفق استخدام القوة الميتة مع الحق الدستوري في الحياة كما لا ينسجم مع معايير الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام القوة المسلحة.
ثم أن الإعفاء من المسؤولية الجزائية يمثل انحرافا بالمشروع عن المقصد المعلن وهو حماية عون الأمن من الاعتداء ليخصهم بحصانة تنتهك كل المبادئ الدستورية، وخلص النصيري إلى أنه لا يمكن أن نسمح في دولة قانون ودولة مؤسسات بتمرير قوانين تجعل فئة معينة فوق القانون وفوق المحاسبة، فهي حالة خارجة عن القانون وذكر أن اتحاد الشغل يرى أن ما شاب المشروع من إخلالات خطيرة انحرفت بالهدف المراد تحقيقه من خلاله ومثلت تلك الاخلالات تهديدا جديا للحقوق والحريات وأضاف أنه من الأسلم أن تتم إعادة صياغة المشروع باعتماد منهج تشاركي تفاعلي بين مختلف الأطراف المعنية في إطار الثقة والمسؤولية.
وتعقيبا عن سؤال حول موقف الاتحاد من مقترح القانون المقدم من قبل النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي والتي قالت إنه تم إعداده بناء على التوصيات العامة للندوة الوطنية لقانون حماية الأمنيين التي تم تنظيمها بالشراكة مع الاتحاد العام التونسي للشغل أيام 9 و10 و11 أكتوبر 2017 بالحمامات.. أجاب الشفي بمنتهى الوضوح أن الاتحاد العام التونسي للشغل لا يلتزم إلا بالمقاربة الرسمية التي قدمها أمس أمام لجنة التشريع العام وهو لن يقبل بأي نص فيه مساس بالحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور والمواثيق الدولية. وقال إن الاتحاد عبر منذ الوهلة الأولى عن رفضه المطلق تمرير قانون يقيد الحريات وينسف مكتسبات الثورة وأنه دعا إلى وضع تصور قانوني يمكن الأمنيين من حماية أنفسهم وذويهم وتجهيزاتهم ويتضمن إجراءات ذات صبغة اجتماعية لأنه من غير المقبول أن يستشهد أمني ويقع قطع صرف راتبه وما عدا ذلك فهو خارج سياق اللحظة التاريخية التي تتطلب التفكير في تثبت دعائم الأمن الجمهوري الذي يتعامل مع مجتمع متنوع متعدد بعقيدة قائمة على حماية المواطنين وعلى المساواة بين الجميع.
تهديد حرية الإعلام
ناجي البغوري رئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عبر بدوره عن رفضه مضامين مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح وبين أن النقابة متخوفة من عودة الاستبداد والدولة البوليسية وهو يرى أن هذا المشروع هو شكل من أشكال محاولات نسف المسار الديمقراطي وذكر أنه يقدر تضحيات قوات الأمن ويرى أنها في حاجة إلى الحماية لكنها ليست في حاجة إلى إفلات من العقاب وليست في حاجة إلى إجراءات استثنائية غير دستورية وإلى حصانة.. وقال النقيب:" نعم نحن نساند مطالبهم المتعلقة بالتعويضات على الأضرار وبالإحاطة الاجتماعية بعائلاتهم في حالة استشهادهم أو تعرضهم لحوادث منجرة عن الإرهاب والجريمة لكننا نرى أن البلاد ليست في حاجة إلى ما ورد في مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح، فهناك ترسانة قانونية هامة تعنى بالشأن الأمني سواء تعلق الأمر بالقانون عدد 4 لسنة 1969 المؤرخ في 27 جانفي 1969 المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ أو القانون عدد 70 لسنة المتعلق بضبط القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي أو القانون عدد 46 لسنة 2005 المتعلق بالمصادقة على إعادة تنظيم بعض أحكام المجلة الجنائية والتي تجرم هضم جانب موظف وذلك فضلا عن عديد الأوامر الأخرى المتعلقة بضبط الأنظمة الأساسية الخاصة بأعوان الأمن والشرطة والحرس الوطني والحماية المدنية والسجون والإصلاح فضلا عن المرسوم عدد 69 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية والمرسوم عدد 70 لسنة 2011 المتعلق بالنظام الأساسي العام للعسكريين".. وخلص نقيب الصحفيين إلى أن هناك ما يكفي من التشريعات الضامنة لحماية الأمنيين وقال :"بل نحن في حاجة إلى مراجعة تلك التشريعات في اتجاه دعم الأمنيين بالعتاد وفي اتجاه دعم إحساسهم بالأمن من خلال توفير التعويضات والإحاطة الاجتماعية لكن التوجه نحو سن قانون قمعي خطير جدا أمر مرفوض"..
واعتبر البغوري مشروع القانون انقلاب على مسار الديمقراطية ويشكل خطرا حقيقا على الحقوق والحريات في تونس وأضاف أنه من المفروض أن يكون هذا القانون قانونا أساسيا لأنه يتعلق بالحقوق والحريات لا قانون عادي، وأضاف أنه في صورة المصادقة عليه سينسف ثورة الشعب التونسي وكل ما تحقق بعد الثورة من مكاسب خاصة الحريات الصحفية والنفاذ إلى المعلومة ووصف العقوبات الواردة فيه بالرهيبة جدا والمبالغ فيها وعبر عن استغرابه من إثارة مشروع القانون من جديد في الظرف الراهن خاصة في ظل غياب المحكمة الدستورية وتساءل هل طلب استعجال النظر فيه يعبر عن مجرد تموقع داخل المؤسسة الأمنية من خلال استرضاء النقابات الأمنية أم هو استعداد للانقلاب ولإرساء الدولة البوليسية.
وعدد عضو المكتب التنفيذي للنقابة زياد دبار الفصول الخطيرة في مشروع القانون خاصة المتعلقة منها بإفشاء المعلومة الأمنية وذكر أنه بهذه الكيفية ستقع ملاحقة الصحفيين ومصادرهم على ابسط المعطيات التي ينشرونها وأضاف أن نظام بن علي لم يمرر مثل هذا القانون، ونبه دبار المشرعين بأنه في صورة موافقتهم على قانون يحمي قطاع معين فإنهم سيفتحون الباب لمطالبة مختلف القطاعات من صحة وتربية وغيرها بقوانين تحميهم.. وحذر دبار من الصبغة الزجرية المبالغ فيها للمشروع وذكر أنه في صورة تمريره سيقع خلق أمبراطورية أمنية داخل الدولة ووصف من اقترح القانون على تلك الصياغة بأنه شخص يكره الثورة وحرية الاختلاف والصحافة والتعبير وبين أن الصحفيين يحاكمون اليوم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب والمرسوم 115 لا يطبق لا من قبل الباحث الابتدائي أو القضاء وفي صورة تمريره سيجد الناس أنفسهم يترحمون على عهد بن علي وقال موجها كلامه للنواب: "في صورة تمريركم مشروع القانون عليكم أن تقرؤوا الفاتحة على البرلمان فالنائب الذي سيتحدث عن الرشوة في قطاع الأمن سيعتبر كلامه تحقيرا، كما أن عبارة أسرار الأمن الوطني فضفاضة وقابلة للتأويل وخلص إلى أن المشروع لا يصلح. ودعا لجنة التشريع إلى رفض المشروع".
وفي نفس السياق قال مستشار النقابة الأستاذ منذر الشارني لنواب اللجنة إنه يتمنى عدم تمرير المشروع فعنوانه يدل على انه زجري وليس حمائي وبين أن الحماية حسب الدستور هي للفئات ذات الهشاشة فهي التي تعاني من اللامساواة والظروف الصعبة اما القوات الأمنية فمن المفروض أنها هي التي تحمي الناس لا أن تقع حمايتها وعبر الشارني عن استغرابه من العقوبات المشددة الواردة في المشروع وبين أن من يلقي حجرة على عربة أمنية خلال مظاهرة يقع سجنه عشر سنوات. وبين أنه من باب المساواة بين المواطنين من المفروض أن تسلط على من يقوم بهضم جانب الموظف العمومي نفس العقوبة التي تسلط على من يعتدي على مواطن عادي وذكر أن مقترح التعويض من قبل الدولة لقوات الأمن الداخلي مقبول لكن يجب عدم التمييز بين الأمنيين وبقية المواطنين لأن غير المسلح يكون أكثر عرضه للخطر والاغتيال وبالتالي كل جريمة إرهابية او جريمة منظمة تنجم عنها وفاة من المفروض أن يتبعها تعويض للضحية أمني كان أو راعي أغنام توفي بسبب لغم موجود في الجبل. وذكر أن مشروع القانون يتميز بالقسوة في العقوبات ويضرب مبدأ المساواة بين المواطنين ويتضارب مع العديد من النصوص الأخرى وهو ينم عن رغبة في عودة الاستبداد والدكتاتورية لأنه يضرب حرية التعبير والتظاهر والتجهمر .
ونددت فوزية الغيلوفي عضوة المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين بمضامين مشروع القانون ونبهت إلى أنه سينسف قانون النفاذ إلى المعلومة وذكرت أنه في صورة تمريره على تلك الصيغة سيؤدي إلى الزج بالتونسيين في السجن وقالت :"نحن عانينا من نظام بن علي واليوم بهذا المشروع نشرع إلى دولة بوليسية إرهابية فيها قمع لحرية التعبير وأي مواطن يتخاصم مع أمني سيزج به في السجن بل يمكن أن يتعرض إلى القتل بتعلة دفاع الأمني عن نفسه". وأضافت الغيلوفي :"نحن لسنا ضد إنشاء صندوق لتعويض الأمنيين على الأضرار التي يتعرضون لها ونحن مع تحسين ظروف عملهم لكننا نرفض رفضا قاطعا المشروع ".
تعارض مع الدستور
مجلس الهيئة الوطنية للمحامين حذر بدوره من خطورة مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح وفي هذا السياق بين عميد المحامين إبراهيم بودربالة أنه يحيي المجهودات التي يقوم بها كل الذين يدافعون عن الوطن وخاصة الجيش الوطني وقوات الأمن التابعة للشرطة وللحرس الوطني والذين يتصدون إلى الهمجية التي أصبحت ظاهرة في البلاد.. وأضاف أنه يأمل في أن تكون هناك رؤية موحدة لكل القوى في مقاومة هذه الآفة.. وذكر أن القوانين المنظمة للحياة في المجتمع يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مصالح الوطن. وأضاف أنه إذ يطالب بأن تكون هناك رعاية لضحايا المؤسسة الأمنية لهم ولأزواجهم وأبنائهم لأن القوانين الحالية لا تضمن لهم الرعاية ولأنه من واجب الوطن أن يوفر هذه الرعاية لهم، لكن يجب أن تكون القوانين مدروسة باستفاضة وان لا يقع سنها نتيجة ردود أفعال عاطفية أو ردود أفعال على أحداث معينة. وأضاف بودربالة أن مجلس الهيئة يعتبر أن مشروع القانون تعتريه عدة هنات منها أنه مخالف للدستور في علاقة بمبدأ المساواة بين المواطنين والحق في الحياة والمحاكمة العادلة وحرية الإعلام والنفاذ إلى المعلومة فضلا على أنه في صياغته الحالية استعمل مفاهيم فضفاضة مثل أسرار الأمن الوطني وتحقير القوات الحاملة للسلاح.. ومن الهنات الأخرى تضمن المشروع إفلاتا من العقاب في صورة إساءة استعمال السلاح ضد المحتجين والمتظاهرين والمعبرين عن رأيهم.. وفسر العميد أن الحماية المفرطة في استعمال السلاح تعني تغطية للإفلات من العقاب في صورة سوء استعمال السلاح، وذكر أن مجلس الهيئة يعتقد أن النصوص القانونية الموجودة حاليا كافية لحماية الأمنيين ولحماية المقرات الأمنية ولحماية التجهيزات. وللحد من التجاوزات التي يمكن أن تصدر من قبل بعض الأفراد أو الاطراف والتي من شأنها ان تشكل اعتداء على الأمنين أو المؤسسات الأمنية فان المجلة الجزائية ومجلة العقوبات العسكرية توفر الحماية.. ودعا إلى توفير الرعاية اللازمة للذين تضرروا خلال القيام بواجبهم في الدفاع عن الأمن الوطني سواء من القوات الامنية او العسكرية او قوات الحرس الوطني.
قانون زجري للغاية
أنس الحمادي رئيس جمعية القضاة التونسيين أشار إلى أن مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات المسلحة مخالف لنص الدستور وبين أن الصبغة الزجرية والعقابية هي الطاغية في هذا المشروع وبداية من الفصل الخامس منه يقع التنصيص على العقوبات السجنية التي تصل إلى بقية العمر. وأكد أن نص المشروع مرعب وحتى المجلة الجزائية لا تحتوي على ذلك الكم الهائل من الزجر وعنوان المشروع نفسه يدل على الطابع الزجري. وقال :"نحن مع حماية الأمن لكن نرفض تغول الجانب القطاعي ونرى أن القوانين يجب أن لا تسن لإعطاء أفضلية لمؤسسة معينة على بقية المؤسسات والجهات والمواطنين.. ثم أن المشروع لا يراعي المساواة بين المواطنين ولا يراعي الحقوق والحريات والفصل 18 يثير الرعب لأنه نص على انه لا تترتب أي مسؤولية جزائية على أعمال الأمني التي تصل إلى القتل فهذا الفصل يعطيه حصانة لا يتمتع بها حتى رئيس الدولة نفسه وبموجبه سيتم تمتيع أعوان القوات المسلحة بحصانة كبيرة وفي صورة حصول خلاف بين مواطن وعون أمن يمكن أن يتعرض المواطن للقتل ولن يجد حقه في ظل تلك الحصانة الكاملة لعون الأمن".
وذكر الحمادي أنه لم يجد قانونا مماثلا لما جاء في مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح حتى في أكبر الدكتاتوريات، ونبه إلى أن بناء الأمن الجمهوري لا يتم بالزجر بل بتفعيل المبادئ الموجودة في الدستور. ويرى رئيس جمعية القضاة التونسيين أنه لا يوجد مبرر لسن قانون خصوصي لحماية الأمنيين ففي صورة فتح الباب لمثل هذا التوجه فستطلب بقية القطاعات سن قوانين تحميها. ويرى الحمادي أن الترسانة التشريعية الموجودة كافية بل هي بدورها في حاجة إلى المراجعة. وبين أن المشروع جاء في سياق معين فبعد الثورة برزت تهديدات إرهابية أدت إلى استشهاد أمنيين وعسكريين وبفضل تضحيات الأمنيين والعسكريين تحسن الوضع الأمني وبدأت تظهر بوادر الأمن الوطني الجمهوري المحايد وهذا أمر محمود.. وأضاف أن التضحيات التي قدمتها المؤسستين الأمنية والعسكرية تحتاج إلى أن يقع الاهتمام بجانب الحماية لان الأنظمة القانونية الموجودة حاليا لا تستجيب بالقدر الكافي لتطلعات عائلات الشهداء. وقال :"نحن مع العناية بالجانب الاجتماعي ومع توفير منح لعائلات الشهداء والتكفل بهم ومع التعامل معهم بأسلوب خاص لكن مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح لا يتضمن هذه التوجهات بل هو مخالف لنص الدستور. وعدد الحمادي الهنات الموجودة في فصول المشروع فصلا فصلا خاصة تلك التي فيها مساس بحرية الإعلام وحق النفاذ إلى المعلومة .. وحذر من مخاطر هذا المشروع وبين أنه ليس في مصلحة المؤسسة الأمنية بالمرة لأن هذه المؤسسة لن تستطيع استعادة ثقة الشعب فيها إلا بالثقة وليس بالزجر.
سعيدة بوهلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.