تاكد لدينا مما لا يجعل مجالا للشك، مع انطلاق أزمة فيروس كورونا، أننا وطيلة ال9 سنوات الفارطة كنا نعيش على وهم تنفيذ مشروع تونس الرقمية أو تونس الذكية ..ورقمنة المؤسسات لا سيما العمومية ، وذلك بالنظر إلى الإشكاليات العديد التي واجهتها مؤسساتنا لا سيما تلك التي تعلقت بتوزيع منح العائلات المعوزة والفقيرة وعدم قدرة مؤسساتنا العمومية على تجاوز العقبات المتعلقة بالعمل عن بعد . كذلك الشأن بالنسبة للقطاع الخاص لا سيما قطاع الخدمات الذي يشهد اليوم شلل شبه كلي بسبب عدم قدرته على تلبية حاجيات حرفاءه بسبب الهوة التكنولوجية التي يعيشها. لكنه اليوم ثبت بالكاشف أنه إذا حضرت الإدارة السياسية فإن تونس قادرة على مواكبة التطور الرقمي وذلك من خلال ما حققته الإدارة التونسية وفي مدة لم تتجاوز الأسبوعين من إنجازات ، حيث تم ركيز عديد الأنظمة والتطبيقات والمنصات والبوابات الإلكترونية، كما تم تجميع قاعدة بيانات للمواطنين، وتكوين قاعدة بيانات عن العاملين في مختلف القطاعات والتي كانت منذ سنوات سببا من أسباب عدم مواكبتنا للتحول الرقمي في العالم. فعلى امتداد الأسبوعين المنقضيين عرفت الإدارة التونسية نقلة تكنولوجية نوعية من خلال وضع عدد من التطبيقات والبوابات والمنصات التي اثبتت نجاعتها في تجاوز العديد من الإشكاليات وهو ما يضعنا أمام فرصة غير مسبوقة لتنفيذ مشروع تونس الرقمية و تحويل المحنة التي نمر بها و استثمارها عبر جعلها منحة إذ يجب أن تكون منطلقا لتجسيد برنامج التحول الرقم، لأن الأزمة وحسب الخبراء ستتواصل على المدى المتوسط وربما البعيد، وقد نعود للحجر الصحي الشامل إذا ما اقتضى الوضع ذلك خلال الفترة القادمة وربما قبل انقضاء سنة 2020. فالتحول الرقمي أصبح ضرورة، لكل الأنظمة في العالم، ولم يعد خيارا بل هو من اوكد الضروريات، ولا أدل على ذلك من ارتفاع الطلب حول العالم على التطور التكنولوجي والتحول الرقمي والبرمجيات، ويجب الإستعداد لفترة ما بعد الكورونا لان ما بعدها لن يكون أبدا كما كان قبلها. والقصور الرقمي لم يكن حكرا على الإدارة التونسية فقط، بل وحتى مؤسسات القطاع الخاص اذ ان 30 بالمائة من المؤسسات استغلت الفرصة للقيام بالتحول الرقمي حيث اعتمدوا طريقة العمل عن بعد فيما 70 بالمائة منها ، وفق دراسة للمعهد العربي لرؤساء المؤسسات ، لم يستطيعوا مواكبة التطور وإدارة أزمة تفشي الوباء، إما بسبب طبيعة أنشطتهم، أو عدم قدرتهم على مواكبة التغييرات التي شهدها العالم في ظل تفشي وباء كورونا على اعتبار أن المؤسسات الخاصة وحتى الكبرى منها لا يملك موظفوها حتى أبسط أدوات وأبجديات العمل عن بعد مثل الحواسيب المحمولة... لذا على القائمين على القطاعين العام والخاص مواصلة رقمنة منظوماتهما والاستعداد لفترة العودة، بعد أسبوعين على أقصى تقدير، ومواصلة تنفيذ برنامج الرقمنة كي يكتسب اقتصادنا مناعة ويتجاوز المشاكل التي عاش على وقعها خلال الأزمة الراهنة وحتى يكسب تنافسية أكثر مقابل باقي اقتصاديات العالم.