الشركة الجهوية للنقل بنابل تعزز أسطولها    ميزانية بلدية تونس لسنة 2026: نحو 12 مليون دينار مخصصة لتجسيم المشاريع الجديدة    تيك توك تعمل كيان أمريكي مستقل بمشاركة هذه الدولة العربية    كاس امم افريقيا المغرب 2025 : البرنامج الكامل لمباريات الدور الاول    الليلة هذه أطول ليلة في العام.. شنوّة الحكاية؟    صدرت بالرائد الرسمي: اجراءات جديدة تهم خلاص معاليم الجولان لسنة 2026    مصر.. تفاصيل القبض على نجم الأهلي والزمالك السابق    "فيسبوك" يختبر فرض رسوم على مشاركة الروابط الخارجية عبر منصتها    وزارة الصحة تدعو طلبة المرحلة الثالثة من الدراسات الطبية الى الالتزام بالتوجيهات المتعلقة بجلسات اختيار التربصات    مركز "افادة" يفتح باب الترشح لاختيار مكونين لتنفيذ برامجه السنوية لفائدة الجمعيات    المرصد: مقتل 5 عناصر من داعش بالضربات الأميركية في سوريا    اليوم الخامس الجهوي المشترك لطب الاستعجالي اليوم السبت بمدينة الحمامات    كرة السلة: برنامج مباراتي الكأس الممتازة 2025    الرابطة الأولى: مستقبل المرسى يفسخ عقد أحد الأجانب بالتراضي    كأس أمم إفريقيا: منتخب الكوت ديفوار يعلن غياب أبرز نجومه بسبب الإصابة    عاجل/ هذه المناطق دون تيار كهربائي غدا الأحد..    حجز 5.6 طن من الموز غير صالحة للاستهلاك بسوق الجملة بهذه الجهة..    عاجل : وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    مركبة نفعية كهربائية بمدى 240 كلم وضمان طويل: DFSK EC75 يدخل السوق التونسية بقوة    كأس أمم إفريقيا (المغرب 2025): رمز مثقل بالتاريخ يختزن ذاكرة الكرة الإفريقية    كأس امم افريقيا ( المغرب 2025 ): منافسة متجددة بين الهدافين لملاحقة أرقام أساطير القارة    عاجل/ انهيار منزل في ليبيا.. وهذه حصيلة الضحايا..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل: الجزائريون والمغاربة يتصدران قرارات الترحيل من الاتحاد الأوروبي    وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي    انطلقت عروضه في تونس:فيلم"Zootopia 2" يحطم الأرقام القياسية    كاس امم إفريقيا (المغرب 2025):الكرة الرسمية "إيتري" تكنولوجيا متقدمة بلمسة أصيلة    عاجل/ يهم زيت الزيتون: وزير التجارة يعلن..    طقس السبت : برد و أمطار منفرقة    عاجل : أعلاها 25 ملم.. الرصد الجوي يكشف عن كميات الأمطار المسجلة    هل سيكون لاعب المنتخب نعيم السليتي جاهز لكأس إفريقيا 2025 ؟    هجوم روسي "صاروخي" على أوديسا الأوكرانية يوقع قتلى وجرحى    مهرجان القيروان للشّعر العربي: شعراء من تونس، الجزائر ،ليبيا وموريتانيا يحتفون بعشرية بيت الشّعر القيروانيّ    ترامب: امتنعت عن شتم هيلاري كلينتون احتراما لزوجتي ميلانيا    الدورة 14 للمعرض الوطني للزربية والمنسوجات التقليدية: ارتفاع صادرات الزربية والنسيج بنسبة 50 بالمائة    ترامب لا يستبعد الحرب مع فنزويلا    صفاقس: حجز قطع نقدية أثرية نادرة    تنفيذ الاستثمارات السياحية    الأولى من نوعها: اكتشاف منشآت مائية هامة في محيط فسقيات الأغالبة    الرصد الجوي: تسجيل عجز مطري وطني بنسبة 20 بالمائة خلال شهر نوفمبر الماضي    الليلة: تواصل نزول الغيث النافع على أغلب الجهات    توزر: بصمات فوتوغرافية في دورتها السادسة من تنظيم دار الثقافة مصطفى خريف بنفطة بين ورشات التكوين والمسابقات في انتاج المحتوى    هذه مدة ارتداء ''تقويم الأسنان'' اللي يلزمك تعرفها    دراسة صينية تُحذّر من مخلّفات التدخين التي تلتصق بالجدران والأثاث والستائر    عاجل: تحذير من سيلان الأودية في الذهيبة    السيجومي: أمنيّ يُعاين حاث مرور فتصدمه سيارة وترديه قتيلا    عاجل: ألمانيا تسجل أول اصابة بمرض جدري القردة    القيروان: إستبشار الفلاحين بالغيث النافع    تونس تحقق 57.9 مليار دينار في الصادرات وفرص واعدة في الأسواق العالمية!    طقس اليوم: أمطار بأغلب الجهات وانخفاض في الحرارة    عاجل: هل الأمطار ستكون متواصلة خلال الأيام القادمة؟عامر بحبة يوّضح    صدمة للملايين.. ترامب يوقف قرعة الهجرة    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    خطبة الجمعة ..طلب الرزق الحلال واجب على كل مسلم ومسلمة    وخالق الناس بخلق حسن    كوتش يفسّر للتوانسة كيفاش تختار شريك حياتك    دراسة تحذر.. "أطعمة نباتية" تهدد صحة قلبك..تعرف عليها..    عاجل/ رصدت في 30 دولة: الصحة العالمية تحذر من انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي/ كورونا كوفيد-19 : أي تأثيرات جيوستراتيجية على الإقتصاد العالمي ؟
نشر في الصباح يوم 09 - 04 - 2020

تلقت الصباح نيوز مقال رأي من الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق محسن حسن حول التأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا المستجد.
وفي ما يلي نص المقال:
مما لا شك فيه أن وباء كورونا كوفيد-19 وضع الإقتصاد العالمي في المجهول حيث تضررت عديد القطاعات الحيوية و تحولت الأزمة الصحية إلى أزمة إقتصادية ثم مالية خانقة و هيأت خارطة العالم إلى تغييرات جيوستراتيجية عميقة .
مواضيع عدة تطرح حاليا للنقاش أهمها ما يتعلق بحجم الضرر الذي لحق بالقطاعات الاقتصادية و بالإقتصاد عموما و كذلك التأثيرات الجيوستراتيجية المنتظرة عالميا .
1- التأثيرات القطاعية
أدت الأزمة الصحية الناجمة عن وباء كورونا إلى تضرر عديد القطاعات الاقتصادية في العالم و من أهمها النقل الجوي و السياحة و الفندقة و المؤتمرات و المعارض و كذلك التصدير و الخدمات اللوجستية بالإضافة إلى التجارة و الخدمات .
و قد قدرت الهيئات المختصة حجم خسائر بعض القطاعات كما يلي :
-قطاع النقل الجوي : توقعت المنظمة الدولية للنقل الجوي خسارة القطاع ب 113مليار دولار لسنة 2020 نتيجة تطبيق قيود السفر في معظم البلدان
- قطاع السياحة: حسب منظمة السياحة العالمية، فإن خسائر القطاع من العائدات تقدر بين30 و50مليار دولار نتيجة لتراجع معدلات السياحة العالمية
-قطاع التصدير : أدى وباء كورونا كوفيد-19 حسب التقرير التقني للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، إلى تراجع صادرات الصناعات التحويلية بما يقدر ب50 مليار دولار خلال شهر فيفري الماضي فقط ،و تمثل الصناعات الأكثر تضررا صناعة مكونات السيارات و صناعة أجهزة الإتصالات
-التجارة و الخدمات : تعرف التجارة العالمية تراجعا غير مسبوق منذ إنتشار فيروس الكورونا مع بداية السنة الحالية حسب منظمة التجارة العالميةحيث تراجع مؤشر الخدمات إلى مستوى 96,8 في نهاية شهر فيفري الماضي مقارنة ب98,4 في شهر سبتمبر الفارط مع توقعات بتراجع أكثر حدة .
و يعتبر قطاع تجارة السيارات الأكثر تضررا عالميا حيث من المتوقع تراجع مبيعات السيارات في العالم ب 12% خلال السنة الحالية مقابل 8% خلال الأزمة الماليةالعالمية سنة2008.
من جانب آخر، أعتبرت أزمة كورونا كوفيد-19 فرصة لبروز قطاعات واعدة أهمها الصناعات الدوائية و المعقمات و التجارة الإلكترونية و التطبيقات الإلكترونية. و قد أشارت منظمة الصحة العالمية أن الطلب على الأقنعة الواقية إرتفع 100مرة في العالم مقارنة بالطلب المعتاد كما بينت منظمة الأمم المتحدة للتربية و العلوم و الثقافة أن عمليات التجارة الإلكترونية المرتبطة بقطاع البيع بالتفصيل قد إرتفعت ل 52% مقارنة بالسنة الماضية.
بالنسبة للتطبيقات الإلكترونية، فقد عرفت إرتفاعا إلى غاية منتصف شهر مارس الفارط بأكثرمن مليار دولار مقارنة بمستوى السنة الماضية.
في نفس الإطار، يتعين التذكير أيضا بالزيادة في معدلات العمل عن بعد مما قد يساهم في زيادة الإنتاجية و التحكم في الإنفاق بعد الخروج من الأزمة الحالية ،كما تجدر الإشارة إلى بداية تطور التعليم عن بعد مما قد يساهم في رقمنة منظومات التعليم و التعلم عن بعد في العالم.
2-حجم التأثيرات الإقتصاديةو المالية
أدى تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية إلى تداعيات متعددة الأوجه أثرت سلبا على آداء عديد الأسواق .
-بالنسة لسوق النفط العالمية، أدي تراجع الطلب العالمي ووفرة الإنتاج إلى هبوط حاد في أسعار النفط مسجلا التراجع الأكبر حدة منذ 1991 وهو ما قد يؤثر على إستقرار إقتصاديات و عملات الدول النفطية و خاصة دول الخليج العربي التي تمثل صادراتها من البترول بين60 و90% من دخلها العام.
في المقابل ،قد تستفيد بعض الدول غير النفطية من هذه الوضعية على غرار تونس .
-في ما يتعلق بأسعار الذهب، فقد وصل إلى أعلى مستوى له منذ سبع سنوات نتيجة لإرتفاع الطلب على أصول الملاذ حيث سجل سعر الأوقية 1471 دولار يوم 19مارس الفارط مقابل 1191دولار في فيفري 2019.
-بالنسبة إلى سوق العملات ،عرف سعر صرف الدولار مقابل أهم العملات العالمية و أيضأ أهم عملات الاسواق الناشئة خلال شهر مارس الفارط ، أكبر تراجع منذ عشر سنوات بفعل هبوط أسعار النفط و نزول سندات الخزينة الأمريكية لمستويات متدنية.
-في نفس الإطار، عرفت الأسواق المالية تراجعا حادا منذ إندلاع الأزمة حيث عرفت سندات قيمتها السوقية 8,7 ترليون دولار هبوطا حادا في عائداتها ووقع سحب سندات شركات من قبل مستثمرون بما قيمته 43 مليار دولار منذ 20فيفري الماضي .
للحد من التأثيرات السلبية لأزمة الكورونا، أعلنت 72 دولة متضررة عن تخصيص7,3 تريليون دولار لإنقاذ إقتصادياتها بما في ذلك الولايات المتحدة التي خصصت 700مليار دولار لنفس الغرض.
وتمثلت البرامج الحكومية الاستعجالية في إجراءات ذات طابع إجتماعي لدعم الفئات الإجتماعية الهشة و كذلك القطاعات الإقتصادية من أجل المحافظة على ديمومتها و إنقاذ إقتصاديات الدول المتضررة التي ستعرف تراجعا خطيرا لم يشهده العالم منذ الحربالعالمية الثانية.
3-التداعيات الجيوستراتيجية
يتفق جل الخبراء و المحللين السياسيين و الإقتصاديين على عمق التداعيات الجيوستراتيجية لوباء الكورونا إقتصاديا و سياسيا و إجتماعيا حيث يتوقع تغييرات صادمة من أهمها :
-عودة لسلسلة القيم الجهوية مقابل تراجع لسلسلة القيم العالمية و تغيير خريطة سلاسل التوريد العالمية وهو ما يعني إختفاء مقولة "مصنع العالم "التي إرتبطت بالصين بعد تأثر الإقتصاد العالمي بانقطاع صادراتها .
هذا الإرتباك سيؤدي إلى بروز مراكز صناعية متعددة حول العالم بديلة للصين .
هذه التوقعات تعني بوضوح تام بداية نهاية العولمة لعجز قواها المحركةفي مواجهة الأزمات و إتخاذ الدول لإجراءات تناقضها و بالتالي تحجيم كل محاولات الإندماج في النظام العالمي و تركيز كل دولة على بناء مقدراتها الذاتية لتلبية حاجيات شعوبها .
- القطع مع السياسات العموميةالقائمة على التقشف و كبح جماح الانفاق الحكومي بعد تدخل الدول بقوة لمساندة إقتصادياتها و مضاعفة إنفاقها الإجتماعي للحد من التأثيرات السلبية لأزمة الكورونا.
- عودة الدول إلى التدخل بقوة في المجالات الإقتصادية خاصة لدعم القطاعات الحيوية كالصحة و الصناعات الدوائية و الطاقات المتجددة و التكنولوجيات الحديثة و عدم التعويل على القطاع الخاص لتطوير و إدارة هذه القطاعات الإستراتيجية .
- عودة الدول للتدخل بقوة لتوفير الحماية الاجتماعية لشعوبها بعد أن عرفت الدول الأقل تغطية إجتماعية إنتشارا أسرع لوباء الكورونا على غرار الولايات المتحدة الأمريكية.
لاشك أن هذه التغييرات الجيوستراتيجية تعني تعزيز دور الدولة و نهاية وشيكة للرأسمالية النيوليبرالية التي ترتكز على عولمة الإقتصاد و الخوصصة و تقليص دور الدولة.
يبدو أيضا أن أزمة الكورونا ستؤدي إلى تأجيج المنافسة الجيوسياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وبعض البلدان الغربية من جهة و الدول تمكنت من استيعاب الأزمة كالصين و كوريا الجنوبية وتايوان و سنغافورة و روسيا من جهة أخرى،حيث سينتقل الثقل الدولي إلى الشرق في مقابل أفول الولايات المتحدة الأمريكية و الإتحاد الأوروبي.كما تجدر الإشارة إلى فرضية تلاشي التكتلات الدولية و الإقليمية بعد أن أكدت الأزمة الحالية ضعف آليات التضامن بين الدول و خاصة الإتحاد الأوروبي الذي قد يندثر و تعود أوروبا إلى ما قبل الإتحاد .
بالنسبة إلى تونس ،فبغض النظر عن التداعيات الإقتصادية و الإجتماعية المباشرة ،أعتقد أن تغييرات جوهرية ستعرفها خياراتنا التنموية بعد إنتهاء الأزمة الحالية حيث من المنتظر عودة الدولة إلى التدخل بقوة في المجالات الإقتصادية و الإجتماعية، من خلال دعم القطاعات الإقتصادية الواعدة كالصناعات الدوائية و الطاقات المتجددة و التكنولوجيات الحديثةو الرقمنة و البحث العلمي و الصحة...
تدخل الدولة التونسية في المجال الإجتماعي لن يقتصر عن تعميم التغطية الإجتماعية و تطوير أنظمة التقاعد و التكافل و التضامن ،بل سيشمل تطوير منظومة التكوين و التشغيل و تطوير الإقتصاد الإجتماعي و التضامني. السياسات القطاعية قد تعرف أيضا، تأهيلا شاملا لتحقق حاجيات الشعب التونسي و تحقيق أمنه الإقتصادي الشامل و تعويض الواردات بالإنتاج المحلي .
بالنسبة إلى تمويل الإقتصاد، أري، أن الدولة التونسية ستعمل على الإعتماد على إمكانياتنا الذاتية و التقليص من اللجوء للتداين الخارجي و ذلك من خلال إصلاح حباءي عميق و استيعاب السوق الموازية و إصلاح الإدارة و تأهيل المؤسسات العمومية .
من البديهي التأكيد على أن الدول التي ستنجح في إدارة الأزمةو تحويل مخاطرها إلى فرص ستكون الأكثر إستفادة عكس الدول التي ستتكبد خسائر مادية و بشرية ضخمة جراء إدارتها السيئة للوباء و عدم إنضباط شعوبها .
أزمة الكورونا كوفيد-19ستغير خارطة العالم حتما ،من يريد التموقع من جديد عليه الإستعداد الجيد و الانضباط و الجدية في التعاطي مع الآثار السلبية لهذه الجائحة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.