في وقت اختارت منظمة الأممالمتحدة هذه السنة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، تحت شعار "مزاولة الصحافة دون خوف أو محاباة"، فإن الاعلام التونسي مازال يعيش على وقع المخاطر التي تواجهه، ويرزح تحت المطامع، التي تتربص به باستمرار، في كل يوم، وكل لحظة، لتلقي بظلالها على القطاع، الذي مازالت تكبله السلطة السياسية بمختلف تلويناتها المتعاقبة ،وتتقاذفه اللوبيات والأجندات. مخاطر أكدها التقرير السنوي لحرية الصحافة 2020، الذي كشف أن السلطة السياسية في تونس ، مازالت تخيّر إعلاما خانعا وفاسدا توجّهه مثلما ما تشاء، على إعلام جيد ومستقل يحاسبها ويسائلها ويكشف ما لا ترغب في كشفه. "، بما يعني أن معركة حرية الصحافة، ستظل دوما "أم المعارك"، مما يستدعي يقظة دائمة و" استنفارا" متواصلا، للتصدي لكل محاولات المس بها. ورغم محافظة تونس هذه السنة على المرتبة الأولى عربيا في حرية الصحافة، وفق تقرير منظمة مراسلون بلا حدود التي صنفت تونس الأولى عربيا وفي المرتبة 72 عالميا في مؤشر حرية الصحافة، فإن الإعلام التونسي مازال تحت وطأة التضييقات والهرسلة والاعتداءات ومحاولات التوظيف والتدجين. مشهد مازال يطغى عليه السواد والقتامة، من كل الجوانب والزوايا، رغم بصيص نور في العتمة، وبياض أمل، يكون مرتكزا ومنفذا وسندا ، للإصلاح والبناء والتغيير والتطوير، من أجل إعادة ضبط بوصلة الإعلام في اتجاهات صحيحة ، تمثل مطمح الصحفيين وتتماشى مع تطلعاتهم، نحو واقع آخر مغاير وجديد، مختلف في واقعه ونبضه وإيقاعه، يحمل في طياته ، ما ناضلت من أجله أجيال من الصحفيين. صحيح أن إصلاح الإعلام بمختلف اختصاصاته، المرئي والمسموع والمكتوب والإلكتروني، ليس بالمهمة اليسيرة، في ظل الاخلالات والتعقيدات وتعدد الصعوبات، لكن أي خطوة نحو التغيير والتطوير تقتضي تجاوز الأخطاء وأسلوب "البوز" ووضع حد لنشر الإشاعات وخدمة الأجندات ،فلا اعلام حقيقي دون أخلاقيات مهنية ، ولا رسالة نبيلة دون التزام بالمبادئ الصحفية. ولاشك أن إرساء إعلام حرفي وهادف، يتطلب قبل كل شيء، إيجاد حلول جذرية للمشاكل، التي تعصف بالقطاع، ولن يكون ذلك دون تحمل الدولة لمسؤولياتها، والتزامها بتعهداتها، فلا يعقل أن تتجاهل الملفات الثقيلة، أولها صندوق دعم الصحافة المكتوبة والالكترونية، وضعية الإعلام المصادر، وضرورة الإسراع بدعم مجلس الصحافة، لا سيما بعد أن كشفت كورونا مدى هشاشة القطاع. ورغم هذا الواقع الصعب، و المؤلم،والأشواك، واصل أبناء السلطة الرابعة تضحياتهم بحناجرهم الصادحة وأقلامهم الحرة، بنفس الحماس، ونفس الروح، وسيواصلوان طريقهم بنفس الحب، ونفس العزيمة، ونفس الإصرار ، ونفس الإرادة، لايمانهم بأنهم دوما جنود صاحبة الجلالة. وكل عام و"جيش" الإعلام أكثر شراسة، وأكثر ثباتا، وأكثر تحديا.