أكد خبراء عرب وغربيون أن حصار قطر جعلها أكثر قوة في مواجهة الأزمات الاقليمية والدولية، مشيرين إلى أن انتهاكات دول الحصار ما زالت مستمرة حتى الآن. وأوضح الخبراء في تصريحات ل الشرق القطرية أن الدوحة وصلت لمكانة كبيرة على كافة المستويات، منبهين إلى أنها انطلقت إلى مصاف الدول الرائدة، وهو ما يظهر في أزمة كورونا الحالية. وفي هذا الإطار قال الدبلوماسي الكندي فيري دي كريكوف، إنه من الصعب تخيل مرور 3 سنوات على حصار قطر مع ما جرى من انتهاكات قامت بها دول الحصار، حيث أنه ليس منصفا على الإطلاق أن تعيش وتشعر بالألم والظلم من أقرب الناس لك. وأضاف دي كريكوف في تصريحات خاصة للشرق أنه شاهد بنفسه المعاناة التي سببها حصار قطر خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يؤثر على حقوق الإنسان الأساسية الخاصة بهم من حيث لم شمل الأسرة، والشباب والشابات الذين حرموا من تعليمهم بين عشية وضحاها، ولم يعد الآباء قادرين على رؤية أطفالهم، ودمرت العلاقات التجارية، علاوة على أن الحجاج من قطر محرومون من حقهم في الذهاب إلى مكة للحج. وتساءل الدبلوماسي الكندي عن جدوى الحصار بعد ثلاث سنوات خاصة وأن العقوبات قد أضرت كثيرا بالأبرياء. وقال:" نحن نعيش في عصر خطير حيث تلعب المصالح الجيواستراتيجية دورا أساسيا، وخاصة في منطقة غير مستقرة يستخدمها اللاعبون من الخارج كساحة قتال". وأوضح أن مجلس التعاون الخليجي بصفته لاعبًا رئيسيًا في الاقتصاد المعولم، كان ملاذا للسلام، كما أن منطقة الخليج هي المنطقة الأكثر ازدهارا في منطقة الشرق الأوسط حيث تم تنفيذ الأعمال بشكل متزايد بما يتفق تمامًا مع التجارة الدولية. وكان الاستقرار السياسي والحكمة من السمات المميزة في أنظمة الحكم بها. ولكن للأسف كل ذلك قد تحطم بفعل المحاولة الانتقامية التي قامت بها دول الحصار ضد قطر. وشدد دي كريكوف على أن ما أظهرته قطر خلال هذه السنوات الثلاث للعالم هو مثار إعجاب للجميع، وذلك بسبب حكمتها ومرونتها ودبلوماسيتها، كما أنها ملتزمة تمام الالتزام بالمعايير الأخلاقية رغم الخلاف من تلك الدول، رغم أنها الطرف المظلوم. حصار جائر من جانبه قال الخبير الاستراتيجي الكندي كريس كيلفورد، إن دول الخليج تضررت كثيرا جراء هذا الخلاف بعد مرور 3 سنوات. وأشار في تصريحات للشرق إلى أن المملكة العربية السعودية وحلفائها بدأوا حصارًا بريًا وجويًا لقطر في 5 يونيو قبل 3 سنوات. وفي غضون أيام قليلة، سيدخل حصار قطر عامه الرابع دون وجود أي حلحلة. ونبه كيلفورد إلى أنه على الرغم من أن الحصار كان مؤلما وتسبب في صعوبات عديدة، إلا أن له ايجابيات كثيرة وهامة منها أنه جعل الحكومة والشركات القطرية تغير من استراتيجيها وأن تصبح أكثر اعتمادا على الذات. كما جعل قطاع الأعمال بشكل خاص أن يصبح أكثر انفتاحا وأن يبحث عن أسواق وفرص جديدة. ومن الأمثلة المثالية على ذلك ما قامت به الخطوط الجوية القطرية، التي اضطرت إلى تغيير مساراتها بشكل كبير وتكبدها تكاليف أعلى عندما تم إغلاق المجال الجوي من دول الحصار، ولكن عندما جاءت جائحة كورونا وجدت الخطوط الجوية القطرية فرصة لتأمين حصتها في السوق في عالم ما بعد الوباء من خلال التأكد أولاً من أنها ستعيد ركابها إلى وطنهم وسط الأزمة. وبعد ذلك، بالنظر إلى المستقبل، وليس هناك شك في أن جميع شركات الطيران ستتعامل مع حصتها في السوق في السنوات القادمة، لكن الخطوط الجوية القطرية قد وضعت نفسها بالفعل في مكانها للحصول على حصة أعلى من السوق عما كانت عليه قبل الحصار والوباء. وهذا مجرد مثال واحد على فشل الحصار في بعض الجوانب. وفي الواقع، يمكن القول إن الحصار جعل قطر أكثر استعداد للأزمات على عكس ما قصدته تلك الدول التي فرضت الحصار في المقام الأول. بدوره قال خالد محمود الباحث في مركز الدوحة للدراسات العليا، إن قطر ذات السياسي والاقتصادي، تمكنت من الوصول إلى مكانة كبيرة لها على الصعيد العربي والدولي الإقليمي من خلال انجازاتها المتوالية، والأهم من ذلك أنها حجزت مكانة ثابتة في قلوب ووجدان محبي هذا البلد ومريديه خاصة المقيمين على أرضها. وأضاف في تصريحات للشرق أن كافة المعاني التي تضمنتها خطابات سمو أمير البلاد تدعو دائما إلى الطمأنينة في نفوس الجميع، وهو ما يترجم وقوف الدوحة إلى جوار كل من يعيش على هذه الأرض، سواء كان قطريا أو مقيما. كما أن مخاطبة سمو الأمير للمواطن والمقيم بداية الأزمة الخليجية وتكراره المضامين التي تزرع الثقة والأمن في النفوس ليعد تكليفا للجميع بضرورة ترسيخ وتقوية هذه العلاقة داخل الدولة التي اختصرها بجملة واحدة "أصبح كل من يقيم على هذه الأرض ناطقا باسم قطر". وتابع بقوله:" شخصيا وبعد مرور ثلاث سنوات على الأزمة الخليجية مازال يحدونا الأمل أن تُحل كل الخلافات، ويعود الخليج كما كان هانئاً هادئاً بلا خصومة أو تفرقة أو ضغينة، وكأنه عائلة واحدة تعيش بسلام ومحبة". وأكد أن وحدة الخليج أمل أمة وما زال لدى الجميع أمل أن يشرق نور التلاحم وتندمل الجراح. وقال إنه لابد للعرب من المحيط إلى الخليج أن ينفضوا عنهم يأس التشرذم، فأخطر ما يهدد الشعوب الدخول في أزمة اليأس وهي أزمة صعبة للغاية. ويكفي ما يعانيه الأمن العربي والأجيال التي مزقتها الأزمات وحال العروبة التي باتت تعتاد الحرب والدمار، وتنمو في بيئات اليأس والحرمان. رفض الانتهاكات وفي السياق، أكد ياسر ذويب رئيس اللجنة الكندية لرفع الحصار عن قطر، أن اللجنة لديها الكثير من الفعاليات بمناسبة مرور 3 سنوات على حصار قطر منها عقد ندوة صحفية لتذكير الشعب الكندي والأوساط الحقوقية الكندية بحصار قطر، وكذلك رفع لافتات أمام الاتحاد الدولي للطيران المدني في مونتريال، وأمام البرلمان الكندي تندد بحصار قطر، وأمام سفارات دول الحصار في كندا. وقال ذويب في تصريحات خاصة للشرق إن قطر أصبحت أقوى بكثير بعد الحصار، علاوة على أنها تجنى منافع حكمتها السياسية وأداؤها الاقتصادي وأضحت أكثر حرية في اتخاذ القرارات. وأوضح أن قطر أثبتت أنها قادرة على الصمود. وعندما اختار جيرانها من دول الخليج العربية، بقيادة السعودية حادة وأغلقوا حدودهم ومنع الطيران القطري من المرور قبل نحو ثلاث سنوات وحتى الآن، اختارت قطر إنشاء مكان لنفسها في الساحة العالمية. ونبه إل أن قطر برزت كلاعب عالمي رئيسي، فهي الآن أكبر منصة في المنطقة مفتوحة للحوار العالمي حول التحديات الحرجة التي تواجه عالمنا، مشيرا إلى أن الدوحة أقنعت العالم بسلامة موقفها لأن هذا الموقف يتسق مع القانون الدولي والأخلاق والقيم، علاوة على أنها فندت مزاعم دول الحصار وكشفت زيفها أمام العالم، وبالتالي فقضيتها عادلة اقتنع بها العالم اجمع، لأنها في المقام الأول قضية حقوق انسان وكرامة، ومحاولة لانتهاك السيادة وهو الأمر الذي رفضته قطر تماما. كما وسعت من مجالها الاستراتيجي وتحالفاتها الدولية، حيث تمكنت بنجاح كبير تقويض الاستراتيجيات التي كانت وراء حصار قطر من قبل الرباعي. وهذا جعل قواعد اللعبة تتغير بطبيعة الحال، لأن أي طرف محاصر فانه يخرج من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم الدبلوماسي الذي يوفر الغطاء السياسي والاقتصادي لمحاصرة الحصار. وأضاف أن الدبلوماسية القطرية استطاعت أن توضح للعالم انتهاكات حقوق الإنسان جراء الحصار، وكذلك فعلت المنظمات الدولية الحقوقية، لأن حقوق الانسان هي مناط الاهتمام الغربي والعلاقات الدولية بدرجة أكبر من أي شيء، خاصة وأن الحصار انتهك حقوق المواطنين والمقيمين على السواء، فضلا عن أن الحصار لم يؤثر على قطر فحسب بل أثر على النسيج الاجتماعي الخليجي. وقال رئيس اللجنة الكندية لرفع الحصار عن قطر إن منظمات المجتمع المدني في الغرب على درجة كبيرة جدا من الحساسية تجاه أي انتهاكات لحقوق الانسان، وهم يراقبون جيدا الأوضاع في المنطقة العربية والخليج، وبالتالي فما حدث من انتهاكات حقوقية من قبل الحصار كان سببا في ميول المواقف الغربية بشقيها الرسمي والمدني إلى جانب قطر بسبب موقفها الواضح وعدالة قضيتها. وشدد على أن قطر تمكنت الآن من الانطلاق إلى مصاف الدول الرائدة، وهو ما يظهر في أزمة كورونا الحالية، حيث أنها تقدم المساعدات الطبية لكافة دول العالم، كما أن الخطوط القطرية تقوم بنقل البضائع والسلع في كل مكان، علاوة على نقلها للمواطنين وإرجاعهم إلى أوطانهم من كل مكان في ظل تفشي هذا الوباء بالعالم. وأشار إلى أن إن مرونة قطر في إدارة اقتصادها أثناء المضي قدما للمساعدة على الصعيد الدولي جعلها حليفا عالميا مهما لمختلف الدول. كما سعت الدول إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع الدوحة بسبب هذا النجاح بعد الحصار.