اسمحوا لي أن أفتح لكم اليوم رسالة بعث بها إلي قارئ كريم ليس للنشر وإنما للاطلاع فقط... ولكن رغم كونه رغب في أن يبقى محتواها سرا بيننا لأنه - كما ذكر - يحترمني ويفضّل بالتالي معاتبتي بدون تشهير، فإنني استسمحه بأن يطلع السادة القراء على رسالته رغم ما فيها من عبارات جارحة... أولا لأنه ليس لدي ماأخفيه وثانيا ومثلما أكد بنفسه ذلك فإنني لا أخشى - فعلا - في الحق لومة لائم أدعوكم الآن للتأمل في مضمون الرسالة وسأتولى بعد ذلك التعليق والتعقيب عليها بجملة من الملاحظات:
إلى السيد المحترم: حسن عطية تحية وبعد، كنت أظن، وأنا أتابع مقالاتك وتعاليقك يوميا في جريدة «الصباح» انك من طينة الصحافيين الذين نفتقد الكثير منهم في صحافتنا الرياضية من حيث الجرأة المسؤولة والتعمق في تناول المواضيع كما كنت اعتقد، الى زمن قريب، أنك من أصحاب القلم المضوعيين الذين لا تخشون في الحق لومة لائم إلا أن شيئا من الضبابية بدأ يعتري مؤخرا هذه الصورة، فبدت وكأنها ملّت التميز لتنخرط ضمن المجموعة «الراقصة على كل دف» والمترنحة مع كل ريح، ويا للأسف، ولقد تجلى ذلك في تحاملك المفضوح والصارخ على النادي الصفاقسي من خلال قضيّة الكرة الطائرة. صحيح أن القضية واضحة وأن الملف يتصل بسمعة ومصداقية أحد الأندية التونسية وبامكانية عدم الترخيص لنا بانتداب اللاعبين الاجانب، ولكنها ليست قضية وطنية علينا أن نشحنها بكل ما بداخلنا من مواقف متحيزة حتى نحرك الجميع ونجندهم لها وكأن قضايانا الرياضية انتهت. أنا معك في ضرورة ايجاد حل لهذا الملف قبل فوات الأوان لكن هل تعلم سيدي أن للنادي الصفاقسي وجهة نظر مختلفة عن وجهة نظر الطالبين من حيث المبالغ المطالب بها وأنه شرع في تسوية الموضوع مع المعنيين بالأمر وصرح بذلك مسؤولوه على أعمدة صحيفتكم؟ ثم، ان أردت المساهمة في حل الموضوع وتجنب العقوبة، ما هي مساهمتك كرجل اعلام وصاحب قلم وفكر؟ ولماذا لم تقترح أي شيء في ذلك؟ على مستوى آخر هل انتهت قضايانا الرياضية حتى تكلّف نفسك عناء الكتابة حول هذا الموضوع ثلاث مرات أو أكثر؟ أين كنت لما وقع التجني على القيم النبيلة للرياضة فبصق لاعب على لاعب على مرأى من الجميع؟ وعندما دوت «روسية» لاعب على أنف ممرن؟ وعندما ضرب لاعب مسعفا جاء لنجدته؟ أين كنت عندما عبثت الفرق الافريقية والكنفدرالية الافريقية بقوافل قفصة وغيرها من الفرق التي خرجت لتمثّل بلادنا العزيزة؟ أين كنت عندما وعندما وعندما وكلها صور اخترقت حدودنا وشاهدها الجميع؟ كم مرة كتبت عن ذلك؟ أم أن «تعلقك» بالنادي الصفاقسي كان أقوى؟ ان قضية النادي الصفاقسي يجب أن تجد الحل في الآجال، فهذا لا يختلف فيه اثنان، لكن أن تجعل منها حصانا تركبه لتعبّر عن تحاملك وأن تكون كلمة حق أريد بها باطل فهذا ما لا يتفق والصورة التي لنا عنك، وارجو أن يكون ذلك استثناء، فلكل جواد كبوة. كتبت اليك لأني احترمك ولأني لا أريد أن تخسر صحافتنا الرياضية أحد فرسانها في عصر قل فيه فرسان القلم... كتبت اليك شخصيا لا بنية نشر ما كتبت لذلك فسوف لن أذكراسمي لا خوفا أو خجلا فليس في ما قلت ما يخيف أو يخجل. صحيح أنني من الذين يعجبهم الناي الصفاقسي لكني لست متعصبا ولا متحاملا وما كتبته كان من دافع الغيرة على الصحافة الموضوعية والمسؤولة والتي لا تقل رسالتها في تنمية البلدان والمجتمعات عن رسالة القطاعات الأخرى. سأكون سعيدا لو كنت مخطئا، مع الشكر والسلام. قارئ
في البداية تيقّن سيدي الكريم انني «لن ولن انخرط ضمن المجموعة الراقصة على كل دفّ والمترنحة مع كل ريح» وسأظل رافعا شعار «الجرأة المسؤولة» كلّفني ذلك ما كلّفني». اما اتهامك لي ب«التحامل المفضوح والصارخ على النادي الصفاقسي، فانه يؤلمني حقا لأنه اتهام باطل حيث ان العكس هو الصحيح». نعم فلو انني لازمت الصمت ولم أكتب عمّا أصبح يسمّى بقضية المستحقات المالية للمدرب واللاعبين الصربيين لكان سكوتي بمثابة المتفرّج على الاحداث بعين الشماتة ولكان موقفي شبيها بالذي يعرف ان العقوبة وشيكة ولكنه لا ينبّه اليها ولا يحذّر من عواقبها. هل تريدني سيدي ان أكون انهزاميا الى هذه الدرجة دون أن أتجرأ على التحذير، بما يتطلبه ذلك من تنبيه واعادة تذكير؟! كلا انني لم أفعل ذلك نكالة في النادي الصفاقسي، بل صدّقني ان أكدت لك جازما بان له منزلة خاصة ومكانة متميزة عندي. وصدّقني أيضا ان ما كتبته عنه في هذه القضية كان عن مضض ولكن بمسؤولية وغيرة على النادي الصفاقسي حتى لا يجرّ جامعتنا وانديتنا الى عقوبة لن يتردد الاتحاد الدولي للكرة الطائرة في تسليطها علينا بعد انقضاء المهلة الأخيرة وفوات الاوان. وعندها ماذا سيسجل التاريخ؟ طبعا سيذكر بأن العقوبة الصادرة عن الاتحاد الدولي بمنع جامعتنا وانديتنا من انتداب المدربين واللاعبين الأجانب سببها النادي الصفاقسي. فهل تريد ان يحصل ذلك وانت تعلم علم اليقين بان التاريخ لا يرحم؟! نعم التاريخ لا يرحم.. أليس كذلك؟