ما مدى رضاء النواب عن الأداء الفردي والجماعي للوظيفة التشريعية وإبلاغ شواغل الناس؟ تونس - الاسبوعي: اختتم يوم الخميس الماضي مجلس النواب اشغال الدورة التشريعية الرابعة من المدة النيابية الحادية عشرة.. ليعلن بذلك عن بقاء دورة واحدة وأخيرة في حياة المدة النيابية الحالية قبل موعد الانتخابات التشريعية 2009 . وككل دورة تشريعية هناك بعض الخصوصيات التي تميّزها سواء من حيث الاطار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وطنيا ودوليا الذي دارت فيه، أو من حيث مضمون التشريعات التي صودق عليها في رحاب المجلس ومدى نجاح السلطة التي ينّزلها منظّرو العلوم السياسية في طليعة السلط بما أنها تنبثق عن الشعب في أداء وظائفها التي أوكلتها لها الدساتير. وانطلاقا من كل ذلك طرحت «الاسبوعي» بعض الاستفهامات على عدد من النواب مدارها مدى رضاء النائب عن الاداء الجماعي والفردي للوظيفة التشريعية خلال هذه الدورة المنتهية من حيث: -تمثيل الشعب وإبلاغ صوته. - تشريع القوانين - مراقبة الحكومة كما استفهمت عمّا بقي في الذاكرة من طرائف ولقطات أو مداخلات أو ردود فعل.. فكانت معظم الردود مُجمعة على أنها دورة عادية ولم تحمل في طياتها عناصر تميّز أو تفرد مما جعلها تغيب عن الذاكرة بمجرد إختتامها وإسدال ستار جلساتها. النائب منوّر خميلة: (التجمع) التطوّر النوعي ملموس ولكن تبقى بعض الحالات الفردية في حاجة الى الدعم والتطوير.. هذه الدورة التشريعية المنتهية تميزت بالنظر في عدد من مشاريع القوانين ذات وقع اقتصادي واجتماعي هام من ابرزها مراجعة مجلة الديوانة وجعلها مواكبة لما تقتضيه المبادلات التجارية وحماية الاقتصاد الوطني الذي حقق خطوات هامة على درب الانفتاح والانخراط في الاقتصاد العالمي.. والقانون الدستوري الرامي الى النزول بسن الانتخاب بالنسبة الى الناخب من 20 الى 18 سنة وما سيتولد عنه من توسيع لقاعدة مشاركة الشباب في الحياة السياسية والشأن العام من ناحية، ومزيد تيسير شروط الترشح لرئاسة الجمهورية أمام أحزاب المعارضة من ناحية ثانية وهو ما من شأنه ان يسهم في مزيد تكريس مقومات التعددية وتوجيه كل القوى الحية في البلاد لخدمة صالح تونس وشعبها. والملاحظ خلال هذه الدورة أنه حصل تطور نوعي في مستوى المداخلات لمناقشة الميزانية وذلك بالتركيز على محاور جوهرية تعتمد التقييم للسياسات القطاعية دون البقاء في حدود العموميات. وقد كان لمركز البحوث والدراسات البرلمانية دور هام في هذا الشأن عبر برمجة سلسلة من الايام الدراسية في عديد المجالات. وكذلك مردود جلسات الحوار مع الحكومة التي أسهمت بصورة فعالة في صقل المردود والاداء الفردي والجماعي... لكن تبقى بعض الحالات الفردية في حاجة الى مزيد من التطوير لأن العمل البرلماني مهنة تتطلب الكثير من الحنكة والخبرة والتجربة وهي متاحة للجميع على الصعيدين الجهوي والوطني... النائبة سميرة الشواشي (حزب الوحدة الشعبية) تعديل الدستور واتفاقية مناهضة أشكال التمييز ضد المرأة تشريعات لن تمحى من الذاكرة... لقد شهد مجلس النواب في هذه الدورة المنتهية حراكا كبيرا أعتقد شخصيا أن مستواه كان هاما جدا من حيث المصادقة على مشاريع القوانين والمصادقة كذلك على اتفاقيات مع جهات مستثمرة عربية منها خاصة.. الى جانب ما أدخل من تنقيحات على عدد من المجلات القانونية الهامة.. وهو الاطار العام الذي دارت فيه المناقشات وعبرنا عن أرائنا ومواقفنا من منطلقات مختلفة باختلاف العائلات السياسية التي يتكون منها مجلس النواب.. وقد اتسمت الدورة المنتهية بالثراء على مستوى الكم والنوع، حيث تعددت القوانين ذات الصبغة الاقتصادية وخاصة ما اتصل منها بالاتفاقيات التي سينتج عنها إنجاز عدد هام من المشاريع من الحجم الكبير ذات التشغيلية المرتفعة لليد العاملة التونسية وقد دعونا في كل مناسبة الى ضرورة توسيع المجال الجغرافي لهذه المشاريع حتى تكون مستجيبة لانتظارات الشعب وتطلعات الناخبين الذين نمثلهم في كل الجهات.. الى جانب التصديق على مجلة الديوانة وإصلاح منظومة التعليم العالي. أما فيما يتعلق بمدى الرضاء عن النفس، أقول أننا لم ندخر جهدا في الاضطلاع بهذا الواجب الوطني السامي، حيث قمنا في كل المناسبات بالتعبير عن شواغل المواطن سواء كانت مطالب ذات بعد وطني أو مرتبطة بالجهات كل حسب خصوصيتها.. وهذا الهدف الجماعي لا يخفى ذاتية كل نائب خاصة ونحن ننتمي الى برلمان تعددي تختلف فيه الآراء فحاولت من خلال أدائي البرلماني أن أكون في مستوى ثقة الشعب الذي أقرني الدستور نائبة عنه وحزبي -الوحدة الشعبية- الذي رشحني لأمثله بمجلس النواب. أما فيما يتعلق بمراقبة الحكومة فأرى أن جلسات الحوار التي اعتاد المجلس على عقدها تدخل في نطاق هذه الوظيفة سيما من حيث الاستفسارات التي يتوجه بها النواب حول التدرّج في تنفيذ المخططات التنموية الى جانب تقييم عمل الوزارات في ميادين مختلفة. وبخصوص ما بقي في الذاكرة من الدورة المنتهية أقول أن لكل دورة أحداث أو لقطات أو مداخلات تعلق بالذاكرة سواء كانت مواقف طريفة أو تعبيرات انسانية تلقائية خاصة إذا تعلقت بفقداننا لاحد زملائنا.. وأهم حدث سيعلق بذاكرتي من هذه الدورة هو تعديل الدستور في فصليه 20 و40 كإجراء إستثنائي يطرأ على الدستور - أعلى تشريع في هرم القوانين. فبالاضافة الى الاهمية من حيث مضمون التعديل في إطار التسلسل والتطوير الرصين والايجابي للنصوص المنظمة للحياة السياسية في تونس فإنني سعدت كثيرا بأن ساهمت في إجراءات التعديل.. كما لا أنسى المصادقة على البروتوكول الاختياري للاتفاقية الدولية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة والتي أعتبرها من أهم التشريعات التي شهدتها الدورة التشريعية المنتهية وستظل عالقة بذاكرتي. النائب عروسي النالوتي (حركة الديمقراطيين الاشتراكيين) نعم نراقب الحكومة.. لكن من غير المعقول أن يعامل النائب هكذا في الادارات والوزارات! هذه الدورة الرابعة من المدة النيابية لا أعتبر فيها أي اضافة أو اختلاف عن الدورات السابقة، وهي دورة عادية لا أكثر ولا أقل ولم نلحظ فيها أي تطور أو تميز.. وفي المقابل أعتبر أن لدى النائب التزام اخلاقي تجاه الشعب وتجاه الناخبين وتبعا لذلك يجب أن يكون لديه حدّ أدنى من الوعي بالمهمة التي يضطلع بها والثقة التي منحه اياها الشعب والناخبين. اما بخصوص رضائي عن النفس في أدائي لوظيفتي التشريعية بمستوياتها المختلفة أقول أنني حاولت أن أكون موضوعيا وأن أبلّغ السلطة التنفيذية اهتمامات ومشاغل المواطنين (عامة) ومواطني جهاتنا.. كما حاولت أن أطرح في مستوى بعض السلط بعض القضايا والمظالم التي قد تبرز في ممارسات عدد من الادارات أو الجهات أو الولايات وهو ما ينطبق على جل النواب إن لم يكن كلهم. أما فيما يتصل بمراقبة الحكومة أشير الى أنها منحصرة الآن في جلسات الحوار أو الزيارات الميدانية التي تقوم بها اللجان البرلمانية القارة، لكن في رأيي تبقى هذه الصيغة غير كافية ولا بد من التفكير في صيغ وآليات جديدة لمراقبة عمل الحكومة.. لكن في ذات الوقت لابد أيضا من تغيير النظرة المعمول بها صلب بعض الوزارات تجاه النائب وممثل السلطة التشريعية.. إذ من غير المعقول أن يظل النائب تتقاذفه مكاتب الادارات والوزارات أو في أحسن الحالات ينتظر لساعات في قاعات انتظار أحد المسؤولين الاداريين.. فالنائب له مكانته وهو يمثل أهم سلطة في الدولة ولابد من إزالة كل الحواجز في الوزارات والهياكل العمومية الكبرى التي توضع أمامه.. كما أنه من الضروري تغيير العقلية برمتها لدي المسؤولين الاداريين. وبالنسبة الى ما بقي في الذاكرة فكما أسفلت هي دورة عادية ولم يعلق شيء في الذاكرة، وما أتمناه ان تكون الدورة القادمة أفضل من الدورة المنتهية وأن ترتقي الى مستوى كبير من النقاش وان لا تكون - خاصة - دورة حسابات ضيقة وحرص دائم على ضمان مقعد في البرلمان لحساب المدة النيابية القادمة بل يجب أن تشهد الدورة التشريعية المقبلة حوارا شاملا ونقاشا معمقا حول مختلف القضايا إذ بقدر العطاء يحصل النائب على مقعد في البرلمان. النائب ثامر إدريس (حزب التجديد): عوامل تطبع دوما العمل البرلماني ينصّ الفصل الثامن عشر من الدستور على كون الشعب يمارس السلطة التشريعية بواسطة مجلس النواب ومجلس المستشارين أو عن طريق الاستفتاء. بحيث تمارس المؤسسة البرلمانية كهيئة منتخبة مهام التشريع ومراقبة عمل الحكومة وتسطير السياسات العامة للدولة. ومن هذا المنطلق، وحتى يكون الأداء الجماعي والفردي للوظيفة التشريعية، التي ينصّ عليها الدستور، عند مستوى الانتظارات، فلا بد من اشتراط قدر من الليبرالية السياسية المطلوبة والمقترنة دوما مع النزعة الإصلاحية الملازمة للميولات البرلمانية - خلافا للنزعات الثورية والراديكالية - كتجسيم لمبدأ الفصل بين السلط .أعتقد أن التمهيد السابق هو المدخل الحقيقي لتقويم الأداء التشريعي. فوعي المواطن ما فتئ في نمو وهو قادر على التمييز بين أداء جيّد وأداء غير جيّد، كما أنه أصبح مدركا بأن اللغة الخشبية لا تسمن ولا تغني من جوع، وهو توّاق إلى أداء متحرّر من القوالب الجاهزة ويدخل نفسا جديدا على الأداء السياسي بشكل عام والنيابي بشكل خاص. وما يحول دون تحقيق هذه النقلة النوعية، شبكة معقدة من الأسباب... منها ما يتعلق بالأحزاب السياسية وبمدى امتلاكها لمشاريع، مخالفة لمشاريع الحكومة، وتكون قادرة على حلّ المسائل الاجتماعية التي تهمّ حياة المواطن، ومنها مدى قدرة هذه الأحزاب على الاستفادة من وجودها في البرلمان حتى تقنع الناس ببرامجها، وحتى توصّل برامجها إلى الحكومة... وتفكّ الحصار من حولها بوضع حدّ لتوقّف الانتماء إليها... وفي ظلّ الالتحام الكامل بين حزب الأغلبية والحكومة، وفي ظلّ اختلال العلاقة بين حزب الأغلبية وأحزاب الأقلية، فإن الأداء البرلماني في هذه الدورة أوفي غيرها يبقى مطبوعا بتأثيرات العوامل المذكورة . ومع ذلك فإن ذلك لا يمنع من ملاحظة بعض الوقائع التي تشدّ الانتباه، من ذلك تقدّم 25 نائبا لمكتب ضبط المجلس بمشروع قانون لإلغاء عقوبة الإعدام، وذلك حرصا منهم على تطوير التشريع التونسي، وبتفعيل ما يسمح به النظام الداخلي للمجلس، وأيضا تجسيما لقناعة النواب بضرورة بلوغ أرقى المستويات في احترام الذات الإنسانية ومزيد تعزيز حقوق الإنسان، وخاصة حقّه في الحياة. كما لا نعدم بعض التدخلات الثرية والعميقة من قبل الزملاء المحترمين في العديد من المناسبات، وأستحضر مداخلة الزميل المحترم مصطفى اليحياوي في مناقشة مشروع قانون حول تعديل الدستور، عندما لاحظ بأن الدستور لا يحتمل الاستثناء، ومدرجا ذلك التعديل فيما هو سياسي وليس في المجال الدستوري. إعداد: سفيان السهيلي