انتظم خلال الاسبوعين الماضيين مؤتمر حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي ينتمي اليه غالبية كبار المسؤولين في الدولة، ثم مؤتمر حزب الديمقراطيين الاشتراكيين الذي يرمز إلى أول حركة معارضة قانونية برزت في تونس منذ أكثر من 30 عاما بمبادرة من عدد من النشطاء السياسيين الديمقراطيين والشخصيات الليبيرالية التي انسلخت عن الحزب الدستوري أو اطردت منه بسبب التباين مع الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وكثير من مساعديه فيما يتعلق بالموقف من التعددية السياسية والحزبية ومن حرية الصحافة والتداول على السلطة والعلاقة بالمنظمات الاجتماعية، وخاصة مع النقابات العمالية التي كانت اهم قوة سياسية واجتماعية واقتصادية في السبعينات من القرن الماضي.. فضلا عن اختلاف مؤسسي حركة الديمقراطيين الاشتراكيين من قيادة الحزب الدستوري آنذاك فيما يتعلق بالتوافق بين الحداثة والهوية العربية الاسلامية للشعب التونسي. ولئن كان مؤتمر حزب التجمع الدستوري الديمقراطي موفى الشهر الماضي حدثا سياسيا وطنيا مهما، لا سيما لانه حسم رسميا ملف الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة ووضع ملامح سياسة الدولة في المرحلة المقبلة، فان مؤتمر كبرى حركات المعارضة القانونية نجح رغم التراجع الواضح لوزن الحركة في تقديم حزب الديمقراطيين الاشتراكيين في شكل التكتل السياسي الرمزي الذي يسعى قادته الى لعب دور وطني اكبر، لا سيما من خلال خطوة التطبيع والمصالحة بين ثلة من رموز الحركة خلال العقدين الماضيين، مثل الامين العام اسماعيل بولحية والامين العام السابق محمد مواعدة والسادة الطيب المحسني والصحبي بودربالة وغيرهم من الشخصيات التي تنافست علنا ضمن مجموعات تتصارع حول افتكاك قيادة الحركة وتوجيه مسارها بعد منعرج انسحاب زعيمها السابق ومؤسسها السيد احمد المستيري وثلة من رفاقه.. وبينهم من التحق بحزب التجمع الدستوري الديمقراطي او الحكومة أو اختار الاستقلالية والتفرغ للعمل في منظمات المجتمع المدني مثل المجموعة القريبة من السيد خميس الشماري.. أو اسس حزبا جديدا مثل المجموعة القريبة من السيد مصطفى بن جعفر.. ومهما كانت ايجابيات المصالحة النسبية بين رموز من احزاب المعارضة والمجتمع المدني ومن بينها قيادات حركة الديمقراطيين الاشتراكيين فان الاهم تفعيل دورها السياسي الوطني.. وضمان مصداقية خطابها.. واشعاعها شعبيا داخل المدن وخارجها.. وفتح ابوابها للحوار الصريح والجريء مع شباب اليوم وبناته.. حتى لا تبقى الاحزاب والمنظمات غير الحكومية في واد وشباب تونس الاعماق في واد اخر..