العائلة كانت بانتظار تعويض البنتين والزوج... فتفاجأت بسحب التعويضات الممنوحة للأب تونس الصباح: نسترجع والسادة القراء الحادث المروع الذي شهدته الشواطئ الليبية بتاريخ 13-1-2000 حين تحطمت طائرة شركة سرت الليبية للنفط على مياه البحر مما أدى إلى وفاة 22 ضحية وإصابة 17 شخصا، وقد كان من ضمن ضحايا هذه الكارثة المضيفة الوحيدة التونسية دليلة سعد عزيز. والجديد في هذا الموضوع هو العودة بالقضية الى النقطة الصفر. فبعد أن حصل والد ووالدة المرحومة دليلة على حقوقهما وتم الحكم لهما بالتعويض على فقدان ابنتهما وتركيز العائلة ومطالبتها بحقوق ابنتي المرحومة، عادت القضية لتعرف مسارا آخر وهو التراجع عما تم الحكم به لوالد ووالدة المرحومة وإرجاع القضية إلى طورها الاول. وهو ما مثل مفاجأة كبرى للعائلة التي كانت تطمح في الحصول على حقوقها مثلما حصل بقية الضحايا الاجانب وكلهم غربيون على حقوقهم منذ سنوات. المسؤولية الجنائية تعيد القضية الى النقطة الصفر قامت النيابة المختصة بمباشرة إجراءات التحقيق واكتفت بتوجيه التهم إلى قائد الطائرة ومساعده!!! كونهم تسببوا في وقوع الكارثة نتيجة اهمالهم وارتكابهم لجملة من الاخطاء، وقد استندت النيابة على إجراءات جمع الاستدلالات وشهادة الشهود إلى جانب ما خلصت إليه اللجنة المختصة المشكلة من إدارة الطيران المدني الليبي، التي أصدرت تقريرها الفني حول الحادث عملا بما نص عليه قانون الطيران المدني الليبي والاتفاقيات الدولية المعمول بها في مجال الطيران المدني، وقد استعانت اللجنة بخبراء من كل من سويسرا وبريطانيا واطلعت على التقارير الفنية لخبراء من كندا وألمانيا، وخلصت في نهاية التحقيقات إلى أن تقصير وأخطاء طاقم قيادة الطائرة هو الذي تسبب في وقوع الكارثة. النيابة المختصة أحالت المتهمين قائد الطائرة ومساعده إلى القضاء ليقول كلمته في ما نسب إليهم من تهم، وبتاريخ 5/9/2005 أصدرت محكمة البريقة الجزئية حكمها في القضية رقم 124/ 2002 التي جاء في منطوقه "حكمت المحكمة حضوريا اعتباريا بإدانة المتهمين عما نسب إليهما ومعاقبة كل منهما بالحبس لمدة ستة أشهر"، ثم قام المتهمان بالطعن على هذا الحكم بالاستئناف أمام محكمة الجنح المستأنفة بإجدابيا وبتاريخ 27/6/2007 صدر حكم في الاستئناف المقيد تحت رقم 231/2005 جاء في منطوقه "حكمت المحكمة حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة خمس سنوات"، وهذا الحكم صار نهائيا وباتا كونه لم يتم الطعن فيه أمام المحكمة العليا (التعقيب). مساعي التسوية الودية إيمانا من عائلة المرحومة بإمكانية تسوية مطالبهم الشرعية بالطرق الودية خاصة في ظل وجود أساس لهذه التسوية وهو ما تم اعتماده في تسوية مطالب باقي العائلات المتضررة، وحيث أن مطالب هذه العائلة تستند إلى مبدإ المساواة وهي مطالب سبق الاقرار بها لباقي أسر الضحايا وخاصة الغربيين منهم وتمت تسويتها وديا معهم منذ سنة 2001، فقد قامت بعرض الموضوع على العديد من الجهات والمؤسسات التي أبدت تعاطفها معها وحثت الجهات المسؤولة على تسوية الموضوع وديا خاصة أنه من ضمن المتضررين ابنتي المرحومة "نسرين" و"أمل "(عمر الاولى11 سنة والثانية 3 سنوات حين وقوع الكارثة)، وكان من ضمن الذين ساهموا في محاولة إيجاد حل للموضوع السيد مدير عام منظمة العمل العربية، والسيد أمين الشؤون القانونية وحقوق الانسان بمؤتمر الشعب العام الليبي، والسيد المنسق العام للقيادات الشعبية للجماهيرية العظمى الذي أوصى بتسوية الموضوع وفق نفس الاساس الذي تم مع باقي أسر الضحايا. كما تم تشريك مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية وهي المؤسسة التي تمكنت من تسوية العديد من المواضيع الانسانية والقانونية سواء على النطاق المحلي في ليبيا أو على النطاق الدولي، حيث ساهمت في رفع العديد من المظالم وتحصيل حقوق العديد من الاشخاص، وقد كان للمدير التنفيذي لهذه المؤسسة دور ناشط في موضوع عائلة المرحومة التي تأمل بأن يتواصل المسعى والتجاوب خاصة أن الامر طال لقرابة 9 سنوات. الاجراءات القانونية في جانب المسؤولية المدنية الامور في هذا الجانب شهدت أكثر من مسار أولها تضمن الاجراءات القضائية المتعلقة بالمسؤولية المدنية وتمثل في العديد من التصرفات التي تمت مباشرة البعض منها بسويسرا ثم بعد ذلك بليبيا، كون شركة سرت للنفط الليبية قامت بنفي أي مسؤولية عن الشركة السويسرية المشغلة للطائرة، وقد طالبت عائلة المرحومة شركة سرت بتعويضها عن الاضرار التي لحقت بها أسوة بباقي عائلات الضحايا حيث أنها العائلة الوحيدة التي لم يتم تعويضها من قبل الشركة السويسرية المؤمنة على الطائرة المنكوبة، لأن التغطية التأمينية كانت تشمل كل من كان على متن الطائرة باستثناء طاقمها والمرحومة كانت عضو الطاقم الوحيدة التي لقيت حتفها. حكم بتعويض والد المرحومة.. ثمّ تراجع الدعاوى المدنية تطلبت العشرات من الجلسات وقد صدر في إحداها حكم من محكمة أول درجة قضى بتعويض والد المرحومة عما أصابه من أضرار مادية ومعنوية نتيجة لوفاة المرحومة دليلة سعد عزيز، وقد تم الطعن في هذا الحكم عن طريق الاستئناف واستندت شركة سرت في استئنافها على أن محكمة أول درجة غير مختصة بنظر الدعوى وإصدار حكم في موضوعها. الدائرة المدنية الاولى التابعة لمحكمة استئناف طرابلس نظرت الاستئناف رقم 71/54 و333/54 وبعد المداولات رأت أن الحكم الذي صدر من محكمة أول درجة هو حكم صادر من المحكمة الابتدائية وهي غير مختصة للنظر في هذه الدعوى لأن الاختصاص ينعقد للمحكمة الجزئية من الناحية الطبقية، حيث أن التعويض المطالب به أساسه جنحة القتل الخطأ المسندة إلى الطيار ومساعده التابعين لشركة سرت للنفط (التي تتبع بدورها للمؤسسة الوطنية للنفط)، وحيث أن التعويض عن الضرر الناتج عن الجنحة تختص به المحكمة الجزائية، وعليه فإن المحكمة ترى بأن محكمة أول درجة وإن قضت في موضوع الدعوى تكون قد وقعت في مخالفة صريحة للقانون والمادة 43/4 من قانون المرافعات الليبي، مما يستوجب إلغاء هذا الحكم والقضاء بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وحكمت المحكمة "بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعيا بنظر الدعوى". جولة جديدة من الاجراءات في ظل الاحكام التي صدرت قام المحامي المكلف من قبل القنصلية التونسيةبطرابلس بمباشرة إجراءات دعاوى جديدة أمام محكمة طرابلس الجزئية بالتأسيس على حكم محكمة الاستئناف وقد تم تحديد أول جلسات هذه الدعاوى خلال شهر أكتوبر القادم، ومن المتوقع أن لا تستغرق المداولات كثيرا في هذه الدعاوى لأن الامور أصبحت واضحة بالرغم من أن القانون قرر عدم اختصاص المحكمة فإن الحكم الذي صدر في الموضوع وضح مدى صحة مطالب عائلة المرحومة وهو حكم يجوز الاستئناس به. نداء من والد المرحومة وبعد صدور الحكم وفي انتظار سلسلة الاجراءات القانونية الجديدة أفاد والد المرحومة السيد سعد عزّيزفي اتصال ب"الصباح" أنه بالرغم من أن عائلة المرحومة دليلة ظلت العائلة الوحيدة التي أجبرت على خوض هذا الصراع من أجل الحق دون بقية العائلات الغربية، وبالرغم من أن الامر استغرق قرابة التسع سنوات من الالام وهي لاتزال مستمرة، وبالرغم من الجحود الذي قوبلوا به رغم أن المرحومة دفعت حياتها ثمنا لتفانيها وحبها لعملها، وبالرغم من المصاريف المادية التي تزيد في إثقال كاهلهم، فان بعض الجهات لم تبخل عليهم بالدعم المعنوي وكذلك المواقف الانسانية والنبيلة من عديد الاشخاص الذين عبروا عن تعاطفهم ومؤازرتهم ومساندتهم لهم وهو دليل على عدالة قضيتهم، وقال السيد سعد عزيز أن وزير العدل الليبي تولى شخصيا متابعة الموضوع وسبق أن قام بمخاطبة اللجنة الشعبية العامة الليبية في الخصوص. وأضاف أنه وتأسيسا على ثقة عائلة المرحومة في نزاهة وحيادية وعدالة القضاء الليبي، فإنها تأكدت من أن العدالة لا بد وأن تتحقق وهي تأمل في أن يتم التسريع في الاجراءات القضائية بأقصى ما يمكن، مشيرا الى أن عائلته وعلى الاخص بنتي المرحومة لا تزال تأمل في أن تلبي مؤسسة القذافي وعلى رأسها الدكتور سيف الاسلام نداءها لتولي موضوعها على غرار الدور الذي قام به في عديد القضايا المشابهة والتي كانت أكثر تعقيدا كونها تتعلق ببعض الدول الاجنبية بينما الحال في هذا موضوع يتعلق بمؤسسات ليبية.