مدير عام توننتار: مسؤولية صانع الطائرة في حادثة الآتي آر 72 لا غبار عليها.. لكن المحكمة تجاهلتها إدانتي تعتبر سابقة في تاريخ الطيران وصانع الطائرة اعترف ضمنيا بمسؤوليته تونس - الاسبوعي: أصدرت كما هو معلوم محكمة بالرمو أحكامها في قضية النزول الاضطراري لطائرة توننتار عرض سواحل بالرمو يوم 6 أوت 2005 .. الحكم كان قاسيا جدا حيث قضى بسجن كل من قائد الطائرة ومساعده لمدة 10 سنوات ومن المدير العام للناقلة والمدير التقني لمدة 9 سنوات ومن رئيس ورشة الصيانة وفنيين (أحدهما جلب العداد والثاني ركبه) لمدة 8 سنوات وبرّأ ساحة اثنين آخرين لسبب بسيط هو أن الأول كان بمهمة بالخارج والثاني لم يكن في وقت دوام.. وإدانة مدير عام لشركة طيران بسبب حادث طائرة يعتبر الأول من نوعه في تاريخ النقل الجوي حسب شهادة المطّلعين على شؤون الطيران..ونفس الشيء بالنسبة لإدانة قائد الطائرة ومساعده وبقية الاداريين ..هذه الإدانة استوجبت علينا البحث في خلفيتها ودوافعها.. فكان اللقاء مع المدير العام للناقلة الذي كشف جملة من الحقائق المثيرة، وفي لقاء خاص مع الاسبوعي تحدث لأول مرة قائد الطائرة المنكوبة السيد شفيق الغربي بكل صراحة وأجاب عن كل أسئلتنا الحرجة.. وفيما يلي على امتداد الصفحتين تنشر «الأسبوعي» التفاصيل والخفايا التي تستوجب على ما يبدو كتابا كاملا. مدير عام توننتار: مسؤولية صانع الطائرة في حادثة الآتي آر 72 لا غبار عليها.. لكن المحكمة تجاهلتها إدانتي تعتبر سابقة في تاريخ الطيران وصانع الطائرة اعترف ضمنيا بمسؤوليته تونس - الأسبوعي: إدانة مدير عام لناقلة جوية في حادث طائرة يعتبر الأول من نوعه حسب شهادة المطلعين على شؤون النقل الجوي.. عن هذه الادانة غير المفهومة وعن أسبابها ودواعيها كان هذا اللقاء الخاص ل«الأسبوعي» مع السيد المنصف الزواري المدير العام للناقلة الذي حملنا إليه جملة من التساؤلات فأجاب عنها بكل وضوح. يقول السيد منصف الزواري الذي التقيناه في مكتبه نهاية الاسبوع المنقضي «أن الادعاء الايطالي اعتبر المسؤول الأول على الشركة هو مسؤول على كل شيء.. وهذا غير معقول وغير مقبول فمسؤولية المدير العام وإن كانت شاملة فإنها تتمثل -أساسا- في توفير الامكانات ووضع المسؤولين المؤهلين في المواقع الخاصة بهم.. وهذا كله متوفر في الشركة بشهادة خبراء ايطاليين وفرنسيين قاموا بتفقدها وأعدوا تقارير في الغرض.. ومن غير المعقول أن يلازم المدير العام للشركة عونا عند القيام بعمله للتأكد أنه أنجزه كما يجب.. إن ما حدث هو خطأ بشري ولم أقم شخصيا بأي خطإ أحاسب عليه.. وهو ما أكدته البلاغات الصادرة عن المؤسسات المختصة التي نصت بصريح العبارة أن ما حصل نجم عن خطإ في تركيب العداد.. وهذا الخطأ يتحمل صانع الطائرة قسطا كبيرا من المسؤولية فيه والذي لو تدارك الأمر لأمكن تجنب الحادث». * هل من توضيحات أكثر حول ما ذكرت؟ - إن مسؤولية صانع الطائرة أثبتتها الوكالة الفنية لسلامة الطيران بإيطاليا وكذلك خبير ايطالي معترف به دوليا ولخصت في 6 أوجه. أولا: صعوبة التعرف على العداد من حيث الترقيم ثانيا: غياب أية معلومة تنص على أن العداد يجب تركيبه على طائرة آتي آر 42 وليس على طائرة آتي آر 72 ثالثا: تماثل هوية العدادين رابعا: غياب كل الاجراءات الهادفة للتثبت والتأكد من صحة تركيب العدّاد خامسا: عدم قبول الطائرة لجهاز غير مؤهل لها. سادسا : غياب استقلال عداد غرفة القيادة عن العدّاد المثبت في الخزان..فلو توفرت إحدى هاته النواقص لما حصل الحادث لذلك فاعتقادي أن الصانع يتحمّل المسؤولية في ما حصل. * لكنّ من ركّب العدّاد، عليه التأكد من ذلك بما أن العملية سبق وتمت؟ - هذا ما قام به إذ وللاسف الشديد فإن العدّاد صنعه مصنع مناول لفائدة مصانع أتي آر ..هذه الأخيرة سوّقته بتأشير المناول ووضعت تأشيرا آخر في دليل الصيانة ولئن كانت الأرقام واحدة فإنّ الفرق هو إضافة مطة بين الارقام.. وأدى ذلك في النهاية إلى اختيار غير دقيق للعدّاد المناسب وكان يتوجّب التّثبّت مليّا في مطابقة العدّادين القديم والجديد من طرف العون الذي قام بتركيبهما رغم تشابههما الكبير. * وهل طبّق الصانع توصيات الوكالة الفنية للسلامة الجوية أو جانبا منها؟ - لقد نفذّ الصانع ما طلبته الوكالة وأحدث التغييرات على الطائرة المصنعة الجديدة وأمهلته الوكالة الاوروبية للسلامة الجوية أجلا الى موفّى مارس الجاري لتطبيقها على الموديلات القديمة لاستحالة إدخال الاصلاحات في ظرف وجيز.. وهذا يعتبر بدوره اعترافا ضمنيا بمسؤوليته. * إذن مسؤولية الصانع واضحة.. فلماذا لم تأخذ بعين الاعتبار؟ - تقارير الوكالة الفنية لسلامة الطيران والخبراء المختصين أكدوا ذلك.. لكن خبيرا واحدا غالى في تحميل المسؤولية... ورغم أن هذا الخبير لا يمتّ لمهنة الطيران بصلة فهو مهندس وأستاذ جامعي.. فقد تم اعتماد تقريره دون تقارير غيره.. وحسب المحامين فإنّ الادعاء كان رهينة للرأي العام الذي ضغط وخصوصا عائلات الضحايا فاختار التقرير الأشد إدانة أما القاضي فقد كان بدوره تحت تأثير عائلات الضحايا الذين كانوا يحضرون الجلسات بكثافة رغم أنهم لم يكن لهم الحق في رفع دعاوى لانهم حصلوا على تعويضات.. وهو كذلك رهينة لما ورد في تقرير الادعاء.. * سمعنا أن أحد المحامين مثّل جمعية وخاض حربا شرسة ضدكم خلال المحاكمة ..فهل هذا صحيح؟ - فعلا هذا صحيح هناك محام يمثل جمعية ضحايا حادثة ليناتي التي خلفت 118 ضحية وهذا الحادث الذي لا صلة له بحادث «توننتار» وقد مكنتهم المحكمة من الحضور كطرف مدني وقاموا بطريقة ملتوية مقام عائلات ضحايا حادثة توننتار في حين أن ضحايا توننتار ليس لهم الحق في ذلك بعد أن حصلوا على تعويضات تقدر بما يناهز ال 40 مليون دينار.. علما أن هذا المحامي كان له خلاف ومواجهة مع شركتنا عندما نصبّ نفسه في البداية ممثلا عن عائلة أحد الضحايا التونسيين وطالب تعويضات لها ب 4 مليون أورو وباقحام الشركة كمسؤول مدني لكن بعد أن وقع تسوية ملفها - محليا - شعر على ما يبدو أنه تم الاضرار بمصالحه فكان ردّ فعله شرسا.. إذ بعد أن لم يعد له أي حضور في ملف القضية مكنّته المحكمة من العودة مجددا وقد سعى الى إدانتي شخصيا أمام المحكمة معتبرا الجمعية طرفا مدنيا لم يقع تعويضه وطلب من القاضي عدم التخفيض في الاحكام حسبما ينصّ عليه القانون الايطالي رغم أن شركات التأمين رفضت اعتباره طرفا.. هذا لا يمنع أن ما أتت به المحكمة غير عادل حسب المحامين خصوصا وأنها قضت بالتعويض للجمعية ب 30 ألف أورو ولقريب أحد الضحايا الذي لا حق له في التعويض ب 15 ألف أورو رغم أنه تم تعويض والدي الضحية.. * لماذا لم تتخذوا إجراءات لنقل القضية الى تونس بما أن مرجع نظرها القانوني تونس؟ - لم نعلم إلا صدفة بأن مكان نزول الطائرة هو المياه الدولية بسبب تحفظ القضاء الايطالي على كل الوثائق مما لم يسمح للقضاء التونسي القيام بهمّته.. كان ذلك بعد أكثر من سنة قمنا باجراء اختبارات فنية دولية أكدت ذلك فرفعنا قضية لدى المحكمة الادارية الايطالية للنظر في مسألة عدم اختصاص الجهات الايطالية ومازلنا ننتظر البت فيها. * ولماذا لم تطعنوا في ذلك أمام محكمة بالرمو؟ - قدمنا طعنا في ذلك لكن حصل جدل بين محكمتي بالرمو وباري حول أحقيتهما في النظر في القضية ونظرت محكمة عليا ببالرمو في الامر وحسمت الأمر لفائدة محكمة بالرمو.. واعتبروا ان هذا القرار كاف للنظر في القضية. * هل ترى أن المحامين قصّروا في أداء واجبهم؟ - المحامون كانوا من خيرة أساتذة القانون الايطالي وقد أصابهم الذهول لما حدث لأن المحكمة لم تحترم حتى القانون الايطالي القاضي بالتخفيض في ثلث التهمة عند حصول صلح قبل القضاء.. وثلث على اعتبار ظروف التخفيف التي يفترض التمتع بها على خلفية عدم تحمل المسؤولية كاملة .. المحامون الانقليز الذين يمثلون شركات التأمين أصابهم الذهول كذلك لهذا الحكم الذي لم يشهده تاريخ القضاء حتى في انقلترا.. والجميع يؤكدون أن الجو العام داخل المحكمة أثّر على سير القضاء لقد كان المحامون مقتنعين بأن الادانة سوف لن تطال إلاّ الذين لهم مسؤولية مباشرة فيما حدث وستكون الأحكام معتدلة تبعا للتعويضات والملفّات الفنيّة.. لكن حصل ما مثّل مفاجأة للجميع. * وكيف سيكون تحرككم مستقبلا؟ - سنتصدى لهاته الاحكام حتى إن لزم الامر الالتجاء الى القضاء الدولي كما سبق عندما التجأنا للاتحاد الاوروبي لاعادة نشاط الشركة على ايطاليا. * وهل ترى أن غيابكم عن المحكمة كان وراء الاحكام القاسية؟ - لم يقع استدعائي في أية مرحلة من مراحل التقاضي ورغم أن المحامين أكدوا على استعدادي للحضور فإن القاضي رأى أن لا موجب لذلك. * بعد كل ما حصل ..هل ترى تأثيرا على مردود الشركة في أوروبا؟ - بل بالعكس لقد اتصل بنا وكلاء الاسفار ليؤكدوا لنا تضامنهم معنا ومواصلتهم العمل معنا.. لقد نقلنا خلال عمر الشركة 6 مليون مسافر سدسهم إيطاليون وشهد نشاطنا تطورا بعد الحادثة ..وهذا إنّ دلّ على شيء فإنما يدل على أننا شركة تحظى بتقدير مهنيي السياحة وحرفائها.