التقيت مؤخرا عددا من الاصدقاء والصديقات الذين زاروا خلال العطلة الصيفية مدن الجنوب ومواقعه التاريخية والبيئية المميزة.. من واحات توزروقبلي وقابس الى صحاري تطاوينومدنين.. قد تصدمك مشاهد الاراضي والجبال القاحلة ولفحات الشمس في جهات لا ماء فيها ولا زرع.. خاصة عندما تكون السيارة (أو الحافلة) غيرمكيفة.. لكن جمالية مناطق عديدة في ولايات الوسط والجنوب تغري فعلا.. على قساوتها.. ولئن اكتشفتها وكالات الاسفار الغربية فقد حان الوقت لتتاح فرص مناسبة لملايين الشباب والاطفال التونسيين والتونسيات.. حتى يكتشفوا بدورهم أعماق بلدهم.. ويتعرفوا على عظمة تراثه وجمالية مشاهده الطبيعية.. وانجازات أبنائه وبناته.. حتى حولوا مناطق معروفة بمناخها القاسي الى مدن وقرى جميلة يطيب فيها العيش.. من سليانة والفحص الى مدنينوتطاوين.. من الكريب الى مطماطة و" أم التمر"وبنقردان.. في الجهات الداخلية للبلاد جنود مناضلون من أجل لقمة الخبز.. واحداث مواطن رزق لمواطنيهم.. ("كل قدير وقدره ") هؤلاء يناضلون دون ضجة ضد الفقروالبطالة.. والحرمان والخصاصة.. يتحدون البرد القارس بالبرنس و"القشابية " وهم يضحكون.. ويصبرون على شدة الحر عبرالمظلة ( " الظلالة القابسية والجربية ).. والعمل باكرا.. تتنقل بين اسواق بن قردان ومدنين وجربة وقابس وتطاوين.. وقرى ولايات قبلي وقفصة وسليانة والقصرين والكاف.. وغيرها من المناطق التي قد تنتشر فيها مظاهر الفقروالخصاصة فلا تتمالك الا أن تقدرهؤلاء الجنود الصامدين على حدود البلاد جنوبا وغربا.. جنود سلاحهم الايمان بالعمل وارادة تحدي قساوة الطبيعة.. والمتخاذلين من البشر.. سكان هؤلاء المناطق لقوا في العقدين الماضيين دعما كبيرا.. يذكر فيشكر.. عسى أن يتواصل.. تقديرا لصمودهم وامتناعهم عن النزوح والهجرة.. وعسى أن تفي الدول الغربية بوعودها الخاصة بدعم جهود التنمية في هذه الجهات " الاقل حظا ".. ومساعدة الدولة في القضاء على الاسباب العميقة للهجرة غيرالقانونية والتطرف والعنف والارهاب..