لئن اعتدنا نظريا استقبال السنة السياسية بحلول شهر سبتمبر من كل سنة بعد أن يكون النشاط السياسي قد هدأ صيفا فإن الحركية التي شهدتها الساحة السياسية خلال الصيف المنقضي لم تمكنّ العديد من التمتع بعطلهم بالاريحية المعتادة لأكثر من سبب.. فخلال الصيف المنقضي فقد البعض مواقع لهم على الخارطة السياسية محليا جهويا أو وطنيا وكسب أخرون مواقع جديدة ويسعى من فقد موقعه الى استرجاعه مهما كان الثمن وحتى من أُغلق الباب وراءه فإنك تجده يسعى للعودة من الشباك أما من كسب موقعا فتراه ساعيا الى تدعيمه والى تحريك ماكينة العلاقات علّه يحظى بما هو أهم خصوصا وأن هذه السنة السياسية ستكون حاسمة بما أنه سيتم خلالها الاعداد للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة وبعدها التفرغ للانتخابات البلدية ثم تجديد جانب من مقاعد مجلس المستشارين. ومن هذا المنطلق فإن السياسيين والمتسيسين ومتذيلي السياسيين بدأوا في إعداد الخطط والسيناريوهات لكسب حرب المواقع والمقاعد ولعل أكبر دليل على هذه المناورات تلك الهجرة الجماعية أو قل «الحرقان» من حزب معارض الى آخر في محاولة للحصول على نصيب من قسمة كعكة المقاعد قبل فوات الاوان.. وكما الهجرة نجد الاقصاءات تلعب دورها في المضمار لافساح المجال لاطراف دون أخرى للظفر بنصيبها من الكعكة. ومن أفسد مظاهر كسب المواقع ما نلحظه لدى البعض من تمسّح على الاعتاب وتمجيد و«تكمبين»و«هزان قفة» و«تلحيس» وغيرها من الصفات التي لا نجد لها أفضل تعبير غير ما يتوفر في قاموس اللغة الدارجة.. ويتقبل عموم الناس ممن يمثلون القاعدة الانتخابية هذه الاشكال المنحطة من العمل السياسي بالكثير من الاشمئزاز والقرف خصوصا إذا ما تعمّد الباحثون عن المناصب التعبير بمثل تلك الاشكال المنحطّة على رؤوس الملأ - وهو ما يحدث عادة لكسب رضاء السياسيين- إن الشعب التونسي بلغ درجة من النضج التي تجعله يميز بين النضال السياسي و«التقفيف»..بين الدفاع عن برنامج والدفاع عن أفراد.. بين الراغبين في خدمة البلد والراغبين في خدمة أنفسهم.. بين الولاء لتونس والولاء للاشخاص.. أفهل ترى يفقه من هم موضوع حديثنا ما ورد أم ترى على أعينهم غشاوة فهم لا يبصرون أن نسخة 2009 من أفراد هذا الشعب تختلف شكلا ومضمونا عن النسخ التي اعتادوها. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: