رغم محدودية قواعدها وقلّة عتادها فان المعارضة التونسية لا تزال تتخبّط في معارك هامشيّة بعيدة كل البعد عن معارك البناء والتشييد التي يفترض ان تخوضها اليوم وأكثر من أي وقت مضى.. هذه المعارضة التي لا تستعرض عضلاتها الا عندما يتعلق الامر بتقاذف التهم فيما بينها واستخدام عبارات الشتائم «الجاهزة لكل زمان ومكان»... المستمدة من قاموس «الحرب الباردة» ايام الاتحاد السوفياتي التي تنم عن انعدام النضج السياسي.. هذه المعارضة اصبحت تبدع في تنفير الناس منها في الوقت الذي هي في حاجة فيه لاستقطاب الانصار استعدادا للاستحقاقات القادمة. وان من المؤلم حقا وقد سعى هرم السلطة بفضل صلاحياته الدستورية الى توسيع قاعدة الناخبين الى من بلغوا سن الثامنة عشرة ان لا تُولي المعارضة لهذه الشريحة أيّ اهتمام في الوقت الذي سيناهز عددهم الاربعمائة الف بحلول انتخابات سنة 2009 بما يجعل منهم قاعدة انتخابية هامّة من يكسبها ينجح في كسب مواقع متقدمة له خلال المعركة الانتخابية.. وفي الوقت الذي من المفروض ان تستغل فيه المعارضة الحيز الذي تمنحه لها وسائل الاعلام لابداء الرأي في مشاغل الشباب وتقترح الحلول العمليّة لفتح المزيد من الافاق امامه نجدها تملأ هذا الحيّز بالتهجّم على بعضها البعض وإلصاق التهم الجاهزة بكل من يخالفها الرأي حتى ولو كان من صلبها. يحدث كل هذا وبلدنا يمر بمرحلة انتقالية حساسة كم نحن في حاجة فيها الى كل حبّة عرق والى تضافر كل الجهود.. أفبمثل هذه الطبقة السياسية سيتحقق المرجو؟ أبكيل التهم والصاق الكليشيهات الجاهزة على غرار «الدوران في فلك السلطة» أو «العمالة للخارج» أو «الاستقواء بالاجنبي» سيتحدّد مصير من سيدخل قبّة البرلمان ومن سيبقى خارجها ومن سيشكّل الحكومة القادمة ومن سيتولى معارضتها؟ أبهذه الانماط من التصرّف ستقف هذه الاحزاب في وجه «دينصور» السياسة التجمع الدستوري الديمقراطي وتفتكّ منه المقاعد. إن من يريد كسب نصيب محترم من «كعكة 2009» مطالب اليوم بالعمل المهيكل.. مطالب بتجميع الطاقات الحية حوله.. مطالب بالاقتراب اكثر من المواطن والانصات اليه والتعبير عن مشاغله.. مطالب بان يكون اداؤه نابعا من المواطن وعائد عليه بالنفع .. مطالب اذا ما اردنا ان نلخّص كل شيء في كلمة واحدة ب «الاستقواء بالتونسي». حافظ الغريبي