تونس-الصباح مر زمن طويل على اقراره لكن العمل به ظل للاسف محدودا إن لم نقل معدوما... إنه قانون منع التدخين في الأماكن ذات الاستعمال العمومي الذي لا يزال يتحسس طريقه نحو القليل من الاحترام والالتزام بتنفيذه. صحيح أن العمل بمثل هذا النوع من القوانين يستند إلى درجة كبيرة من الوعي والحس المدني وقيم احترام الآخر... لكن متى غابت هذه المقومات(وللاسف هذا هو الواقع) يجب أن تحضر علوية ووجوبية الالتزام بتنفيذ القانون ويجب البحث عن آليات أكثر فاعلية لتطبيقه. التطرق إلى موضوع عدم احترام قانون منع التدخين في الأماكن ذات الاستعمال العمومي يعود إلى جملة من الوقائع التي تسجل يوميا على غرار التدخين في وسائل النقل العمومية.ففي الكثير من الأحيان يقدم البعض على التدخين على متن الحافلات وخاصة حافلات الخطوط البعيدة غير مكترثين بوجود أطفال في الحافلة وبحالة الاختناق التي يشعر بها الركاب جراء الاكتظاظ وارتفاع درجات الحرارة صيفا ليزيد التدخين من تعاستهم وغير مبالين بوجود مسنين في الحافلة أو أشخاص مصابين بمرض مزمن مثل القلب والشرايين وضيق التنفس وقد تتعكر حالتهم الصحية جراء تعرضهم للتدخين السلبي. إلى جانب التدخين على متن الحافلات نجد التدخين على متن سيارات الأجرة وغيرها من وسائل النقل تجد كذلك من يدخن داخل المستشفيات والعيادات والغريب أنك تجد أطباء وأعوان الصحة من بين هؤلاء؟! ورغم نداءات سائق الحافلة المتكررة للكف عن التدخين ورغم تذمر المواطنين مرارا وتكرارا واحتجاجهم ورغم وجود لافتات منع التدخين في المستشفيات وفي مختلف الأماكن ذات الاستعمال العمومي من إدارات وفضاءات عمومية ورغم وجود قانون منع التدخين في هذه الأماكن لم تنجح أي من هذه الوسائل في حمل المدخنين على الامتناع عن التدخين في الاماكن ذات الاستعمال العمومي والحد من هذه الظاهرة؟؟؟ ماذا عن الحلول المقترحة؟ يذكر في هذا السياق أنه وقع مؤخرا إحداث لجنة وطنية مكلفة بوضع خطة عمل لمكافحة التدخين عهد لها العمل على التقليص من نسبة المدخنين في مختلف الفئات ومحاولة تقليص نسبة الأمراض والوفيات المبكرة الناتجة عن التدخين ونجد كذلك من بين اهداف إنشائها العمل على تطوير القانون ومراجعته وإيجاد آليات أكثر فاعلية لتطبيقه. ومن بين الاهداف الخصوصية لاحداث لجنة مكافحة التدخين نجد التنصيص على ضرورة العمل على تطوير السلوك عبر الحث على اتباع سلوك صحي سليم في عدم التدخين والاقلاع عنه واحترام قانون منع التدخين في الأماكن ذات الاستعمال العمومي والالتزام بتطبيقه وجعل المؤسسات التربوية والصحية والفضاءات المغلقة خالية من التدخين. يذكر كذلك أنه وعلى امتداد شهر ماي الفارط وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة التدخين تمت برمجة جملة من التظاهرات والحملات التحسيسية شمل جزء منها العمل على التحسيس باحترام قانون منع التدخين في الأماكن العمومية لكن ما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن تغيير سلوك الأفراد وترسيخ سلوكيات جديدة يتطلب العمل على استرسال الحملات التحسيسية والتدخلات الميدانية وعدم الاقتصار على شهر واحد أو مناسبة معينة بل يجب تكثيف الأنشطة والتظاهرات والتدخلات والحملات الميدانية في الساحات العمومية وفي الاماكن التى تعرف ذروة الاقبال حتى يتم تحقيق الاهداف المرسومة وحتى يخرج قانون منع التدخين من دائرة القانون مع تأجيل التنفيذ.