قد يكون المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية باراك أوباما فضل التحلي بالتواضع والركون إلى ضبط النفس وعدم استباق الأحداث عندما دعا أنصاره إلى عدم الإفراط في التفاؤل بعد أن أظهرت نتائج استطلاعات الرأي تقدمه بفارق كبير نسبي على منافسه الجمهوري جون ماكين في أعقاب المناظرة التلفزية الأخيرة التي طغت عليها الأزمة المالية التي تعصف بالاقتصاد الأمريكي وباقتصاديات بقية الدول المصنعة الكبرى. وقد أحسن أوباما صنيعا لأنه ترك الأمور تسير وفق مسار طبيعي لأن التشديد على تحميل ماكين تبعات الأزمة التي تتحمل مسؤوليتها الإدارة الجمهورية الحالية لن يقنع بالتأكيد الناخبين الأوفياء للحزب الجمهوري لأن المسألة أعمق من ظرف قد تجد أية حكومة نفسها عرضة له مما يعني أن "تحويل وجهة الناخبين" الجمهوريين نحو أوباما أو اللجوء إلى الامتناع عن التصويت يوم الانتخابات لن يكون آليا لأسباب إيديولوجية تتمحور حول الاختلاف في الاجتهادات بشأن الليبيرالية الاقتصادية إضافة إلى أسباب اجتماعية ورواسب تاريخية ستكون لها بالتأكيد الكلمة النهائية يوم الانتخابات. وما أوضحه آخر استطلاع للرأي من أن نسبة مؤيدي ماكين داخل الحزب الجمهوري تفوق نسبة أنصار أوباما في الجانب الديموقرطي(91 في المائة مقابل 88) يعني أولا أن على أوباما "غزو" قطاع معتبر من الديموقراطيين بما في ذلك العنصرالنسائي الذي راهن على هيلاري كلينتون وإقناعهم بجدوى انتخابه وبما يحمله من بدائل وثانيا كسب رهان إقناع الناخبين المستقلين وهي نفس الفئة التي يسعى ماكين بدوره إلى جلبها لصفه إضافة إلى "الغاضبين والغاضبات" بين أنصار الحزب الديموقراطي. لذلك فإن الأسبقية التي يتحدث عنها آخر استطلاع للرأي لفائدة أوباما (49 في المائة مقابل 44 لماكين) قد تتبخر بمرور الوقت إذا لم يحسن المرشح الديموقراطي تركيز حملته الانتخابية على مسائل مازالت تشغل بال الرأي العام الأمريكي ولا بد من موقف واضح تجاهها مثل الإجهاض وزواج الشاذين جنسيا إضافة إلى افتكاك ولايات تصوت تقليدا للجمهوريين . وحتى إذا كان أوباما اختار مرشحا لمنصب نائب الرئيس ذا خبرة فإنه على الصعيد الشخصي ما زال يحتاج لردم الهوة بينه وبين ماكين ذي الماضي "البطولي" شفعت له مشاركته في حرب فيتنام وأسره من قبل قوات "الفياتكونغ" التي عذبته كأن مرشحته لمنصب نائب الرئيس تعتبر أما مثالية تحافظ على الترابط الأسري وتعارض الإجهاض بشدة وهو ما يعني أن المرشح الديموقراطي سيواجه منافسة شديدة لن تحسمها مسبقا تطورات الأزمة المالية . إنها بلا شك المرة الأولى التي ستشهد فيها الانتخابات الرئاسية الأمريكية منافسة شديدة على خلفية أول محاولة جدية للتأكيد على إحداث نقلة في المجتمع الأمريكي بانتخاب رئيس من أصل غير أوروبي وطي صفحة الشرخ الذي تسببت فيه التفرقة العنصرية بين أبناء البلد الواحد تصديقا لمقولة تنوع أصول الشعب الأمريكي،، ولكن أسلحة معارضي أوباما لم تنفذ إلى آخر لحظة على ما يبدو ذلك أن صحيفة أمريكية "كشفت" أن أوباما كان على علاقة بامرأة بيضاء غير أنه نظرا لتمسكه بانتمائه العرقي فضل طردها من حياته(!!) إنها بالتأكيد بعض أساليب الذين بفتقرون إلى روح المنافسة الشريفة بما يعني أن الغوص في هذا البحر فيه الكثير من الأمور القادرة على قلب الموازين لفائدة أي مترشح.