هناك مقولة شعبية في عدة جهات تونسية تعتبر أن قلوب الناس تلين مع نزول المطر.. وأن من بين مزايا مياه الغيث النافع أنها تنظف القلوب والعقول مثلما تنجح في تنظيف كثير من الشوارع الوسخة . لكن في عدد من طرقاتنا يحصل العكس.. ترى شوارع تغرق في "بركة ماء".. ترى أرصفة مغطاة بالمياه التي لفظتها "البالوعات".. عوض أن تمتصها مثلما قيل عند تبرير الملايين التي رصدت عند البدء في انجازها.. والاهم من هذا وذاك أن الايام الممطرة كثيرا ما تقترن بانتهاكات بالجملة لقوانين الطرقات.. بدءا من تضاعف نسبة المتوقفين في اماكن ممنوعة.. ومتبعي اتجاه معاكس وممنوع.. والمستهترين بعلامات الطريق والخط المتواصل.. أما اذا خامرتك فكرة أن تفتح فاك (ونافذة سيارتك) وتطلب من السائق (أو السائقة) الذي اعتدى على حقك وضايقك من خلال مجاوزاته الممنوعة وتلويثه لعربتك بالمياه الراكدة ("المياه الآسنة") فقد تسمع كما هائلا من السب والشتم.. الذي يطالك وقد يشمل أمك وأختك وكل أجدادك وجداتك.. فضلا عن سب الجلالة وبقية عبارات العنف اللفطي.. ("قيد على المطر"..؟؟) أتساءل أحيانا : كيف سيكون رد الامريكي الذي يحمل في سيارته سلاحا ناريا لو قاد عربته في بعض طرقاتنا وسمع شتائم مجانية بالجملة؟ تساؤل يزعجني التفكير فيه.. ولأني تربيت على حب التفاؤل.. وعلى النظر خاصة الى نصف الكاس المملوء.. وليس الى نصفه الفارغ.. ادعو كل مستعملي الطريق الى الابتسام عوض التكشير عن الانياب.. والى استبدال الصراخ والخصام بهدوء الاعصاب وترديد أغان فكاهية ومرحة.. وحبذا لو يفتحوا اجهزة مذياع السيارة.. فقد يجدون فيها ما ينسيهم " العوج" الذي حولهم..