تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب محمد أبو القاسم كرّو:
«الصّباح» تفتح ملف «السرقات الأدبية» والاتهامات في شأنها
نشر في الصباح يوم 11 - 11 - 2008

«الخطف والانتحال لكتبي ومقالاتي بدأ منذ خمسينات القرن الماضي»
كاتب جزائري أكرمت وفادته فسرق كتابي «شخصيات أدبية»
كتابي عن «طه حسين والمغرب العربي» سرق في مصر قبل أن يتمّ السّطو عليه في تونس
في منزله كان هذا اللقاء مع الأديب محمد أبو القاسم كرو الذي قدّم لي نصا بخطه يده ضمّنه ما تعرض اليه من سطو وخطف وانتحال لكتبه منذ خمسينات القرن الماضي على حد تعبيره.. كما كشف في هذا اللقاء الخاص معه على العديد من الحقائق والمواقف التي قد يأتي الوقت المناسب للاعلان عنها.
الأديب محمد أبو القاسم كرو تحدث بصراحة عن تفاصيل واسرار ثقافية.. بلهجة صريحة مدعمة بحجج ووثائق وشهادات.. ولم يخف الألم مما تعرض له وهو الذي وهب جهده لأجل أن يكون دائما «السبّاق» في كل ما يقدمه وينشره من مؤلفات اثرت المكتبة التونسية والعربية على حد السواء.
أجرى الحوار: محسن بن أحمد
الخطف والانتحال لكتبي ومقالاتي لم يطف او يظهر الآن فقط.. بل هو متواصل منذ خمسينات القرن الماضي.. وبالتحديد بعد أن ظهر عام 1952 اول كتاب في الأدب الحديث عن الشابي.. وكان ظهوره حدثا كبيرا في الشرق وفي تونس، كما زاد في مكانة الشابي والتعريف به وبتونس التي كانت تخوض ثورتها السياسية والمسلحة ضد الاستعمار الفرنسي الجاثم يومئذ على كامل البلاد.
لهذا كتبت فصول الكتاب بروح وطنية كما لم يخل اسلوبه من الحماسة.. ثم أعيد الكتاب عام 1954 لان الاقبال عليه في تونس وفي الاقطار العربية كان كبيرا.. ولان القراء جميعا كانوا يحبون الشابي رغم ان معرفتهم به لا سيما في الشرق لا تزيد عن بعض القصائد.
** اما كامل شعره وبلاده التونسية.. قليل الذين يعرفون ذلك وزاد من تلك المجهولية وخطرها أن بعض مشاهير المشارقة كانوا ينسبونه الى مصر او الى المغرب الأقصى.
** وفي هذا المحيط وهذا الوقت ظهر كتابي عنه.. هذا الكتاب الذي قال عنه ميخائيل نعيمة عام 1953
** «... أما كتابك «الشابي.. حياته» فقد جاء في وقته لاننا لم نكن نعرف عنه وعن شعره الا قوله:
اذا الشعب اراد الحياة
فلا بد أن يستجيب القدر..»
ونص كلامه حرفيا يوجد اليوم في المجلد التاسع من اعمال ميخائيل نعيمة الكاملة.. كل ذلك يحدث قبل ظهور اول طبعة لديوان الشابي.. وهي التي تمت في القاهرة عام 1955 بحضور واشراف المرحوم محمد المرزوقي الذي سافر من اجله على حساب دار الكتب الشرقية بتونس.
ومع ذلك ظل كتابي (الشابي) يطبع طبعات شرعية وطبعات مزورة اكثر من عشرين مرة.. وفي غمرة الطبعات والشهرة ظهرت كتب وطبعات منحولة ومزوّرة مما يطول الحديث والبيان عنه.
سرقة كتاب «شخصيات أدبية»
وواصل الاديب الكبير ابو القاسم محمد كرو حديثه:
«كذلك سرق لي كتاب اخر هو «شخصيات أدبية» الذي ظهرت طبعته الاولى بتونس عام 1958 حيث أعيد طبعه في بيروت في عام 1966.. وعن هذه الطبعة ظهر كتاب في الجزائر بعنوان «تاريخ الثقافة والأدب» منسوب بكامله الى كاتب جزائري عاش فترة من حياته في تونس وكنت اساعده ماديا وادبيا وغذائيا.. وفتحت له بيتي وكرمي.. ورغم ان اختصاصه هو الفلسفة فقد سطا على الكتاب بأكمله ونسبه اليه وغيّر من عنوانه.. ولكن لجهله المركب ترك في الكتاب اسمي في تقديم الناشر اللبناني بطبعته عام 1966..
فكان ذلك وغيره سببا في ظهور معركة قلمية في صحف الجزائر حيث اعترف المنتحل المزور بعمله في جلسة خاصة اعتمادا منه انها لن تنشر.. ولكنها نشرت.. وفي الصحافة الجزائرية.
... كل ذلك وأنا لا علم لي.. ولم اسمع القصة كاملة الا بعد شهور من حدوثها خيث نقلتها لي كاملة احدى الصحفيات الجزائريات التي سعت بنفسها الى تونس والى الاجتماع بي ومعها كل الوثائق وهناك ذيول وفصول حول هذا المنتحل الجزائري.. قد اعود اليها معك في مناسبات قادمة.
**
أما كتابي عن «طه حسين والمغرب العربي» فقد ظهرت طلائعه عام 1993 في كتاب عن طه حسين نشرته واشرفت عليه «بيت الحكمة» بتونس وكان بحثي به يستغرق اكثر من 50 صفحة وهو اطول بحث في الكتاب حيث توليت شخصيا تقديم محاضرة طه بتونس في صفحتين ثم اعقبتها بنص لاول مرة عن هذه المحاضرة التي نشرت ناقصة في صحف ذلك الوقت.
... ثم توسعت في بحثي وفي علاقات طه حسين بتونس والجزائر والمغرب الذي سافرت اليه والى مدريد والقاهرة مرات عديدة.. وهكذا توسع الموضوع وكثرت نصوصه كما كثرت مقالات ومحاضرات وصور طه حسين في المغرب العربي وصحافته وفي صحافة مصر بقلم طه نفسه الذي اعتز بمعرفته وبدخولي الى مجمع اللغة العربية في القاهرة باقتراحه او موافقته كرئيس لهذا المجمع يومئذ.
وهكذا ظهر كتابي الموسع الكبير عن «طه حسين والمغرب العربي» عام 2001 في الطبعة الاولى حيث قال عنه مصطفى عطية في العام الموالي بجريدة «الصريح» عدد 25 جوان 2002 ما نصه:
«... كذلك الشأن بالنسبة لأبي القاسم محمد كرو عن طه حسين والمغرب العربي الذي نال الكثير من الاحاطة النقدية خارج الحدود ولم يجد في منابرنا الا بعض الكلمات العابرة التي تبشر بظهوره رغم انه صدر ووزّع ببلادنا..»
*** ولم يقابل كتابي عن «طه حسين والمغرب العربي» بعزوف النقاد وتجاهلهم في تونس.. اما في المغرب الاقصى بجريدة العلم وبصحف طنجة فقد لقي عناية واهتماما ملحوظين من اساتذة الجامعات وكبار النقاد.
كذلك الامر في مصر حيث نوهت به جريدة «الاهرام» في مقالة طويلة، كما لقي الكتاب في طبعته الاولى اقبال القراء في مصر وبقية اقطار الشرق اقبالا ملحوظا مما جعل طبعته الاولى وحمل المؤلف عام 2007 على اعادة طبعه بالتصوير مرة ثانية.
ومع ذلك لم يسلم الكتاب من الخطف والسطو.. خاصة في مصر وفي تونس فعن طبعته عام 2001 انتحله صحفي مصري عام 2004 في معظم كتابه عن طه حسين وقد تصدّى له وفضحه بالنصوص الكاتب التونسي المعروف محمد المي في مجلة الملاحظ التي افسحت صفحاتها لجميع ما يصل اليها حول الموضوع بما في ذلك كتابات المسجل نفسه الذي لم يجد سندا له في انتحاله الا ممن يماثله في بلادنا اي انه كان ممن يصدق فيهم القول المأثور «اتق شر من احسنت اليه».
وفعلا أمكن لهذا الدخيل ان يكون القطرة التي فاض بها الكأس فكتبت مقالة وداعية عام 2004 بعنوان «وداعا أيها القلم..» تم نشرها في جريدة «الصباح».. مما حرّك بعض الاقلام في تونس بل وفي المغرب شمالا وجنوبا..
وهكذا امتنعت عن الاذاعة والتلفزيون وعن الصحافة لطبيعة الظروف.. وتبعا لذلك انقطعت جميع كتاباتي في الصحف.. اما الكتب فلم أنقطع عنها وان فكرت في ذلك..
خطف جديد لكتابي «طه حسين والمغرب العربي»
واصل الأديب الكبير محمد ابو القاسم كرو:
... لعل ذكرى العلامة ابن خلدون عام 2006 والتي دعوت اليها منذ عام 2004 كانت السبب الأهم في الكتابة من جديد ففي هذا العام صدر لي كتابان عن ابن خلدون.. احدهما جديد هو «ذكرى ابن خلدون» والثاني هو «العرب وابن خلدون» في طبعته الخامسة ثم توالت الكتب الجديدة او المعادة.
ومن الكتب المعادة بالتصوير كتابي «طه حسين والمغرب العربي» عام 2007.
وعن هذه الطبعة كان الخطف الأخير والسطو الشهير الذي تجرّأ عليه كاتب تونسي.. وظن ان نشره في مجلات الخليج وذكره لاسمي في السياق كفيل وحده بخدمة اهدافه وتغطيه مآربه.
لكن تعلقي بما يكتب عن طه حسين وما ينشر منسوبا اليه جعلني اهتم بمجلة «دبي الثقافية» التي نشرت ملفا خاصا وكبيرا عن طه حسين في ذكراه.
... ولنبدأ القصة او قل يبدأ الاهتمام حين قرأت بجريدة (القدس العربي) عدد 2 اكتوبر 2008 وصفا تعريفيا بهذا العدد وملفها الخاص بطه حسين.
فسعيت فعلا الى معرفة الجديد الذي قد يكون حول طه حسين ضمن هذا الملف.. ولم أدرِ ان اسمي سيحشر في طالع العدد وانه سيكون تمهيدا وتسهيلا لما بعده من انتحال.
وقبل التفاصيل وقبل مقالة الصباح في الموضوع للأستاذ عبد الحق الزموري.
واصل المدعو الحبيب الأسود خطفه المنشور في «دبي الثقافية» وواصل الخطة نفسها في جريدة تونسية وجعل اسمه مطية لاغراضه في تونس تماما بنفس الاسلوب المتبع في الخليج.
وحاول محمد المي ان يصلح ما يستطيع اصلاحه.. ثم سافر مع وفده الى الكويت.. بعد ان اوقف النشر الثاني بتونس او الخطف الثاني.. لكن بيان الاعتذار الذي وافقت عليه لم ينشر.. وعندها اعلمت بالامر مجلة «دبي الثقافية» ويبدو أن المجلة قد اتصلت هاتفيا بمراسلها الذي لا أعلم بماذا اجابها.. فقط فهمت ذلك من شخص ثالث لا علاقة له بالموضوع ولكنه اتصل هاتفيا بي لاول مرة ويبدو من المرتعش انه يريد ان يغطي صاحبه.. فصرفته وسوفته.
** من خلال هذه المقدمة الطويلة تبين انك كنت مستهدفا منذ أمد طويل.. ما هو تفسيرك لهذا الامر؟
أنا حريص قبيل تأليف اي كتاب ان أكون صاحب المبادرة الأولى.. احرص ان اكون دائما اول من يكتب او يتناول شخصية ما.
أكثر مؤلفاتي كانت حول مواضيع او كتّاب او شعراء لم يكتب عنهم احد قبلي مثل (الشابي) و(ابن خلدون» و(ابن هاني) و(الخضر حسين) الى آخره.. أكتب في مواضيع اخرى أكثرها عن الاعلام لكنها لا تصل الى درجة الكتاب في حين اني اكتب عن اخرين اكثر من كتاب واحد مثل الشابي وخير الدين التونسي وابن خلدون.
** كيف تنظر الى (السرقات الادبية) كظاهرة اصبحت مستشرية في العالم العربي بشكل ملفت للنظر؟
السرقة الأدبية لا تدل الا على ضعف وخطف واستسهال.. وهذه المعاني سبقني اليها طه حسين نفسه في مطلع الخمسينات من القرن الماضي كان يقول للذين ينتقدونه في ذلك الوقت «انكم لا تقرأون» وفعلا هناك فرق كبير بين ذاكرته وذاكرتهم وبين مؤلفاته وما نسب اليهم ويكفي وهنا شاهد واحد على ان الذين كانوا بهاجمونه في ذلك الوقت هم الآن ومنذ سنوات اي في مطلع القرن الجديد في طليعة المدافعين عنه لانهم تقدموا في المطالعة والتجربة والتأليف وهنا اذكر لك مثالا واحدا بالاسم وهو الان شيخ من كبار اليساريين في مصر (محمود أمين العالم) فهو يدافع في الوقت الحاضر عن طه حسين ويشرف على بعض كتابه ومنها كتاب (معاك) اي (معك) لزوجة طه حسين فهو الذي تولى الاشراف عليه بالعربية بعد ان كتبته بالفرنسية.
** كتابك عن طه حسين.. كيف جاءتك الفكرة لاول مرة؟
البداية كانت سنة 1948 وأنا مازلت طالبا في التعليم العالي بدار المعلمين العليا في بغداد اذا اشتبكت مع استاذ مصري حول ابن خلدون اذ قال عنه «انه شعوبي» فرفعت يدي لاسأل الاستاذ من الذي قال فأجاب «ابن خلدون في كتاب طه حسين» وهو يقصد كتاب «فلسفة ابن خلدون لطه حسين» الاطروحة التي نجح بها في فرنسا ثم اعتنيت بالموضوع منذ ذلك الحين الى ان ألقيت عنه محاضرة في طرابلس ليبيا عام 1953 عنوانها (العرب وابن خلدون).. وظل هذا الموضوع يشعل بالي الى ان عدت الى تونس من ديار الهجرة اواخر 1954 فلما اصدرت (البعث) كتاب شهري كانت فيه حلقة عن ابن خلدون بعنوان (العرب وابن خلدون) الذي اصبح كتابا صدر بمناسبة ذكرى ابن خلدون وعذرت الحكومة التونسية التي كانت في عامها الثاني للاستقلال لأنها مشغولة عن ابن خلدون لتدعيم الاستقلال واخراج الفرنسيين من البلاد.
ثم استمرت متابعتي لهذا الموضوع الى ان صدرت الطبعة الثانية والثالثة والرابعة عن ابن خلدون وفي كل مرة اتوسع بزيادة فصول جديدة او باحثين جدد تناولوا بالقدح وعدم التروي والتهجم بدون وجه علمي او تاريخي يبرر هجوماتهم على ابن خلدون وفي الطليعة دائما طه حسين.. وهذا لا يعني انني ضد طه حسين.. لا وانما اريد ممن يكتب ويتناول احدى الشخصيات او فترة تاريخية ان يقول الحق ولا شيء سوى الحق، وقد اعترف لي بذلك طه حسين بنفسه عندما تحادثت معه عام 1957 في تونس فقال لي قولته المشهورة التي بقيت في نفسي ودونتها «أنا ألفت الكتاب والعرب نايمين وانت ألفت كتابة والعرب صاحين».
.. وفعلا هناك فرق كبير بين الاقطار العربية في عام 1917 و 1957 ومنذ ذلك الوقت زاد اهتمامي بالرجلين معا: ابن خلدون وطه حسين واتشرف حتى الآن باني أصبحت من اعضاء مجمع اللغة العربية المراسلين في عهده ورئاسته لهذا المجمع بالقاهرة وربما كان ذلك باقتراح او بايعاز منه.
واستمرت اهتماماتي بالاثنين معا طه حسين وابن خلدون الى اليوم وكتبي عن ابن خلدون كثيرة منها (العرب وابن خلدون) طبع آخر مرة عام 2004 وفي نفس العام طبع كتاب «ذكرى ابن خلدون» بمناسبة مرور 600 سنة وافتخر أني كنت الراعي لذكراه وكتبت في هذا الموضوع آخر مقالاتي عام 2004.
اما طه حسين فسبق ان قلت لك ان العناية به بدأت مع كتاب (العرب وابن خلدون) في طبعته الاولى عام 1956 والطبعات الموالية فتعلقت بالرجلين معا سواء في مطالعاتي او رحلاتي واسفاري ولهذا الغرض زرت المغرب مرات عديدة وقرأت ونقلت من الجرائد والصحافة المغربية ما كتبته عن زيارته لها وجمعت صوره ومحاضراته وكل ما يتعلق بهذه الرحلة وعندي صور تشهد بذلك كما زرت للغرض نفسه متحفه.. وحصلت على وثائق وصور من هذا المتحف وهذا تمهيد لنشر أول كتاب عنه عام 2001 فيه جميع هذه الوثائق والصور والمقالات والمحاضرات التي رحلت مرارا لجمعها وتوثيقها وقبل ذلك حاضرت عنه عام 1990 في بيت الحكمة بحضور صهره الدكتور محمد حسن الزيات وبالفعل نشرت هذه المحاضرة عام 1993 ومع ذلك لم ينته اهتمامي بالموضوع ولا بطه حسين بل استمر الى عام 2001 حيث صدرت الطبعة الاولى من كتابي الكبير عنه (طه حسين والمغرب العربي) اذ جمعت فيه جميع الوثائق والصور والمقالات والمحاضرات التي كتبها عن تونس والمغرب العربي او القاها محاضرات في هذه البلاد او ندوات اشترك فيها مثل ندوته بتونس عام 1957 التي اصبحت اليوم وثيقة بينه وعلي البلهوان والشاذلي القليبي وقد نشرت كل ذلك في طبعة الكتاب الاولى عام 2001 ثم اعدته بالتصوير كما هو عام 2007 وعلى هذه الطبعة هبط الخطافون دون أي جهد ودون أي عناء ألا يحز ذلك في نفس اي انسان.
** ألا تفكر في افراد هذه السرقات في كتاب؟
ريما يكون ذلك اذا انتهيت من الكتب الاخرى لكن يمكن أن اضيف شيئا ان احد الادباء التونسيين جمع في كتاب لا يزال مخطوطا السرقات التي اطلع عليها ولما علمت بذلك قلت له ولمن نقل لي هذا الكلام: يمكن له نشر كتابه بعد ان يعيد كتابا خطفه مني واستعاره لمدة اسبوع والآن مرت سنوات تفوق العشرين او تقرب منها ولم يعد لي هذا الكتاب الذي لا يتجاوز ثمنه ال3 دنانير فلما سمع هذا الكلام أحجم عن نشر كتابه ولعل موتي يتيح له الفرصة.
الكتاب المعني لعبد الحميد سلامة عن محمد البشروش في الكتاب جميع آثار البشروش، واهتمامي به انه الصديق الروحي للشابي ولم يكتب أحد من معاصري الشابي عن ذكراه مثلما كان محمد البشروش وفعلا فهو خلّ وفي للشابي.. وفي نظري يأتي في حبه واخلاصه وفهمه للشابي بعد محمد الحليوي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.