تونس - الاسبوعي: عندما نتأمل الخارطة الفلاحية ببلادنا.. نلاحظ بكل يسر تراجع المساحة الجملية المخصصة لزراعة العنب أي الكروم المعدة للتحويل.. أولا على المستوى الوطني وثانيا على مستوى الجهات المعروفة بتخصصها في انتاج هذا الصنف من أصناف الكروم.. ويعود السبب في ذلك حسب مهنيي القطاع الى ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية التي وصلت أسعار البعض منها الى عشرة أضعاف.. وكذلك ارتفاع أسعار المحروقات وارتفاع تكاليف الزراعة وهو ما نجم عنه تقلص المساحات المستغلة.. بحكم عدم إقبال الفلاح على مواصلة التجربة مع هذه النوعية من الزراعات وبحكم موجة الإقتلاع التي سادت في صفوف هذه الفئة من الفلاحين لمغروسات الكروم.. وهو واقع تترجمه الارقام والمعطيات التي سنوردها في مايلي: تراجع واضح من المعلوم أن الاتحاد المركزي لتعاضديات الكروم يقوم بمهام التعبئة والتعليب والتوزيع.. في حين تقوم تعاضديات الكروم وعددها عشرة بمهمة التخمير. وقد نجم عن هذا التكامل في الادوار تعبئة وتعليب وتوزيع مليون و800 هكتولتر سنة ..1964 ولأسباب عديدة أولها إقدام الفلاحين على تقليع المغروسات تراجع حجم الانتاج سنة 2007 الى 400 ألف هكتولتر.. وقد رافق ذلك أيضا تراجع على مستوى المساحة الجملية للكروم الصالحة للتحويل من 45 ألف هكتار سنة 1964 الى 14 ألف هكتار سنة 2007 . علما وأن هذا التراجع لم يكن فجئيا بل كان تدريجيا.. حيث كان مثلا حجم الانتاج في 1996 - 500 الف هكترلتر مقابل مساحة مزروعة تقدر ب 18 ألف هكتار.. وتواصل الانحدار في سنة 2008 لتصل المساحة المزروعة الى 14 ألف هكتار مقابل مجهود إنتاجي لا يتعدى 50 ألف طن يتم تحويلها الى 350 ألف هكتولتر ولكن ماذا عن الأسباب؟ أسباب متعددة تتعدد الاسباب الكامنة وراء ذلك.. ولكن السبب الرئيسي يعود لموجة التقليع التي برزت في صفوف الفلاحين.. نظرا لارتفاع أسعار المحروقات وبعض المواد الأولية من ذلك أن مادة (Cuprosan super D) كانت في حدود 770 مليم للكلغ سنة 1976 وأصبحت في حدود 10 دنانير في ..2008 والأهم من ذلك أن تطور هذه الأسعار لم يرافقه تطور هام على مستوى سعر بيع المنتوج الذي بلغ سعر الكلغ الواحد منه هذه السنة 510 مليم في حين كان عام 1976 في حدود 120 مليما.. هذا بالإضافة لحصول عجز في العام 1998 قدره حوالي 20 مليون دينار في ميزان الإتحاد المركزي للكروم تقرر اقتطاعه من مداخيل المزارعين وفق جدولة زمنية تبدأ من 1997 وتنتهي في ...2012 وهو ما أثر سلبا على حجم المداخيل والرغبة في المواصلة.. وقد أثر المناخ العام في الميدان على تعاضدية مسكي قليبية التي لم تشذّ عن القاعدة. تراجع وعجز تعاضدية مسكي قليبية التي بلغ حجم عجزها اليوم ما يقارب 750 الف دينار كانت تحقق مرابيح هامة طيلة سنوات عديدة.. وقد سبق لها الحصول على الميدالية الفضية في 1999 والميدالية الذهبية في ..2007 ومرة أخرى ساهم ارتفاع التكاليف وأسعار المواد الأولية في عدم تشجيع فلاحي الجهة على مواصلة زراعة الكروم الصالحة للتحويل.. ليصل حجم التراجع الى مستويات تنذر بالقلق.. فبعد أن كانت في حدود 1200 هكتار سنة ..1996 وصلت لحدود 200 هكتار سنة ...2008 أما عن سقف الانتاج الذي كان في حدود 36 ألف هكتولتر عام 1996 .. فقد تدنى الى 20 الف هكتولتر.. وقد ساهم تأهيل التعاضدية من خلال تحديث التجهيزات في عدم حصول تراجع كبير على مستوى الانتاج.. وتطلب مجهود التأهيل مبلغا ناهز مليون و400 ألف دينار عامي 1997 و..1998 عندما كانت التعاضدية تحقق هوامش ربح محترمة. خير الدين العماري للتعليق على هذا الموضوع: