... ورؤساء الغرف الوطنية يوضّحون رئيس الغرفة الوطنية لمورّدي ومصدري الآلات الكهرومنزلية: المصاعب التي يمرّ بها القطاع لا علاقة لها بالأزمة العالمية رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الملابس الجاهزة: غلق 4 مصانع وطرد ألف عامل وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين زادت الطين بلّة تونس-الأسبوعي: هل بلغت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية مشارف بلدنا... وهل بدأ يشعر بها الاقتصاد الوطني؟ عمليا تتطلب الإجابة عن هذا السؤال معطيات دقيقة وتحاليل وبحوثا معمّقة... ورغم ذلك يصرّ عديد التجار على أن ما تعيشه قطاعات معروفة بكونها أول ما يتلقى الصدمة على غرار تجارة المواد الكهرومنزلية والملابس الجاهزة وباعة السيارات الجديدة والمستعملة يعيشون حالة ركود واضحة... فهل هو ركود ظرفي أم هي بوادر الأزمة العالمية بدأت تخيّم على بلدنا... من الصعب الجزم في الأمر لذلك ارتأينا سؤال بعض التجار عن واقعهم المعيش ثم سؤال الأطر النقابية من رؤساء الغرف المعنية عن أوضاع قطاعاتهم... فكان الملف التالي الذي سنسعى ليكون بادرة تتبعها ملفات أخرى في المجال. الأسبوعي لأن الأزمة بدأت بالمساس من عديد الدول بتجارة الكماليات على غرار الأدوات الكهرومنزلية والملابس الجاهزة والسيارات ارتأينا أن نسأل البعض من تجار هذه القطاعات عن حال نشاطاتهم خلال المدة الأخيرة وفي ما يلي إجاباتهم. في محلات الملابس الجاهزة رغم أن تزامن حلول عيد الاضحى مع بدء فصل الشتاء يعدّ فرصة مناسبة لانتعاشة قطاع الملابس الجاهزة إلا أن الأمر يبدو مغايرا تماما فمحمد العافي (صاحب محل بيع هذه الملابس) والمخصصة تحديدا للنساء تحدث إلينا في دهشة من أمره من حال السوق قائلا: «توقعت شخصيا، أن تتحرك عجلة نشاطي في فترة العيد كما هو معمول به سلفا إلا أن هذه السنة لم أشهد أي إقبال بالمرة، لا أذيع سرّا إن قلت أن سوق هذه الملابس تشهد ركودا لم أعرفه منذ زمن خاصة وأن لي تجربة في الميدان تزيد عن العقدين من الزمن... لقد تغيرت نواميس الشراء عند الحريف الذي أصبح يساوم بشدّة ويتقشف في شراء مقتيناته - أي رغم أنه يكون مجبرا على شراء سروال وقميص فإنه يكتفي بشراء إحداهما وعوض أن ينفق على سبيل الذكر مائة دينار يصرف نصفها، زد على ذلك دخول عادة جديدة في سلوكه تتمثل بالأساس في الشراء بالعربون - أي يدفع قسط من ثمن اللباس الذي ينوي شراءه ويطلب مني أن أتركها على ذمته إلى حين يوفر بقية الثمن...». بين التقسيط والقروض ويواصل محمد العافي حديثه: «وجدت نفسي مضطرا إلى البيع بالتقسيط وهي طريقة حظيت باستحسان الزبائن... فالحريف التونسي اليوم، لم يعد قادرا على الدفع بالحاضر والتاجر من جانبه لا بد أن يدير دواليب رأس ماله». وفي نفس التوجه جاء كلام خليفة محجوب صاحب محل لبيع الملابس الجاهزة إذ قال «التونسي بطبعه يعيش على القروض... وفي ظل الأزمة المالية الحالية، أصبح هذا الأخير مسكونا بهاجس الخوف من «انسداد» أفق الحصول على قرض... لذلك لم يجد من سبيل غير خفض الانفاق على حاجياته الملبسية... وهذا نجم عنه تضرّر التاجر بالدرجة الأوى». في محلات بيع الآلات الكهرومنزلية «لا أخفي عليك أنه لم يبق في المحل غير بضع الآلات أبيعها بخسارة فادحة بغية تسويقها بسرعة لأغيّر صبغة النشاط» هكذا بدأ رضا حمودة حديثه إلينا وعلى ملامحه حيرة لا توصف... «الإقبال على الآلات الكهرومنزلية بجميع أنواعها حسب تقديري أفل... بحكم أن التونسي في هذه الآونة غيّر من طريقة تفكيره فلم يعد يبحث عن العيش في رفاهية من خلال شراء الآلات ذات الجودة العالية بل أصبحت غايته الأولى الثمن والجودة في مرتبة ثانية..». ويضيف «شخصيا كنت أربح في البيع بالحاضر بنسبة تقارب 40% فتدهورت نسبة ربحي اليوم إلى ما بين 5% و10% وبالتقيسط لا تتجاوز النسبة 30%» وأضاف بقوله «هذا المحل كان مورد رزق ل8 عائلات وأما اليوم فحدّث ولا حرج فحتّى عائلتي لم يعد قادرا على توفير مؤونتها». استدار رضا حمودة في جلسته واعتدل وأشار بإصبعه إلى أوان لطهي الطعام جعلها في واجهة المحل وقال: «تلك الأواني كنت أبيعها ب110 دنانير فخفضت ثمنها إلى حدود 50 دينارا ومع ذلك لم أبع إلا واحدة فقط... ولعلمك فإن كلفة الواحدة تقدر ب90 دينار». في السياق ذاته أكد السيد وحيد بن جميع وكيل لمؤسسات متخصصة في بيع الآلات الكهرومنزلية وعضو بالمكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بمنوبة أن تجارة الكماليات ارتقت إلى مرتبة الضروريات ولكن القطاع شهد تدهورا في هذا الظرف وتعود بداية الأزمة إلى الأسبوع الثاني من شهر رمضان... يقول السيد وحيد بن جميع: «تشهد تجارة الآلات الكهرومنزلية ركودا كثيرا إلى حد أنني قمت بتخفيض كبير ولكنه لم يستقطب الحرفاء...» ويضيف: «لي 6 فروع في بيع هذا المنتوج وها أنني أفكر جديا في غلق بعضها لأنها لم تعد توفر حتى معلوم كراء المحل ضف على ذلك أن كل فرع يشغّل ما يناهز عن الأربعة عمال». وفي ما يخص السبل التي بادر باتخاذها يقول السيد وحيد بن جميع «أتوخّى الحذر وقلّصت من المصاريف ورفّعت في سقف مدة البيع بالتقسيط وطالبت من المزود منحي فترة أطول للاستخلاص» وأشار أيضا «لقد تطرّقنا في اجتماعاتنا بمكتب الاتحاد إلى هذا الإشكال وتأثر قطاع الآلات الكهرومنزلية والتراجع الذي شهدته لأن الأمر لم يشمل بائعي هذه السلع فحسب بل تجاوز ذلك إلى المعامل المصنّعة التي تشكو بدورها ركودا على مستوى سلع في ظل تدنّي الطلب عليها...» وأبرز أيضا «حتى خلال فترة العيد بقيت الحركة التجارية كاسدة خلافا للسنوات السابقة التي تعرف فيه معدات الطبخ والثلاجات انتعاشة قصوى». وأوضح «التاجر في هذا القطاع أصبح يقاسي الويلات من جرّاء التزاماته المالية مع البنوك والمزودين واكتساح الفضاءات التجارية الكبرى التي أصبحت منافسة بشدّة في هذا القطاع فضلا عن ظروف المواطن البسيط الذي لم يعد بإمكانه أن يوفر ثمن الآلية بالحاضر». ظافر الدريدي وهو مسؤول بمحل تجاري لبيع الآلات الكهرومنزلية عبّر من جهته أن أسعار الآلات الكهرومنزلية تراجعت إلا أن البعض منها على غرار التلفاز والثلاجات والحواسيب، التي حافظ سعرها على مستواه شهدت ركودا ملحوظا وأما سلوى الرياحي وهي بائعة متخصّصة في ذات القطاع فقد أشارت أن التونسي اليوم يميل إلى التقسيط في البيع رغم أن «ماله في مكتوبه...». تجار السيارات أضرّت الأزمة المالية بصناعة السيارات وتجارتها وتبين ذلك للعيان في الأسواق الأوروبية... فما حال سوق السيارات في تونس... رشيد القرقوري تاجر سيارات منذ ما يزيد عن 20 سنة صرّح لنا بقوله: «بدأت شخصيا أشعر بالأزمة وهذا أمر مفروغ منه وأعتقد جازما أن الوضع سيزداد سوءا على مستوى العالم... فالتونسي اليوم أدرك جيّدا أن أسعار السيارات انهارت كما أدرك أن سوقها تعيش اضطرابا لذلك لازم الحذر... ومن كان ينوي الشراء تراجع في قراره أمله في ذلك أن تتدنّى أسعارها أكثر فأكثر... فضلا عن صعوبة الحصول على قرض في هذا الظرف لذلك شهدت الحركية التجارية تراجعا...» وحول طريقة عمله لمجابهة الأزمة وتداعياتها صرّح: «أنا نتبّع في السوق أي أصبحت لا أميل إلى شراء السيارات وتخزينها ثم بيعها تحسبّا لكل الاحتمالات». ويواصل حديثه «الضرر الذي لحقني طفيف بحكم أن «الدولاب» لم يعد كما هو عليه سابقا» وأبرز رشيد القرقوري أن تداعيات الأزمة زاد الدّخلاء من حدتها. من جهته أفصح محمد الحاج مورّد سيارات من الخارج أن السيارة في تونس لم ينزل سعرها بحكم المعاليم الديوانية المشطّة على حد قوله وأكد «أفكر بجدية في تغيير القطاع لأنه بصراحة أصبح غير مجد...». وأضاف «وجد الحريف نفسه بين أمرين: أولهما أنه يسمع عبر وسائل الإعلام أن السيارة تراجع ثمنها في أوروبا ومن ناحية ثانية يجد أن سعرها في السوق التونسية ما يزال مشطا مما أجبر السوق على الركود جراء ندرة الإقبال علي شراء السيارات». تلك هي الحال بعد إلقاء نظرة سريعة على بعض القطاعات... فهل معنى ذلك أن الوضع سيزداد تراجعا أم تراه سينقذ حلول الصولد بعض المؤسسات من الأسوء... لننتظر لنرى. الحبيب العرفاوي رئيس الغرفة الوطنية لمورّدي ومصدري الآلات الكهرومنزلية: المصاعب التي يمرّ بها القطاع لا علاقة لها بالأزمة العالمية فسّر السيد لسعد العلاني نائب رئيس الجامعة الوطنية للكهرباء والالكترونيك والكهرومنزلية ورئيس الغرفة الوطنية لمورّدي ومصدري الآلات الكهرومنزلية بعض المصاعب التي يلاقيها حاليا قطاع التجهيزات الكهرومنزلية بتونس بعدة عوامل أخرى لا علاقة لها بالأزمة العالمية ومنها على سبيل المثال ظاهرة التجارة الموازية مضيفا «إلى حدّ علمي فإن القطاع لم يتأثر بهذه الأزمة العالمية... حيث حققنا نتائج محترمة خلال السنة الجارية التي مرّت في ظروف طيبة بما أن الأرقام التي حققناها جيّدة ومقبولة... وهو أمر تثبته المعطيات والاحصائيات بالتأكيد»... أما عن 2009 فأشار إلى أن جميع المؤشرات تجعلهم جد متفائلين بتحقيق الحد الأدنى من النجاحات المأمولة... وعرّج على نقاط أخرى يعتبرها السبب الحقيقي للصعوبات التي تأثر بها القطاع ومنها ارتفاع الدولار. إذ أكد محدثنا على أن ارتفاع الدولار لم يكن متوقعا فقد كان في حدود 1,17 دينارا خلال شهر أوت الفارط... ليصل اليوم إلى حوالي 1,40 دينارا... أي بنسبة ارتفاع بلغت 22% وأن هذا الارتفاع هو السبب الرئيسي في التأثير على القدرة التنافسية لمؤسسات صناعة الأدوات الكهرومنزلية... نظرا لكثرة تعاملها بالدولار الأمريكي مع الدول الآسيوية أو تركيا أو البرازيل أو فرنسا... الشيء الذي أدخل بعض الاضطراب على تعاملاتها مع الخارج... أما السبب الثاني الذي أثر على تنافسية هذه المؤسسات فهو تواصل غلاء أسعار المحروقات. وذكر السيد لسعد العلاني أنه وبالرغم من هبوط سعر المحروقات بالأسواق العالمية فإن قرار التخفيض فيها على المستوى المحلي تأخر كثيرا وهم بانتظار تراجع هذه الأسعار... مشيرا إلى أن سعر النقل الدولي للحاويات تراجع كثيرا بحكم تراجع أسعار المحروقات بينما ظل سعر المازوط في تونس متسمرا في مكانه ومحافظا على ارتفاعه... ومن آثار ذلك أن المؤسسات التي تتولى توزيع منتجاتها بواسطة شاحناتها سواء لباعة الجملة أو التفصيل أو حتى الحريف... وكذلك المؤسسات التي تقوم بخدماتها بعد البيع... تتكبد أعباء إضافية هي في غنى عنها... حتى أن السيارة التي يتم استعمالها بمعدل 200 كلم في اليوم تستهلك على الأقل 20 دينارا... وهي التي كان استهلاكها في نفس المسافة المقطوعة لا يتعدى 7 دنانير قبل بضع سنوات قليلة... وأضاف «في الحقيقة فإن هذين العاملين هما سبب قلق الموردين والمهنيين بصفة عامة لأنهما أدخلا بعض المصاعب على القدرة التنافسية للمؤسسات بالقطاع وهو الذي ولّد بعض الخسائر على مستوى المعاملات وما كان يباع في السنة الفارطة بمائة دينار صار يباع اليوم بمائة وعشرين»... وأشار في الختام إلى بعض القطاعات الأخرى التي يمكن أن تتضرّر فعلا من الأزمة. وعموما دائما حسب رأي محدثنا فإن الأزمة العالمية لن يكون لها تأثير عميق وحقيقي على الاقتصاد الوطني... وتوقع حدوث تراجع في أعداد السياح ونسبة التصدير وخصوصا في مجال قطع غيار السيارات باعتبار أن الأورو تراجع مقارنة بالدينار... وهو ما سيجعل من مردودية المؤسسات المصدرة لأوروبا في هذا المضمار تنخفض بعض الشيء... ولكن وفي ما عدا ذلك فإن آثار الأزمة العالمية على قطاع التجهيزات الكهرومنزلية محدودة جدا من وجهة نظر ضيفنا. خير الدين العماري
رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الملابس الجاهزة: غلق 4 مصانع وطرد ألف عامل وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين زادت الطين بلّة أشار السيد تيسير بن ملوكة رئيس الغرفة الوطنية لصناعة الملابس الجاهزة في البداية إلى وجود صنفين من الأزمة... واحدة مالية والثانية اقتصادية والصنف الثاني هو الذي يهم القطاع باعتباره أثر على القطاع مثل سائر بلدان العالم... سواء على مستوى تجارة القماش أو على منتجات النسيج وأكد في هذا السياق حصول تراجع هام في الطلب مما انجرّ عنه توقيف للعملة وإغلاق لبعض المعامل بسبب دخولها في مرحلة حرجة... ونفس الشيء ينطبق على التجار باعتبار أن ما يمس المصنع يمس التاجر فالتاجر مرتبط ارتباطا وثيقا بالمصانع وخاصة في مجال المنتوجات المحلية... رغم الاجراءات التي اتخذتها الدولة ومنها بعض الاحتياطات قصد التقليص من الواردات لإنعاش السوق المحلية... وخلص ضيفنا إلى القول بأنه في ظل الأزمة الحالية وطغيان البلدان الآسيوية على سوق النسيج... فإن الطلب على المنتوج المعروض محليا تراجع وتقلص بشكل مهول إن لم يصبح منعدما. وأضاف في هذا الصدد أن 4 مصانع أغلقت نهائيا... وقامت بتسريح حوالي ألف عامل وعن بداية الأزمة أشار إلى أنها انطلقت منذ حوالي أربع أشهر... وفسّر مرة أخرى أسباب الأزمة بعزوف المستهلك عن شراء المعروض من المنتوجات... متساءلا: هل أن العامل العادي ما يزال اليوم قادرا على اقتناء سروال مثلا رغم التضحيات التي يقدم عليها المصنعون والتجار بما في ذلك مختلف أنواع التخفيضات... وانتهى إلى أن القدرة الشرائية للشغال تدهورت كثيرا اليوم... في حين ذهبت الجانب الأكبر من مرتبات الموظفين إلى أصناف شتى من القروض توزعت على المسكن والسيارة والقروض الإستهلاكية... ولهذا فإنه ورغم جهود المهنيين يظل الكساد هو السمة البارزة للقطاع لأن كل شيء فيه منوط بقدرة المستهلك على الشراء... وهذا غير متوفر في الوقت الرّاهن. خير الدين العماري للتعليق على هذا الموضوع: