تونس - الصباح: مرّ على إقرار وانجاز خرائط الانتاج الفلاحي نحو الموسمين وتم وضعها على ذمة الفلاحين والراغبين الاستثمار في القطاع بالمندوبيات الجهوية للتنمية الفلاحية بل وخصص لها موقع الكتروني عبر الشبكة العنكبوتية... وذلك بهدف الاطلاع عليها والتعرف على الخصائص الانتاجية لمختلف الولايات واعتمادها كمرجع في توجيه الأنشطة والاستفادة من توجيهاتها ومن بياناتها في توظيف الاستثمارات واحكام استغلال الموارد المتوفرة وفقا لمعايير المردودية والنجاعة لتكون هذه الأداة بمثابة خريطة الطريق أمام الناشطين والباعثين الفلاحيين... بهكذا أهداف أحيط هذا المشروع وبمثل هذه التوجهات المعقولة والجميلة تم التأسيس لهذا البرنامج وعلى ضوء هذه التصورات انطلق العمل لتحقيقها وتعددت اللقاءات والاجتماعات وجلسات العمل والتحسيس والاعلام على أمل أن تكون الاستفادة متميزة والاستغلال لنتائج الخارطات جيدا وهاما... وظل الجميع ينتظر مقدم هذا المولود بشغف بعد ماراطون الندوات الاقليمية والوطنية التي خصصت له. واليوم وبعد انقضاء فترة لا يستهان بها عن ميلاد هذا المشروع يحق لنا التساؤل عن مدى تحقيق هذه الخرائط لأهدافها ومدى الاقبال المسجل من قبل الفلاحين والباعثين عليها وعما اذا كان حجم الجهد المبذول لاعدادها ماديا وبشريا وزمنيا في مستوى النتائج المسجلة الى حد الآن..؟ وما يجب القيام به لتفعيلها وتوسيع دائرة استغلالها فقد تكون الخارطة الأم في حاجة الى خارطة طريق ناجمة لتفعيلها. الخيار لا نقاش فيه لكن للتقييم الموضوعي لهذه الآلية استأنسنا برأي عضو المركزية الفلاحية السيد المنجي الشريف الذي بادر بالاشارة الى أن الخارطة الفلاحية كخيار مبدئي لا نقاش فيه ولا جدال باعتبارها وثيقة علمية وقيمة في مرجعيتها وبينة في اهدافها ومفيدة في محتوياتها وتوجيهاتها سيما وانها تحدد الامكانيات الزراعية بالتعرف على الخصائص الانتاجية لكل منطقة اعتمادا على المعطيات الطبيعية من تربة ومناخ وتضاريس. إلا أنه على مستوى التطبيق والاستفادة العملية يمكن طرح جملة من الملاحظات تتعلق بتفاوت الانتفاع والاستفادة من هذه الوثيقة حسب طبيعة تواجدها واستغلالها بعدد من المندوبيات والجهات خصوصا وان جهات عديدة تشكو من نقص بل وغياب الموارد البشرية المكلفة بالارشاد وهذا ما تقر به وزارة الفلاحة ذاتها - يقول محدثنا - باقرارها وجود فراغ في مستوى بعض الجهات على نطاق خلايا الاشعاع وكذلك خلايا الارشاد ويبلغ هذا الفراغ درجة فادحة في الكثير من العمادات والمعتمديات مما من شأنه الانعكاس مباشرة على تقريب وشرح محتوى الخرائط الفلاحية من الفلاحين باعتبار ان هذه المهمة من مشمولات الارشاد والتأطير الفلاحي يرى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين ان الخارطة الفلاحية أصبحت عنصرا اساسيا صلب الحزمة الفنية وهي آلية مساندة بشكل بارز للفلاح في الرفع من مردودية مستغلاته في صورة احكام السيطرة على هذه الحزمة التي تخرج بالعمل الفلاحي عن منواله التقليدي الى اعتماد تقنيات حديثة منها الخارطة غير انه في غياب الطرف المؤهل بتبليغ المعطيات الواردة بالخريطة بأسلوب ميسر تتعذر الاستفادة من هذه الآلية على اهميتها وتتعطل العملية برمتها. الفلاح والأنترنات لكن اذا تعطلت لغة الكلام او التواصل المباشر الا يمكن للغة الحوار الافتراضي ان تحل محلها وبالتالي يمكن للفلاح ان يحصل على مبتغاه عبر النفاذ الى الشبكة العنكبوتية والدخول الى الموقع الخاص بهذه الخرائط وفق ما اقرته سلطة الاشراف سابقا وما اعتبرته امرا يسيرا ومتاحا لجموع الفلاحين!؟ السؤال طرحناه على مصدرنا الذي قلل كما توقعنا من نجاعة ومن تواتر الاقبال على الخريطة الرقمية بحكم البون الشاسع الذي يفصل جانب هام من الفلاحين مع تكنولوجيات الاتصال الحديثة وبالتالي يصبح هذا الخيار وهذه الامكانية غير مجدية الا في حالات نادرة باعتمادها من قبل فئات فلاحية معينة مثل شركات الاحياء ومقاسم الفنيين. التفعيل مطلوب وخلص المنجي الشريف الى التأكيد على وجوب تفعيل الخرائط الفلاحية وايجاد الصيغ العملية الكفيلة بتقريبها من الفلاحين والباعثين والعمل بتوجهاتها مع تعهدها بالتحيين والمراجعة عند الاقتضاء خاصة وان بعض البلدان المعتمدة في برامجها الاستشرافية الفلاحية على الخرائط ركزت فيها على رصد التطورات المتوقعة على المدى البعيد ومن ذلك استشراف التغيرات المناخية على مدى العشرين سنة القادمة استعدادا لتغيير بعض التقاليد الزراعية. وحول ما اذا كان ربط الخارطة بالحوافز والتشجيعات وتوجيه الحوافز المقرة من الدولة للباعثين الملتزمين فقط بمعطيات الخارطة سببا قد يحد من الاقبال عليها واعتمادها أنكر المتحدث ذلك واعتبر هذا الربط منطقيا وموضوعيا لان الدولة لا يمكن ان تمنح دعمها وتشجيعاتها الاستثمارية الا للمشاريع الناجحة وهذا امر بديهي، مشيرا الى ان التمشي الحالي لا يكتسي بعدا ضاغطا او املاءات صارمة في توجيه المشاريع بل يعتمد الاقناع والنصح بعيدا عن الضغط والالزام. أداة توجيهية في ذات السياق كانت مصادر فلاحية أعلنت بأن الخارطة الفلاحية اداة توجيهية بالأساس يتعين استكمالها بدراسات تنفيذية على مستوى المستغلة. وأفادت ذات المصادر بأن معدل 70 فلاحا يتصلون شهريا بالمصالح الفلاحية للاستفسار عما توفره الخارطة من معلومات.