تحويل الربيع إلى بحر من الدماء القانية هذا اختصاص نقرّ أن دولة اسرائيل تتقنه جيدا. وهو ما قامت به مثلا ذات ربيع من سنة 2002 بجنين الفلسطينية عندما ارتكبت مجازرها ضد الشعب الفلسطيني لتضع حياة الفلسطينيين بين قوسين الوقت الكافي لارتكاب عدوانها أمام مرآى ومسمع من العالم. ولئن استحوذ عدوانها الاخير على غزة على الاهتمام لما كان عليه من البشاعة ولما قدمه الكيان الصهيوني من أدلة يؤكد من خلالها أنه لا قوانين ولا أخلاق أو معايير إنسانية يمكن أن تحول دون هذا الكيان وممارسة بطشه وعربدته في أراض سكانها عزل وبدون سلاح. لان استحوذ هذا العدوان على غزة بالاهتمام فهو دون أن ينسينا ما قام به هذا الكيان في السابق من مجازر ومحارق ارتكبت ضد الفلسطينيين دون أن نلحظ أن هناك أشبه ما تكون بحركة جدية لوضع حد لعربدة وجبروت هذا الكيان الاسرائيلي. الذاكرة تنفع كثيرا في مثل هذه المناسبات لانها تكبل العدو وتؤكد أن سجله مظلم وتاريخه زاخر بالمجازر والتعدي بقصد على كل ما نتصوره من خطوط حمراء في التعامل مع البشر وخاصة إن كانوا أصحاب حق كالفلسطينيين. تولى فضاء التياترو بالعاصمة هذه المهمة حيث تم عرض الشريط الوثائقي "جنين، جنين" للفنان الفلسطيني محمد بكري الذي فضح بشاعة العدوان الاسرائيلي على منطقة جنين وأماط اللثام على مجازره التي ذهب ضحيتها عدد من المواطنيين والفلسطينين. وقد تسبب هذا الفيلم حينذاك في حنق الكيان الاسرائيلي الذي لا يحب أن يقوم أحد بتسليط الضوء على ممارساته العدوانية ضد المواطنين العزل. لكن فيلم "جنين، جنين" يبقى تلك الوثيقة بالصوت والصورة التي تبين أن الذبح والقتل ومحاولات الابادة الجماعية للشعوب عادة لدى الكيان الاسرائيلي وجزء من طبيعته التي بها يحيى ويتنفس. تم عرض الشريط في إطار الموعد الاسبوعي مع نادي "سينما مامبيتي" الذي يواصل نشاطه للموسم الثامن على التوالي بفضاء التياترو بالعاصمة وتلك كانت طريقة إدارة فضاء التياترو والناشطين به ورواده في إعلان تضامنهم مع الفلسطينيين بغزة ضحايا العدوان الاسرائيلي الحاقد الاخير. المعرض العالمي «صور من العالم» للموسم الثاني يهتم نادي سينما "مامبيتي" كل شهر بموضوع محدد وقد تم الاختيار بالنسبة لشهر جانفي الجاري على موضوع حقوق الانسان. موضوع آني دون شك خاصة وأن مفهوم حقوق الانسان بات يطرح عدة نقاط استفهام إزاء ما تمارسه دولة اسرائيل من تعد على هذه الحقوق وإزاء الصمت المطبق للحكومات الغربية التي تطرح نفسها على أنها درع ضد الدوس على هذه الحقوق. ولرواد فضاء التياترو موعد سينمائي آخر يصادف مساء الاربعاء القادم (28 جانفي الجاري) إذ يقع عرض شريط طويل بعنوان "في الطريق نحو المجد" وهو عبارة عن سيرة ذاتية لاحد أكبر الموسيقيين الامريكيين. تدور الاحداث خلال الثلاثينات من القرن الماضي حيث تدفع الازمة المالية بآلاف من الامريكيين للبحث عن مكان يحيي لديهم الامل في حياة أفضل ومن بين هؤلاء الرسام والموسيقي " وودي غيتري " الذي يكتشف أثناء رحلته سحر الموسيقى ودورها الحيوي بالنسبة لمن هم أقل حظ في الحياة. وتتنوع أنشطة فضاء التياترو بين سينما وموسيقى ومسرح ومعارض مختلفة. وقد انتظم في ليلة الجمعة من هذا الاسبوع الموعد الشهري مع موسيقى الجاز بإدارة قيس السلامي. فيما يتعلق بالنشاط المسرحي يتواصل عرض مسرحية عشق آباد 2 اخراج خولة الهادف وإدارة المسرحي توفيق الجبالي أيام الخميس والجمعة والسبت القادمة. وللتذكير فإن هذه المسرحية تطرح قضية قرية لا تحمل اسما هجرها الحب عن سبق اصرار من سكانها فتشردوا وباتوا ضحية للطقس وللامراض. وينظم فضاء التياترو للموسم الثاني للتوالي المعرض العالمي "صور من العالم". انطلق المعرض يوم الثلاثاء 20 جانفي ويتواصل إلى السبت 7 فيفري القادم. ويشتمل المعرض على أفضل الصور التي تتقن التعبير عن القضايا التي يعيشها العالم وهي ترصد بالخصوص مآسي عدد من الشعوب لكنه يتطرق لمختلف المواضيع ذات الصلة بحياة الانسان بما في ذلك الفنون والرياضة. وتتواصل بالمناسبة وإلى غاية اليوم ورشة العمل حول "الصورة المدنية" باشراف المصور الفوتوغرافي " مارتان بيرو " وبمشاركة حوالي عشرين مصورا فوتوغرافيا تونسيا. مع العلم أن هذا المعرض العالمي يتجول في عدد كبير من مختلف دول العالم وقد انتظم لاول مرة ببلادنا السنة الماضية بفضاء التياترو كما سبق وأشرنا. يحتضن نفس الفضاء وتحديدا بالبهو تنصيبات الفنانة التشكيلية نجاة الغريسي حول موضوع الازمة المالية. وتجدر الاشارة إلى أن فضاء التياترو بالعاصمة الذي يعرف بأنشطته الثقافية والفنية الهادفة يشرف عليه الثنائي توفيق الجبالي وزينب فرحات.