تونس/الصباح من يحمي مدارسنا من مظاهر العنف التي اقتحمت حرمة المؤسسة التربوية عنوة جاعلة منها مسرحا لسلوكات فظيعة بلغت حد القتل كما جرى مؤخرا بأحد المعاهد بولاية قفصة؟ جريمة مروعة اودت بحياة تلميذ بعد تلقيه طعنة
غادرة بسكين امام أعين زملائه والمربين والعاملين بالمعهد دون القدرة على التحرك والتصدي لما يحدث حسب بعض الروايات.. الحادثة بهذه الشراسة والقسوة قد تكون معزولة وغير معتادة في مثل هذا الفضاء من حيث خطورتها لكنها لا تعد شاذة من حيث تكرار حوادث العنف اللفظي والمادي داخل اسوار المدرسة وحتى داخل قاعات الدرس ومهما تفاوتت درجاته واشكاله بما ينذر بتصاعد حدتها وتخطي كل الحواجز القائمة امامه تماما مثلما تفعل كرة الثلج التي تزداد كتلتها تراكما وانتفاخا كلما وجدت الطريق امامها ممتدة وخالية من الحواجز الموقفة لهجمتها الى حين اصطدامها باول من يعترضها.. من يحمي تلاميذنا من موجة العنف والسلوكات العنيفة التي وجدت في الاجواء الباردة للتحرك لصدها مناخا لمزيد الاستفحال والتفاقم على صعيد تصاعد حدة اشكالها وتهورها وارتفاع حمى درجاتها والاستهانة بممارسة العنف بين الشريحة التلمذية ذاتها وحتى ضد المربين انفسهم والمجاهرة بذلك في غياب الرادع الملائم لهكذا وضعيات في وقت استقالت فيه العائلة عن دورها وتراخت فيه الاساليب الردعية الادارية بتعلة مسايرة بيداغوجيات التربية الحديثة.. من يحمي فضاء المدرسة من تسرب الغرباء اليه ليعيثوا فيها فسادا ويصل الامر الى حد اراقة الدماء.. أليس لبيت العلم والحكمة بابا يحميه وبوابا يحرسه لمنع دخول الغرباء عن الاسرة التربوية وان كان هذا الشكل من اشكال الحراسة غير كاف فلا بد من تعزيز هذا الجانب وتسخير الاعوان بالعدد اللازم.. ولِمَ لا الاستعانة برجال الأمن لمراقبة المحيط الخارجي للمدرسة الذي يشهد الكثير من حالات العنف المسلط على التلاميذ من قبيل «البراكاج». ما أحوجنا اليوم الى فتح ملف العنف المدرسي بكل جرأة وعمق في الطرح بعيدا عن التبريرات المعتادة التي حفظناها عن ظهر قلب لكثرة تزايدها بالاعلان في كل مرة يثار فيها موضوع العنف ان الظاهرة ليست بالخطيرة وبانها كونية لا تخلو منها مختلف المجتمعات وطمأنتنا بان الموضوع محل دراسة وتشخيص للتوصل لحلول ناجحة وجذرية لمعالجته.. وفيما تتواصل دراسة الظاهرة منذ سنوات صلب لجان مختصة تتمادى السلوكات العنيفة ضاربة عرض الحائط بقيم الاخلاق الحميدة داخل محيط المدرسة.. فمن يوقف النزيف؟