تونس الصباح وأخيرا.. جاء في بلاغ صادر عن الهيئة الادارية الوطنية للاتحاد العام لطلبة تونس قرار عقد المؤتمر 25 للمنظمة أيام 10 و11 و12 أفريل القادم. ولا شك أن هذا القرار كان عسيرا وصعب الاتخاذ، بالنظر الى الوضع الداخلي للاتحاد. إن تأخير موعد المؤتمر عديد المرات نتيجة الصراعات الداخلية التي دارت وتدور صلب الاتحاد وحول المؤتمر منذ أكثر من 3 سنوات، وكذلك وضعية هذه المنظمة التي كبلتها التجاذبات السياسية والنقابية بين عديد الاطراف، مما حكم عليها خلال السنوات الاخيرة بالضمور والذوبان وتراجع وهجها وعدم فعلها داخل الجامعة التونسية بشكل لم تشهده من قبل. فماذا عن المشهد النقابي والسياسي الذي يحيط بمؤتمر إتحاد الطلبة القادم؟ كيف ينظر إلى هذه المنظمة في سنة الشباب. وهل حان الوقت لرفع الايدي عن الاتحاد؟ ومن المسؤول عن الوضعية التي تردى فيها؟ تلك هي الاسئلة المطروحة على ضوء الاستعدادات لعقد المؤتمر ال 25 لمنظمة الطلبة. محطات تاريخية للاتحاد العام لطلبة تونس تاريخ عميق بدأ مع حركة التحرير الوطني ضد الاستعمار، ثم تواصل في ما بعد بشكل بارز ومؤثر مع هياكله النقابية المؤقتة التي ظهرت على أثر مؤتمر قربة في الستينات. وقد دامت قطيعة جموع الطلبة مع المنظمة وهجرانها 17 سنة كاملة كانت مليئة بنضال الطلبة وتضحياتهم، حتى جاء قرار الرئيس زين العابدين بن علي الذي أعاد الامور إلى نصابها، وسمح لجموع الطلبة بعقد مؤتمر الاتحاد الثامن عشر الخارق للعادة الذي مثل في نهاية الثمانينات نقلة نوعية في مجال التمثيل النقابي للطلبة، وأسس لمصالحة عامة وعميقة. لكن وعلى الرغم من هذا التحول وبعد مرحلة قصيرة من نشاط الاتحاد وبداية عودة اشعاعه في الساحة الجامعية والوطنية، عادت هذه المنظمة لتعيش انتكاسة كبرى، وعميقة لم تخرج منها لحد الان، حيث تعمقت الخلافات بين الحساسيات الطلابية وبمرور السنوات سرعان ما فقد الاتحاد إشعاعه داخل الجامعة وركن الضمور حتى داخل الصف الطلابي. من المسؤول عن الوضع؟ قد تتعدد القراءات في هذا الجانب، وتختلف من طرف إلى آخر، وتتوزع بين مسؤولية الطلبة ذاتهم، وعدم قدرتهم على تسيير منظمتهم، وبين ادخال الانوف في الاتحاد من طرف عديد الاطراف لتحقيق مآرب سياسية وحسابات ضيقة. لا يخفى على كل المتابعين والمراقبين لوضع الاتحاد العام لطلبة تونس ومسيرته، أن تنقية الاجواء وتجاوز الخلافات التاريخية بين الاتحاد وطلبة التجمع الدستوري الديموقراطي لم تحل بعد، وربما تبقى أيضا العامل الاساسي في التأثير على وضعية الاتحاد. هذه هي جملة الظروف النقابية والسياسية المحيطة بالاتحاد العام لطلبة تونس، وقيادته، وهو يستعد لعقد مؤتمره الخامس والعشرين. وهي ورقات وملفات وقضايا عميقة، وثقيلة وتاريخية. ونعتقد أن العمل على فتح ملف الاتحاد في مثل هذه المرحلة التي تتسم باهتمام سياسي بارز بالشباب، وتشريكه في الحياة العامة وفي شؤون البلاد، يبقى أيضا ضرورة سياسية لا يمكن العمل على مزيد تأخيره قصد تفعيل دور الاتحاد، خاصة في ظل تطور الجامعة، وتوسع دائرتها ودورها وإشعاعها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد، وكذلك ارتباطها من خلال الاشعاع الكبير والبارز الذي بدأ يعطي أكله بكل جهات البلاد وأيضا تنامي عدد الطلبة الذي شارف على بلوغ 500 ألف طالب. فهل يشهد الاتحاد نقلة نوعية مع مؤتمره القادم؟ وهل تفتح كافة ملفاته العالقة دون استثناء؟