عودة طلبة التجمع ومطالبتهم بمؤتمر استثنائي للاتحاد.. هل يذيب الجليد.. ويمثل عامل ضغط أو انفراج داخل المنظمة؟ تونس الصباح: بعد المحطة التاريخية الهامة التي شهدها الاتحاد العام لطلبة تونس بانعقاد المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة، تم القطع مع الوضعية القديمة للإتحاد، وأزمته القديمة التي تواصلت 17 سنة بدءا من مؤتمر قربة، الذي ظهرت على إثره ما يعرف بالهياكل النقابية المؤقته للاتحاد التي قادت نشاطات الطلبة طوال هذه الحقبة من أجل عقد مؤتمر الاتحاد الخارق للعادة والعودة إلى النشاط القانوني داخل الاتحاد. ولاحت بوادر جديدة لعودة جماهيرية الاتحاد كمنظمة عتيدة، لها تاريخها وفعلها في ابرز المحطات التاريخية التي عرفتها البلاد منذ تأسيسه. وقد انعقد المؤتمر 18 للاتحاد العام لطلبة تونس بمشاركة كل الحساسيات الطلابية، ولم يغب عن المؤتمر سوى طلبة التجمع، الذين خيروا في تلك الفترة البقاء خارج المنظمة والاكتفاء بنشاطهم داخل منظمة طلبة التجمع. ولعل هذا الاختيار قد جاء مؤقتا ومثل تريثا لإذابة جليد الصراع النقابي الماضي داخل الجامعة، والبحث عن سبل لتجاوزه، الإتحاد والتطورات التي عرفها بعد المؤتمر 18 شهد الاتحاد العام لطلبة تونس على اثر المؤتمر 18 نقلة هامة، لعل أبرزها تمثل عودة الهدوء إلى الساحة الجامعية، كما عملت هياكله في تلك الفترة على تجسيم عمل نقابي قويم، وتفاعل مع جموع الطلبة، وارتقاء بالنشاط النقابي الجامعي والإنصراف به باتجاه الاهتمام بمشاغل وشؤون الطلبة، والحوار مع السلط الجامعية والمشرفة على الحياة الجامعية بشكل عام. كما عاد الاتحاد ليشع ولو في جوانب محدودة في محيطه الإقليمي العربي والإفريقي وحتى العالمي، وذلك بفعل التحركات الواسعة التي تمت في تلك الفترة بناء على جملة من الأحداث والملتقيات الشبابية الدولية التي حصلت في تلك الفترة. وتابع الاتحاد أيضا إهتمامه بمشاغل الطلبة والحياة الجامعية بشكل عام، والكل يتذكر أنه تم فتح العديد من الملفات الهامة التى كانت جامدة، والمتعلقة أساسا بالحياة الجامعية وأوضاع الطلبة، وبرامج التعليم العالي، مما أكد أن المنظمة الطلابية عادت للساحة بشكل فاعل، خاصة وأن تلك الفترة قد تميزت بالحوار المتواصل والهام بين سلط الأشراف والاتحاد. صراع داخل الاتحاد وخارجه بداية من المؤتمر19 في ظل هذا التمشي والآمال العريضة التي علقها الكثير من المتابعين على عودة منظمة الطلبة الى الفعل في الواقع الجامعي والبروز كمنظمة عتيدة لها تاريخها العميق، لاحت منذ بداية المؤتمر 19 للمنظمة بوادر صراع، كانت داخله وخارجه. فمن ناحية شقت هذه الصراعات صفوف الحساسيات الطلابية داخله، وتركزت خصوصا حول تمليتهم في قيادته، ويشكل أعمق سعى البعض ولحد الآن الى تكريس خطة عقيمة داخل الاتحاد، وإلى تذييله إلى حساسيات سياسية، مما حول نشاطه إلى تكريس لهذه الخطة أدت في الأخير إلى تشرذم قيادته وإنقاسامها ودخولها في صراعات لا تمت بصلة الى مصالح الطلبة والى نشاط الاتحاد كمنظمة نقابية، وشيئا فشيئا فقد الاتحاد جماهيريته، وفقد الكثير من تمثيليته بتراجع عدد منخرطيه، وانفض الطلبة من حوله، وعاد عمله للتقوقع، وضمر إشعاعه بفعل الإنقسامات الحاصلة داخله. وفي جانب أخر عمل طلبة التجمع على تكثيف نشاطاتهم الموازية للاتحاد عبر منظمتهم وجملة الهياكل الناشطين عبرها، وتنوعت أنشطة الطلبة التجمعيين، وتعددت وكانت فعلا فاعلة في واقع الحياة الجامعية، والطلابية، حيث تركزت بالأساس على مشاغلهم الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وتكثفت بشكل هام، مما جعلها محور اهتمام الطلبة على اعتبارها الفاعل الأهم في حل مشاكلهم والاهتمام بمشاغلهم. ومقابل ذلك كان هناك خاصة خلال السنوات الأخيرة غياب شبه تام للاتحاد العام لطلبة تونس داخل الفضاءات والحياة الجامعية. ولعل النتائج التي سجلتها منظمة طلبة التجمع في جملة المجالات المختلفة المتصلة بحياة الطلبة قد كان لها الأثر الكبير عليهم، خاصة مع تزايد عدد الطلبة والصعوبات التي بدت في حياتهم اليومية بخصوص السكن والمنح والتوجيه والدراسة وغيرها من المجالات , وقد أدى هذا التمشي إلى جماهيرية طلابية لمنظمة طلبة التجمع والتفاف حولها، ما انفك يتزايد سنة بعد أخرى. ولعل انتخابات ممثلي الطلبة في مجالس الأقسام داخل المؤسسات الجامعية، والفوز المتتالي لطلبة التجمع بها في كل الفروع الجامعية خلال كافة السنوات الأخيرة أكبر دليل على نجاحها البارز في استقطاب الطلبة. لماذا هذا الفراغ حول الاتحاد وما الهدف منه؟ إن الصراع بين الاتحاد ومنظمة طلبة التجمع لم يكن في الحقيقة خفيا، حيث أنطلق منذ عقد المؤتمر 18 الخارق للعادة للإتحاد، وقد عرف في بعض مراحله تنافسا حادا، وصراعا على عديد الجبهات. وفي هذا المسار التنافسي تمت جملة من المبادرات لتوحيد صفوف الطلبة داخل الاتحاد. وكانت " الصباح" قد نظمت خلال سنوات خلت ندوة في الغرض دعت إليها كل من الإتحاد ومنظمة طلبة التجمع لتقريب وجهات النظر، كما ساهمت أطراف عديدة في محاولات منها لإذابة هذا الجليد، لكن كلا الطرفين تمسكا بمواقفه سواء من العودة إلى الإتحاد، أو الانخراط فيه، مما أكد هذه الأزمة وجعلها تتواصل لحد الآن. وهكذا بقي طلبة التجمع خارج الاتحاد، وعاد الأتحاد الى وضع العزلة التي كان عليها قبل المؤتمر 18 الخارق للعادة، وأصبح هيكلا بدون روح، تتقاذفه الانقسامات الداخلية، ويصعب مع تعددها حتى عقد مؤتمراته. وقد أدى هذا الوضع منذ أكثر من سنة إلى تتالي تأخير المؤتمر عديد المرات. فما هو الحل لعودة هذه المنظمة الى سالف اشعاعها ولعبها الدور الذي تستحق، خاصة في ظل التطورات الهامة التي تشهدها الجامعة التونسية التي تنامت مؤسساتها وتعددت وتطور عدد طلبتها ليقارب 450 ألف طالب؟ بوادر جديدة لم تكن لتطرح في السابق في ظل هذا الواقع الذي تردى فيه الاتحاد العام لطلبة تونس بادرت منظمة طلبة التجمع أول أمس بنشر بيان موجه إلى الرأي العام الطلابي، أبرزت فيه الوضع الصعب الذي يمر به الطلبة والاتحاد. ودعت إلى تكريس إرادة الطلبة دون إقصاء لهم. وعبرت المنظمة عن استعداها لصياغة أسس جديدة للحركة الطلابية تأخذ بعين الاعتبار التغيرات والتحولات الوطنية والدولية، ودعت في هذا البلاغ الى: الكف عن الاستمرار في هذا المشروع الهادف الى بناء منظمة نقابية على الإقصاء وعدم احترام القانون وأبسط العمل النقابي الديموقراطي. العوة الى تكوين لجنة طلابية وطنية تشارك فيها الأطراف الفاعلة في الساحة الجامعية وبعض القدماء المعروفين بتوجههم النقابي الوطني، تتولى ضبط برنامج لتنظيم مؤتمر استثنائي يحترم فيه النظام الداخلي للمنظمة ومتطلبات المرحلة الإنتقالية بالاعتماد على مبدإ الحر للإنخراطات. إن هذا البيان وما جاء فيه من دعوة صريحة بخصوص نية طلبة التجمع في الانتماء للاتحاد العام لطلبة تونس يمثل في الحقيقة طرحا وخطوة جديدة في العلاقة بين المنظمتين، وهو أيضا بادرة جديدة لم يسبق أن وقع التعبير عنها بهذا الوضوح. ولعل هذا الطرح الجديد سيخلط الأوراق في كلا المنظمتين، ويجعل كل طرف يعيد حساباته بخصوص توجهاته المستقبلية القريبة القادمة. فلا الإتحاد بمنحرطيه الحاليين سيمضي في الإعداد للمؤتمر القادم دون تفكير في تطور الوضع، ولا منظمة طلبة التجمع سوف تقف عند هذا الحد الذي عبرت عنه في بيانها الأخير. فهل ستحصل مبادرات من أطراف أخرى يهمها هذا الشأن لتقريب وجهات النظر بين المنظمتين؟ ذلك ما ستكشف عنه الأيام القادمة.