طفت مسألة العنف من جديد على سطح الأحداث إثر مقتل تلميذ في ساحة المعهد على يد شبان تسرّبوا إلى حرم المؤسسة التربوية وطعنوه أمام مرأى زملائه... هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها التي تستهدف تلميذا أو يكون فيها طرفا... فمنذ أسابيع قتل تلميذ باكالوريا على يد تلميذ آخر أقدم على ارتكاب الجريمة بمعيّة شقيقه الذي يدرس بكندا وعاد إلى تونس في عطلة... وفي رمضان قتل تلميذ على يد بعض الشبان. حدث كل هذا خلال أشهر قليلة تخلّلتها ما شاء الله من قضايا العنف البعض وجدت طريقها للقضاء والبعض الآخر سوّي بالتراضي أو قيّد ضد مجهول وبعضها كذلك اتخذت في شأنها عقوبات مدرسية... ولا تخفي الاحصائيات الرسمية لوزارة التربية تفاقم ظاهرة الاعتداء بالعنف على الإطار التربوي بما يعني أن المسألة أضحت في حاجة إلى متابعة أدق واستراتيجية تدخّل أنجع. وظاهرة العنف داخل المؤسسات التربوية لا يمكن أن تدرس بمعزل عن تفاقم ظاهرة العنف داخل المجتمع بل قد تكون انعكاسا مباشرا لها... ومما يؤسف له أن لا الشارع ولا المنظمات ولا الجمعيات تتحرّك بالقدر الذي يسمح للحدّ من ظاهرة العنف ويكفي أن ننظر إلى ما يحدث كل أحد في ملاعبنا من اعتداءات بالعنف اللفظي والبدني والاضرار بالممتلكات لنقف على خطورة الظاهرة. والعلاج بالقدر الذي يتطلب وضع الآليات اللازمة للتوقّي من الظاهرة يتطلّب كذلك الحزم في تطبيق القانون بما يردع من اختاروا نهج أسلوب العنف عن ممارسة ما دأبوا عليه... كما يتطلّب مراجعة سلّم العقوبات الجزائية وكذلك العقوبات الصادرة عن الجامعات الرياضية والعمل على تشديدها... فماذا تمثّل عقوبة بألفي دينار في حين يحصل لاعب واحد على أكثر منها كمنحة فوز؟ إن ما يؤسف له حقا هو أن يصبح العنف لغة التخاطب لدى شبابنا المثقّف الواعي... فيتعطّل لديه شيئا فشيئا الحوار وتضعف قدرات الإقناع ويسقط في دوّامة المحظور... إن ما شهدته تونس الأمن والأمان في أحداث سليمان وما تشهده بين الفينة والأخرى من أحداث مأساوية إضافة إلى المشاهد التي أضحت مألوفة، يدعونا للوقوف وقفة تأمّل تمكّننا من استقراء مستقبلنا والعمل على تجنّب ما تشهده بين الفينة والأخرى بعض المعاهد الفرنسية أو الكليات الأمريكية أو المطاعم والشوارع اليابانية... لأن العنف لا يولّد إلا العنف وإن التسليم بما أن ما يحدث هو نتاج طبيعي للتطوّر والتحرر قد يوصل المجتمع إلى ما لا يحمد عقباه. حافظ الغريبي للتعليق على هذا الموضوع: