كاتب الدولة لدى وزير الخارجية يتسلم أوراق تعيين مدير المكتب الإقليمي لليونسكو لدى الدول المغاربية    توقيع مذكرة تفاهم لادارة وتسيير مركز تونس للتميز " كايزان "    المغرب يهزم السعودية ويرافقها لدور الثمانية بكأس العرب والحمدان يهدر ركلة جزاء    أوّل علاج لتكلّسات الشرايين بالموجات التصادمية في مستشفى شارل نيكول..    مدنين: لماذا تم تأجيل اختبارات اليوم الأوّل من الأسبوع المغلق بمعهد أجيم؟    رابطة الهواة (المستوى 1) (الجولة 7 ذهابا)    سيدي بوزيد: الشروع في توزيع المساعدات المخصّصة لمجابهة موجة البرد على مستحقيها    في افتتاح مهرجان خليفة السطنبولي للمسرح بالمنستير ... تكريم «ملكِي» لفريق عمل مسرحية «الهاربات»    في الدورة الرّابعة لجائزة التميز الحكومي العربي .. تتويج تونس بأفضل مبادرة عربية لتطوير التّعليم    سيدي بوزيد : نتائج الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون البصرية    تكوين مخزون من قوارير الغاز المنزلي يضمن استمرارية تزويد السوق    مع الشروق : في أوكرانيا... «كش ملك»    مع تأكد خسارته لرهان الناتو .. زيلينسكي يفرّ إلى إسرائيل؟    كشفتها شركات رقمية عملاقة ... إسرائيل تتجسس على الهواتف في 150 دولة    تونس: تقنيات طبية جديدة في مراكز المساعدة على الإنجاب    بنزرت: ...في الاجتماع الموسع للنقابة التونسية للفلاحين ..«لوبيات» البذور الممتازة تعبث بالموسم    وزارة الفلاحة.. وضعية السدود الموسم الجاري كانت أفضل من السنة السابقة    ظهور ضباب محلي آخر الليل    عاجل/ الصيدليات تؤكّد تمسّكها بتعليق صرف الأدوية بهذه الصيغة لمنظوري ال"كنام"    عاجل/ تحذير من تسونامي يضرب هذه الدولة الليلة    توقيع مذكرة تفاهم بين البنك المركزي التونسي والبنك المركزي العُماني    انطلاق الورشة الإقليمية للدول العربية حول "معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي الإعاقات الأخرى"    عاجل/ حجز 100 كلغ "زطلة" في ميناء حلق الوادي    مونديال السيدات: هزيمة قاسية للمنتخب امام الارجنتين    عاجل/ بالأرقام: سدود الشمال تتدعّم بكميات هامة خلال الاسبوع المنقضي    صدور كتاب جديد للباحث الصادق المحمودي يستشرف "علاقة الفقه بالنوازل الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي"    توزر: زيادة منتظرة في نسبة الحجوزات بنزل الجهة خلال عطلة نهاية السنة الإداريّة    المنتخب التونسي لكرة القدم يشرع في تحضيراته لامم افريقيا يوم 12 ديسمبر    الزواج يتأخر في تونس والطلاق يرتفع: 16 ألف حالة سنة 2024    يدهس خاله حتى الموت بسبب الميراث    كأس العرب قطر 2025: المنتخب المصري يلتقي نظيره الأردني غدا الثلاثاء بحثا عن التأهل لربع النهائي    الإفراج عن طالب الطب محمد جهاد المجدوب    تسمم جماعي لركاب طائرة متوجهة من شنغهاي إلى موسكو    الصندوق العالمي للطبيعة يدعو الى المشاركة في حماية المناخ    كفاش تعرف الى عندك نقص في فيتامين B 12 ؟    حذاري: كان تعمل الحاجات هذه تهلك دُهن ''الكرهبة''    شوف شنوة ال 5 حاجات تقولهم المرأة والراجل يفهمها بالعكس    المنتدى الابداعي... المسرح الفن الموسيقى والعلاج "يوم 13 ديسمبر 2025 بالمعهد الفرنسي بتونس العاصمة    عاجل: عدد السكان يزيد بسرعة... هذه المدن العربية تسجل أكثر عدد    استغل هاتف الوزارة للاتصال بخطيبته: السجن وخطية لموظف بوزارة..    قدّاش من كرهبة تستوردها تونس في العام؟    شمال إفريقيا: 2024 عام قياسي في الحرارة... وهذه الدولة تسجّل أعلى درجة    الدكتور رضا عريف للتوانسة: هذه أعراض النزلة الموسمية...والحالات هذه لازمها طبيب    كأس العرب قطر 2025: المنتخب الجزائري يسعى لحسم تأهله لربع النهائي في مواجهة العراق    خلال سنة 2025: الديوانة التونسية تحجز 14 كلغ من الذهب    حماية مدنية : 382 تدخلا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية    بطولة اسبانيا: إلتشي يفوز على جيرونا بثلاثية نظيفة    أول تصريح لسامي الطرابلسي بعد مغادرة المنتخب كأس العرب..#خبر_عاجل    العربي سناقرية: "بعد ما فعله منتخب فلسطين لا يجب أن نشجع سوى منتخب تونس"    مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة    عاجل/ هذه الدولة تلغي إعفاء الفلسطينيين من تأشيرة الدخول..وهذا هو السبب..    فيلم 'سماء بلا أرض' يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش    التسامح وبلوى التفسّخ    ماسك يصعّد هجومه ضد الاتحاد الأوروبي.. ويشبهه ب"النازية"    حَقُّ التّحْرِيرَيْنِ وَوَعْيُ التّحْرِيرِ: جَدَلِيّةُ الْوَعْيِ الْمُحَرر    رأي .. قرنٌ من التطرف، والإرهاب ... من حسن البنّا إلى سلطة الشرع... سقوط الإمارة التي وُلدت ميتة!    أولا وأخيرا .. أزغرد للنوّاب أم أبكي مع بو دربالة ؟    غدوة اخر نهار للأيام البيض.. اكمل صيامك واغتنم الثواب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداعا فوزي بالكاهية...
نشر في الصباح يوم 12 - 02 - 2009


رمز الكفاءة... بعد النظر... والاستقامة
فقدت تونس بداية الأسبوع الجاري أحد أبرز رجالاتها الذين طبعوا مسيرة الاقتصاد الوطني خلال فترة لا تقل عن أربع عشريات وهو المرحوم والمغفور له بإذن اللّه تعالى فوزي بالكاهية الذي اختطفته المنية بعد مرض عضال عن سن لا تتجاوز 61 سنة وتلك هي مشيئة المولى.
وان الكتابة والتعرض للمرحوم في هذه المناسبة الأليمة تعتبر في حد ذاتها اعترافا بالجميل لما قدمه المرحوم لهذا الوطن العزيز في العديد من القطاعات الاقتصادية... ولعدد كبير من المستثمرين، رجال الأعمال وباعثي المشاريع الذين وجدوا لسنوات طويلة في فوزي بالكاهية الناصح والمؤطر، ذلك الذي يعشق وطنه بطريقته الخاصة، مسكون بهواجس التنمية، المؤطر لباعثي المشاريع ولكنه لا يتردد لحظة وبكل سهولة في رفض طلب أقرب أصدقائه إذا كانت تشوبه شائبه، قوته في ذلك بعد النظر، الاستقامة وذكاؤه الوقاد والنادر وهي خصال لا تتوفر إلا لدى شخص له الكفاءة والاستقامة والحزم والنزاهة.
وهو ما جعله يفتخر - عن جدارة - بدراسة علمية وتقنية قدمها في بداية الثمانينات بوصفه مسؤولا ببنك التنمية "BDET"... رفض فيها إقامة مصنع ثان لتركيب السيارات بمنطقة ماطر، إلا أن القرار السياسي آنذاك تجاهل الدراسة وأقام مشروع ماطر وكانت النتيجة الافلاس وبالتالي إثبات صحة موقف المرحوم الذي كاد أن يكلفه ذلك تبعات لا تحمد عقباها!!
لقد تقلد المرحوم عديد المسؤوليات الكبري لعل أبرزها ر.م.ع «الخطوط التونسية» في فترة من أصعب وأدق فترات مسيرة هذه المؤسسة الوطنية الرائدة وطبعها الى يوم الناس هذا بمواقف استراتيجية ظلت بصماتها قائمة الى اليوم... وكذلك لاشأن بالنسبة للفترة التي قضاها وزيرا للنقل... ثم مسيرا للبنك التونسي الذي شهد قفزة نوعية تاريخية.
ولعل السبب الرئيسي في هذه النجاحات الثابتة في قطاعات مختلفة أن المرحوم فوزي بالكاهية كان يحب كل مهمة يضطلع بها... ولا يهمه إلا النجاح ولا شيء سوى النجاح... وكان رفع التحديات والاصرار على كسبها خبزه اليومي.
وتعود بي الذاكرة إلى العديد من المواقف الهامة والوقائع التاريخية التي كنت شاهدا عليها وسأحاول اختزالها بشدة في النقاط التالية:
* كنت أتردد على المرحوم في مكتبه القديم في شارع الحرية وهو رئيس مدير عام «للخطوط التونسية»، لم يتجاوز عمره 40 سنة وكنت في كل مرة أجده محاطا بالعديد من المراجع والكتب والوثائق المتصلة بقطاع النقل الجوي، وكم كان سعيدا رحمه اللّه عندما أصبح بعد فترة يعرف هذا المجال الجديد بالنسبة اليه وملما بمختلف جزئياته بما في ذلك الجوانب التقنية إلى أن تحول إلى خبير في مجال النقل الجوي.
فالرجل لم يتخذ قرارات هامة تخص «الخطوط التونسية» إلا بعد أن تمكن من عالم النقل الجوي وعرف خفاياه وخصائصه وجزئياته.
** في جوان 1990 كنت أمثل جريدة «الصّباح» في جولة تضم عددا من الصحافيين بدعوة من شركة «بوينغ» الأمريكية وقادتنا هذه الجولة الى العديد من المناطق الأمريكية... وكم كان اعتزازي كبيرا لا يوصف عندما تعرض المسؤول الأول لمؤسسة «بوينغ» الامريكية خلال لقاء صحفي دام 15 عشرة دقيقة في ختام الزيارة في مدينة «سياتل» "SEATLE" إلى شفافية ومثالية عقد اقتناء الخطوط التونسية لطائرات من نوع «بوينغ».
وبعد فترة علمت أن الأمر يتعلق برفض «هدية» تقليدية عادة ما تقدمها بوينغ Boeing عند ابرام عقود اقتناء الطائرات.
*** أما الحداثة الثالثة التي أود التعرض لها عند الحديث عن خصال المرحوم العزيز فتتعلق بقدرة الفقيد على المزج الذكي بين الصرامة... و«التنازل خلال لقاء تفاوضي نقابي جمعه مع النقابي الأصيل و«دينامو» المنظمة الشغيلة آنذاك المناضل المرحوم حسين بن قدور الذي لا يعرف للمجاملة منفذا عند التفاوض بحكم نزاهته ونظافته المعروفة، ومع ذلك فقد اقتنع المرحوم بموقف فوزي بالكاهية ودافع عنه بكل قوة... بل تحول الى مدافع عن موقف الادارة العامة للخطوط التونسية.
واعتقادي أن اقناع المرحوم حسين بن قدور في تلك الفترة النقابية بالذات لم يكن بالأمر السهل بالمرة وربما يعتقد الذين لا يعرفون المرحوم بوزي بالكاهية عن قرب أنه كان جديا أكثر من اللازم... برغماتيا أكثر من اللازم... مستقيما أكثر من اللازم... ولكنه كان وطنيا وصاحب نكتة ونوادره تنم عن خفة روح.
رحم اللّه فوزي بالكاهية... الذي كان استثنائيا... وشاء القدر أن يلم به مرض هو بدوره استثنائيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.