تونس الصباح: أعلنت وزارة النقل منذ أكثر من سنتين عن تنفيذ برنامجين للنقل داخل المنطق الحضرية بالعاصمة والمدن الكبرى. ويتمثل البرنامج الأول في خط حديدي سريع سيتم انجازه على مراحل، وتمتد خطوطه في اتجاهات عديدة تصل إلى ضواح عديدة من العاصمة، وذلك لتعزيز حركة النقل المعتمدة على خطوط المترو الخفيف. وسوف تمكن هذه الخطوط الحديدية الجديدة من نقل المسافرين بأسرع وقت والى مسافات تفوق 30 كلم في محيط العاصمة. كما تم في الآن ذاته الإعلان عن برنامج ثان سيتم بموجبه وضع مسالك خاصة بالحافلات على كافة الطرقات وفي كل الاتجاهات، وذلك لتسهيل سيرها وسط حركة المرور وعدم تعطلها في آداء السفرات التي تقوم بها حسب التوقيت المحدد لرحلاتها. هذا البرنامج لم ير النور بعد، رغم مرور أكثر من سنتين عن الإعلان عنه، وهو في اعتقادنا لا يتطلب أشغالا وإنجازات ضخمة، ومصاريف طائلة. كما أن تحديد هذه المسالك على كافة الأنهج والطرقات قد يسهم بشكل كبير في تسهيل حركة الحافلات، ويقلل على وجه الخصوص من وقت السفرة الذي يضيع معظمه على الطريق نتيجة الاكتظاظ وتعطل سير الحافلات. فماذا عن هذا البرنامج؟ ومتى تعتزم مصالح وزارة النقل تنفيذه لتفادي تعطل سير الحافلات على الطرقات؟ في انتظار وضع مسالك خاصة بالحافلات إن المتابع لوضع النقل العمومي عبر الحافلات سواء بالعاصمة أو في بقية المدن الكبرى، يدرك أن هذا الوضع لم يتغير منذ عشرات السنين، وأن حركة المرور تتعقد سنة بعد أخرى نتيجة جملة من العوامل التي أفرزها التطور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. فخلال العشرية الأخيرة وقع التركيز بشكل خاص على النقل الخاص، مما أدى إلى تطور الأسطول وبلوغه ما يناهز مليون و400 ألف عربة. ومقابل هذا بقيت وسائل النقل العمومي ثانوية، وتراجع اداؤها أمام التركيز المفرط على النقل الخاص الذي تطور حجمه ليتزايد ب50 ألف سيارة في السنة. وعلى الرغم من التطور الحاصل في البنية الطرقية وما شهدته من انجازات متتالية لمشاريع كبرى تمثلت في تشييد عديد الجسور والمحولات والأنفاق، فإن الاكتظاظ الصباحي والمسائي بقي قائما على معظم الطرقات، بل أن تعقيدات حركة المرور باتت متواترة طوال ساعات النهار. وبناء على هذا التفاوت الحاصل بين وسائل النقل العمومي والخاص، جاءت جملة من الدراسات والبحوث لتؤكد أهمية النقل العمومي، وضرورة العودة إلى اعتماده، وفي هذا الاتجاه رسمت برامج لتفعيل دور هذا النقل، سواء عبر تجديده المتواتر، أو من خلال تنويعه وأعداد وسائله، ورفاهه، وكذلك من خلال رسم خطط للنهوض به، وتسهيل مهامه ضمن حركة المرور. وإذا كانت النوايا والبرامج تسير في هذا الاتجاه، فإن الضرورة تدعو أيضا إلى الإسراع بالانجاز، حتى لا تتفاقم مشاكل النقل العمومي وتصبح الحلول صعبة أمامها. مسالك خاصة بحافلات النقل على الطرقات وداخل الشوارع والأنهج هذا المشروع تم الإعلان على تطبيقه منذ أكثر من سنتين، وقد وضعت حوله دراسات وخطط تنفيذ ستنطلق في البداية داخل العاصمة وضواحيها، لتعمم في ما بعد على كافة المدن الكبرى مثل سوسة وصفاقس على وجه الخصوص. وكان من المنتظر أن يبدأ التنفيذ خلال أشهر قليلة بعد اتخاذ القرار، لكن وإلى حد الآن لم تحصل أية مبادرة في هذا الاتجاه، ولم تشرع مصالح وزارة النقل أو التجهيز في وضع أو تحديد هذه المسالك على الطرقات وفي الأنهج، وبقي المشروع بانتظار التنفيذ، وتواصلت الصعوبات على الطرقات أمام الحافلات كالمعتاد. فماذا تنتظر السلط المسؤولة لتنفيذ هذا المشروع الذي سيحرر حافلات النقل من ضغوطات حركة المرور، ويجنبها ذلك الوقت الضائع التي تقضيه على الطريق في كل سفرة من سفرات حافلاتها؟