احيل ملف قضية غريبة جدا على الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالكاف لمقاضاة المتهم فيها الذي تم توجيه تهمة القتل العمد مع سابقية الاضمار اليه من قبل قاضي التحقيق بمحكمة جندوبة صورة الغرابة في هذه القضية التي ازيد واقول أنها بشعة ايضا وليست غريبة فقط أن القتيل هو الأب.. والقاتل هو الابن.. وطريقة القتل (طريحة) عنيفة بالعصا.. وتصوروا الفعلة من منطلق التفكير في تفاصيلها والابن العاق ينهال على والده ضربا مبرحا بالهراوة وهذا الأخير يتلوى تحت الالم ويفر من امامه من غرفة إلى غرفة ليتقي ضربات الابن الموجعة.. ان العقل فعلا يتوقف عن مواصلة تصور هذا السيناريو.. وتفاصيل هذه القضية تفيد انه في احدى الليالي وداخل حي من احياء بلدة بوسالم السكانية الهادئة كان هناك منزل يتواجد به الاب وهذا الابن العاق وكان الحوار بينهما يدور حول طلب الابن الذي تقدم به إلى والده يطلب منه السماح له بالمجيء مع عائلته لمشاركته السكن في بيته لانه لم يعد قادرا على دفع معلوم الكراء.. وكان رأي الأب في الموضوع هو الرفض لأنه يعرف مسبقا انه لا يقدر على العيش وسط عائلة ابنه ومن الخير له أن يقضي بقية عمره وهو الرجل المتقدم في السن كثيرا بمفرده تفاديا لمشاكل عائلية لا يطيقها - وكان رد الابن مواصلة محاولاته باستعمال التهديد مرة واللين مرة اخرى.. وفي لحظة غضب انهارت اعصابه واظلمت عيناه وهو يتصور كيف سيكون مصيره ومصير عائلته عندما يرغمه صاحب المنزل الذي يتسوغه على مغادرته وقبضت يده بشدة على العصا التي كانت معه ورفعها في وجه ابيه وهوى بها على راسه.. وانهالت الضربات في بداية الامر ضعيفة ثم اشتدت واحس الاب بالالم ورفع صوته يتوسل إلى ابنه أن يكف عن ضربه.. وبكى وسالت الدماء على وجهه لتسبغ شعر لحيته الابيض.. ولم يتوقف الابن عن الضرب وفر الاب وكأنه يزحف إلى غرفة اخرى والتحق به الابن وهو لا يكف عن تسديد الضربات اليه.. ثم فر إلى غرفة ثالثة لكن الابن العاق عميت بصيرته وتملكه شيطان الغضب فلم يترك والده الا جثة هامدة تكسوها الدماء.. وتقول التفاصيل الأخرى أن الابن وعندما عرف أن والده قد مات تحت وقع ضرباته القوية كان لايزال متأثرا بحالة الهيجان التي دفعته لارتكاب جريمته فحمل الجثة ومددها فوق الفراش وشرع في ازالة اثار الدماء من ثيابه وثياب ضحيته ومن ارضية الغرف التي سالت فيها ثم جلس بالقرب من الفراش وبدا يفكر في ما سيفعله.. وفي الاثناء تكشفت له الحقيقة كيف انه ارتكب جريمة لا تحق لاحد أن يرتكبها.. شاهد الجثة.. استنشق رائحة الدماء.. استوعب الفوضى التي كانت عليها الغرفة المتواجد بها استعاد شريط الحوار بينه وبين والده قبل لحظات.. فكر قليلا في زوجته وابنائه فكر كثيرا في المصير الذي صنعه لنفسه.. واطلق لعقله العنان.. وبقي بجانب جثة والده التي وضع عليها غطاء حتى لا يكثر من النظر اليها إلى أن طلع النهار.. عندها خرج امام المنزل واطلق عقيرته بالصياح والبكاء معلنا عن عثوره على والده جثة هامدة في فراش نومه وحضرت السلطات الامنية والقضائية للمعاينة واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة.. وكانت الجريمة واضحة وضوح الشمس.. واعتقل المجرم حتى قبل أن تحال الجثة على المستشفى واخضاعها للتشريح واعترف الابن العاق بجريمته.. وقام بتشخيصها امام الاعين التي فاضت دموعا لبشاعتها اذ كيف يعقل أن يقتل ابن اباه بهذه الطريقة الوحشية التي ربما لم يشهد لها تاريخ الانسانية مثيلا من قبل وحتى يتم التأكد من أن صاحب هذه الجريمة لم يكن مختل المدارك العقلية فقد احيل على مستشفى الرازي لمعرفة حقيقته باخضاعه إلى فحص طبي دقيق.. وكانت النتيجة انه سليم المدارك العقلية ويتحمل المسؤولية كاملة في هذه الجريمة التي ارتكبها.