صفاقس - الصّباح: اختتمت مساء السبت 18 أفريل الماضي أشغال الندوة العلمية التي نظمها قسم العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس حول موضوع «المسكوت عنه» في النصوص الأدبية وكتب التفسير والنصوص القرآنية، وكذلك من خلال نماذج من المقالات الصحفية وقد سجلت أشغال هذه الندوة التي انتظمت على مدى ثلاثة أيام متتالية، حضورا مهما ولافتا للنظر من قبل جمهور الطلبة والأساتذة الجامعيين المهتمين بمسألة «المسكوت عنه» والمضمر والخفيّ في القول والنص والخطاب، ومن المشتغلين على قضايا التأويل والمناهج المتعلقة بكيفية فهم المقاصد والنوايا فيما وراء النص والمقال بحسب المقام الذي قيل فيه ومقتضى الحال الذي صيغ فيه الخطاب. ندوة «المسكوت عنه» التي حضرتها «الصّباح» وتابعت أعمالها ألقيت فيها حوالي 34 مداخلة ومحاضرة علمية وسجلت فيها نقاشات وحوارات ساحنة خاصة في يومها الختامي إذ كانت مناسبة مهمة لإثارة عديد المسائل والجدل بشأنها وخصوصا ما تعلق باختيار موضوع «المسكوت عنه» ليكون محور ندوة علمية في هذه الكلية وفي هذا التوقيت بالذات ونقاشا حول مفهوم هذا المصطلح وتجلياته في تراثنا الأدبي والديني وحتى في خطابنا اليومي ومسألة الحذف والذكر والقرينة المقامية وقدرة اللغة على التلميح والإضمار وقابلية الخطاب أو النص للتأويل والقراءة بحسب السياق الذي قيل فيه، كما أثير جدل واسع حول قدسية النص القرآني من خلال تأويل بعض السور القرآنية، ومن خلال حياة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع حريمه،. وهو ذات الجدل والنقاش الذي أثير حول قصّة «الإسراء والمعراج» التي حاضر حولها الأستاذ فرج بن رمضان المشرف على وحدة البحث حول «المتخيّل» بكلية الآداب بصفاقس، وقد علّق عن هذه المحاضرة الدكتور عبد المجيد الشرفي بأن ما قيل فيها لا مساس فيه بالمقدس، وأنه لا بد من التسلح بآليات من التاريخ والأنتروبولوجيا إلى جانب اللغة لفهم قصة «الإسراء والمعراج»، وفهم «المسكوت عنه» في هذه القصّة، وما لم يصرّح به ولم يذكر ولا يمكن فهمه إلا بالتأويل، وبالنظر إلى السياق والمقام وإلى مقارنتها بقصص قرآنية أخرى. توصيات وخلص المشاركون في ندوة «المسكوت عنه» إلى صياغة توصيات عامة اتفق حولها جل الحاضرين وتولى تلاوتها الأستاذ أحمد السماوي ولعل أبرز ما جاء في هذه التوصيات أن تم التأكيد على طرافة موضوع الندوة وقيمته العلمية والمعرفية وهو يحتاج إلى كثير من البحث والنظر والحوار والطرح والنقاش من زوايا معرفية متعددة، كما تم التأكيد على ضرورة مزيد الاهتمام بالإعلام عند تنظيم مثل هذه الندوات لمزيد تعميم الفائدة، وتحسيس الطلبة داخل الكلية وخارجها بأهمية مثل هذه الندوات والجلسات الحوارية والأدبية، ودورها في تكوينهم العلمي والأدبي والأكاديمي عموما، كما اتفق الحاضرون حول دعوة الأساتذة المدرسين في المعاهد الثانوية للمشاركة في أشغال الندوة القادمة لتحفيزهم على العمل البحثي وانجاز الدراسات العلمية، والاستفادة مما ينجز ويقام داخل الجامعة من تظاهرات ومحاضرات، كما تم التأكيد بالمناسبة على أن تهتم الندوة القادمة بشخصية أدبية مرموقة - تونسية أو أجنبية - لها دور ريادي في الثقافة العربية. هذا وقد وعد الأستاذ المبروك الباهي عميد الكلية منذ اليوم الأول لهذه الندوة، بنشر المحاضرات والمداخلات التي ألقيت حول مسألة «المسكوت عنه» ضمن كتاب سيوضع على ذمة الطلبة، والباحثين من الأساتذة داخل الكلية وخارجها.