دعوة إلى مراجعة أسس الخارطة الصحية... وهذه الأسباب باردو - الصّباح: خصص مجلس النواب اليوم الدراسي ليوم أمس لتناول موضوع المنظومة الصحية في تونس من خلال جملة من المداخلات تطرقت إلى جوانب مختلفة من وضع القطاع الصحي في بلادنا بالإضافة إلى الرهانات والتحديات التي تواجهه حيث تم تناول مواضيع بناء المنظومة الصحية عبر المخططات التنموية مع تقديم قراءة تحليلية في الخارطة الصحية إلى جانب طرح رهان الارتقاء بالأداء في قطاع الصحة ورهان تطوير التمويل في القطاع الذي جاء به الاصلاح الأخير لمنظومة التأمين على المرض. في افتتاح اليوم الدراسي ذكر فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب أن المنظومة الصحية الوطنية التي تعود نشأتها إلى مطلع القرن الماضي مع تخرج أول الأطباء التونسيين أمثال البشير الدنقزلي وحسين بوحاجب ومحمود الماطري والحبيب ثامر...، تطورت على أصعدة مختلفة منها البنية الأساسية والموارد البشرية والمستوي التنظيمي... لكنها تواجه في المقابل اليوم جملة من الرهانات نتيجة التحولات المختلفة الاقتصادية الوطنية والعالمية وكذلك التحولات الديموغرافية والاجتماعية وتأثيرها المباشر في تطور الحاجيات وتغيرالانتظارات على الصعيدين النوعي والكمي إضافة إلى التحولات الوبائية والتحولات العلمية والتكنولوجية... مما يجعل المنظومة الصحية في بلادنا بحاجة اليوم إلى مزيد الارتقاد بالأداء وبتطوير التمويل. بروز حاجيات جديدة اليوم من خلال المداخلة الأولى حول بناء المنظومة الصحية عبر المخططات للدكتور نور الدين عاشور مدير المعهد الوطني للصحة العمومية والمداخلة الثانية للدكتور الهادي عاشور مدير عام الهياكل الصحية العمومية بوزارة الصحة العمومية، يمكن الإشارة إلى أن المنظومة الصحية في بلادنا تشهد اليوم بروز حاجيات جديدة حيث أن النقلة الديموغرافية والوبائية التي تشهدها البلاد والتحرر المتسارع للاقتصاد بما في ذلك القطاع الصحي الخاص ساهم في بروز اشكاليات جديدة تتعلق بالجودة نظرا لتنامي وعي المواطنين الذين أصبحوا يطالبون لا فقط بالخدمة وإنما كذلك بالجودة وذلك ضمن محيط اقتصادي يسير على خطى العولمة وتنامي مستمر للنفقات الصحية. ومتابعة بناء المنظومة الصحية عبر المخططات التنموية يبرز هذا التغير في الحاجيات والرهانات والانتظارات في القطاع الصحي فلم تعد حاجيات وانتظارات اليوم نفسها حاجياتنا واشكالياتنا في الستينات حيث تم التركيز خلال الفترات السابقة على مواجهة الأراضي المستوطنة ودعم التثقيف الصحي والوقائي ودعم الطب الأساسي ثم تم التدرج نحو دعم الطب المدرسي والطب الاستشفائي وتوسيع قاعدة المستشفيات الجهوية وصولا اليوم إلى المطالبة بالجودة والإحاطة بأمراض جديدة أو ما يصطلح عليها بأمراض العصر (السرطانات وأمراض القلب والشرايين). بالإضافة إلى النظر في موضوع التمويل الصحي والمطالبة بتحقيق التوازن في توزيع الخدمات الصحية في بلادنا بين القطاعين العام والخاص وبين الجهات...إلخ. مراجعة الخارطة الصحية تستدعي جملة هذه التحولات النظر في مراجعة بعض الجوانب المتصلة خاصة بأسس الخارطة الصحية وأشار مدير عام الهياكل الصحية العمومية في مداخلته إلى هذا الموضوع مبينا أن قراءة أداء الهياكل الصحية العمومية على مستوى معدل استغلال الأسرة والذي يبين أن نسبة الاستغلال لا تفوق 30% بالمستشفيات المحلية و50% بالمستشفيات الجهوية بينما تفوق 70% بالمستشفيات الجامعية، كذلك النظر إلى واقع طب الاختصاص في الجهات حيث تبقى أغلب الولاياتالغربية والجنوبية في حاجة إلى انتدابات جديدة لتغطية الحاجيات الدنيا في اختصاصات حيوية، وبالنظر أيضا إلى كثافة التجهيزات الثقيلة في القطاع الخاص مقارنة بالقطاع العام وفي المدن الجامعية مقارنة بالمستشفيات الجهوية...، كل هذه المؤشرات تؤكد ضرورة مراجعة الأسس التي انبنت عليها الخارطة الصحية في الجوانب التالية: - بعث هياكل تقدم خدمات خارجية بمستوى مستشفيات جهوية في المدن الجامعية. - مزيد التمعن في بعث المستشفيات الجهوية. - مراجعة مكانة الأسرة الاستشفائية في المستشفيات المحلية. - تطوير مفهوم الرعاية الصحية الأساسية وطرق تقديمها وتوفيرها بناء على الوضع الوبائي الحالي الذي لم تعد فيه الأمراض السارية الإشكال كما دخلت مفاهيم جديدة مثل سلامة الرعاية الصحية الأساسية... ولا بد هنا أيضا من توفير حد أدنى من الموارد البشرية حيث لا يعقل أن نتحدث عن قسم انعاش بوجود طبيب واحد... - العمل على ملاءمة الخارطة الصحية للتحولات السكانية والصحية والاجتماعية وطرق وآليات تقديم الخدمات الصحية. - النظر في دور التأمين الصحي وأثره على توزيع الأعباء بين القطاع العام والخاص. - تطوير الخارطة الصحية الرقمية ووضع خارطة خصوصية في مجالات ذات أولوية اليوم (أمراض السرطان والقلب وضغط الدم...).