"حراك 25" يناشدرئيس الدولة الترشّح لانتخابات 2024    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    الصين تعلن تشكيل قوة عسكرية سيبرانية جديدة    يستقطب قرابة نصف اليد العاملة.. مساع مكثفة لإدماج القطاع الموازي    أميركا توافق على سحب قواتها من النيجر    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    فشل مجلس الأمن في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين: هذا موقف تونس    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    «لارتيستو»...الفنانة خديجة العفريت ل«الشروق».... المشهد الموسيقي التونسي حزين    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيّ روائي أو قصّاص هو بنك من الأفكار والرؤى والتفاعلات التي تلح في البروز عبر فقرات النّص
لقاء الثلاثاء: بعد تتويجه بالكومار الذهبي للرواية السبت الماضي - «الصّباح» تلتقي الروائي الدكتور عبد القادر بن الحاج نصر
نشر في الصباح يوم 28 - 04 - 2009

تونس - الصباح: أسندت يوم السبت 25 أفريل الجاري جائزة الكومار الذهبي للدكتور عبد القادر بن الحاج نصر عن روايته الأخيرة «حي باب سويقة» التي تنافست مع 25 رواية عربية صدرت في الفترة الفاصلة بين 1 أفريل 2008 و31 مارس 2009.
والدكتور عبد القادر بن الحاج نصر هو قاص صدرت له مجموعات «صلعاء يا حبيبتي» - «أولاد الحفيانة» «زبد المياه المتسخة» - «عجمية» - «البرد» - عجائب زمن وبحوث أدبية مثل «مظاهر الرواية التونسية» و«ملاحظات حول الزمن الرديء». ومسلسلات تلفزية ك«الحصاد» .. و«الحمامة والصقيع» و«الريحانة» و«دروب المواجهة» و«جمل جنات» وله روايات «الزيتون لا يموت» - «صاحبة الجلالة» - «زقاق يأوي رجالا ونساء» - «الإثم» - «امرأة يغتالها الذئب» - «قنديل باب المدينة» حاصلة هي أيضا على جائزة الكومار الذهبي - و«مقهى الفن» - و«ساحة الطرميل» - و«جنان بنت الري» - و«عتبة الحوش» - و«ملفات مليحة» وله أيضا ثلاث مسرحيات - «كلاب على السطوح» - «محاكمة الشيخ السفطي» - و«ولد الحفيانة». وبالمناسبة التقينا مع الدكتور وتحدثنا معه عن خصوصية الرواية في تونس وقد شارفت على المائة عام وعن صداها خارج أرض الوطن وعن المجتمع الذي ينهل منه شخصياته ومواضيعه.. عن المرأة في كتاباته وعن خصوصيات المبنى والمعنى في رواية «حي باب سويقة» المتوجة فكان الحوار التالي:
حوار: علياء بن نحيلة
* الكتابة بالنسبة إليك هاجس أم متعة.. أهي الحياة أم هي استراحة من هموم الحياة؟
- الكتابة عندي لا هي هاجس ولا هي متعة، إنها قدر ولقد تحملت هذا القدر ورضيت به وسخطت عليه، وحاولت الهروب منه، ثم الجري وراءه والإذعان له والتمرّد عليه، وفي النهاية تحول هذا القدر إلى ما يشبه الواجب به وأنا مدرك بأنني لن أغير شيئا بما أكتب، ولن أصل إلى ما أحلم به لأن العقبات متعددة.. ولأن الأشواك شديدة الحدّة ولأن القارئ الذي تصاغ الأعمال الأدبية من أجله يكاد يكون مفقودا إلا القليل الذي على قلته وندرته يفك بعضا من العزلة على صاحب الإبداع، ويلطف من جحود الأكثرية.
تمنيت لو أنّ الكتابة كما تقولين استراحة من هموم الحياة ولكنّها على عكس ذلك هم قاهر يضاف إلى هموم الحياة.
إن الاستراحة هي بمثابة الاستقالة من المواجهة والصراع والتحدّي، والكتابة هي هذه الأفعال كلها مقترنة بالعرق والتعب والإحباط، ولعلمك سيدتي من أجل الإحاطة بما يحمله سؤالك من عناصر هامة وأساسية فإنني لا أسعى وراء الكتابة ولا أتوق إليها، ولا أبحث عن الخلوات معها وإنما أجد نفسي ذات لحظة على حافة الانفجار إذ أن عدة أحاسيس حارقة ولا أقول أفكارا ولا أسئلة تحاصرني وتضغط علي بما أنّني لا أملك وسيلة ذات بال أواجه بها هذا الإحساس فإن الكتابة تفرض نفسها.
أكتب عندما تحاصرني الأسئلة
قديما عندما كنت أتعاطى بعض الرياضات في السبعينات والثمانينات كنت أهرب إليها (أي الكتابة) وأحتمي بها وغالبا ما أتجاوز بممارستها المعاناة النفسية لذلك لو تلاحظين كنت آنذاك قليل الانتاج الأدبي نسبيا، وحين فقدت الملاذ الذي ينقذني من براثن الكتابة وجدت نفسي أسيرا لا حول لي ولا قوة.
لكن وبما أن هذه الكتابة التي كانت قدرا قاهرا ثم تحولت إلى واجب فإنني أتعاطاها بما يقتضي الواجب أي عندما تحاصرني الأسئلة نتيجة ما أرى وما أسمع وما أحس وما أعاني فإنني أقبل على هذه الكتابة بما يشبه التنظيم المحكم.
إذ كلما شرعت في كتابة رواية أو قصة (ولا أقول مسلسلا تلفزيونيا فلعنة الله على محنة المسلسلات) إلا وواصلت الكتابة يوميا، حرّا كان وبردا صحوا كان أو مطرا.
ويمكن لك أن تتصوّري كمية العرق التي تنزل من بدني لذلك لا يسعني الآن إلاّ أن أطلب العفو من قمصاني التي كم تبللت وجفت على جسدي.
* بعد مائة عام من الرواية التونسية وأنت أحد رموزها هل يمكن أن نتحدّث عن خصوصية الرواية التونسية كما نتحدّث عن خصوصية المسرح.. أم أن الطريق مازال طويلا؟
- النقاد يا سيدتي أعرف مني إذا ما اكتسبت روايتنا التونسية خصوصية أم لم تكتسب، وإنني أتذكّر الآن سؤالا طرحه عليّ الأستاذ أندري ميكال أثناء مناقشة أطروحة الدكتوراه وكانت على الرواية التونسية - ما هي خصوصية الرواية التونسية ووجدت نفسي أتلعثم باحثا عن جواب لم أتهيّأ له.
وأدرك الأستاذ ذلك فتجاوز سؤاله إلى سؤال آخر وها أنا أجد نفسي اليوم أمام نفس السؤال دون أن تتبلور لدي فكرة محددة واضحة عن الخصوصية فقد أكون فعلا لا أدري، وقد لا تكون هناك خصوصية متكاملة الملامح للرواية التونسية وإنما الروايات مجموعة أنواع من الكتابات السردية التي اجتهد أصحابها، كل حسب درجة ثقافته ودرجة موهبته ودرجة اجتهاده في صياغة عمله في شكل خاص به لا تجمع بينه وبين الأعمال الأخرى إلاّ الأمكنة التي تدور فيها الأحداث إذا كانت الأمكنة محددة وأسماء الشخصيات مثل عمار وسالم ومحمود والتهامي وفرج ومريم ومحبوبة.
رواياتنا لم تؤلف وحدة بينها
أعتقد أنّ الروائيين التونسيين لم يلتقوا على منهج أو أسلوب أو توجه حتى يكونوا ما يكن أن نسميه تيارا أو مدرسة أدبية.
وحتى ما تم تناوله بالنسبة للشعر كان ادعاء وافتعالا من أجل الشهرة لا غير..
هكذا أستطيع أن أقول أن الرواية عندنا تميزت بخصوصية أعمال كل كاتب بمعزل عن أعمال الكتاب الآخرين، فرواية «رأس الدرب» لرضوان الكوني لا تلتقي في شيء مع رواية «نهج الباشا» لحسن نصر ورواية «يوم من أيام زمرا» لصالح الجابري لا تلتقي مع رواية «الدقلة في عراجينها» للبشير خريف ورواية «ونصيبي من الأفق» لعبد القادر بن الشيخ ليس بينها رابط يربطها برواية «حليمة» للعروسي المطوي، أو رواية «المنعرج» لمصطفى الفارسي، أو روايات إبراهيم الدرغوثي ويوسف عبد العاطي وعباس سليمان..
قد أكون مخطئا في هذه الاستنتاجات ولكن قناعتي ثابتة إلى حدّ هذه اللحظة ان روايتنا التونسية لم تؤلف حتى الآن وحدة بينها، مثلما كانت الرواية «المصرية في الستينات والسبعينات، أما اليوم فقد تشتتت وذهب ريحها.
المشارقة يقولون عنا أشياء كثيرة..!
* كثيرا ما يقول المشارقة أن الرواية التونسية نسخة مشوهة من الروايات الفرنسية فهل من تفسير لهذا الرأي أو رد عليه بأمثلة تؤكده أو تفنده؟
- المشارقة يقولون عنا أشياء كثيرة، عن أدبنا وفننا ومسرحنا وأفلامنا... وبعض المصريين خاصة لا يقيمون الأشياء حق قيمتها، ولهم نظرة فوقية إزاء الإبداعات المختلفة وهي نظرة مستمدة من تفوق المصريين في النصف الأوّل من القرن الماضي، وحتى منتصف القرن نفسه في الانتاج السينمائي والروائي والقصصي والدراسات الفكرية والمسلسلات وهذه حقيقة لا ينكرها أحد.
وقد استفاد العرب من مختلف الأقطار من زخم الإبداعات المصرية لكن هذا التفوق خاصة في الكمّ كوّن لدى المصريين ما يمكن تسميته بعقدة الاستعلاء.. الأمر الذي يجعل البعض منهم يرمي بالضحالة إنتاج الآخرين.
على عكس ما يقوله هؤلاء فإنّ النصّ السردي في تونس والجزائر والمغرب استفاد من الأدب الفرنسي خاصة ولم يقلده.. ولكنه استفاد أيضا من الآداب الأخرى، في أوروبا الشرقية، وأمريكا اللاتينية، ومن الأدب الأنقليزي والألماني والإيطالي والإسباني، فالمبدعون التونسيون أغلبهم متفتح على الإبداعات العالمية، مستفيد منها، متفاعل معها، شغوف بالاطلاع على آخر المناهج والأساليب وطرق التعبير وذلك ما أعطى للرواية التونسية إشراقتها وعمقها وتجاوزها الطرق المعبدة.
عندما قرأ إحسان عبد القدوس روايتي «صاحبة الجلالة» لم يقل عنها إنها نسخة مشوهة من الرواية الفرنسية، وإنّما قال في جريدة «الشرق الأوسط» إنها رواية متأثرة بالأدب الفرنسي إلى جانب ذلك ذكر محاسن الرواية وأبدى إعجابه بها، طبعا فليس كل الكتاب المشارقة لهم أريحية إحسان عبد القدوس، إننا لو أردنا أن نتكلم بموضوعية أدبية لقلنا أن لا أحد من الروائيين أو الشعراء لم يتأثر بغيره ممن سبقه أو عاصره وكان متميّزا ومبدعا.
إنّ الإبداع لا يكتمل إلاّ إذا توسعت دائرة مطالعات المبدع واطلاعه على جميع الفنون والآداب شرقا وغربا، وفي النهاية فإننا عندما نكتب نثري المسيرة الإبداعية ونكمل ما بدأه غيرنا.
... ولنادي القصة فضل كبير
* ساهمت منذ بداياتك في تطوير القصة التونسية وفي إخراجها من الكلاسيكية فماذا عن هذه الحقبة من مسيرتك الإبداعية؟
- جميلة تلك الحقبة وزاهرة ومتألقة كانت واعدة بأتمّ معنى الكلمة فيها من الحماس الفياض للأدب والرغبة في الخروج من جلباب القديم من أجل إثبات الذات، والتعبير عن تونس الجديدة التي تغيرت فيها أنماط الحياة واعتنق أهلها الأحلام الكبيرة بعد فترة الاستعمار الحالكة.
عدد غير قليل من القصاصين انخرطوا عن وعي في كتابة نصوص تتسم بالتجديد، شكلا ومضمونا وتعبر عن أحاسيس ومشاعر الآخرين، أي أنّ القصة أصبحت تعكس الهم الجماعي مبتعدة عن الذاتية والبُرْجُعَاجيّة والأنانية.
ولنادي القصة ولمؤسسيه وطريقة إدارته واحتضانه للأقلام الشابة الفضل الكبير في ازدهار القصة وتطورها، مما لفت لها الانتباه في تونس وخارجها. في أواخر الستينات أي في أوج تألّق القصة وازدهارها صدرت لي مجموعتي القصصية الأولى: «صلعاء يا حبيبتي» وأعتقد أنها حظيت باهتمام الساحة الأدبية ووسائل الاعلام تماما مثلما حظيت مجموعات قصصية أخرى لكتاب آخرين صدرت من قبلها وبعدها، ومنذ ذلك الوقت وحتى هذه الأيام ما تزال الأعمال السردية حاضرة بقوة وما تزال تجتهد من أجل التجديد ومواكبة الأعمال السردية.
إن الذي ميز تلك الفترة القصصية هو التفاف القصاصين حول بعضهم وتفتحهم على تجارب بعضهم البعض واستقبال الانتاجات الجديدة برحابة صدر وبأريحية لا مثيل لها.
* أعمالك مليئة بذاتك وتحمل خصوصيتك أنت ويحضر فيها المكان بقوة حتى يصبح بطلا فيها أو أحد أبطالها فهل من تفسير لهذا الاختيار؟
- قد يكون كذلك.. أعمالي تحمل ذاتي التي هي في نفس الوقت ذات الآخرين وهذا لا يعني أنني معجب بذاتي، إنّما أنا من الذين يسافرون في ملامح الآخرين، استقرئ همومهم وقضاياهم أتفاعل معها وأتأثر بها حتى تصبح قضيتي التي أعيشها وأعانيها، وعندما أكتب قصة أو رواية أو مسلسلا تصبح هي المرجع الأساسي الذي أستمد منه المضمون والشكل، صحيح أنّ رواية «صاحبة الجلالة» تعبر في أحد محاورها عن هم من همومي الذاتية وكذلك رواية «زقاق يأوي رجالا ونساء» لأنّني مررت في مكان ما وزمن ما بظروف غير عادية فكنت بذلك مثل أي شخص من الأشخاص الآخرين الذين يتحولون في الروايات إلى شخصيات تحمل قضايا، ومع ذلك فمن خلال هاتين الروايتين عبرت عن شرائح من المجتمع تعاني الظلم والتسلط، وتجاوز النفوذ وتخوض صراعات دامية من أجل تأمين لقمة العيش وتحقيق الأمن الاجتماعي ولم يكن ذلك سهلا..
أما الروايات الأخرى فإنّها على ما أعتقد لا تحمل همومي الذاتية، ولا سير حياتي، ولا صراعاتي الشخصية وإنّما مداراتها الآخرون، المحيطون بي المتعبون في القرية والمدينة.. الباحثون عن مكان تحت الشمس.
* رأى البعض أنّ إكثارك من الشخصيات جعلك من روّاد الأدب الديمقراطي في تونس، في حين رأى البعض الآخر أنها كثرة مفرطة قد لا تفيد الرواية بقدر ما تشتت ذهن القارئ فما رأيك في الموضوع؟
- الأدب الديمقراطي! فاجأتني هذه الكلمة وهذا التعبير.. لكن لا بأس.. الأدب الديمقراطي!
إن الاختلاف في الرأي بين الناس رحمة، وأنا لا أنزعج أبدا من رأي ضد طريقتي في الكتابة، إلاّ أنّ الأهم هو أنني لا أتبع منهجا من أجل إرضاء فريق، وإزعاج فريق آخر، أنا أضع في كل رواية شبكة من الشخصيات، عادة ما تكون متعددة وأسعى أن لا تحمل هذه الشخصيات أفكاري في السياسة والمجتمع، بل إنها تعبر حسب مستواها الاجتماعي والثقافي عن رأيها وأفضل أن تكون لها ردود أفعال خاصة بها ضد أحداث وضد مواقف تعنيها وأحاول وأنا أكتب وأتقدم في صياغة الأحداث وبناء الشخصيات، أن تكون الشخصيات مستقلة عني تماما، هل نجحت في ذلك؟.. لا أدري.
لا أرغب في التسلط على شخوصي
أقول هذا وأنا أدرك أن أي روائي أو قصاص هو بنك من الأفكار والرؤى والتفاعلات التي تلح في البروز عبر فقرات النص، أو عبر الحوار الذي يدور بين الشخصيات.
إنني مدرك تماما أن الشخصيات هي من إبداع الكاتب وإن اختزنها في ذاته وعايشها وحمل أحزانها وتبنى صراعاتها، وكذلك فإن كل واحدة أو كل مجموعة من هذه الشخصيات مهما كانت تحمل قضية خاصة بها فإنها على ما أفهم تجسم في النهاية القضية الأساس التي تؤرق الكاتب فمثلا أحداث رواية «قنديل باب المدينة» التي تحكي فترتين من فترات تونس المستقلة وهما التجربة الاشتراكية والانفتاح الاقتصادي... إن الصراعات والإحباطات والنفوذ الإداري لدى البعض والذي عبرت عنه الشخصيات بكل حرية واستقلالية تعكس في نهاية الأمر إحباطا عاما من تجربتين اقتصاديتين واجتماعيتين مختلفتين، تحمل وزرهما عامة الناس.. على كل إذا كان الكاتب قادرا على أن يكون ديمقراطيا بحق وان يبتعد عن شخوصه ولا يثقلهم بأفكاره فإن مسألة عدد الشخوص الكثرة أو القلة تصبح ثانوية.
فأما أن يكون الروائي ديمقراطيا حقا وهذا ما أنشده وأما أن يكون متسلطا وهذا ما لا أريده لنفسي. لكن للأدب - والرواية بالخصوص - أحكامه.
* لامك البعض ممن قرأوا رواية «ملفات مليحة» على عدم تدخلك في شؤون الشخوص بحكم أخلاقي أو استنكار أو توجيه كذلك وهو الأهم على تركك للجريمة دون عقاب فما ردك على هذا الرأي؟
- إنهم يلومونني على أشياء كثيرة، ومن بين هذه الأشياء ما تفضلت بذكره..
لا أعتقد أن مهمة الرواية هي الوعظ والإرشاد خاصة بطريقة مباشرة، إن من اهتمامات الروائي هو تقديم الشخصيات التي هي نماذج من المجتمع التي تمثله، وهذه النماذج مختلفة السلوك والطباع وردود الفعل وتأتي من مستويات اجتماعية متعددة.
أترى لو أنّني توقفت أثناء سرد أحداث الرواية «ملفات مليحة» لأقول لبن عمر، أو لعبد العزيز أو حسناوي بطريقة من الطرق، أنتم نماذج فاسدة في المجتمع وعليكم تعديل سلوككم وتهذيبه.. هل سيحقق ذلك نتيجة؟ أعتقد أنني لو فعلت ذلك لخرجت من الفن الروائي إلى دائرة أخرى غير أدبية.. أما العقاب فإنه أحيانا يكون ممكنا وأحيانا لا يكون ممكنا، ألا ترين معي في حياتنا اليومية أنّ هناك أناسا يفعلون كل الأفاعيل المشينة، يمتهنون القهر والظلم والسرقة والجريمة ثم يفلتون من العقاب.
أما ما يخص الجريمة والعقاب في الرواية المذكورة فإن شخصيات عديدة نالت عقابا قاسيا جراء انحرافها الأخلاقي والإداري وعبد العزيز (أحد الأبطال الرئيسيين في الرواية) ظل طليقا دون عقاب لأنّ نفوذه أقوى من نفوذ الأشخاص الذين يحيطون به فهو نموذج الداهية والمجرم المحترف والمتصرّف الذكي في أعماله ولو نظرت حولك قليلا فستكتشفين أنّك مررت بمثل عبد العزيز مثلما مررت بأشخاص آخرين، وانتظرت أن يلقى العقاب لكن أملك قد خاب.. أن عبد العزيز حاضر في كل المجتمعات، فهل الرواية قادرة على عقابه إذا كان الآخرون المتنفذون غير راغبين في ذلك أو غير قادرين؟
* وماذا عن التيار الإباحي الذي اتهمت به في هذه الرواية بالذات؟
- أي تيار إباحي! ممارسة الجنس بطريقة غير مشروعة إلى جانب الانحراف الجنسي لدى شخصيتين في رواية «حي باب سويقة» هما داود ومصطفى الدل!
إن هذه الممارسات الخاطئة تقترن بالتخمة المادية والأنانية ومركب التفوق وهي أشياء تؤدي إلى الفساد الأخلاقي والبحث عن اللذة أينما وجدت، عندما يمتزج الحلال بالحرام وتمحي الحدود بينهما فإن الخير والشر يصبح لهما عند هذه الشخصيات وجه واحد وطعم واحد وطريق واحدة.
* المرأة في رواياتك كائن متوحش.. شريرة.. باحثة عن الثأر والانتقام.. حادة الطباع.. ملهوفة على حرية دون حدود أو هي كمليحة الشخصية المحورية في روايتك قبل الأخيرة فهل هذا هو واقع المرأة التونسية؟
- ما جاء في سؤالك لا يعكس رأيي أبدا كما لا يعكس شخصية المرأة التي أثثت رواياتي، ليست هناك امرأة متوحشة وإنما هناك امرأة تسعى وراء حقوقها التي اغتصبت منها وتصر على الدفاع عن نفسها أمام وحشية الرجل الذي أساء إليها بطريقة من الطرق.
* هناك المرأة الكادحة التي تسعى إلى اكتساب رزقها بعرق جبينها ولها إرادة التحدّي وإرادة تحقيق الحلم وإرادة الاستقلال عن التبعية للرجل من أجل ذلك ترد على العنف بالعنف. وعن الإهانة بالإهانة وعن القسوة بالقسوة.
* وهناك في رواياتي شخصية المرأة العادية التي تقوم بواجباتها المنزلية وتنتظر الرجل يعود من العمل. وتمثل هذه الشريحة صفية زوجة الناجي في رواية «قنديل باب المدينة» وأكثر النساء في رواية «عتبة الحوش» ودوجة في رواية «ملفات مليحة».
لكن الرجل فوق القانون والمرأة تحت طائلته
وإذا ما وجدت ملامح توحش لدى بعض النساء في بعض الروايات فإن أسباب ذلك تعود إلى سلوك الرجل وتجسم هذه الشريحة فطومة وشاذلية في رواية «حي باب سويقة» فقد سارتا في طريق الخطأ عندما يئستا من زوجيهما كذلك كريمة الحوت في رواية «قنديل باب المدينة» والتي تخلى عنها صاحبها الناجي بعد أن حملت منه.
لماذا نطلب من المرأة أن تظل صابرة على الأذى الذي يأتيها في كلّ حين من الرجل ولا نحاسبه عن أي منكر يأتيه في حق المرأة! لكأن الرجل فوق القانون والمرأة تحت طائلته في كل لحظة وعند كل حركة.
أقول هذا وأنا أستعرض أفواج النساء اللاتي يعملن في الحقول عبر الجمهورية.. وبعض الرجال يتحلقون حول براد الشاي أو يتعاطون لعبة الورق في المقاهي، وكذلك الطالبات إذ تأتين من كل فج عميق إلى العاصمة والمدن الأخرى يدرسن ويصارعن الظروف بأنواعها.
والمعلمات اللاتي يتم تعيينهن في مدارس الأرياف فيصبرن على التعب ويصنعن المعجزات.
أليس من حق المرأة أن تثور وتقول لا عندما يشتد عليها الخناق ويضيق!
* ينتهي أغلب أبطالك إلى الفشل والخذلان لِمَ كل هذا الإصرار على هذه النهايات وهل هو تشريع لها؟
- هل انتهت مليحة إلى الفشل؟ ألم تقاوم أشرس ظروف السكن والخصاصة والاستغلال ومع ذلك تخطت كل العقبات وحصلت على شهادتها.
وكذلك كريمة الحوت في «قنديل باب المدينة» وعزيزة في رواية «امرأة يغتالها الذئب».
كل الشخصيات أو أغلبهن كادحات متحملات لعبء أقدارهن، أما الفشل والإحباط فهما نتيجة النضال والإصرار على المواجهة والتشبث بالقيم والسعي لإثبات الذات والاستقلال عن الآخرين.
إن إرادة التحدّي لدى الشخصية تؤدي إلى إحباطات وهزائم ظرفية وحتى النهايات في الروايات ما هي الا مرحلة في سلسلة مراحل تقطعها الشخصية.. إن نهايات رواياتي أغلبها مفتوحة وليست مغلقة.
توتر العلاقات إلى حد الجريمة
* تعتمد على التصوير الكاريكاتوري الماسخ لشخصيات رواياتك وتربط بينهم كلهم تقريبا بعلاقات متوترة مبنية على المصلحة فبأي عين تنظر إلى المجتمع التونسي؟
- ذلك هو المجتمع وتلك هي حقيقة ما يجري بين الناس، المجتمع نتيجة التطور في بعض الجوانب أصبح محكوما بالسلوك المادي، الروحانيات لم يعد لها مكان الا قليلا... المجتمع يتطور واللهفة على «المادة» تزداد شراسة.
إنّ هذا لا يعني أنّ المجتمع خلا من القيم، ومن نقاط الضوء، ومن الأمل، ومن مظاهر السعادة، المجتمع مهما تطور يظل حاملا في ثناياه المظاهر المختلفة والحالات المتعددة إلاّ أنّ جانبا قد يطغى على آخر...
ولعل استقطب انتباهي ككاتب ولعل ملاحظاتي وما شاهدت وما اختزنت من أحداث وملامح لأناس في أوج الصراع من أجل النفوذ والتسلط والحصول على لقمة العيش وتأمين الحياة يؤدي كله إلى هذه الطريقة في تقديم الشخصيات وتصويرها كاريكاتوريا.
وإذا ما كانت هذه الشخصيات موسومة بالتوتر في العلاقات إلى حد الجريمة فلأنّ المصالح المادية قد سيطرت على السلوك.. وهذا أيضا مظهر من مظاهر تطور المجتمع وانهيار بعض القيم لديه.
* رواياتك وثائق اجتماعية متجزئة من حياة الناس لها مذاق موجع وفيها وخز للضمير ودعوة إلى الإصلاح فهل أنت مصلح اجتماعي؟
- أنا كاتب روايات وقصص وبعض الأنواع الأخرى ذات المنحى الإبداعي لم يتطرق إلى ذهني أبدا، أن أصبح مصلحا اجتماعيا، وإن كان لي رأي في ما يجري في المجتمع فلأنني أحد أفراده ولأنني من المنتبهين إلى حد العذاب والاحتراق إلى ما يجري في ثناياه.
أنا من الذين يتأملون جيدا ملامح الناس وهم يسيرون في الشارع، وهم جالسون في المقاهي يدخنون الشيشة أو يلعبون الورق أو يعلقون على المباريات الرياضية. ومن خلال الملامح المتشنجة والحوار الحاد الذي يتحول إلى تشابك بالأيدي أجمع مادة الكتابة...
أنا من المتأملين بانتباه شديد إلى المباني وأرصفة الطرقات والساحات والمغازات والدكاكين، والبيوت في الأحياء الفقيرة.. أنا مسكون بهاجس النظر إلى الناس والأشياء والبحث عن الروابط التي تربط الجميع.
أما متنقل دائما بالنظر والإحساس بين الأثرياء والمتنفذين والفقراء والمعدمين باحثا دون كلل عن الأسباب التي تؤدي إلى صعود هذا وإلى تردي ذلك - آه لو كنت مصلحا اجتماعيا لفعلت أشياء كثيرة يعجز عنها الفعل الأدبي. أليس دور الأدب محدودا وضيقا يكاد يكون لا شيء.
يبدو لي أحيانا أن الأديب شبيه جدّا بالكاراكوز، أو هكذا ينظر إليه المجتمع، فهو مثير للشفقة أحيانا وللضحك وللتهكم والسخرية أحيانا أخرى، الأدب في عصر المادة، مهما كان قيما ورائعا يسبّب لصاحبه أذى لا حدّ له.. ولن أبالغ ان قلت احتقارا..
هل أستطيع أنا بكل ما كتبت، أن أحظى بمقابلة رئيس مؤسسة تشرق على الإبداع والفن إذا كانت لي حاجة في مقابلته. أبدا لن يأتي ذلك.. لكنني لو تحولت إلى تاجر أو سمسار أو منافق ولدي نفوذ مالي لاستطعت ذلك بسهولة.
الأديب أقل حظا من أي عامل في المجتمع
أنا أديب وهذا قدري، والأديب أقل حظا من أي عامل في المجتمع، لذلك فأنت تعطيني وساما عندما ترفعيني إلى مستوى المصلح الاجتماعي، هنالك واحد فقط أعلم جيدا أنه يقدر الأديب حق قدره.. إنه رئيس الدولة لكن الآخرين تمردوا وكفروا بالإبداع ودوره..
* المجتمع التونسي في رواياتك في القرية كما في المدينة بغاء.. انعدام للأخلاق.. تجاوز للقانون.. إجرام وعلاقات مصلحية ظلم واستبداد واستغلال للجاه.. وماذا أيضا؟
- الجانب الآخر من المجتمع في رواياتي يمثل الإصرار لدى الشخصيات على بلوغ شاطئ الأمان أو النجاة.. الشخصيات المضادة في رواياتي تسعى وراء تحقيق أحلامها من أجل الخروج من بيت الطاعة لتصنع قدرها بنفسها.. انظري «قمرة وخديجة» في رواية «ساحة الطرميل».. انظري غانم في رواية «صاحبة الجلالة» وانظري أحمد في رواية «الزيتون لا يموت».
أنا لا أتجنّى على المجتمع ببناء مجتمع خاص أوهم القارئ بأنه المجتمع الحقيقي.. إنني أنطلق من قلب الأحداث التي نعيشها جميعا.
وإنني لواحد من أهل هذا المجتمع ذي الوجوه المتعددة مجتمع أريده حرا، متطوّرا، مملوءا بالسعادة والفرح.. فيه إمكانيات النجاح لكل واحد منا تسوده المحبة ويحكمه العدل.
لم أجد إشكالا من القارئ العادي
* تناولت في رواية «حي باب سويقة» ظاهرة تفشي الشذوذ الجنسي في بعض أوساط المجتمع التونسي ولكن بطريقة مبسطة مهذبة وخاصة وهو الأهم دون وصف.. وقد تغلبت عليك الروادع الأخلاقية فهل من تعليق؟
- لم أفكر بتاتا في الروادع الأخلاقية عندما تناولت موضوع الشذوذ الجنسي.. ليس هناك حواجز في تناول أي موضوع مادام هو حقيقة أزلية ولكن ليس من خصوصية الأدب وصف الممارسات الجنسية والدخول في التفاصيل التي قد تسيء في النهاية إلى قدسية الأدب ودوره الذي قد يكون الإحاء والإثارة تاركا للقارئ مجال التخيل والتأمّل، أنا لا أفكر عن الروادع الأخلاقية لأن بعض الأدب نفسه هو رادع أخلاقي والمبتغى في الأدب هو فضح الممارسات الخاطئة في المجتمع وعندما يتم ذلك في حدود الأسلوب الفني، وضمن الحرية الأدبية فإن الرسالة تكون قد وصلت إلى القارئ.. ان كان هناك قارئ!
* في نفس هذه الرواية كان الزمان أزمنة والمكان أمكنة تبدأ من الساحة وتتفرع عبر خطوط مستقيمة ودائرية حسب الأحداث والصراعات ألا تعتقد أن في هذا مشقة على القارئ العادي وتشتيت لذهنه؟
- أطمئنك بأنني لم أجد أي إشكال مع القارئ العادي بعضهم قرأ لي وحدثني بشغف عما قرأ لكن الإشكال المطروح مع القارئ غير العادي الذي يشكو من أشياء كثيرة، من اللهجة العامية إن وجدت من طول الرواية (عدد الصفحات) من كثرة الشخصيات من عدم الانتقال مما يسمى بالواقعية إلى العجائبية والغرائبية والسريالية وأشكال أخرى.
إن القارئ الشغوف بالرواية وبالقصة وبالإبداع عامة يتبع الدوائر والخطوط التي هي ساحات وأنهج وشوارع ويتفاعل معها باعتبارها تمثل حركة مستمرة في المكان والزمان، وكلما انتقلنا من مكان إلى آخر تجددت الصورة.. التي تستقطب الانتباه لدى القارئ. كما أن الصراعات الخارجية والداخلية تفرض انتقالا في المكان بدافع البحث عن الخلاص من الأزمة.
* الكومار الذهبي.. نقطة ضوء وإشعاع يحتاجها الأدباء؟
- أنا سعيد بأن أحصل للمرة الثانية على الكومار الذهبي أولاهما عن رواية «قنديل باب المدينة» والثانية عن «حي باب سويقة» وإنها لمناسبة كي أحيي كل من يقف وراء هذه الجائزة الكبيرة ويدعمها ويحافظ على استمرارها تشجيعا للحركة الروائية في تونس وللروائيين، وهذا يمثل نقطة ضوء وإشعاع نحن جميعا في أشدّ الحاجة إليها.
في النهاية ألا تتفقين معي أنّ للأبواب على جائزة كومار سلطانها؟ إنها أبواب تونس العزيزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.