تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة كبرى عن تطوّر السّرد القصصي والروائي في الأدب الليبي والتونسي
مجلس الثقافة العام والمركز الثقافي التونسي بطرابلس ينظّمان: شمس الدين العويني
نشر في الشعب يوم 09 - 06 - 2007

احتضنت العاصمة الليبية طرابلس ندوة كبرى حول تطوّر السّرد القصصي والروائي في الأدب الليبي والتّونسي وقد نظّم هذه التظاهرة الادبية مجلس الثقافة العام بالتنسيق مع المركز الثقافي التونسي الليبي وذلك ضمن خانة رواق النقد الادبي حيث عمل مجلس الثقافة العام على تنظيم فعاليات ضمن أروقة تخصص للحرف واللون وتعنى بالشعر وبالفنون التشكيلية وهكذا...
وقد شارك في هذه الندوة عدد من القصاصين والروائيين والمهتمين بالسرديات والنقاد من البلدين وفي هذا السياق من الانشطة المعنية بالنقد، يمضي مجلس الثقافة العام بالجماهيرية خطوة امامية اخرى تنضاف الى مجهوده في نشر المنتوج الثقافي الليبي حيث طبع أكثر من مائة وخمسين عنوانا في زمن قياسي لم يتعد العامين وذلك في شتى الاجناس الادبية والفكرية تمثل الاتجاهات الادبية والفكرية والفنية الليبية لاجيال متعاقبة.
وقد عمل المجلس على التعريف بهذه الابداعات على المستوى العربي فكانت المشاركات الفاعلة في المعارض منها بالخصوص معرض القاهرة الدولي للكتاب ومعرض تونس الدولي للكتاب هذا العام.
ووفق هذه المنطلقات المنسقة مع اهداف مجلس الثقافة العام انتظمت هذه الندوة الادبية الاولى من نوعها من حيث كمّ ونوع المشاركات النقدية فيها والتي تخصص للتناول النقدي لنماذج مهمة من الانتاج الروائي والقصصي في كل من ليبيا وتونس.
وتبرز هذه الندوة نموذجا يحتذى في التعاون والتواصل بين المؤسسات الثقافية العربية ما يعاضد ويؤازر التفاعل والتحاور والتكامل الثقافي العربي.
ومن ناحية اخرى حول المركز الثقافي التونسي الليبي بادارة الاستاذ احمد السالمي على تفعيل هذا التعاون ضمن تبادل ثقافي تونسي ليبي برزت اوجه نشاطاته في حقول الشعر والسرد والفن التشكيلي والمسرح والسينما والموسيقى، فخلال سنوات عديدة مضت الفت الحركة الثقافية بين تونس وليبيا نشاطات كثيرة مثلت مثالا يحتذى في العلاقات الثقافية العربية بالنظر للحيوية وتعدد الفعاليات فضلا عن الحميمية التي طبعت علاقات المثقفين والمبدعين في كل من البلدين.
هذه الندوة تمّ افتتاحها بالمركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس بحضور السفير التونسي الاديب محمد الحبيب براهم وسفير الاردن والسكرتير الاول للسفارة المغربية بليبيا ودشّن معرض مشترك للفنون التشكيلية فيه عديد الاعمال لرسامين من ليبيا وتونس نذكر منهم الامين ساسي والمنجي معتوق والقذافي الفاخري وسوار بالشيخ وحمدة دنيدن وعادل جربوع ومحمد الغرياني وباكر بن فرج وقد اتسمت مجمل الاعمال بحيّز من التجريدية حيث برزت الوجوه والايقونات والحالات بكثير من الحيرة والسؤال في معانقة لونية مع هاجس الخطاب التشكيلي الحديث وهذا يبرز مستوى التطوّر في الحركتين التشكيليتين بتونس وليبيا.
اثر ذلك انطلقت التظاهرة بكلمة المجلس الثقافي العام قدّمها نيابة عن الدكتور سليمان الغويل الفنان على العباني الذي اكد على أهمية الحدث وخاصة ما يمكن أن تفضي اليه هذه الندوة من اثر في الحركة السردية بين تونس وليبيا كما رحّب بالضيوف مبرزا تواصل مثل هذه المبادرات من التعاون بين الروائيين والقصاصين من البلدين.
الاستاذ احمد السالمي مدير المركز الثقافي التونسي الليبي عبّر عن قيمة هذا التعاون في المجال الثقافي مثمّنا هذه الجدية في التعاطي مع المتن السردي من قبل النقاد والكتاب في كل من تونس وليبيا.
ثم كانت مداخلته الاولى وحول تطوّر السرد في كل من تونس وليبيا حيث أبرز مختلف الخصائص والهواجس لدى الساردين على غرار المسعدي وخريّف وبوهدوج والقويري وحسن نصر والجابري والعيادي والحبيب براهم والمصباحي وابراهيم الكوني وعلي مصطفى المصراتي والصادق نيهوم وفوزية شلابي كما أثار لعبة الهوامش والمركز في المشهد الثقافي عموما والحركة السردية على وجه الخصوص.
المداخلة الثانية كانت للروائي ظافر ناجي حيث اهتم فيها بالمجموعة القصصية التي صدرت للقاص الليبي محمد المسلاتي وعنوانها تفاصيل اليوم العادي وقد أبرز المحاضر المفردات الواردة والسجل المرجعي للمسلاتي في هذا العمل حيث يستند الى مقولة إيّاكم والتفاصيل كما بحث في الجانب الاسلوبي وتنوع الاشكال اين يوهم صاحب هذه القصص ان المسألة طفولية جدا كما استنتج صاحب القراءة خطورة الخطاب ضمن براءة البطل وخلخلة السائد فقد انطلق القاص من محاولة ترصد نماذج هذه المجموعة فالشخصيات ذات جذور نفسية واجتماعية، ففي قصتي القطط المتثائبة والبحر يتوفر المونولوج الذي يعبر فيه الكاتب عن لواعجه ضمن تقنيات القناع.
في اليوم الموالي ترأس الجلسة الناقد منصور بوشناق حيث قال «عملنا في اللجنة التحضيرية على أن يكون هناك تدارس للادب الليبي التونسي من قبل باحثين وكتاب من البلدين فضلا عن الضيوف العرب ونأمل ان تستمر هذه الندوات بين ليبيا وأقطار المغرب العربي الاخرى بالاضافة الى سوريا ومصر ضمن هذا التفاعل الذي كان مفقودا حيث ظل الادب العربي معزولا عن العالم وعن بعضه البعض».
الدكتور سليمان الغويل عن مجلس ادارة مجلس الثقافةالعام تحدث قائلا: «في هذه المدينة العبقة بأريج البحر، مدينة العلماء والادباء التي تحتفل هذه السنة باختيارها عاصمة للثقافة الاسلامية نلتقي على درب المحبة والابداع كما نثمن ما تكتسيه هذه الندوة من أهمية على سبيل التنوع والاختلاف المرغوبين حيث ان الجهل سينتهي حين يقدّم كل شيء على حقيقته.
الدكتور صلاح الدين بوجاه رئيس اتحاد الكتاب التونسيين تحدث عن قيمة هذا الإجتماع الأدبي في رصد خصائص السرد في هذا الوطن الذي نسميه تونس ليبيا حيث ان الثراء يمكن ان ينتج ادبا مشتركا فالرواية في توسن وليبيا اصبحت تكتب بطريقة مغايرة باحثة تسعى الى تجاوز الانماط السائدة خاصة لدى الكتاب الشبان ويتطلب ترشح ذلك طورا ووقتا آخر..
الناقد محمود طرشونة من تونس اشتغل على ثلاثية الروائي الليبي أحمد ابراهيم الفقيه حيث اعتبر الفقيه من أبرز كتابنا المعاصرين واغزرهم إنتاجا في عديد المجالات الادبية اذ نشر ما يقارب الثلاثين كتابا في القصة القصيرة والرواية والمسرحية والنقد الادبي وغيرها حيث حظيت ثلاثيته الروائية الصادرة سنة والمتكونة من ثلاث روايات توحد بينها شخصية الراوي بدراسات عديدة تناولت الرغبة العمياء ونار الشرق العاشقة والجنس والعنف والعشق والموت وغيرها من المواضيع التي لم تخرج في مجملها عن مضامين الثلاثية وعلاقة الشرق بالغرب والبحث عن سيرة الكاتب الذاتية على غرار عصفور من الشرق وموسم الهجرة الى الشمال وقنديل ام هاشم وهذه الروايات الثلاث هي سأهبك مدينة اخرى وهذه تخوم مملكتي ونفق تضيئه امرأة واحدة.
الدكتور عمر خليفة بن إدريس اهتم في مداخلته برواية البحر ينشر ألواحه للروائي التونسي محمد صالح الجابري حيث تناول مسألة البنية المعرفية السائدة ليخلص للقول ان «القارئ يمكنه أن يفهم أن الروائي في نص البحر ينشر ألواحه قد عبّر عن موقف جاد تجاه الوطن من جوانبه الاجتماعية والمعرفية وتجاه منظومة اجتماعية تتسم بالضياع والسلبية والزّيف انتجتها منظومة معرفية فاسدة او على اقل تقدير فاشلة وقد توسّل الروائي بخصائص الرواية الشخصية ليتمكّن من تصوير سمات مجتمع روايته السلبي والزّائف» الورقة العلمية التي اعدتها فريدة النقاش من مصر قرأتها الروائية التونسية أمال مختار وفيها اهتمام بعدد من اعمال الروائي احسونة المصباحي القصصية وهي حكاية جنون بنت عمي هنية وليلة الغرباء وكتاب التيه. «فالجنون في حكاية جنون بنت عمي هنية موضوعة اساسية كما في الادب ما بعد الاحداثي حيث تفكك العالم وغياب المنطق والتداعي الحرّ لذكريات وصور لا علاقة بينها وبين بعضها مع صياغة عصرية ساخرة للاساطير القديمة وترتبط ليلة الغرباء بالموضوع الرئيسي في عالمه اي الغربة والاقتلاع وقطع الجذور كأنما تسير شخصياته على رمل ناعم تهرب منها الارض ولكنها لا تتحرّك محاطة بالوحشة يعذّبها الحنين للتواصل وشوق لا يرتوي لحبّ يدوم.
أمّا كتاب التيه فتحرّكه غواية الضياع في المدن والازمنة وهي في حالة تغير دائم وان كان زمن الفجيعة هو أيام العرب في الاندلس هؤلاء الاجداد الذين اسهموا في بناء حضارة زاهرة. ولذا فإنّ قصصه هي مشروعات روايات وفي احيان كان راويا شعبيا يدخل الى العالم المتحيّل ويتحدث كطائر يحلق ولا يقيّده شيء.
النقاد محمد البدوي استعرض في مداخلته المكان ودلالته انطلاقا من نماذج من الرواية التونسية وتحديدا من عملين هما انا وهي والارض لمحمد الحبيب براهم ومتاهة الرمل للحبيب السالمي حيث سجّل المكان حضوره منذ العتبات الاولى فقد انقسم المكان الى نوعين الاول مرجعي والثاني قصصي وخلص للقول انّ «كلمة روائي تمثل هوية خالصة على الروائي الحقيقي الدفاع عنها وعن مركزيتها وان يعمل على ان يسقطها في الهامشية والا يتحلل داخل هوية اخرى ولو كانت هوية الفيلسوف لان سقوطه في تلك الهوية يجعل من ذوبانه في اي هوية اخرى امرا واردا» الروائي صلاح الدين بوجاه اهتم في مداخلته بتعدد مستويات الخطاب في رجل له رواية واحدة لفوزية شلابي من ليبيا حيث يقول: «ولقد تأكدنا ان هذا العمل الروائي الذي يقع في صفحة يثير من المسائل اجلها واقدرها على وضع القضايا الكبرى على محك البحث: تعدد الاصوات داخل الرواية وتبادل الوظائف بين الشخوص / تعدّد الازمنة والأماكن سير الاحداث في خطوط غيرمتوازية تعاضد التفاصيل والتفاصيل الكبرى في النهوض بامر السرد التداخل بين الشعري واللاّشعري في الجملة نفسها لذا فإن الاسئلة الخاصة بمستويي السرد والاسلوب تتكاثر...»
الناقد خالد الغريبي من تونس قدم مداخلة بعنوان مكونات القص في الخيول البيض لاحمد يوسف عقيلة حيث استعرض جوانب متعلقة بالكتابة الاقصوصية والمتخيّل الشعبي وشعرية الوصف ولعبة الحركة بين الفانتاستيكي والغريب والعجيب وبين الواقع والمتخيل في لعبة الحوار والوصف والمتخيل ودلالة الاماني.
الناقد الليبي محمد عبد الله الترهوني قدم مداخلة بعنوان «السرد خيانة الواقع، الخطاب نموذجا» واهتم فيها بتجربة القاصة التونسية فوزية العلوي حيث درس نص برتقال وذهب والاسطبل من مجموعة الخضاب حيث يستنتج قائلا «مجموعة الخضاب يجعلنا نفهم كيف ان العمل السردي يجب ان لا ينظر إليه باعتباره شيئا او منتجا فحسب بل كذلك باعتباره فعلا او عملية أي تفاعلا محكوما بالموقفين بين طرفين لقد كانت فوزية علوي حريصة على واقعية نصوصها فحتى في المجموعة أيظهر بوضوح عدم تطرّفها في خيانة الواقع لصالح التخييل فالتخيل في مجموعة الخضاب يستخدم لوسيلة لقول شيء حقيقي عن العالم الواقعي..»
وبخصوص تجربة الاديب كامل حسين المقهور يقول صلاح الدين بوجاه كناقد «فإذا كنا على يقين من ان الشعر ليس في ان نقول كل شيء انما في أن نحلم النفس بكل شيء ادركنا ان قصص كامل المقهور قد تمكّنت من استحضار القارئ داخل مدوّنتها استحضارا قويا وصريحا».
الروائي كمال الرياحي من تونس قدّم مداخلة نقدية حول الفلسفي في عشب الليل لابراهيم الكوني مستعرضا مسألة الفلسفة والرواية والصراع بين النظام الامومي والنظام الابوي وخلص للقول إن «الأصالة هي أخطر المقاييس الممكنة لمقاربة العمل الإبداعي لأن الباحث سيحسم من خلال هذا المقياس امر النص ان كان ابداعا او اتباعا وتكرارا ان كان ذلك في مستوى القيمة او الاسلوب او الفكرة. والحق ان هذا المقياس لو طبّق على الرواية العربية فانه سينسف قسما منها فتحبير الكوني لنصوصه انطلاقا من المنجز الفلسفي ومن ادبيات علم النفس التحليلي يجعل من اعماله مختبرا اخر لتمرير تلك الافكار واطالة عمرها وانتشارها. هذه الافكار التي يمكن الرجوع اليها في صفائها وعمقها داخل حقولها الخاصة..»
الدكتور محمد الخبو قدّم بحثا حول تصاوير السرد في منابت الحنظل للقاص عمر الككلي من ليبيا حيث انطلق من مداخل تتعلق بمصطلح السرد والصورة والتصوير واهتم بالكثافة في الاقصوصة لدى عمر الككلي حيث تندرج الاقاصيص في الكتابة التخييلية على الرغم من تضمنها نصين من جنس النصوص السيرذاتية ونصّا فيه اعتراف صريح بفضل من اعان الكاتب في اوقات الضائقة المالية وهو ما يثير التساؤل عن مدى تجانس نصوص المجموعة المنضوية تحت جنس وضعها لها صاحبها «قصص» فالقول في النصوص قائم على الايهام بما وقع ولم يقع على وجه الحقيقة فهو من قبيل تمثيل الواقع بالكتابة القصصية وفيها وهذا يعني ان السرد ضرب من التمثيل اي من التصوير.
وقد خلص الناقد محمد الخبو للقول متسائلا: هل قدر الاقصوصة لدى عمر الككلي ان تنزع الى التكثيف كما ينزع اليه الشعر لكن، دون ان تفقد سمتها الاجناسية ودون ان نعتمد على وسائل الشعر اعتمادا يفقدها خاصتها؟»
الدكتور العادل خضر من تونس اهتم في مداخلته برواية الكاتب الليبي الصادق النيهوم وعنوانها من مكة الى هنا، هذه القراءة عنوانها في مرآة الحيوان ومما جاء فيها «ولعل ما حاولت رواية من مكة الى هنا ان نستكشفه من خلال تتبع شخصية مسعود الطبال هو هذا الجزء المجهول من الوجود البشري حين يشعر الانسان انه وحيد في العالم وان كان بين الناس ولكنها وحدة قد قرّبته الى الحيوان وهيأته لنوع من التحوّل يسميه دولوز الصيرورة الحيوانية وقد خلص المحاضر للقول ان «فن الرواية هو ككل فنّ مجال يتعرّف فيه الإنسان على نحو صريح على غياب الاساس الذي تنهض عليه الكينونة ولعل رواية الصادق النيهوم هذه تقدّم بسهولة ممتنعة واقتصاد سردها العجيب مصداق ذلك..»
الناقد والروائي محمد الباردي قدّم مداخلة حول رواية خليفة حسين مصطفى حيث أبرز مسألة المكان الحامل لصورة الموت حين تتوطّد به علاقة عمر عبد الحميد ضمن تطوّر العلاقة العاطفية كما اكد الباحث على الفتنة التي تبرز الجانب الايديولوجي حول مسألة التدهور ويكتشف القارئ ما لا يكتشه عمر عبد الحميد الشخصية الرئيسة في الرواية فالتدهور هو نقد للقيمة والمعنى وهو سمة بارزة في هذا العمل الذي يحيلنا الى سارد لا يرى ولا يكاد يصف شيئا فتهيمن الافعال.
الدكتورة صبيحة عودة من فلسطين قدمت مداخلة حول المجموعة القصصية للكاتبة التونسية آمال وعنوانها لا تعشقي هذا الرجل وذلك ضمن عنوان بحث هو تجليات الشعرية في الخطاب القصصي التونسي وأبرزت الباحثة في هذا العمل النقدي دور الوعي لدى المرأة العربية وربطه بوضعيتها في هذه الثقافة العربية وعالجت شعرنة العنوان الذي يتأسس على بنية اشكالية مشاكسة مكثفة الدلالة بالاضافة الى شعرية الموقف وشعرية الجسد حيث خلصت للقول ان «القاصة آمال مختار انفردت في مغامرتها الابداعية التجريبية في تجسيد عناصر الشعرية واشكالها المتعددة في الخطاب القصصي وذلك لتزويد القارئ بما يجهله وفض اغواره بشفرة الكتابة ليظل النص مفتوحا للتأويل والتخمين لكل جديد..»
هكذا كانت هذه المداخلات والبحوث العلمية والنقدية تجاه النصوص الروائية والقصصية في كل من تونس وليبيا وتعدّ هذه الندوة من اكبر الندوات المتخصصة في السرد وتجدر الاشارة الى ان الضيوف كانت لهم لقاءات وزيارات لمعالم واماكن ثقافية بطرابلس كما انتظم بالمركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس حفل استقبال على شرف ضيوف هذه التظاهرة حيث ادى الفنان التونسي حسن العفريت وصلة من الاغاني التراثية التونسية.
في الجلسة الختامية للندوة التي حضرها الدكتور سليمان العويل مدير مجلس الثقافة العام والاستاذ احمد السالمي مدير المركز الثقافي التونسي الليبي بطرابلس والدكتور صلاح الدين بوجاه رئيس اتحاد الكتاب التونسيين الذي شكر حسن الضيافة التي وجدها الضيوف في طرابلس وقد قرأ الدكتور محمد القاضي نص البيان الختامي والتوصيات لهذه الندوة والتي جاء فيها بالخصوص ضرورة نشر أعمال الندوة في كتاب يعدّ مرجعا للباحثين ومواصلة توطيد العلاقات بين الادباء التونسيين والليبيين وتنظيم ندوات مماثلة مع اقطار اخرى عربية وافريقية انطلاقا من برامج مجلس الثقافة العام واعداد ندوة اخرى حول الشعر ونقده في البلدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.