ينطلق كما هومعلوم مهرجان كان الدولي يوم 14 ماي ويتواصل إلى غاية 24 منه وكالعادة تسجل هذه الدورة غياب الحضور التونسي والعربي في المسابقة الرسمية. ولا نحصي إلا مشاركة فيلم وحيد عنوانه «الزمن المتبقي» للمخرج الفلسطيني إيليا سليمان. بمعنى آخر ان التمثيل العربي سيكون عن طريق قطاع أو سلطة أو الوطن المحتل أو «الحارة الفلسطينية» على حد تعبير عبدالرحمان الابنودي في احدى قصائده عن فلسطين وهو يصور حصارها واحتلالها الذي حولها الى ملاجئ ومخيمات محدودة المساحة... وقد غنت هذه القصيدة الفنانة الفلسطينية ريم تلحمي. وككل الدورات بما في ذلك الدورة الفارطة وفي إطار عرض المجازر والمأساة وصرخة الظلم والمعاناة تتنزل مشاركة فيلم «الزمن المتبقي» في أكبر وأشهر مهرجان وهو مهرجان كان السينمائي .وقد تم تصوير هذا الفيلم منذ صيف 2008 في مدينة الناصرة في ساحة مدرسة أثناء عطلة الطلاب. وهو ما يعكس الوضع المأساوي للسينما الفلسطينية التي تعوزها قلة الإمكانيات والضروريات ومع ذلك أنجز هذا الفيلم بإبداع إلى درجة أنه حاز على القبول في مهرجان كان وهو الفيلم العربي الوحيد المرشّح للمسابقة الرسمية وربما لجائزة من جوائز المهرجان بعد سنوات عديدة من الغياب فأول وآخر سعفة لفيلم عربي تعود الى سنة 1975 مع «وقائع سنوات الجمر» لمحمد الأخضر حاميني (الجزائر). ويروي فيلم «الزمن المتبقي» لايليا سليمان قصة سقوط مدينة الناصرة عام 48 وحتى يومنا هذا ويستعرض الفيلم الحياة الاجتماعية والسياسية لهذه المدينة من خلال مراحل تروي قصة وسيرة المخرج ايليا سليمان نفسه. وفي تحد للمعاناة التي يصورها الفيلم عن احتلال فلسطين اكد صاحبه ان المال ليس وحده الذي يصنع الإبداع. فالإبداع له وصفته السحرية التي لا يهتدي لها الجميع وهي اساسا زاوية النظر والصدق والايمان بالقدرات والتحدي والعمل باحساس بالرغم من قانون الطوارىء والحكم العسكري الذي صور في إطاره هذا الفيلم حيث يحتاج التنقل من مكان الى آخر لاجراءات وروتين اداري مزعج. ويؤكد هذا الاصرار وهذه العزيمة الجزء الاخير من الفيلم حيث اكتشف صاحبه بعد رحلة السفر حول العالم باحثا عن هوية جديدة وانتماء آخر أنه يحمل فلسطين في داخله أينما ذهب ويذهب حيث يعيش صراعا بات يشغل العالم بأسره. وما أحوجنا في تونس إلى هذا الإيمان بالوطن حتى يصحا ضميرنا السينمائي ويصبح لأفلامنا غد أفضل... ومثلما هو الشأن بالنسبة للدورات السابقة من مهرجان «كان» فان الأفلام العشرين التي ستتنافس على جوائز السعفة في مسابقة الدورة 62 تهيمن عليها أسماء مخرجين كبار من أوروبا واسيا وأمريكا مثل كين لوخ وبيدرو ألمودوفار وانغ لي وجاين كامبيون وكوينتن... ويظل الفيلم السعودي «الصمت» هو الفيلم الوحيد الذي وافقت إدراة مهرجان كان السينمائي، على قبوله خارج المسابقة وهو فيلم قصير مدته 15 دقيقة، ويدور حول عائلة صماء تعاني من فقدان الأب والأم في حادث مروري. فإلى متى ستظل المشاركة العربية في المهرجانات السينمائية الكبرى تتم بطريقة الصدفة (Participation accidentelle) الذي هو قضاء وقدر وغير محدد بإرادة بشرية. وحيد عبد الله للتعليق على هذا الموضوع: