وزارة العدل: تسمية عدد من المسؤولين الراجعين لها بالنظر أعضاء بالمجالس الجهوية    عائدات العمل والسياحة تغطي 54 % من خدمات الدين الخارجي    مفاجأة اللحظات الأخيرة .. واصف جليل يتحد مع هذه الشخصيات ويودع ترشحه لإنتخابات الجامعة    عاجل/ حادث انقلاب الحافلة السياحية: مستجدات الوضع الصحي للمصابين    مداهمة نوادي ليلية في قمرت.. وهذا ما تم تسجيله    معرض الدولي للكتاب: جناح خاص بوزارة الأسرة ومشاريعها    القصرينية تحسم الجدل حول خبر طلاقها من زوجها    عاجل/ التشكيلة المحتملة للترجي أمام صانداونز    حجز مخدرات وضبط مروّجيها بمحيط مؤسسات تربوية في هذه المناطق    جلسة بين وزارة الصناعة وشركة صينية لتعزيز استخراج الفسفاط    رئيس جمعية القضاة يتّهم وزارة العدل بالتنكيل به    اليوم غلق باب الترشحات لإنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم    خطير/ العالم الهولندي يحذّر من مشروع لحجب الشمس.. يدعمه بيل غيتس!!    تايوان ترصد 21 طائرة عسكرية صينية حول الجزيرة    أداة ذكاء اصطناعي تحول صورة ومقطعا صوتيا ل"وجه ناطق" بتوقيع مايكروسوفت    القصرين: وفاة 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين في إصطدام سيارة نقل ريفي بشاحنة    الامارات: بن زايد يكرّم تونسية ساهمت في إنقاذ 8 اشخاص من حريق    تونس: "لم نتفاجئ من فشل مجلس الامن في إقرار عضوية فلسطين بالامم المتحدة"    رئيس الإمارات يكرّم فتاة تونسية قامت بعمل بُطولي    بطولة إفريقيا للتنس: التونسيتان لميس حواص ونادين الحمروني تتوجان بلقب الزوجي    دراسة تكشف أصول "القهوة الصباحية".. كم عمرها؟    عاجل/ إضراب مرتقب في قطاع المحروقات.. وهذا موعده    جندوبة: انطلاق بناء مدرسة اعدادية بجاء بالله طبرقة    قفصة : الاعدادية النموذجية تتحصل على أفضل عمل متكامل    يساهم ب 16% في الناتج المحلي: الاقتصاد الأزرق رافد حيوي للتنمية    شملت شخصيات من تونس..انتهاء المرافعات في قضية "أوراق بنما"    جبنيانة: حجز 72 طنا من الأمونيتر    هيئة الدّفاع عن المعتقلين السّياسيّين: خيّام التركي محتجز قسريا وهذه خطواتنا القادمة    عاجل/ إتحاد الفلاحة: "تدهور منظومات الإنتاج في كامل البلاد"    غارة جوية تستهدف موقعا عسكريا لقوات الحشد الشعبي في العراق    طقس السبت: رياح قوية والحرارة بين 18 و28 درجة    منظمة الصحة العالمية تعتمد لقاحا جديدا عن طريق الفم ضد الكوليرا    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حالة طوارئ» في البيوت التونسية
الامتحانات الدراسية على الأبواب:
نشر في الصباح يوم 14 - 05 - 2009


مختصّ في الطب النفسي: دعوا القلق جانبا
باحث في علم الاجتماع التربوي: الامتحانات تحوّل الحياة في البيت التونسي إلى «حصار»
تونس (الصباح): «أرق... قلق.. خوف.. توتّر.. وأجواء مشحونة بالضغوطات النفسية»... هذه هي الصورة التي رسمها لنا عدد من التلاميذ عن فترة المراجعة وامتحانات نهاية السنة الدراسية..
وقالوا خلال لقاءات بهم امام بوابة احدى المؤسسات التربوية ان ديارهم تتحول قبل الاسبوع المغلق بايام قليلة الى مكان لا يطاق.. اذ تكثر المراقبة.. واحيانا المعاقبة.. ويمنعهم اولياؤهم من مغادرة منازلهم الا لضرورة قصوى تقتضيها دراستهم.. كما يحجرون عليهم مشاهدة التلفزيون وزيارة قاعات الالعاب والمقاهي والنوادي والخروج في جولات مع الاصدقاء والأتراب.. فحتى الابحار على شبكة الأنترنات والاستماع الى الموسيقى ومطالعة الصحف والمجلات تصبح من الامور غير المستحبة لانهم يعتبرون ذلك هدرا للجهد وتبديدا للوقت.
ولكن في المقابل.. وتشجيعا لهم على البذل والعطاء تتفانى الاسر التونسية خلال فترة الامتحانات في اكرام ابنائها التلاميذ اذ انها تجتهد لكي تلبي لهم جميع شهواتهم خاصة اذا تعلق الأمر بالغذاء والملبس..
ونظرا لان ملايين التونسيين يعيشون هذه الايام على وقع امتحانات نهاية السنة الدراسية واعلنوا حالة طوارئ رأت «الصباح» الخروج الى الشارع والاستماع الى مشاغل التلاميذ وبعض الاولياء وسؤالهم عن هواجسهم.. كما استفسرت دكتورا مختصا في الطب النفسي عن الآثار النفسية لمثل هذه الضغوطات التي تمارسها العائلات التونسية على ابنائها التلاميذ خلال فترة الامتحانات هذا وتطالعون ايضا وجهة نظر مختص في علم الاجتماع التربوي واليكم التفاصيل..
مخاوف الأولياء
السيدة بسمة أم لثلاثة اطفال.. اكبرهم يدرس في مستوى التاسعة اساسي.. وينتظر ان يجري مناظرة نهاية السنة الدراسية ولهذا الغرض تشعر «بخوف شديد كما لو انها هي التي ستجتاز الامتحان».. وقالت بسمة «اسعى دائما الى الاستجابة الى طلبات ابنائي خاصة اذا تعلق الامر باقتناء الادوات المدرسية ويتضاعف هذا الاحساس بالواجب نهاية العام الدراسي.. اذ انني اخير الحصول على اجازتي السنوية خلال فترة الامتحانات لكي اكون على مقربة منهم ولكي أجد الوقت الكافي لمراقبتهم والسهر على راحتهم.. ولكن في المقابل اضطر الى معاقبتهم واحيانا ضربهم اذا لم يمتثلوا الى اوامري او تهاونوا في الدراسة».
واضافت بسمة (التي كانت تترقب ابنها امام باب المؤسسة التربوية) ان بيتها يتحول الى «معسكر» خلال الامتحانات حتى انها تمنع الجميع بما في ذلك زوجها من مشاهدة التلفزيون وهي لا ترغب في استقبال الضيوف خلال هذه الفترة سعيا منها الى تكريس وقتها وجهدها لمساعدة ابنائها على المراجعة.
قلق الأبناء
نفس هذه الاجواء العائلية التي تحدثت عنها بسمة حدثنا عنها جل التلاميذ.. وفي هذا الصدد يقول ابراهيم الجمالي وهو تلميذ يدرس سنة تاسعة اساسي ويستعد لاجتياز مناظرة شهادة ختم التعليم الاساسي «اعتقد انني قادر على التوفيق بين الدراسة وممارسة انشطة ترفيهية حتى خلال فترة الامتحانات.. لكن عائلتي تبالغ في توجيهي ومراقبتي كما لو اني سأقصر في الدراسة.. وتتضاعف المراقبة نهاية السنة الدراسية.
وهذا نفس ما ذكره اسامة عمر وندى وسيف ومروى وفيصل وسليم ورامي وخلود ومحمد علي وسيف الذين اذ تحدثوا جميعا عن اجواء ضاغطة يعيشونها دائما في بيوتهم خلال فترة الامتحانات الى درجة تجعلهم يشعرون بالخوف من الامتحانات ويذهب سيف الدين الى ابعد من ذلك ليقول ان الخوف الذي تزرعه الاسرة فيه يجعله يرتبك ويفقد الثقة في قدراته الذهنية والعلمية حتى انه وحينما ينهمك في انجاز الامتحان ينسى الكثير من المعارف التي حصلها خلال السنة الدراسية او اثناء المراجعة.
حرمان
حدثنا عدد من التلاميذ عن الحرمان الذي يصاحب فترة الامتحانات وفي هذا الصدد تقول خلود المصمودي: عائلتي تحرمني من الخروج من المنزل وتأمرني دائما بالدراسة رغم انني أحبّ الدراسة واضاعف الجهد والعمل نهاية السنة الدراسية.
وتحدثت ندى الطالبي عن حرمانها من النوم.. وبينت انها تضطر خلال فترة الامتحانات الى السهر وقتا طويلا وهذا الامر يرهقها لكنه يرضي العائلة.. وقالت «العائلة تطلب منا ان نجتهد اكثر من طاقتنا» وهو ما قاله اسامة عمر..
ويذهب محمد علي الى ان عائلته تحمله ما لا طاقة له ذهنيا على تحمله.. فهي تتوق الى ان يحقق ابنها نتائج ممتازة جدا.. وتتضاعف المراقبة والمحاسبة نهاية السنة الدراسية حسب سليم التليلي الذي اكد انه مولع بالدراسة ويحب طلب العلم ويطمح دائما الى تحقيق نتائج جيدة ترضيه هو اولا وترضي عائلته.
وترى مروى ان النجاح لا يتحقق الا بالكد والجد والمواظبة ويذهب فيصل الزيدي الى أن جل التلاميذ يضاعفون من جهودهم نهاية السنة الدراسية وهو خطأ لان التحصيل يجب ان يكون طيلة العام.. ولاحظ فيصل وزميله رامي الجويني ان العائلات التونسية تعيش ضغوطات كبيرة خلال فترة الامتحانات كما لو انها هي التي ستجتازها وتحدثت مروى عن تسابق العائلات التونسية على الدروس الخصوصية ودروس التدارك لكي يتمكن الابناء من احراز معدلات جيدة.. وبين سيف الدين بومعيزة ان العائلة تريد ان يكون الابن مثاليا ومتألقا في الدراسة.
وذكر سيف وكل من تحدثنا اليهم ان عائلاتهم تبالغ ايضا في الاستجابة الى طلباتهم خلال فترة الامتحانات وتبالغ في السهر على راحتهم. وبينت مروى ان والدتها تسألها اي شيء تشتهيه في الغداء او العشاء لكي تعد لها أكلتها المفضلة.. بل تجدها تتفانى في ذلك..
مختصّ في الطب النفسي: دعوا القلق جانبا
تونس - الصّباح: «هيا ندع القلق.. هيا ندع التوتر.. هيا نبدأ الحياة» هذه هي النصيحة التي يتفق جل المختصين في الطب النفسي والأمراض النفسية والعصبية على أنها النصيحة المثلى لكل من تظهر عليه بوادر «الستراس» ومن بين هؤلاء المختصين نذكر الدكتور عماد رقيق الذي اعتبر أن العائلات التونسية تبالغ خلال فترة الامتحانات في الاهتمام بأبنائها التلاميذ..
وبيّن أن هذا السلوك غير محبذ لأنه ينعكس سلبا على مردودية التلميذ.. فهذا الأخير في حاجة إلى أن ينام كالمعتاد ويعمل كالمعتاد.. ولكن حينما يتم الضغط عليه أكثر من اللازم يضطر إلى الاكثار من السهر وأحيانا الى تناول المنبهات خاصة منها شرب القهوة.. كما يتضاعف تفكيره في محتوى الامتحان ويزيد خوفه من النتيجة.
وقال محدثنا «عوضا عن اخافته من النتيجة.. يجب على العائلة أن تشجّع التلميذ وترفع له من معنوياته وتطمئنه بأنه سيحصد ما زرع طيلة عام كامل وأنه يوم الامتحان سيتذكّر ما درسه خلال السنة الدراسية».
وبين أن توفير أجواء مريحة للتلميذ في المنزل هو عامل مهم جدا لمساعدته على التأقلم مع الوضعيات الضاغطة وعلى الاحساس بالثقة في النفس وفي القدرات المعرفية.
وذكر الدكتور عماد رقيق أن التلميذ مطالب أيضا بالاجتهاد وبمراجعة دروسه بصفة منتظمة وبالمواظبة على الدرس والانتباه في القسم لأن ذلك يساعده على التذكّر وعلى انجاز الامتحان في شيء من الأريحية. وبيّن أنه من المحبّذ أن لا يبدد التلميذ طاقاته ووقته في عديد المجالات والاقتصار مؤقتا على الدراسة والمراجعة لكن دون مبالغة.. ويستحسن أن يخصص وقتا كافيا للنوم ووقتا كافيا للاسترخاء بين حصص المراجعة.. ومن المحبذ أيضا القيام بنشاط بدني وأفضل شيء هو ممارسة رياضة المشي.
وحذّر الدكتور من مخاطر تناول المنبهات وذكر أنها تنعكس سلبيا على صحة التلميذ وعلى قدراته الذهنية وحتى الجسدية ولاحظ أن ظاهرة تناول المنبهات تنمو مع كل نهاية سنة دراسية كما لو أن تناول القهوة بكثافة يساعد على النجاح ويقوي الذاكرة.
باحث في علم الاجتماع التربوي: الامتحانات تحوّل الحياة في البيت التونسي إلى «حصار»
تونس الصباح: دراسة طريفة حول ظاهرة الامتحانات المدرسية أفادنا بها الباحث في علم الاجتماع التربوي الأستاذ طارق بن الحاج محمد الذي يرى أن موضوع الامتحانات يهم تقريبا كل الشرائح الاجتماعية والعمرية. وأنه موضوع يهم الكبير والصغير، الغني والفقير، الريفي والحضري، المتعلم وغير المتعلم... نظرا لارتفاع نسبة التمدرس وكثرة المنتسبين إلى مقاعد المؤسسات التربوية.. وتمثل مناسبة الامتحان على المستوى التربوي حدثا عاديا ومتكررا كما يعتبر تتويجا لمجهود المدرس والتلميذ في فترة زمنية معينة، أما اجتماعيا فتتغير المعطيات بحيث يصبح حدثا أكثر من عادي ويترافق مع مجموعة من الممارسات.
ومن بين هذه الممارسات تحول الامتحان إلى مناسبة تجعلنا نفرط في الحرص على أبنائنا ففي الأيام العادية ربما لا نجد الوقت للاعتناء بهم غذائيا وماديا ونفسيا في الحدود الدنيا. أما أثناء الامتحان فيتحول هذا التقصير إلى عناية مفرطة والإنفاق المالي إلى سخاء وفطور الصباح إلى ''وجبة ملكية'' بدعوى إنجاح هذه المناسبة دون أن ندرك أن الرعاية والعناية والتغذية الرشيدة هي أمور لازمة لأبنائنا على مدار السنه كما تتحول الحياة في المنزل إلى حالة من ''الحصار'' بالتوازي مع مجموعة من الممارسات مثل إغلاق التلفزيون ومنع اللعب والترفيه لتصل إلى حد فرض نسق على المتعلمين بحيث يجبرون على السهر إلى وقت متأخر والاستيقاظ في وقت مبكر بدعوى الاستعداد الجيد. وقد تمتد ساعات الدراسة والمراجعة إلى أكثر من 10 ساعات يوميا(دراسة في المؤسسات التربوية صباحا ومساء، دروس دعم ودروس خصوصية عند الزوال وبعد المساء). يتم ذلك دون أن ندرك أن اللعب والترفيه جزء من العملية التربوية واحتياج نفسي قار وعاجل للطفل والشاب وأن أيام الامتحان هي مناسبة للتذكير والمراجعة وليست مناسبة لتحقيق معجزة تفوق قدرات التلميذ..
ويقول الباحث " يتحول الامتحان إلى مناسبة تتغير فيها برامجنا اليومية وسلوكياتنا الاجتماعية وحتى زياراتنا العائلية بدعوى الاهتمام بأبنائنا في هذه الفترة. وقد يصل الأمر ببعض الأولياء إلى التغيب عن العمل والهوس وحتى المرض.. وبهذا الشكل يتحول الامتحان الدراسي إلى امتحان اجتماعي لا يسابق فيه الناس على النجاح من عدمه بل على المعدلات والشهائد باعتبار أن هذا الأمر أصبح أداة من أدوات السباق والتنافس الاجتماعي. فماهي آثار هذه الممارسات على صحة الطفل والشاب النفسية والجسدية وعلى مستقبله الدراسي وعلاقته بالمدرسة وعملية العلم؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الامتحان اجتماعيا وتربويا...؟".
ويقول الأستاذ طارق بن الحاح محمد يمثل الامتحان بطبعه موقفا ضاغطا وهذا ما يجعله يترافق عند المقبلين عليه مع حالات نفسية وانفعالية وجسدية غير معتادة (الأرق، فقدان الشهية أثناء وقبل فترة الامتحان، بعض الآلام الجسدية مثل الصداع وآلام البطن...). وهي أعراض عادية لأنّه من طبيعة الامتحان انه يمثل تحديا لإمكانياتنا. فحين نشعر أننا موضع تقييم من طرف الآخرين نقلق ونرتبك حتى ولو كنا كهولا. لكن كل هذه الأمور لا يمكن أن تجعل من الامتحان مناسبة جبارة وخارقة تتطلب تدابير وإجراءات من نفس هذه الطبيعة.
دور العائلة
في هذه المناسبة يجب أن تكون العائلة جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل. ويكون ذلك ممكنا عندما تتجنب المبالغات في العناية والاهتمام وتوجيه تركيزها أساسا إلى الدعم النفسي والسيكولوجي. وذلك بتوفير جو عائلي يتسم بالاستقرار والشعور بالطمأنينة على مدار العام الدراسي لاستقبال فترة الامتحان بشكل طبيعي. فإذا كنا فعلا نريد أن نساعد أبناءنا زمن الامتحان فعلينا القيام ببعض المجهود الموجه والمؤطر معرفيا وذلك بان نتجنب إبداء مظاهر القلق من الامتحان أمامهم لأننا نمثل مثلهم الأعلى حتى في حالات الخوف، يجب إذن تطوير خطاب إيجابي نحوهم لتدعيم ثقتهم بأنفسهم وحثهم على المثابرة دون مبالغات كما يجب علينا توضيح الجانب الإيجابي للامتحان باعتباره فرصة للتقييم وليس مناسبة للعقوبة والانتقام أو اكتشاف مكانة الشخص الحقيقية فهو لا يهم سوى مجال فقط من حياة الإنسان وهي الدراسة ويجب عدم المبالغة في تقدير إمكانياتهم وتوقعاتنا منهم وتجنب مقارنتهم بأقرانهم وزملائهم وأقاربهم مما يجعلهم يرتبكون أو يستسهلون عملية التقييم وتجنب التركيز بشكل أساسي على الشهائد والترتيب وان لا نعتبر أن هذه الأمور مرتبطة بمكانتنا الاجتماعية. فالامتحان مرتبط بالمستقبل العلمي للابن وليس بمكانة والديه الاجتماعية وتجنب حرمان الأبناء من اللعب والترفيه لأنهما يمثلان جزءا من التربية وعاملان من عوامل تخفيف التوتر وتجنب العقاب والتوبيخ عند حصول نتائج سلبية لأن ذلك يفقد التلميذ ثقته بنفسه ويطور لديه حالات من الشك في إمكانياته وحالات من الإحباط والقلق والخوف وتدني في إدراك الذات إضافة إلى تشريكهم في تحمل مسؤولياتهم الدراسية باعتبار أن الدراسة هي الطريق نحو المستقبل وأنهم معفون من جميع الأنشطة التي يمكن أن تعيق دراستهم فما عليهم إلا إثبات ذواتهم وتميزهم عبر هذا النشاط.
التلميذ وقلق الامتحان
يقول الأخصائي في علم الاجتماع التربوي "إن كل شخص يجد في النجاح اعترافا بمجهوده، والفرق بين الناجح والفاشل هو أن الأول عرف الطريقة المثلى التي توصل إلى النجاح وعرف كيف يستثمر وقته وطاقته. ولهذا على كل مقبل على اجتياز الامتحان الإقلاع عن بعض الممارسات التي تترافق مع فترة الامتحانات. وفي هذا السياق يمكن أن نورد بعض الملاحظات بعيدا عن الادعاء أنها الوصفة الوحيدة من بينها، ضرورة الالتحاق بفضاء الامتحان في الوقت المناسب، لان الالتحاق المبكر يسبب القلق والمتأخر يؤثر على التركيز ويشوش الأفكار وتجنب عادة التقصي عن الأسئلة المتوقعة والمراجعة أمام مركز الامتحان لأن ذلك عديم الفائدة ولا يساهم سوى في التشويش على معلوماتنا السابقة والاستعداد لكل المواد بنفس الدرجة من الجدية لأن جميع المواد لها وظيفة في تنمية جانب من جوانب شخصيتنا(الجانب العلمي أو التربوي أو التثقيفي) وتجنب التمييز بين المواد حسب أهمية ضواربها لأن الرسوب قد يكون مرتبطا بالمواد ذات الضوارب الضعيفة وضرورة استغلال الوقت المخصص للامتحان وتجنب التسرع في الإجابات.
وبذلك نكون قد قطعنا شوطا جيدا في اتجاه التقليل من القلق على أدائنا الدراسي وفي اتجاه النجاح بأقل ضغط ممكن. فالاستغلال الجيد للإمكانيات المتاحة هو الطريق إلى تنمية الفرد ومواهبه وأفكاره وهو بذلك يستثمر كل ما لديه لتحقيق النجاح في الدراسة وفي الحياة.
فالنجاح لا يتمثل فقط في الحصول على الدرجات العالية في الدراسة بل هو أكثر من ذلك فهو شعور داخلي ودائم يدفع الفرد إلى تحقيق ما يصبو إليه وهو شعور الإنسان بالثقة في نفسه وفي تنمية قدراته الذاتية الظاهرة والكامنه. والنجاح هو عادة من العادات الهامة والأساسية التي يجب تطويرها وتنميتها بشكل مستمر عند أبنائنا. ولا يتم ذلك بتعليمهم فنون الحفظ والاستعراض فقط بل بتعليمهم كيفية تحمل مسؤولياتهم وتطوير طاقاتهم وامكانياتهم وقدراتهم بالشكل الذي يفيدهم حاضرا ومستقبلا.
ويقول: «علينا أن نساعد أبناءنا على برمجة أنفسهم برمجة نفسية إيجابية والتأكيد لهم أنه باستطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا والسيطرة على حاضرنا وصنع مستقبلنا، عندها يصبح النجاح في الامتحان والتميز في الدراسة تحصيل حاصل ودرجة من درجات النجاح في الحياة. ما ينقص أبناءنا ليس العناية والرعاية فقط بل التشبع بثقافة النجاح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.