تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حالة طوارئ» في البيوت التونسية
الامتحانات الدراسية على الأبواب:
نشر في الصباح يوم 14 - 05 - 2009


مختصّ في الطب النفسي: دعوا القلق جانبا
باحث في علم الاجتماع التربوي: الامتحانات تحوّل الحياة في البيت التونسي إلى «حصار»
تونس (الصباح): «أرق... قلق.. خوف.. توتّر.. وأجواء مشحونة بالضغوطات النفسية»... هذه هي الصورة التي رسمها لنا عدد من التلاميذ عن فترة المراجعة وامتحانات نهاية السنة الدراسية..
وقالوا خلال لقاءات بهم امام بوابة احدى المؤسسات التربوية ان ديارهم تتحول قبل الاسبوع المغلق بايام قليلة الى مكان لا يطاق.. اذ تكثر المراقبة.. واحيانا المعاقبة.. ويمنعهم اولياؤهم من مغادرة منازلهم الا لضرورة قصوى تقتضيها دراستهم.. كما يحجرون عليهم مشاهدة التلفزيون وزيارة قاعات الالعاب والمقاهي والنوادي والخروج في جولات مع الاصدقاء والأتراب.. فحتى الابحار على شبكة الأنترنات والاستماع الى الموسيقى ومطالعة الصحف والمجلات تصبح من الامور غير المستحبة لانهم يعتبرون ذلك هدرا للجهد وتبديدا للوقت.
ولكن في المقابل.. وتشجيعا لهم على البذل والعطاء تتفانى الاسر التونسية خلال فترة الامتحانات في اكرام ابنائها التلاميذ اذ انها تجتهد لكي تلبي لهم جميع شهواتهم خاصة اذا تعلق الأمر بالغذاء والملبس..
ونظرا لان ملايين التونسيين يعيشون هذه الايام على وقع امتحانات نهاية السنة الدراسية واعلنوا حالة طوارئ رأت «الصباح» الخروج الى الشارع والاستماع الى مشاغل التلاميذ وبعض الاولياء وسؤالهم عن هواجسهم.. كما استفسرت دكتورا مختصا في الطب النفسي عن الآثار النفسية لمثل هذه الضغوطات التي تمارسها العائلات التونسية على ابنائها التلاميذ خلال فترة الامتحانات هذا وتطالعون ايضا وجهة نظر مختص في علم الاجتماع التربوي واليكم التفاصيل..
مخاوف الأولياء
السيدة بسمة أم لثلاثة اطفال.. اكبرهم يدرس في مستوى التاسعة اساسي.. وينتظر ان يجري مناظرة نهاية السنة الدراسية ولهذا الغرض تشعر «بخوف شديد كما لو انها هي التي ستجتاز الامتحان».. وقالت بسمة «اسعى دائما الى الاستجابة الى طلبات ابنائي خاصة اذا تعلق الامر باقتناء الادوات المدرسية ويتضاعف هذا الاحساس بالواجب نهاية العام الدراسي.. اذ انني اخير الحصول على اجازتي السنوية خلال فترة الامتحانات لكي اكون على مقربة منهم ولكي أجد الوقت الكافي لمراقبتهم والسهر على راحتهم.. ولكن في المقابل اضطر الى معاقبتهم واحيانا ضربهم اذا لم يمتثلوا الى اوامري او تهاونوا في الدراسة».
واضافت بسمة (التي كانت تترقب ابنها امام باب المؤسسة التربوية) ان بيتها يتحول الى «معسكر» خلال الامتحانات حتى انها تمنع الجميع بما في ذلك زوجها من مشاهدة التلفزيون وهي لا ترغب في استقبال الضيوف خلال هذه الفترة سعيا منها الى تكريس وقتها وجهدها لمساعدة ابنائها على المراجعة.
قلق الأبناء
نفس هذه الاجواء العائلية التي تحدثت عنها بسمة حدثنا عنها جل التلاميذ.. وفي هذا الصدد يقول ابراهيم الجمالي وهو تلميذ يدرس سنة تاسعة اساسي ويستعد لاجتياز مناظرة شهادة ختم التعليم الاساسي «اعتقد انني قادر على التوفيق بين الدراسة وممارسة انشطة ترفيهية حتى خلال فترة الامتحانات.. لكن عائلتي تبالغ في توجيهي ومراقبتي كما لو اني سأقصر في الدراسة.. وتتضاعف المراقبة نهاية السنة الدراسية.
وهذا نفس ما ذكره اسامة عمر وندى وسيف ومروى وفيصل وسليم ورامي وخلود ومحمد علي وسيف الذين اذ تحدثوا جميعا عن اجواء ضاغطة يعيشونها دائما في بيوتهم خلال فترة الامتحانات الى درجة تجعلهم يشعرون بالخوف من الامتحانات ويذهب سيف الدين الى ابعد من ذلك ليقول ان الخوف الذي تزرعه الاسرة فيه يجعله يرتبك ويفقد الثقة في قدراته الذهنية والعلمية حتى انه وحينما ينهمك في انجاز الامتحان ينسى الكثير من المعارف التي حصلها خلال السنة الدراسية او اثناء المراجعة.
حرمان
حدثنا عدد من التلاميذ عن الحرمان الذي يصاحب فترة الامتحانات وفي هذا الصدد تقول خلود المصمودي: عائلتي تحرمني من الخروج من المنزل وتأمرني دائما بالدراسة رغم انني أحبّ الدراسة واضاعف الجهد والعمل نهاية السنة الدراسية.
وتحدثت ندى الطالبي عن حرمانها من النوم.. وبينت انها تضطر خلال فترة الامتحانات الى السهر وقتا طويلا وهذا الامر يرهقها لكنه يرضي العائلة.. وقالت «العائلة تطلب منا ان نجتهد اكثر من طاقتنا» وهو ما قاله اسامة عمر..
ويذهب محمد علي الى ان عائلته تحمله ما لا طاقة له ذهنيا على تحمله.. فهي تتوق الى ان يحقق ابنها نتائج ممتازة جدا.. وتتضاعف المراقبة والمحاسبة نهاية السنة الدراسية حسب سليم التليلي الذي اكد انه مولع بالدراسة ويحب طلب العلم ويطمح دائما الى تحقيق نتائج جيدة ترضيه هو اولا وترضي عائلته.
وترى مروى ان النجاح لا يتحقق الا بالكد والجد والمواظبة ويذهب فيصل الزيدي الى أن جل التلاميذ يضاعفون من جهودهم نهاية السنة الدراسية وهو خطأ لان التحصيل يجب ان يكون طيلة العام.. ولاحظ فيصل وزميله رامي الجويني ان العائلات التونسية تعيش ضغوطات كبيرة خلال فترة الامتحانات كما لو انها هي التي ستجتازها وتحدثت مروى عن تسابق العائلات التونسية على الدروس الخصوصية ودروس التدارك لكي يتمكن الابناء من احراز معدلات جيدة.. وبين سيف الدين بومعيزة ان العائلة تريد ان يكون الابن مثاليا ومتألقا في الدراسة.
وذكر سيف وكل من تحدثنا اليهم ان عائلاتهم تبالغ ايضا في الاستجابة الى طلباتهم خلال فترة الامتحانات وتبالغ في السهر على راحتهم. وبينت مروى ان والدتها تسألها اي شيء تشتهيه في الغداء او العشاء لكي تعد لها أكلتها المفضلة.. بل تجدها تتفانى في ذلك..
مختصّ في الطب النفسي: دعوا القلق جانبا
تونس - الصّباح: «هيا ندع القلق.. هيا ندع التوتر.. هيا نبدأ الحياة» هذه هي النصيحة التي يتفق جل المختصين في الطب النفسي والأمراض النفسية والعصبية على أنها النصيحة المثلى لكل من تظهر عليه بوادر «الستراس» ومن بين هؤلاء المختصين نذكر الدكتور عماد رقيق الذي اعتبر أن العائلات التونسية تبالغ خلال فترة الامتحانات في الاهتمام بأبنائها التلاميذ..
وبيّن أن هذا السلوك غير محبذ لأنه ينعكس سلبا على مردودية التلميذ.. فهذا الأخير في حاجة إلى أن ينام كالمعتاد ويعمل كالمعتاد.. ولكن حينما يتم الضغط عليه أكثر من اللازم يضطر إلى الاكثار من السهر وأحيانا الى تناول المنبهات خاصة منها شرب القهوة.. كما يتضاعف تفكيره في محتوى الامتحان ويزيد خوفه من النتيجة.
وقال محدثنا «عوضا عن اخافته من النتيجة.. يجب على العائلة أن تشجّع التلميذ وترفع له من معنوياته وتطمئنه بأنه سيحصد ما زرع طيلة عام كامل وأنه يوم الامتحان سيتذكّر ما درسه خلال السنة الدراسية».
وبين أن توفير أجواء مريحة للتلميذ في المنزل هو عامل مهم جدا لمساعدته على التأقلم مع الوضعيات الضاغطة وعلى الاحساس بالثقة في النفس وفي القدرات المعرفية.
وذكر الدكتور عماد رقيق أن التلميذ مطالب أيضا بالاجتهاد وبمراجعة دروسه بصفة منتظمة وبالمواظبة على الدرس والانتباه في القسم لأن ذلك يساعده على التذكّر وعلى انجاز الامتحان في شيء من الأريحية. وبيّن أنه من المحبّذ أن لا يبدد التلميذ طاقاته ووقته في عديد المجالات والاقتصار مؤقتا على الدراسة والمراجعة لكن دون مبالغة.. ويستحسن أن يخصص وقتا كافيا للنوم ووقتا كافيا للاسترخاء بين حصص المراجعة.. ومن المحبذ أيضا القيام بنشاط بدني وأفضل شيء هو ممارسة رياضة المشي.
وحذّر الدكتور من مخاطر تناول المنبهات وذكر أنها تنعكس سلبيا على صحة التلميذ وعلى قدراته الذهنية وحتى الجسدية ولاحظ أن ظاهرة تناول المنبهات تنمو مع كل نهاية سنة دراسية كما لو أن تناول القهوة بكثافة يساعد على النجاح ويقوي الذاكرة.
باحث في علم الاجتماع التربوي: الامتحانات تحوّل الحياة في البيت التونسي إلى «حصار»
تونس الصباح: دراسة طريفة حول ظاهرة الامتحانات المدرسية أفادنا بها الباحث في علم الاجتماع التربوي الأستاذ طارق بن الحاج محمد الذي يرى أن موضوع الامتحانات يهم تقريبا كل الشرائح الاجتماعية والعمرية. وأنه موضوع يهم الكبير والصغير، الغني والفقير، الريفي والحضري، المتعلم وغير المتعلم... نظرا لارتفاع نسبة التمدرس وكثرة المنتسبين إلى مقاعد المؤسسات التربوية.. وتمثل مناسبة الامتحان على المستوى التربوي حدثا عاديا ومتكررا كما يعتبر تتويجا لمجهود المدرس والتلميذ في فترة زمنية معينة، أما اجتماعيا فتتغير المعطيات بحيث يصبح حدثا أكثر من عادي ويترافق مع مجموعة من الممارسات.
ومن بين هذه الممارسات تحول الامتحان إلى مناسبة تجعلنا نفرط في الحرص على أبنائنا ففي الأيام العادية ربما لا نجد الوقت للاعتناء بهم غذائيا وماديا ونفسيا في الحدود الدنيا. أما أثناء الامتحان فيتحول هذا التقصير إلى عناية مفرطة والإنفاق المالي إلى سخاء وفطور الصباح إلى ''وجبة ملكية'' بدعوى إنجاح هذه المناسبة دون أن ندرك أن الرعاية والعناية والتغذية الرشيدة هي أمور لازمة لأبنائنا على مدار السنه كما تتحول الحياة في المنزل إلى حالة من ''الحصار'' بالتوازي مع مجموعة من الممارسات مثل إغلاق التلفزيون ومنع اللعب والترفيه لتصل إلى حد فرض نسق على المتعلمين بحيث يجبرون على السهر إلى وقت متأخر والاستيقاظ في وقت مبكر بدعوى الاستعداد الجيد. وقد تمتد ساعات الدراسة والمراجعة إلى أكثر من 10 ساعات يوميا(دراسة في المؤسسات التربوية صباحا ومساء، دروس دعم ودروس خصوصية عند الزوال وبعد المساء). يتم ذلك دون أن ندرك أن اللعب والترفيه جزء من العملية التربوية واحتياج نفسي قار وعاجل للطفل والشاب وأن أيام الامتحان هي مناسبة للتذكير والمراجعة وليست مناسبة لتحقيق معجزة تفوق قدرات التلميذ..
ويقول الباحث " يتحول الامتحان إلى مناسبة تتغير فيها برامجنا اليومية وسلوكياتنا الاجتماعية وحتى زياراتنا العائلية بدعوى الاهتمام بأبنائنا في هذه الفترة. وقد يصل الأمر ببعض الأولياء إلى التغيب عن العمل والهوس وحتى المرض.. وبهذا الشكل يتحول الامتحان الدراسي إلى امتحان اجتماعي لا يسابق فيه الناس على النجاح من عدمه بل على المعدلات والشهائد باعتبار أن هذا الأمر أصبح أداة من أدوات السباق والتنافس الاجتماعي. فماهي آثار هذه الممارسات على صحة الطفل والشاب النفسية والجسدية وعلى مستقبله الدراسي وعلاقته بالمدرسة وعملية العلم؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الامتحان اجتماعيا وتربويا...؟".
ويقول الأستاذ طارق بن الحاح محمد يمثل الامتحان بطبعه موقفا ضاغطا وهذا ما يجعله يترافق عند المقبلين عليه مع حالات نفسية وانفعالية وجسدية غير معتادة (الأرق، فقدان الشهية أثناء وقبل فترة الامتحان، بعض الآلام الجسدية مثل الصداع وآلام البطن...). وهي أعراض عادية لأنّه من طبيعة الامتحان انه يمثل تحديا لإمكانياتنا. فحين نشعر أننا موضع تقييم من طرف الآخرين نقلق ونرتبك حتى ولو كنا كهولا. لكن كل هذه الأمور لا يمكن أن تجعل من الامتحان مناسبة جبارة وخارقة تتطلب تدابير وإجراءات من نفس هذه الطبيعة.
دور العائلة
في هذه المناسبة يجب أن تكون العائلة جزءا من الحل وليس جزءا من المشكل. ويكون ذلك ممكنا عندما تتجنب المبالغات في العناية والاهتمام وتوجيه تركيزها أساسا إلى الدعم النفسي والسيكولوجي. وذلك بتوفير جو عائلي يتسم بالاستقرار والشعور بالطمأنينة على مدار العام الدراسي لاستقبال فترة الامتحان بشكل طبيعي. فإذا كنا فعلا نريد أن نساعد أبناءنا زمن الامتحان فعلينا القيام ببعض المجهود الموجه والمؤطر معرفيا وذلك بان نتجنب إبداء مظاهر القلق من الامتحان أمامهم لأننا نمثل مثلهم الأعلى حتى في حالات الخوف، يجب إذن تطوير خطاب إيجابي نحوهم لتدعيم ثقتهم بأنفسهم وحثهم على المثابرة دون مبالغات كما يجب علينا توضيح الجانب الإيجابي للامتحان باعتباره فرصة للتقييم وليس مناسبة للعقوبة والانتقام أو اكتشاف مكانة الشخص الحقيقية فهو لا يهم سوى مجال فقط من حياة الإنسان وهي الدراسة ويجب عدم المبالغة في تقدير إمكانياتهم وتوقعاتنا منهم وتجنب مقارنتهم بأقرانهم وزملائهم وأقاربهم مما يجعلهم يرتبكون أو يستسهلون عملية التقييم وتجنب التركيز بشكل أساسي على الشهائد والترتيب وان لا نعتبر أن هذه الأمور مرتبطة بمكانتنا الاجتماعية. فالامتحان مرتبط بالمستقبل العلمي للابن وليس بمكانة والديه الاجتماعية وتجنب حرمان الأبناء من اللعب والترفيه لأنهما يمثلان جزءا من التربية وعاملان من عوامل تخفيف التوتر وتجنب العقاب والتوبيخ عند حصول نتائج سلبية لأن ذلك يفقد التلميذ ثقته بنفسه ويطور لديه حالات من الشك في إمكانياته وحالات من الإحباط والقلق والخوف وتدني في إدراك الذات إضافة إلى تشريكهم في تحمل مسؤولياتهم الدراسية باعتبار أن الدراسة هي الطريق نحو المستقبل وأنهم معفون من جميع الأنشطة التي يمكن أن تعيق دراستهم فما عليهم إلا إثبات ذواتهم وتميزهم عبر هذا النشاط.
التلميذ وقلق الامتحان
يقول الأخصائي في علم الاجتماع التربوي "إن كل شخص يجد في النجاح اعترافا بمجهوده، والفرق بين الناجح والفاشل هو أن الأول عرف الطريقة المثلى التي توصل إلى النجاح وعرف كيف يستثمر وقته وطاقته. ولهذا على كل مقبل على اجتياز الامتحان الإقلاع عن بعض الممارسات التي تترافق مع فترة الامتحانات. وفي هذا السياق يمكن أن نورد بعض الملاحظات بعيدا عن الادعاء أنها الوصفة الوحيدة من بينها، ضرورة الالتحاق بفضاء الامتحان في الوقت المناسب، لان الالتحاق المبكر يسبب القلق والمتأخر يؤثر على التركيز ويشوش الأفكار وتجنب عادة التقصي عن الأسئلة المتوقعة والمراجعة أمام مركز الامتحان لأن ذلك عديم الفائدة ولا يساهم سوى في التشويش على معلوماتنا السابقة والاستعداد لكل المواد بنفس الدرجة من الجدية لأن جميع المواد لها وظيفة في تنمية جانب من جوانب شخصيتنا(الجانب العلمي أو التربوي أو التثقيفي) وتجنب التمييز بين المواد حسب أهمية ضواربها لأن الرسوب قد يكون مرتبطا بالمواد ذات الضوارب الضعيفة وضرورة استغلال الوقت المخصص للامتحان وتجنب التسرع في الإجابات.
وبذلك نكون قد قطعنا شوطا جيدا في اتجاه التقليل من القلق على أدائنا الدراسي وفي اتجاه النجاح بأقل ضغط ممكن. فالاستغلال الجيد للإمكانيات المتاحة هو الطريق إلى تنمية الفرد ومواهبه وأفكاره وهو بذلك يستثمر كل ما لديه لتحقيق النجاح في الدراسة وفي الحياة.
فالنجاح لا يتمثل فقط في الحصول على الدرجات العالية في الدراسة بل هو أكثر من ذلك فهو شعور داخلي ودائم يدفع الفرد إلى تحقيق ما يصبو إليه وهو شعور الإنسان بالثقة في نفسه وفي تنمية قدراته الذاتية الظاهرة والكامنه. والنجاح هو عادة من العادات الهامة والأساسية التي يجب تطويرها وتنميتها بشكل مستمر عند أبنائنا. ولا يتم ذلك بتعليمهم فنون الحفظ والاستعراض فقط بل بتعليمهم كيفية تحمل مسؤولياتهم وتطوير طاقاتهم وامكانياتهم وقدراتهم بالشكل الذي يفيدهم حاضرا ومستقبلا.
ويقول: «علينا أن نساعد أبناءنا على برمجة أنفسهم برمجة نفسية إيجابية والتأكيد لهم أنه باستطاعتنا في كل لحظة تغيير ماضينا والسيطرة على حاضرنا وصنع مستقبلنا، عندها يصبح النجاح في الامتحان والتميز في الدراسة تحصيل حاصل ودرجة من درجات النجاح في الحياة. ما ينقص أبناءنا ليس العناية والرعاية فقط بل التشبع بثقافة النجاح".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.